ساحات وادي العلي

ساحات وادي العلي (http://www.sahat-wadialali.com/vb/index.php)
-   الساحة العامة (http://www.sahat-wadialali.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   ذكريات ومن هنا وهناك (الجزء الأول) (http://www.sahat-wadialali.com/vb/showthread.php?t=9742)

علي فرحة 12-20-2012 07:47 PM



الأخ الفاضل / محمد عجير تحية عطرة مباركة

مبدع مؤثر

واصل فنحن في شوق لقلمك المبدع

مشرف عام3 12-21-2012 04:23 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالحميد بن حسن (المشاركة 163764)
يا مشرف 3
احترت ايهما افضل واروع في موضوع ذكرياتك ، الاسلوب الرصين الجذاب ام اللغة العربية الفصحى الجميلة ام عمق التفكير ام التحليق بالقارئ إلى آفاق عالية ليعيش ذكرياتك وكأنه يراها ماثلة بين يديه .
بعد هذه الحيرة اكتشفت انها كلها الاجمل والافضل والاروع .
اكرم الله هذه الساحات بادباء ونبلاء ونابغين في شتى المجالات .
فهذا محمد بن عجير وابداعاته وذاك رفيق الدرب وتعليمه للجميع وهنا مشرف 3 وروائعها ولا انسى سعد محمد دوبح وعبد الله بن ناصر وغيرهم الكثير ولله الحمد .
بكم ايها الاخوة والاخوات تحلق الساحات وتقفز من قمة إلى قمة .
لساني عاجز عن التعبير وكلماتي لا ترقى إلى مستواكم فالمعذرة ويكفي مقل العطاء أن تقبلوا عذره .
وفقكم الله جميعا وجزاكم الله عنا خيرا .

استاذي الفاضل عبدالحميد بن حسن

أمتن لك من اعماقي تشجيعك الكبير لي ولحرفي الذي لايزال يترنح ويكبو

ولكن يقيني بأنه على يدي الجميلين امثالك سيستقر ويعلو شأنه ذات يوم

بارك الله فيك وجزاك عني وعن الجميع هنا خير الجزاء

ممتنة لمرورك الضافي فاضلي

دمت منيرا لنا دروب الذكريات

مودتي

غامداوي 12-21-2012 04:25 AM

.


خوي محمد عجير

كانت لسطوركم فيض كبير من المشاعر الانسانية ولا سيما مع وصف هذه المواقف الصعبة والتي تعد اختبارا من اقصى الاختبارات التي قد يتعرض له زوج وزوجة.

ولكم استوقفني هذا الوفاء الكبير والارتباط الهائل الذي يمكن ان يكون مابين الزوج وزوجنه ولا سيما في مجتمع لا يعيب تعدد الزوجات بل يتعداه الي التفاخر به.

كل التحية والتقدير لشخصكم الرائع .. وكل الرجاء الا تحرمنا من الاستمتاع ببقية مذكراتكم الرقيقة.


طلبناك .. .. ..

مشرف عام3 12-21-2012 04:27 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يوسف ابوعالي (المشاركة 163765)
الله يسعد الجميع ويسعد صاحب الموضوع وكل من تداخل بقصه او تعليق او رد صحيح ان عيوني زغللت من كثره الصفحات ماشاء الله لاقوه الابالله لكن فداكم لويكون فيه جزء ثاني بنفس العنوان ياسلام سلم احس ان الكمبيوتر بيعلق عليه 156 صفحه ماشاء الله رقم قياسي احنا في انتظار المزيد الله يعطيكم العافيه الجميع دون استثناء ودمتم بحب

الأستاذ الكريم يوسف أبوعالي

سلمت على مرورك الطيب باركك الله تعالى

وأضم صوتي إلى صوتك بفتح جزء ثاني وثالث لذكريات من هنا وهناك

حقيقة هنا ذكريات لاتملنا ولانملها

وفق الله الجميع لما فيه رقي الساحات

تحاياي وتقديري

مشرف عام3 12-21-2012 04:38 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي بن حسن (المشاركة 163766)
أسلوبك حلو يا مشرفتنا3 الغالية فيه رقة وتشويق كانا رحيمي عبد الله وحسن سحاب ساكنان في منحدر جبل السيدة من ناحية الغرب تحت بيت العم علي بن صغير الذي حضرنا دفن جثمانه الغالي في مقبرة الشرائع أمس الأول والذي أدعوا الله بهذه المناسبة أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنته وكان قبالة بيت العم علي من ناحية الشمال بيت آل صوان وكان ساكن به عبد الله وفي المنحدر من ناحية الشمال ساكن أحمد بن حامد وكنت في نهاية كل أسبوع أطلع من جدة لمكة عند حسن سحاب وأتعشا عنده ونسهر عند أحد هم للسوالف ولعب البلوت كانت تلك الطلعة لمكة هي المتنفس الوحيد المتاح لي للتنزه والراحة من عناء العمل الشاق في البرقيات وكنت أقابل والدك مصادفة في الطلوع أو النزول من الجبل والسلام عليه وهو رجل مكافح لا يحب السهر ولذلك أعرف أنه ساكن بجبل السيدة وخاصة بعدما سكن مساعد العباسي في بيت صوان وأعرف صلة قرابته بوالدك فهو أبن خالته ومساعد متزوج إبنة عمتي كانت لي ذكريات جميلة في ذلك الجبل الذي سكنه أعز وأقرب وأحب الناس إلى قلبي رحمهم الله جميعاً كل من ورد ذكره في هذه المداخلة وأسكنهم فسيح جنته .

علي بن حسن

الأستاذ الفاضل علي بن حسن

سلمت يداك وبارك الله فيك

ممتنة لك تشجيعي ممتنة لك إضافتك الجميلة

التي معها سعدت بذكرك بعضاً من أهل جبل السيدة

وبيوتهم الطيبة الذكر التي تركت فينا عبقها الأصيل

من حُسن الجيرة وطيب معدن الجيران

رحم الله والدي والعمين حسن سحاب

وعلي بن سعيد بن صغير ومن مات من أهل ذلك الجبل الأشم

وأطال في عمرك على البر والتقوى وعمر من بقي حيا آمين

ممتنة لك استاذي بورك فيك

مشرف عام3 12-21-2012 04:41 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله أبوعالي (المشاركة 163774)
الأخت الكريمة : مشرف عام 3
ليس لدي ماأضيفه على ماذكرته سابقاً
بأنّك والإبداع صنوان فلاحرمنا الله من
هذه الروائع ولاعدمناك ورحم الله كل من
وردذكره في هذه الذكريات منذ إنطلاقها



الأخ الاستاذ الراقي : عبدالله أبو عالي

سلمت يداك على مرورك السخي

ممتنة لك تشجيعي

ممتنة لك ولاعدمت الطيبين امثالك

تحايا تليق بأريحيتك

غامداوي 12-21-2012 04:42 AM

.





الفاضلة مشرفة عامة 3


تقلّب الأيام أخفى الكثير من هذه الذكريات التي كنا نعيشها ونستمتع بها ونحاول ان نستعيدها.

ولكم كانت استعادتك لهذه الذكريات بين الاطلال استعادة رقيقة لكنها كانت صعبة في بعض كلماتها ولا سيما علي الاعضاء الذين يفتقدون لادوات اللغة العربية ولا يجدونها مثلي.



احيانا نتخيّل انفسنا كطائر حائر يأخذ عنان السماء علوا نظره الى تحت فوق الحقول والمزارع..
او كسائر على قدميه بين الأطلال ليبحث عن الذكريات

لكننا لانجد غير ان لأطلال تهدمت وركمت!!
كفاقد شيئ يبحث عنه ولم يجده حتى بين ركام الأطلال

ما أصعب من أن نفقد ذكرياتنا..
وما أصعب أن نفقد أحلام الصغار..



الشكر والتقدير

مشرف عام3 12-21-2012 04:57 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غامداوي (المشاركة 163797)
.





الفاضلة مشرفة عامة 3


تقلّب الأيام أخفى الكثير من هذه الذكريات التي كنا نعيشها ونستمتع بها ونحاول ان نستعيدها.

ولكم كانت استعادتك لهذه الذكريات بين الاطلال استعادة رقيقة لكنها كانت صعبة في بعض كلماتها ولا سيما علي الاعضاء الذين يفتقدون لادوات اللغة العربية ولا يجدونها مثلي.



احيانا نتخيّل انفسنا كطائر حائر يأخذ عنان السماء علوا نظره الى تحت فوق الحقول والمزارع..
او كسائر على قدميه بين الأطلال ليبحث عن الذكريات

لكننا لانجد غير ان لأطلال تهدمت وركمت!!
كفاقد شيئ يبحث عنه ولم يجده حتى بين ركام الأطلال

ما أصعب من أن نفقد ذكرياتنا..
وما أصعب أن نفقد أحلام الصغار..



الشكر والتقدير

استاذنا القدير غامداوي

ممتنة لك إضافتك الراقية

ولا أجد صعوبة في فهم معان اللغة العربية

على طبيب عربي اصيل مثلك إلا أن يكن تقصيراً مني في إيصال بعض جوانب الفكرة

بطريقة معتسفة أدت إلى خلخلة وركاكة في السرد مما جعل البعض يستصعب فهم ما ارم إليه

سعدت بمرورك حقا سعدت بإضافتك الثمينة

دمت بخير ونقاء تحاياي استاذي

علي فرحة 12-21-2012 10:45 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مشرف عام3 (المشاركة 163792)
استاذي الفاضل عبدالحميد بن حسن

أمتن لك من اعماقي تشجيعك الكبير لي ولحرفي الذي لايزال يترنح ويكبو

ولكن يقيني بأنه على يدي الجميلين امثالك سيستقر ويعلو شأنه ذات يوم

بارك الله فيك وجزاك عني وعن الجميع هنا خير الجزاء

ممتنة لمرورك الضافي فاضلي

دمت منيرا لنا دروب الذكريات

مودتي

ماذا نقول نحن

مشرف عام 3 / خالص الشكر والتقدير لك على ما تدونه فأنت بحق مبدع وكلامك يوزن بالذهب

دمت ودام قلمك المعطاء

رفيق الدرب 12-21-2012 10:07 PM

مشرف عآم 3 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة جميلة صيغت كلماتها بعناية الكاتبة المقتدرة ، وصف دقيق لكل شيء ، البيت ونوافذه
وشرفاته وملاعب الطفولة وبيت الجيران وساكنية والاهتمام بالعيد والاستعداد له
لايخامرني شك في قدراتك الأدبية ، ولكن أعذريني في عدم قدرتي على الرد أحيانا لأسباب كثيرة ، علما بأني من المتابعين لما تنفحين به الساحات من أريج قلمك
رحم الله والدك ، كان دائم الابتسام بالرغم من قساوة الحياة ، وحفظ لك والدتك ومن تحبين ، لك بالغ التقدير والاحترام .

محمد عجير 12-23-2012 01:15 AM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي فرحة http://sahat-wadialali.com/vb/images...s/viewpost.gif


الأخ الفاضل / محمد عجير تحية عطرة مباركة

مبدع مؤثر






حياك الله يا أستاذ علي وبارك فيك، وجودك معنا في الساحات مفخرة لنا جميعا،
وتوقفك هنا مصدر سعادتي، وارجو أن أكون عند حسن ظنك دائما ، شكراٌ لك ،دمت بخير.

محمد عجير 12-23-2012 01:27 AM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غامداوي http://sahat-wadialali.com/vb/images...s/viewpost.gif
.


خوي محمد عجير


كل التحية والتقدير لشخصكم الرائع .. وكل الرجاء الا تحرمنا من الاستمتاع ببقية مذكراتكم الرقيقة.


طلبناك .. .. ..




يامرحبا بك يادكتور عدد ذرات الرمال على شواطئ الدنيا،

كم أنت رائع ومثقف ومبدع، استمعت بقراءة بعض ماتسطره وليس كله مع الأسف وتمنيت وجودك في متصفحي فحقق الله أمنيتي وارجو أن يحقق الله أمنيتي بلقائك فتكون المعرفة عن قرب فمعرفة الطيبين من أمثالك هي المكسب الحقيقي من وراء هذه المنتديات، لك كل الشكر والتقدير وشرفتنا في ساحاتنا وإن شاء الله في بيوتنا، لاعدمناك .

محمد عجير 12-23-2012 01:42 AM

الحلقة الثالثة

الهدوء الذي يسبق العاصفة

قول عربي مشهور يتردد كثيرا على الألسنة ، يقابله مثلٌ آخر انجليزي يقول ( After a storm comes a calm) وكلاهما صحيح من حيث المعنى ، لكن الأخير هو الذي جاء متوافقا مع حالتي فبعد العاصفة التي عصفت بي ليلة الحادثة جاء الهدوء لأبدأ في استعادة شريط الأحداث سعيا لربط بعضها ببعض في محاولة لتذكر متى وكيف تركت طلقة حيّة في مسدسي ؟ وأين تم ذلك ؟ ولماذا ؟ فتيقنت بعد أن ذكّرني رفيقي في الرحلة أحمد ألشيخي أنني سحبت أجزاءه المتحركة في فناء الإدارة قبل أن اركب السيارة متوجها إلى الباحة وأنه كان حينها فارغا ! إذن فهذا يعني أن الشخص الذي تركته لديه هو الذي أعاد شحنه ربما عندما ارتاب في نوايا صاحبيّ سيارة الدورية التي توقفت عنده، وفي حال أعاده إليّ لم يخبرن بذلك، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمّي عندما قال ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء ) . [/CENTER]

ذات يوم قبيل نهاية شهر الحج من العام نفسه تلقيت اتصالا هاتفيا على مكتبي في حدود الساعة الثامنة والنصف صباحا من رفيقي في رحلة الباحة مفاده أنه رزق بعد منتصف الليلة السابقة بولد ذكر، حمدت الله على ذلك وباركت له فيما أعطاه الله وقلت له لعل الله قد استجاب دعائي فيما رزقك ورجائي فيه وحده أن يكمل فضله فيما بقي ،

لا أخفيكم أن ذلك قد بعث فيّ الأمل من جديد ولذا قررت عرض حالتي على استشاريّ مصريّ زائر جاء إلى مكة لمدة عشرة أيام بطلب من أحد المستوصفات الخاصة فأعطاني دواء طلب مني استخدامه لمدة ثلاثة أشهر فكانت المفاجأة بعد انقضاء المدة أن فرصة التلقيح قد انخفضت عندي من 60% الى مادون الـ 20% فأُسقط في يديّ وانهرت في عيادة دكتور الأمراض الجلدية والتناسلية الذي عرضت عليه النتائج في نفس المستوصف فخفف عنيّ من هول الصدمة وقال لي لا عليك سأجري لك عملية لاستئصال الدواليّ في المستشفى الفلاني وستكون كفيلة بإذن الله في إعادة النسبة إلى ما كانت عليه إن لم تكن أفضل ، وبعد إجرائي للعملية ودفع تكاليفها بقي الحال كما كان عليه من قبل .

إلى جانب رغبة أم عبد الله الملّحة في التأكد من صحة ما ذكره الطبيب السوداني بحقها أصبح الأمر يتطلب مني معالجة ما أفسده الطبيب المصري بحقي واحترت من أين ابدأ ؟!

صليت الفجر ذات يوم في الحرم كما تعودت وبقيت أتجاذب مع الحبيب المقرب إلى نفسي الشيخ أحمد رمزي أطراف الحديث فتطرقنا إلى تجربته السفر إلى ألمانيا للعلاج قبل ما يقارب خمسة عشر عاما من ذلك التاريخ فقفز إلى ذهني اسم تلك الدولة كخيار أخير وقلت في نفسي لم لا أُجرب السفر إليها لعل الله يكتب لي ما ابحث عنه لكن أنّى يتحقق لي ذلك وعمارتي متوقفة لعدم توفر المادّة والديون تراكمت عليّ ولا أجد ما اصرفه على نفسي وأهل بيتي ؟ وماذا سيقوله عني دائنيّ إذا ما علموا بسفري إلى تلك الدولة وحقوقهم لازالت في ذمتي وخاصة أن السفر في إجازة الصيف ؟! ( سافر محمد يتمشى وحقوقنا في بطنه !!! )

لم تكن رجولتي لتسمح لي بأخذ قرش واحد من إيجار أرض زوجتي التي وعدتني به في حالة السفر خارج المملكة للعلاج فباشرت دوامي ذلك اليوم مبكراً مهموما ثم أخذت ورقة وقلما وبدأت أسطّر خطاباً مؤثراً لمعالي المدير العام الفريق صالح بن طه خصيفان شفاه الله اشرح له فيه معاناتي ومدى حاجتي للسفر إلى ألمانيا للعلاج فإذا بالرد يأتيني سريعا من مقام المرجع لكنّه كان مخيبا للآمال ( تذاكر سفر سياحية ومبلغ من المال لا يكفي للإقامة مدة أسبوع في فندق من الدرجة الثانية ! فماذا عن مصاريف المستشفى، والمترجمة ، والتنقل ، وما إلى ذلك ؟ّ! ) أخذت المبلغ والتذاكر إلى شقيق الفريق الذي يعمل معي في نفس الإدارة وبعد أن شرحت له الوضع استدعاني قبل نهاية الدوام وقال لي بالحرف الواحد : يسلّم عليك معالي الفريق ويقول إذا أتممت حجوزاتك فمرّ عليه في مكتبه بجدة قبل السفر، وبالفعل ذهبت إليه بعد أن أتممت الحجوزات وبعد أن نسّقت مع المترجمة التي زودني برقم هاتفها الأخ أحمد رمزي لترتيب مواعيد المستشفى فإذا به يسلمني ضعفيّ المبلغ الذي استلمته من قبل .

وصلت إلى ألمانيا وبعد مقابلتي للدكتور واسمه ( قيصر ) شرحت له وضعي ووضع زوجتي فقال لنا : كم مرة أجريتما عملية أطفال الأنابيب ؟ قلت أربعاً ، قال :طالما أجريتما كل هذا العدد من العمليات فأنا ( تخيلوا ) لا انصح بإجراء عملية منظار جديدة لزوجتك لمعرفة ما إذا كانت قناة فالوب بها تشوهات خلقية من عدمه لأن كثرة العمليات قد تتسبب في انسدادها وبدلا عن ذلك سأجري لها أشعة ملونة فهي تغني عن العملية ! قلت : لا بأس، أجرينا الأشعة وساد جو من الصمت عندما قابلنا الدكتور في اليوم الثاني لمعرفة النتيجة وكنت أقرأ في عيني أم عبد الله الخوف والترقب فإذا بالمفاجأة تأتي عندما استهل الدكتور حديثه بالقول : أخلاقي لا تسمح لي بوصف زميل لي في المهنة بالكذب لكني أقول لكما أن تشخيصه كان خاطئاً ! تنفست زوجتي الصعداء وطلبت من الدكتور إجراء عملية المنظار لزيادة التأكد ! قال لها : يا ابنتي ليس بك عيب خلقي وهذه الأشعة توضح ذلك ، خذيها لغيري وستجدين نفس النتيجة ! قالت : لابد من إجراء العملية فأنا أريد التأكد بصفة قاطعة ! هل لكم أن تتوقعوا ماذا رد به عليها قيصر ؟!

قال لها : يا ابنتي أنا أعمل في المستشفى بأجر شهري خلاف دخلي من العمليات ومثل هذه العملية سأتقاضى عليها 1000 ألف مارك زيادة على راتبي ومع ذلك أنا أقول لك لستِ بحاجة لإجرائها فالأشعة وضّحت كل شيء ، قالت لابد منها !! هنا راودتني الشكوك ، فقلت في نفسي لعلها تريد شراً بعد التأكد من سلامة وضعها !!

تمت العملية وكانت النتيجة كما أشار إليها الدكتور من قبل، ليس هناك عيوباً خلقية ، ثم أمر بإجراء فحوص مخبريّة لكلينا تبين من خلالها أنه ليس هناك أي موانع للحمل لدى الزوجة وأن العيب يكمن عندي وحلّه لا يتأتى إلا بتكرار عملية التلقيح الصناعي تحت المجهر فأعادنا من جديد لدوامة أطفال الأنابيب !
ماذا كانت نوايا أم عبد الله حينها ؟! لست أدري ، ولم أجرؤ علي سؤالها في حينه !!

لم نمكث في ألمانيا سوى عشرة أيام عدنا بعدها إلى جدّة وقلت لأم عبد الله أمام والدتها وأشقائها لقد تأكدت الآن أنه لاموانع طبيعية عندك من الحمل وأن العيب عندي فهل تريدين الطلاق لعل الله يرزقك بزوج خير مني يحقق لك ما ترغبين فيه ؟ قالت : لا ، قلت لأهلها : هل تريدون أن أُنهي ارتباطي بابنتكم فهي راغبة في طفل لم يحققه الله على يديّ ؟ فعنّفوني على قولي طويلا، أخذت بعدها أهلي وعدت إلى مكة .

كنت قبل السفر إلى ألمانيا قد أخذت إجازة لمدة شهرين لم يمض منها سوى أسبوعين فقررت أن أعود إلى مستشفى آخر لإجراء محاولة طفل أنابيب جديدة وبالفعل أجريتها هذه المرة في مستشفى الأطباء المتحدين وعلى يد دكتور سعودي يدعى سمير عباس وفشلت هي الأخرى !

كان عليّ التوقف بعدها خوفا على زوجتي من تأثير الهرمونات فتركتها لمدة سنة ، ثم خرجنا إلى الديرة لحضور زواج الأخ سعيد بن دغسان وفي ليلة الزواج توفي العم صالح بن جهاد عليه رحمة الله فأقيم العزاء في منزل سعادة اللواء علي بن أحمد وكان والدي يجلس بجوار العم محمد بن عياض عليهما رحمة الله فسمعته يقول له بعد أن سأله العم محمد عني، أُبشّرك أنه ماشي في عمله وبيته على وشك الانتهاء وبقي واحدة ( الذرى ) لعل الله يحققه قريباً ! رفعت نظري إليه وإذا بدمعة على خدّه سارع إلى مسحها بأطراف عمامته .

في الطريق إلى مكة أخبرت زوجتي الخبر فطلبت مني معاودة إجراء المحاولة مرة أخرى لعلها تنجح وتُرضي بذلك والديّ ففشلت في المستشفى الأخير للمرة السادسة ، وفي السنة التالية توفي والدي عليه رحمة الله ولم ير لي ولداُ .

علي بن حسن 12-24-2012 07:28 AM

رفعت نظري إليه وإذا بدمعة على خدّه سارع إلى مسحها بأطراف عمامته .


ما هذا يا أبا عبد الله ؟ لازم تثير فينا الشجون ! أعرف والدك رحمه الله ومدى رقته رغم مرحه ومحاولة رسم الإبتسامة على وجوه الحاضرين من حوله وتعليقاته الظريفة وخاصة في أحلك الظروف ومع أنه ماعليه [ خصة ] من الأحفاد والأصباط والرصدان في كل حدة ولكن ..وآه من لكن هذه ...كان نفسه يرى حفيده من أحب الناس إليه ومات ولم يرى هذا الحفيد ، هذه الدمعة الحارة التي نزلت على خديه التي سارع إلى مسحها بأطراف عمامته حتى لا يبدوا ضعيف عند من كان حوله هذه الدمعة هي أصدق دمعة يسكبها على خده مدى حياته يرحمه الله .

علي بن حسن

محمد عجير 12-25-2012 03:13 AM

الحلقة الرابعة

روح، الله يفرّح قلبك كما ستفرّح قلب والديها

كان لوفاة والدي رحمه الله تأثير نفسي كبير عليّ وبعد شهر من وفاته مرّ عليّ بصفتي مديراً للشؤون الإدارية وقتها طلب من المرجع بترشيح ضابط لدورة أو ندوة بمعنى أصحّ في مجال العمل ستعقد في الولايات المتحدة الأمريكية ولمدة أسبوعين فقط فاتصلت بمدير الإدارة لترشيح من يراه للالتحاق بها فقال لي : أنت في أمس الحاجة إليها فرشّح نفسك لها وجهز أوراقك وارفعها لمقام المرجع ، وبالفعل سافرت مع من تم ترشيحه لتلك الندوة من القطاعات الأخرى وكانت في ولاية لويزيانا جنوب الولايات المتحدة الأمريكية،

من بين الذين نسقوا لتلك الندوة وحضرها معنا ضابط في الأمن العام برتبة عقيد يدعى علي عسيري استلطفته واستلطفني بحكم تقارب الرّتبة فنشاء بيننا علاقة قوية رغم قصر المدة التي جمعتنا، وفي إجازة نهاية الأسبوع الأول من تلك الندوة ذهبت وإياه للنزهة برفقة كامل المجموعة إلى عاصمة الولاية وهي مدينة تشتهر بالصخب والسّهر وتبعد حوالي سبعين ميلا عن الأكاديمية التي نسكن ونتعلم بها ،

على طول الطريق إلى تلك المدينة كان المطر يتساقط خفيفا وبعد وصولنا إلى مركزها تفرق الركب وبقيت أنا وهو وشخص ثالث من أهل الشمال مع بعضنا البعض وأخذنا نتمشى سيرا على الأقدام حتى ابتعدنا عن السيارة المقلّة لنا وكانت أتوبيسا تابعا للجهة المستظيفة وفجأة بدأت الأمطار تهطل بغزارة فاستظلينا تحت أول شرفة وجدناها في الطريق والشرفات نادرة هناك ، كان الرجل ضليعا في اللغة الانجليزية وأنا ورفيقي ( يفتح الله ) فلفت نظره لوحة تحت تلك الشرفة معلقة على دكان صغير مكتوب عليها ( قارئة كفّ ) فعرض علينا من باب التسلية فكرة الدخول عليها لقراءة أكفنا فاعترضت على ذلك بشدة فما كان منه إلا أن قال :
والله يا غامدي يا بخيل ما هو كلّه دين ولكن عشان ما تبغى تدفع خمسة دولارات حق الكشف، أنا بادفعها عنك !
قلت له : هذا حرام .
قال : خلّ عنك ، والله إنه بخل الغمّد أنا أعرف به منك .
قلت : فسرها زيّ ما تفسرها أنا ما راح أدخل عليها أدخلوا أنتم !

دقائق قليلة مرًت ثمّ توقف المطر فتركنا المكان ومشينا دون أن يدخل عليها منّا أحد . لم نمش أكثر من مائتي متر حتى عاد المطر كما كان وأشدّ فرجعنا إلى نفس الشرّفة وعندها قال ألعسيري : والله مادام عدنا إلى هنا لندخل عليها حتى يتوقف المطر .

دخلنا فوجدناها امرأة في الخمسينات تقريبا من العمر شكلها مرعب ولها عدد من الشعيرات في ذقنها وبدا صوتها وكأنه صوت رجل وهي تقرأ كفي شاب وشابّة عندها، بعد أن انتهت منهما تقدم لها ألعسيري لتقرأ كفّه ، فأخبرته بأشياء بعضها حقيقيّ والبعض الآخر جانبه الصواب ومن الأشياء الحقيقية التي ذكرتها له عدد أفراد أسرته وأعمارهم ثم استطردت في حديثها قائلة له : أنت لازلت محزونا على فقد عزيز لديك فقال موجها كلامه لنا : صدقت الملعونة مات لي ابن في مسبح الفيللا الخاصة بي في الرياض قبل أشهر من الآن، بعدها تقدم لها الشمالي فقالت له : كنت على وشك الزواج من فتاة ( وصفتها له بدقة ) ولكن لم يتم ذلك ! هزّ الرجل رأسه موافقا على كلامها ثم فاجأته بقولها: لازلت متعلقا بتلك الفتاة وأنا أنصحك بالابتعاد عنها.... إلى غير ذلك.....ولما جاء دوري قالت لي بعد أن وضعت كفي في راحة يدها تتفحصه :

You have a very strong looking, But you have a
nice heart, You can't kill a chicken.She said
What else ? I asked.
You are a father of five children
Now or in the future ? I asked
I just say what I see
That isn't true . I said
We are in the U .S .A . We can't be let open this office without a license and we have certificates on this field . She said that nervously , then she dropped my hand

ملامحك تدل على القسوة والعنف ، لكنك تملك قلبا طيبا ولاتجرؤ على قتل دجاجة !
قلت : وماذا بعد ؟
أجابت :أنت أبٌ لخمسة أطفال .
سألتها : آلآن أم في المستقبل ؟
قالت : أنا فقط أقول ما أرى .
قلت : لكن هذه ليست حقيقة !
ردّت عليّ بعصبية زائدة وقالت : نحن في الولايات المتحدة الأمريكية ! ومن غير المسموح لنا به فتح هذا المكتب دون علم، نملك شهادات معترف بها في هذا المجال ! ثمّ تَرَكت كفّي بعد ذلك في إشارة واضحة لانتهاء المقابلة .

بعد عودتي إلى المملكة بأسابيع تلقيت اتصالا هاتفيا من العقيد ألعسيري مفاده أنه أحيل على التقاعد وعُيّنَ سفيرا للمملكة في الباكستان فقلت له مداعبا بعد التهنئة لو أن صاحبتنا عندها علم من الغيب لأخبرتك بهذا بدلا من تذكيرك بموت ولدك ! ضحك وطلب مني زيارته في مقر عمله الجديد لعلنا نجد من يعالجني هناك فاوعدته بالزيارة في أقرب فرصة ممكنة ثم ودّعته وودّعني ولم يكتب الله لي لقائه بعد ذلك .

بقيت عدة أشهر بعدها لم أحرك ساكنا فيما يتعلق بموضوع الإنجاب وأمام إلحاح أم عبد الله المستمر في إعادة إجراء العملية قمنا بتكرار المحاولة للمرة السابعة بمستشفى الأطباء المتحدين فكتب الله لها النجاح هذه المرة وتباشرنا حينها سرّا بالخبر من جدة إلى الباحة مرورا بوالدتي في مدينة الطائف إلا أن الجنين سقط للأسف بعد شهر واحد من الحمل فانقلب الفرح إلى ترح كانت أم عبد الله الضحية الأولى له ومن ثم والدتي التي بقيت تبحث عني بالهاتف من مكان إلى آخر بعد سماعها للخبر خوفا عليّ من مكروه قد أقترفه بحق نفسي .

بعد أن هدأت العاصفة ونزولا عند رغبة أمّ عبد الله قررت جلب طفل من إحدى دور الرعاية الاجتماعية لتربيته رغم معارضتي الشديدة لهذا الأمر من قبل ومن أجل ذلك دخلت على فضيلة الشيخ صالح بن حميد وهو يصلّي الوتر في حجر إسماعيل قبيل صلاة الفجر بنصف ساعة عندما كان يؤم المصلين آنذاك في تلك الفريضة وسألته قائلا : يا شيخ أنا لم أرزق بأطفال فهل لي أجر كافل يتيم في حال أتيت بطفل من دار الرعاية الاجتماعية وقمت بتربيته ؟
قال : نعم
قلت : وإلم يكن شرعياً ؟
قال : وإلم يكن شرعيا !
قلت : هناك قول منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم مفاده ( لا يدخل الجنة ابن زنا ) فما مدى صحة ذلك ؟
قال : هذا غير صحيح فالذنب ليس ذنبه ؟
قلت له : فادع الله لي يا شيخ بأن يرزقني ذريّة صالحة، فما كان منه إلا أن رفع يديه إلى السماء ودعا بما كتب الله له .

ذهبت في صبيحة اليوم نفسه بعد بدء الدوام الرسمي إلى دار الرعاية الاجتماعية بمكة وبعد الإطلاع على روتين إجراءات تسليم الأطفال لمن يرغب في تربيتهم وجدتها طويلة ومعقدة فغيرت رأيي على الفور .ِِ

صليت العشاء بعد ذلك بأيام في الحرم وعند اقترابي من باب الملك فهد في طريقي للخروج لاحظت بنتاً في حوالي الخامسة من عمرها في منتهى البراءة والجمال تجري بين الناس لا تعرف لها وجهة ودموعها تتسابق على خدّيها وبما أنني مولع بالأطفال أمسكت بها وقلت لها أنت ضائعة ؟ فلم تجبن بل إنها حاولت الإفلات مني بشتى الطرق ولما لم أدعها تذهب وسمعت بوعدي لها بتوصيلها إلى أهلها هدأت قليلا ثمّ بعد أن اطمأنت إليّ سألتها عن اسمها فذكرته لي كاملا ، قلت فأين تسكنون ؟ قالت في فندق في طريقنا إليه رجل يبيع مساويك ، أخذت بيدها ولما وصلنا إلى باب الملك فهد قلت لها بعد أن أخبرت الشرطي بأنها ضائعة ابقي هنا عند العسكري حتى يأتي والدك أو والدتك لاستلامك ! تشبّثت بي ولم تدع أطراف ثوبي من يدها ودموعها تنهمر وعندها قلت للشرطي بعد أن عرّفته على نفسي ورتبتي ومكان عملي وزودته برقم جوالي سأحاول البحث معها عن مكان سكنها وقم أنت بإبلاغ مرجعك بأمرها لعل أحد من أهلها يراجعهم للبحث عنها فيتم الاتصال عليّ .

خرجت وأنا ممسك بيدها متوجهين إلى الطريق المحاذي لأبراج شركة مكة للإنشاء والتعمير فهناك رجل يبيع المساويك على حدّ علمي وقبل أن أصل إليه اتصلت بسنترال عملي لأخبره بأنني سوف أتأخّر قليلا عن موعد بيني وبين المدير بعد صلاة العشاء في مقر الإدارة فرد عليّ فَرْدٌ يعاني مما أعانيه من عدم الإنجاب ولما أخبرته عن سبب تأخري قال : روح، الله يفرّح قلبك كما ستفرّح قلب والديها .

احاسيس 12-25-2012 08:25 PM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مشرف عام3 http://www.sahat-wadialali.com/vb/im...s/viewpost.gif

هناك حيث منحدرات أزقتنا المتعرجة والمعلقة في خاصرة جبل السيدة يربض بيتنا القديم

لأجد آثار اقدامي الصغيرة لاتزال هاربة إلى السطح خوفاً من عصى أمي أو ليّها الأحمر

آه ياتلك الشرفة الناتئة عن السطح كم كنت أطل منها على سطح جارتنا أم أنس

.


ولد جارتنا الوحيد لأمه وهو يرسم نصف وجهه بالفحم على جدار الخزان
أذكر أن نايفاً كان قد ترك وجهه تذكاراً لنا حين قرر السفر إلى الجنوب
برفقة والديه ليحضر العيد الكبير مع اقربائهم هناك ،
ووجدت أثراً لدموعي ودموع اشقائي ووالدتي في يوم وداع نايف وأمه وقد تحولت إلى حفنة ملح متكلسة براءتها مذ
ذاك ، فقدمت إليه اعتذاري ضمناً لضربي إيّاه بمنفضة الغبار في طفولتنا المشاكسة
عندما رفض اصطحابي معه لدكان العم محمد الحبشي لشراء الخبز قائلاً روحي وحدك.

حيث حبل الغسيل لايزال مشدوداً وعلى كل جزء منه حكاية ملابس متعددة الأشكال

حيث مراتع طفولتنا في أزقتنا الجميلة بحلوها ومرها
شاهدة على ماض تولى كان يملأ سمع الزمان أٌنساً
وإنسانية أكثر رحمى




كم هي ذكريات رائعة استاذتنا الفاضلة مشرف عام 3 جاءت في لوحة ادبية رقيقة برقة احساسك الدافئ الذي تعودنا عليه دائما في كل مواضيعك ومداخلاتك.

كانت من الجمال اللفظي والتعبيري الذي جعلني اعيد قراءتها مرات ومرات مستمتعة به وانا احاول ان اشاركك هذه الذكريات الطفولية البريئة وقت ان كانت هناك عفوية وحسن نية غير تلك التي صارت تحكم اطفالنا الابرياء بثقل الممنوعات والمحرمات التي تفسد عليهم لهوهم البرئ هذه الايام.

لقد كنت افكر ان اسطر بعضا من ذكريات الطفولة لديّ من خلال بعض اوراقي القديمة لكنني بعد استمتاعي بذكرياتك فلن اجرؤ علي ذلك لان اسلوبك الادبي الراقي يجعلني اخجل ان اضع بعده سطوري الركيكة المبعثرة.


كل التحية والتقدير والحب


احاسيس 12-25-2012 08:40 PM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عجير http://www.sahat-wadialali.com/vb/im...s/viewpost.gif
( صبر دام ثلاثة وعشرين عاما ونيف )











داهمتني الهموم بعد تركي للعيادة وبعد أن ركبنا السيارة شاورت زوجتي في الأمر فلم ترد عليّ وعندما التفت إليها وجدتها غارقة في دموعها ولمّا أدركَتْ أني كشفتُ سرّ سكوتها أعلنتها مدوّية، طلقني طالما العيب مني وابحث عن زوجة تأتيك بمبتغاك ، ثم انفجرت بالبكاء .







للمشاعر الانسانية الصادقة والرقيقة احساس جميل في قلوب البشر.

وكم كانت لسطورك استاذنا الكبير محمد كم هائل من تلك الاحاسيس الاكثر من رائعة التي حملتنا فيها علي الوقوف احتراما وتقديرا لك علي هذه الصفات الطيبة .

فلاشك ان البنون نعمة من الله يؤتيها من يشاء ويمنعها عمن يشاء لكنها مااقصي اختبارها علي النفس الا من رحمها الله بصبره .


رائعة .. رائعة .. رائعة

رائعة سطورك استاذي محمد

لكم كل الشكر والتقدير والاحترام

احاسيس 12-25-2012 08:49 PM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عجير http://www.sahat-wadialali.com/vb/im...s/viewpost.gif
الحلقة الثالثة

الهدوء الذي يسبق العاصفة



وتستمر المشاعر الرقيقة عبر هذه السطور الرائعة مع استاذنا الكبير محمد بإبداع ادبي رقيق وجميل يحملنا في متعة انسانية كبيرة نرتفع بها باحساس جميل مع تلك الاحداث الصعبة التي مر بها وعايشها.

وتكاد تتوقف مشاعرنا مع كل حدث ينتقل اليه لكن تقبلها الايماني الكبير منه بنفس راضية ومؤمنة يجعلنا نتقبل هذا الحدث معه ونتجاوزه.


في انتظار الاجزاء الباقية ..

رجاء لا تتأخر علينا ..


عبدالحميد بن حسن 12-25-2012 10:21 PM

روح، الله يفرّح قلبك كما كرمتنا بهذه الذكريات النابعة من قلب محب مخلص ووفي .
استمتعت كثيرا بما سطرته اناملك الكريمة يا ابا عبد الله في جميع الحلقات السابقة ، ما اخفيك كنت ساكتب عبارة اقول فيها ( لكن هذا الحلقة الاخيرة لها وقع خاص ) فلم استطع !
لان جميع الحلقات السابقة لها تأثير ووقع خاص علي ، وكلما اعدت قراءتها ازددت تأثرا .
منحك الله اسلوبا محببا يستهوي القارئ ويجبره على الاستمرار في القراءة إلى نهاية الموضوع وهذا لعمري فضل من الله .
اسأل الله بمنه وكرمه أن يزيدك من فضله ويحفظ لك ابنك ويصلحه ويمد في عمرك لتجني ثمار صبرك وتعبك وترى ابنك وذريته وصلاحهم إنه سميع مجيب .
وتقبل خالص تحياتي وعظيم تقديري .

بن جزاء 12-25-2012 11:55 PM

ابو عبد الله لقد كنت متابع لهذه الذكريات بصمت

ومتابع لقلمك من اول حلقه وكم كنت معجب بسردك القصصي الجميل

فعلا تملك ملكة الوصف 000 وتناسق العبارات

وكم أنا حريص على متابعة ذكرياتك 0000 فواصل متعك الله بالصحه والعافيه

كما ادعو الله العلي القدير رب العرش العظيم أن يبلغك ما ترجيه في عبد الله

وأن يقر عينك به وأن يحفظه من كل مكروه

تقبل تقديري لشخصك الكريم

محمد عجير 12-26-2012 09:06 PM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احاسيس http://sahat-wadialali.com/vb/images...s/viewpost.gif




في انتظار الاجزاء الباقية ..

رجاء لا تتأخر علينا ..






شكرا لك أختي الفاضلة على تشجيعك وتحفيزك لي على مواصلة الكتابة وكذا على ثنائك على الأسلوب الذي استخدمه في ذلك فأنت بهذا قد أعدت إليّ الثقة بنفسي من حيث لا تشعرين وسأوضح أسباب ذلك في نقاط ثلاث :

أولا :ـ عندما نشرت أول حلقة من هذه السلسلة هنا وجدت من يعاتبني من أحبتي أعضاء الساحات عليها فبين معترض على نشرها لعدم الفائدة منها على حد زعمه، وبين منتقد لها لأنها تتعرض لأشياء غاية في السرّية والخصوصية لا يجب أن يطلع عليها أحد، فعجبت لأمر هؤلاء وأمر أولئك وتيقنت بأن رضا الناس غاية لا تدرك ، فقلت لمتزعم الفريق الأول إذا لم تستفد منها أنت كون الله رزقك بالذرية بعد زواجك مباشرة فغيرك من الشباب سيستفيد منها ممن تأخر عندهم الإنجاب وهم كثر وفيها من الدروس والعبر مالا يخطر لك على بال سواء في موضوع الإنجاب نفسه كعدم تصديق كل ناعق من الأطباء المتمصلحين والباحثين عن المادة فحسب، أوفي غيره من الخبرات الأخرى كعدم استخدام السلاح للمزاح أو السفر الطويل دون التأكد من جاهزية السيارة ككل وصلاحية كفراتها على وجه الخصوص ومن ثمّ ضرورة وجود السلاح لمن كان يصطحب عائلة في السفر، إلى غير ذلك من الفوائد التي لست مجبرا على إيرادها في آخر كل حلقة تيمنا بأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم .

أما الفريق الثاني صاحب الخصوصية والسرية فقلت له : إلى عهد قريب وربما البعض منا إلى الآن مع بالغ الأسف لازال يستحي من ذكر اسم أمه أو أخته أو زوجته أمام الناس وتلك ثقافات تدل على جهل البيئة التي تربى أصحاب هذا المبدأ فيها فما هي يا ترى السرية التي استحييّ من ذكرها في هذه الحلقات ؟! قال طفل الأنابيب !!! قلت اذهب فأعلن على رؤوس الأشهاد أن ابني جاء بواسطة عملية تلقيح صناعي أو ما يسمى بطفل الأنابيب ولا تكتف بإعلاني عن هذا هنا فليس كل الناس مفتونون بقراءة مذكراتي أو مطلعون عليها .


ثانيا : عدد المداخلات على أي موضوع يعكس مدى تقبل الآخرين له وبما أن عددها هنا منخفض جدا فهذا مؤشر على عدم رضا الناس عما نشر مما أوحى إلي بأن ألتوقف عن مواصلة سرد قَصَص لا قبول له عند شريحة كبيرة من القرَّاء أفضل من الاستمرار فيه ولولا تدخل كل من الأخوين عبد الحميد بن حسن وأحمد بن فيصل لما كتبت حرفا واحدا بعد الحلقة الأولى.


ثالثا : هناك من يستثقل وجودي في الساحات أو هكذا اشعر فيتعمد مضايقتي لتركها ويقوم أحيانا ببعض الحركات الاستفزازية كمسح التنويه الذي يتفضل الأخ عبد الحميد بن حسن بكتابته عن نزول الحلقات الجديدة في شريط الإعلان فور صدوره أو بعد ذلك بساعات ولم يدر بخلده أن العمل الجيد يفرض نفسه سواء بإعلان أو من غير إعلان فلماذا إذاً البقاء في بيت وجودي داخله ليس بمستساغ ؟! .

شكرا لك سيدتي على تفضلك بالإشادة والتمجيد، وشكرا لكل من تفاعل وشارك فأنتم الوقود الذي يتعذر مع افتقاده مواصلة السير، لك ولهم مني كلّ تحية وتقدير، ودمت لمحبيك بكل خير .

علي فرحة 12-26-2012 10:21 PM


ثالثا : هناك من يستثقل وجودي في الساحات أو هكذا اشعر فيتعمد مضايقتي لتركها ويقوم أحيانا ببعض الحركات الاستفزازية كمسح التنويه الذي يتفضل الأخ عبد الحميد بن حسن بكتابته عن نزول الحلقات الجديدة في شريط الإعلان فور صدوره أو بعد ذلك بساعات !!!!!!!!!

من يستثقل وجودك أخي الكريم يترك الموضوع أو يترك المنتدى ويترك غيره يستمتع بهذه الثقافة المنوعة والأسلوب الرائع والقصص المؤثرة 0

وقديما قالوا : العين ما تضيق الا من ......

واصل حبيبنا وعين الله ترعاك

عبدالحميد بن حسن 12-26-2012 10:55 PM

اخي الحبيب محمد ابوعالي :
رضى الناس مثلما تفضلت غاية لا تدرك ، ولا يعني هذا التوقف عن مواصلة سرد الذكريات لأن هناك من لا يرضى عنها .
ذكرياتك يا اخي الحببيب دروس حية مستقاة من بحر خبرة عميق جدا ، لا اقول هذا مجاملة او مدحا وانا اعرف ما هو جزاء المداحين ولكنني اقول الحقيقة والله على ما اقول شهيد .
استمر وفقك الله حتى لولم يداخل مع موضوعك احد وانظر إلى اعداد من يقرأ ذكرياتك فقد تجاوز عددهم الالفين منذ بدأت كتابة الحلقات الاربع الاخيرة الا يكفيك هذا ؟!
استمر فنحن في شوق للحلقات الجديدة وفقك الله وحفظك من كل سوء ومكروه .

سعد محمد دوبح 12-27-2012 12:10 AM

يا أبا عبد الله أيّها الحبيب الغالي
أوّلاً ـ أدعو الله الّذي لا إله إلاّ هو أن يحفظ لك عبد الله وأن يحرسه وأن يبارك فيه ليصبح مِثلُ جدِّه وأبيه .
ثانياً ـ والله إنّني مِن أشدّ المعجبين بما تدوِّنه مِن ذكريات ، لا أقول ذلك مِن باب المجاملة وسيحاسبني الله على يميني هذه .
ثالثاً ـ أعذرني على عدم المداخلة فما عِندي قدرة ( مِن النّاحية الصِّحِّيَّة ) على الرّدّ على مشاركات المُحِبِّين ! لكنّني شديد المتابعة لما يكتبه عددٌ قليلُ مِمّن أحرص على قراءة مشاركاتهم ويشهد الله أنّك مِن ضِمنهم !
ولا يكرهك يا أبا عبد الله إلاّ حاسدٍ أو حاقد أو مريضٍ مِن الدّاخِل وهذه والله أمّ المصائب ، لِذلك أكتب واكتب واكتب فلك محبِّيك ( وهم كُثُر ) ويسعدهم كلّ حرف تكتبه ونحن مِمّا تكتب متابعون ومستمتعون ومستفيدون بارك الله فيك ومتّعك بالصِّحّة والعافية وطول العمر على طاعته .

عبدالله أبوعالي 12-27-2012 01:29 AM

كنت قد ذكرت سلفاً أنّ هذه الزاوية
او الواحة محطة إستراحة وتزود بوقود الخبرات والمعارف
وشخصياً قد إستفدت كثيراً مما قرأته من أسطر فارهة في
معانيها ومضامينها وكم من مواقف إستحضرت فيها بعض
ماروي من تجارب وتصرفت على نحوه فجانبني الخطأ .

لذلك أطالب الجميع وعلى رأسهم أبوعبدالله بالإستمرار
في سرد هذه الذكريات لأنها مرجع لنا لانستغني عنه .

علي بن حسن 12-27-2012 05:17 AM

يا أبا عبد الله إذا كنت لا تدرك مدى إستمتاعنا بأسلوبك الأدبي الراقي والعبارات الجميلة فأنا أعلنها على الجميع أستمر .. التجربة درس .. الأسلوب الأدبي الجميل درس.. عرض المشكلة ومواجهة حلها درس .. والله بعد ما كتبت مداخلتي بعد طرحك الحلقة الثالثة بثلاث ساعات رجعت مسحته حتى يضل أسمك ضاهر على ساحة الذكريات ويعرفون المحبين بأنك طرحت الحلقة الجديدة ليتابعوها تابع وما عليك من أعداء النجاح عليك منا نحن المحبين .

علي بن حسن

محمد عجير 12-28-2012 03:33 AM

الحلقة الخامسة

{ خيبة وهزيمة وقهر }

عند وصولنا إلى بائع المساويك قلت لها من هنا ؟ لم تنطق بكلمة واحدة واكتفت بدمع غزير عرفت من خلاله أني وإياها ظللنا الطريق ،توجهت بها إلى حيث يوجد آخرون يبيعون المساويك في نهاية ساحة الحرم مقابل باب الملك عبد العزيز فتهللت أساريرها وقالت من هنا ثم قادتني في اتجاه أجياد بئر بليلة حتى وصلنا إلى الفندق الذي تسكنه وعائلتها وهو على بعد كيلومتر واحد من الحرم تقريبا ويقع أسفل طلعة ريع بخش ، كنت طوال الطريق أتحدث إليها فبدت فائقة الذكاء وأخبرتني بأنها قادمة مع والديها من أمريكا حيث يدرس والدها وهي سعودية من أبناء الجنوب ومن مواليد الولايات المتحدة الأمريكية .

دخلت الفندق وطلبت من موظف الاستعلامات جوال والدها وبعد الاتصال عليه نزل إليّ من غرفته وسلّمته ابنته وكان استقباله فاتراً إلى درجة أني شككت أنه والدها لولا أنها نطقت باسمه وحضنته أمامي فقلت في نفسي ( سبحان الله ــ بيت ينوح وآخر يترنّمُ ! طالما أن الأخ من أهل الجنوب فلم يعد خافيا سبب تجشم زوجته مشقة البحث عن فقيدتها وكتمانها للأمر عنه برمّته رغم أهميّته. إنها التربية الأسريّة التقليدية التي زرعت الرّعب من الزوج وولي الأمر في قلوب كثير من السيدات دون مبرر! )

يظهر أن أخينا كان نائما ولم يكن يدري أن ابنته ضائعة وأظن أنني جنيت على زوجته المسكينة من حيث اعتقدت أني سأجلب لها السرور .

خرجت في صيف ذلك العام 1419هـ إلى الباحة واستأجرت شقة في منزل الأخ العزيز يحي بن حمدان ( تباركوا بالنواصي والأقدام ـ قول مشهور ) ثمّ سافرت ولم أسكنها ولم أنه تأثيثها نظرا لانتهاء إجازتي .

قبل عودتنا من الباحة تلقينا دعوة من أخوال أم عبد الله في العقيق لتناول طعام العشاء فقابلت زوجتي هناك امرأة متوسطة العمر لديها طفل وحيد قالت أنها حملت به في مستشفى الحمّادي بالرياض بواسطة عملية تلقيح صناعي وقد حذرّها الطبيب المعالج بعد أن تأكد لديه حملها من الحركة أو ركوب السيارة لفترات طويلة بل إنه أمرها بالبقاء مستلقية على ظهرها طوال الأربعة الأشهر الأولى من الحمل لكنها وعلى الرغم من نصائحه سافرت من الرياض إلى العقيق بواسطة النقل الجماعي بعد شهر واحد من حملها لحضور جنازة والدها ومع ذلك أتم الله لها حملها وأنجبت ذلك الطفل ! قلت : سبحان الله !! لقد عزى الدكتور الذي تعالجنا لديه مؤخراً في مدينة جدة سبب سقوط الجنين الذي حملت به زوجتي إلى كثرة الحركة وعدم الخلود للرّاحة مع أنها كانت في سكونها طوال تلك الفترة أشبه ما تكون بالميّتة ولكن لله له في خلقه شؤون ! .

عدنا إلى مكة وباشرت عملي وإذا بشاعر معروف له ابن موظف لدينا في الإدارة يدخل عليّ المكتب ويطلب مني طلبا بخصوص ابنه فحققته له ثم أخذ بعدها يتردد عليّ كلما عنّ له أمر حتى توطدت العلاقة بيننا وذات مرة فاتحني في موضوع الإنجاب ولا أدري من أين علم بأنه ليس عندي أطفال فقال : هناك دكتور في الأردن تعالج لديه أحد جماعتي هو وزوجته وكانا لا ينجبان فلم يعودا من هناك إلا بعد أن حملت الزوجة ، وأضاف سوف آتيك بعنوانه في اقرب فرصة ممكنة بإذن الله.
لم يمض أسبوع على حديثه إلا وهو عندي ومعه العنوان وبقي يدندن في أذني كلما زارني ويلحُّ عليّ في السفر حتى كدت أرتكب بحقّه حماقة لكن بما أن كثرة الدوىّ تغلب السحر فقد استجبت له بعد أن استخرت الله .

تقدمت بطلب إجازة خارجية إلى مرجعي وحددت الأردن مكانا لقضائها وعند تقديم الطلب إلى المدير وهو من أهالي العلا وكان مديرا لفرع الإدارة في تبوك لعدة سنوات وتربطه علاقات وطيدة مع بعض الأردنيين سألني لماذا اخترت الأردن بالذات فَصَدَقْتَه القول فقال : هذا عنوان شخص هناك صاحب نفوذ إذا احتجت إليه فلن يخيب ظنّك ! وقبل السفر قابلت الأخ عثمان بن أحمد فرحة ( من قرية العقشان ) في منزل عبد الله رمزي بالشرائع فأعطاني هو الآخر اسم وعنوان خال لزوجته في عمان واتصل به قبل سفري طالبا منه استقبالي وأهلي في المطار وتذليل كافّة الصعوبات التي قد تعترضنا .

تعمدت تحديد موعد بدء الإجازة قبل أن تبدأ الامتحانات في أيّ من دول الخليج بناء على نصائح المجرّبين تفاديا لأزمة السكن في الأردن ومواعيد عيادة الطبيب وقلّة السيارات المعدّة للإيجار وما إلى ذلك، ورغم كلما فعلت لم يجد ذلك نفعا لأن الظاهر أني لست الوحيد الذي خطط لمثل هذا .

وصلت مطار عمّان قبيل ظهر يوم الأحد وإذا ( بأبي سعيد ) الرجل الذي حدثني عنه عثمان في استقبالي وقد أعد لنا مأدبة غداء فاخر في منزله على الرغم من فاقته ثم فاجأني بقوله لقد حدثني أبو أحمد ويعني ( عثمان ) عن سبب مجيئك إلى هنا وقد فرّغت نفسي للبقاء معك حتى تنتهي مهمتك وأضاف هناك عجوز مشهورة بعلاج السيدات بجبل سمّاه لي في حيّ الوحدات بعمّان سأذهب بكما إليها فقد وجد كثير من النساء اللائي راجعنها فائدة من علاجها، استحييت منه فوعدْته بالذهاب معه إليها فور الاستقرار في سكن مريح والعثور على سيارة للإيجار،
لم أجد سكنا في أيّ من فنادق الدرجة الأولى نظرا لوجود أعداد هائلة من الأوروبيين والإسرائيليين أيامها هناك لحضور مناسبة لا أذكرها الآن ولذا سكنت في فندق لا بأس به واستأجرت سيارة غير مكيفة ( لعدم وجود البديل ) وذهبت بصحبة الرجل إلى تلك العجوز وكان أول شيء اشترطته عليّ ألف ريال سعودي مقدماً قبل بدء العلاج ثم إحضار كيلوجرام من عسل السدّر الأصليِّ من المملكة وأخيرا الحضور إليها في يوم معيَّن مرتبط بخصوصيات أسريّة،

اتصلت بأخي الفاضل عبد الله رمزي وطلبت منه العسل ونسقت مع أحد أبناء عديلي سعيد بن عبد الواحد للمجيء به إلى الأردن وبقينا رهن الانتظار .

في اليوم التالي من وصولي إلى الأردن بدأت اُجري اتصالاتي مع عيادة الدكتور الذي جئت من أجله بغية تحديد موعد لمقابلته وكان أول اتصال أجريته بالعيادة قبل ظهر ذلك اليوم ـ ألاثنين ـ ففاجأتني العاملة لديه بقولها لن تستطيع مقابلة الدكتور قبل أسبوعين من الآن فهو مسافر يوم الجمعة القادم لحضور ندوة خارج البلاد، أمّا من الآن وحتى موعد السفر فالعيادة مزدحمة بالمواعيد ! حاولت التفاهم معها بشتى الطرق وقلت لها أنا قادم من مكة وإجازتي قصيرة و....و....الخ. فقالت يا أخي لدينا أشخاص من الكويت ومن الأمارات ومن عدد من الدول وليس لك عندي سوى ما سمعت !

يوم واحد في الأردن يكلف السائح ما يقارب ألف ريال سعودي مابين سكن وإعاشة وأجار سيارة وخلافه وهذا يعني أني سأصرف ثلث ميزانية الرحلة قبل مقابلة الطبيب ! وهذا مستحيل ، إذن فليس لي سوى الاستعانة بصديق وقد حان موعد طلب المساعدة من الشخصية ذات النفوذ التي زودني برقم هاتفها المدير لعل صاحبها يستطيع بنفوذه تقديم الموعد المطلوب.

لم أكن أعلم والله حتى تلك اللحظة بأن أم عبد الله قد طلبت من الله بعد أن أدّت صلاة الاستخارة ضحى ذلك اليوم أن يهيئ لنا مقابلة الدكتور إن كان فيها خير لنا وأن يصرفها عنّا إن لم يكن فيها ما نؤمله .

اتصلت بالرجل ( الواسطة ) وأخبرته الخبر وقلت له أنا من طرف فلان بن فلان فرحب بي ترحيبا حارا وقال بعد أن سألني عن مقر سكني تتعشى عندي الليلة أنت وأهلك وإن شاء الله يكون خيراً ،

اعتذرت عن قبول دعوته بلطف وقلت له يا أخي يسعدني ويشرفني قبول دعوتك ومقابلتك ولكن الوقت غير مناسب الآن فأنا جئت لمهمة محددة وظروفي لا تسمح لي بذلك .

أصر الرجل إصرارا عجيبا على تناول العشاء في منزله وقال : لي أخ سيأتي لمقابلتك وهو يعاني مما تعاني منه ويراجع الدكتور نفسه منذ ثلاث سنوات وفي حال لم تبدل قناعاتك بعد مقابلته سأسعى بقدر ما استطيع لترتيب موعد لك مع ذلك الطبيب قبل سفره .
وافقت على دعوته وعندها قال : سآتي إلي مقر سكنك بعد صلاة العشاء لاصطحابك وعائلتك حتى لا تتوها عن العنوان وبالفعل جاء إليّ بسيارتي مرسيدس بنز سوداوين جديدتين أحدهما بقيادته والأخرى بقيادة زوجته فأخذني وأخذت زوجته زوجتي إلى المنزل الواقع في حيّ من أرقى أحياء عمّان وكان من أجمل المنازل التي دخلتها في حياتي .

احتفى بي المذكور حفاوة كبيرة وسرني فيه إلى جانب ذلك تديّنه وتواضعه وأخلاقه العالية رغم ثرائه الملموس وبعد مقابلتي لأخيه ذكر الأخير بأنه يراجع الطبيب المعني منذ ثلاث سنوات وقد أجرى له ولزوجته ثلاث عمليات تلقيح صناعي ولم يكتب لايّ منها النجاح وزادني معلومة جديدة هي الأهمّ حيث قال : لن يبقى معك الدكتور لأكثر من عشر دقائق وبعدها سيحيلك إلى أطباء صغار معاونين لديه لأجراء ما يلزم حتى يحين موعد العملية والتي لا أشك في أنه سينصحك بها فهو طبيب مختص في هذا النوع من العمليات وغير معني بعلاج أسباب العقم الرّئيسة، وأضاف : ما رأيك لو أخذتك إلى عجوز في قرية في إربد تعالج النساء والرجال لعلك تجد على يديها الفائدة فإني قد ذهبت إليها وتحسنت فرص الإنجاب لديّ كثيراً مع أني لم أكمل علاجها بعد ؟ قلت له : لقد شبعت من علاج العجائز مابين مكة وجدة والأردن ولا حاجة لي بها ، قال : لكنّ هذه من أهل الله وتختلف عن كل اللائي قابلتهن ، قلت له : لا أريد الذهاب إليها ولا أريد حتى مقابلة الطبيب الذي جئت إلى هنا من أجله .

صعبت حالتي على أبي سعيد بعد أن علم بالأمر فعرض على الذهاب إلى رجل معروف لديه على الحدود الأردنية العراقية سبق على حد زعمه أن عالج العديد ممن لا ينجبون منهم الأمير الفلاني والشيخ الفلاني و...و... الخ فقلت له توكلنا على الله ،
مشينا ما يقارب ثلاثمائة وخمسين كيلو متر في شمس حارقة وبسيارة غير مكيفة ولمدة ثلاث ساعات ونصف وإذا بأخينا بدوي جاهل ابتدأ حديثه بتمجيد نفسه وبما قام به حسب زعمه من معالجة شخصيات معروفة ومسئولين كبار في شتى بقاع الأرض وأخيرا طلب مني ألف ريال قبل كل شيء ثم سألني عن اسمي واسم زوجتي واسم أمّي واسم أمّها فعرفت على الفور بأنه مشعوذ ! قلت له إذا لم يكن لديك علاج غير هذا فاعد إلي فلوسي ولا داعي لكثرة الكلام ! قال : اترك لي عنوانك وعد إلى عمان وسوف آتيك بالعلاج يوم الخميس ! من الطبيعي أني كنت على يقين من عدم مجيئه لكني كنت أيضا على يقين أكبر من أني لست بقادر على استعادة شيء مما دفعته له فالوضع غير مطمئن ونحن بين بدو وفي مقطعة وملامح الرجل تدل على الشرّ فآثرت السلامة وعدت أدراجي إلى عمّان أجر أذيال الخيبة والهزيمة والقهر !

علي بن حسن 12-28-2012 07:21 AM

قلت له إذا لم يكن لديك علاج غير هذا فاعد إلي فلوسي ولا داعي لكثرة الكلام ! قال : اترك لي عنوانك وعد إلى عمان وسوف آتيك بالعلاج يوم الخميس ! من الطبيعي أني كنت على يقين من عدم مجيئه لكني كنت أيضا على يقين أكبر من أني لست بقادر على استعادة شيء مما دفعته له فالوضع غير مطمئن ونحن بين بدو وفي مقطعة وملامح الرجل تدل على الشرّ فآثرت السلامة وعدت أدراجي إلى عمّان أجر أذيال الخيبة والهزيمة والقهر !


ودي يكن أصريت على إستعادة فلوسك ولا تعود تجر أذيال الخيبة والهزيمة والقهر ...كان بأصرارك على إستعادة فلوسك وبعصبية بلهاء بترضي شيء في نفس أحمد بن فيصل والنتائج بتجي على ما في خاطره ... لكن ما كل ما كان يرجوه أحمد قد يتحقق .

أحمد بن فيصل 12-28-2012 07:44 AM

صباحكم/مساؤكم بطعم الشهد

متابع بكل استمتاع لما يدون هنا في هذه الواحة الغناء

وتفاصيل لأول مرة أعرفها وتزيد عندي من مكانة أخي أبو عبدالله وأنا مولع أساسا بقراءة السير الذاتية

تحت هذا المسمى مباشرة أو عن طريق الفن الأدبي المسمى الرواية فكيف إذا كانت السيرة لأعز الأصدقاء

وأوفاهم وأرقهم قلبا(راجعت الكلمة الأخيرة مرتين وتوكلت على الله وكتبتها)

إن ما يدونه أبو عبدالله وبهذا القدر من التركيز حري أن ينال هذا القدر من المتابعة

أما بخصوص نصيحتك ياريس فهي فعلا كانت بتشفيني لكن على مين ؟

يعرف يصطاد زباينه ما هو كمايه. ..كان عودت دفعت فوق الألف كماها عشر مرات....

ورجعت بعاهة قد تقطع الحرث والنسل

ابوحاتم 12-28-2012 02:57 PM

ابوعبدالله الله يحفظ لك عبدالله من كل شر ويجعلك ترى ابنائه ويصلح لنا ولك
انقطعت عن الساحات فترة ليست بالقصيرة وانت تعلم السبب واثناء تصفحي للمواضيع التي كتبت في هذه الفترة وجدت سردك الجميل والأسلوب المميز الذي اسرتنا به حفظك الله استمر اثابك الله فقد يكون هناك من هو بحاجة الى تجاربك ولايستطيع الوصول اليك لاي سبب ، لاتلتفت لكل من يحاول تثبيطك عن المتابعة فنحن مستمتعين بما تسطر وفقك الله .
واقرعينك وام عبدالله برؤية ابناء عبدالله .

مشرف عام3 12-29-2012 02:54 AM

رحلة مضنية في سبيل البحث عن طفل

وكان الله على كل شيء قدير

خفف من شعورنا بالألم لأجل تعبك

روعة السرد بدقة للاحداث

فقد أخذتنا معك في رحلة ممتعة

وكأننا نشاهد فيلما جميلا

سلمك الله ورعاك وبارك خطاك

بانتظار الحلقة التالية

وكلنا شوقاً إليها

دمت في رعاية الله استاذ محمد عجير

محمد عجير 12-29-2012 02:00 PM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بن جزاء http://sahat-wadialali.com/vb/images...s/viewpost.gif
ابو عبد الله لقد كنت متابع لهذه الذكريات بصمت


ومتابع لقلمك من اول حلقه وكم كنت معجب بسردك القصصي الجميل








حياك الله يا أبا أحمد ،

الأجمل من كل هذا هو وجودك بيننا، في قلوبنا ،في ساحاتنا، في مناسباتنا، في حياتنا تشاركنا حلوها ومرّها، بس آه لو تترك هلاليتك وتنظم إلى ......!
مرحبا بك مرة أخرى ولك الود .

محمد عجير 12-29-2012 02:46 PM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي فرحة http://sahat-wadialali.com/vb/images...s/viewpost.gif

ثالثا : هناك من يستثقل وجودي في الساحات أو هكذا اشعر،

من يستثقل وجودك أخي الكريم يترك الموضوع أو يترك المنتدى ويترك غيره يستمتع بهذه الثقافة المنوعة والأسلوب الرائع والقصص المؤثرة 0

وقديما قالوا : العين ما تضيق الا من ......







مرحبا بك أبا لؤيّ ،




شكرا لمشاعرك الطيبة واقدر لك هذا لكن لم تصل الأمور إلى هذه الدرجة ولن تصل بإذن الله ، ولو لاحظت أني قلت : أو هكذا أشعر !! فهو استدراك لما أكون قد أخطأت فيه وإلا فإنيّ استظل بظل الساحات ولا أشك أبدا في سمو رسالتها والهدف الذي أُنشأت من أجله وليس هناك مركز فيها يمكن التنافس عليه حتى تؤخذ الأمور بمثل هذه الحساسية بل إن المشرفين عليها جميعهم أخوة لي أشقاء وهم أهل فضل عليّ وعلى غيري على ما يقومون به من جهود وما يبذلونه من جيوبهم الخاصة ليبقى هذا الصرح شامخا يلف بين جنباته كل من آوى إليه، وقد قيل قديما ـ اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ! شكرا لك مرة أخرى أبا لؤيّ لقد شرفت بتواجدك ساحاتنا .

محمد عجير 12-30-2012 10:20 PM

بسم الله الرحمن الرحيم



لكل من طالب باستمرار سرد أحداث هذه الذكرى ولكل من أشاد بها ولكل من تابعها أو يتابعها أهدي أرق عباراتي وأطلب منهم المعذرة فقد ارهقتهم من حيث اردت اسعادهم وأخص بالذكر كل من :




شيخ الساحات وبركتها : أخي الفاضل علي بن حسن


وعمود هذه الزاوية : الحبيب أبو ياسر


وإخواني وأخواتي الأعزاء : رفيق الدرب


غامداوي


بن ناصر


أحمد العبائر


أحاسيس


سعد محمد دوبح


بن جزاء


علي فرحة


أبو حاتم


أحمد بن فيصل


مشرف عام3

عبد الله ويوسف أبوعالي

كما أهدي تحياتي لكل من لم يكن راضيا عن نشرها وأعتذر لهم عن سوء تقديري فما أنا إلا مجتهد وما كل مجتهد بمصيب . ومن أخطائنا نتعلم الكثير ، دمتم جميعا بود .

محمد عجير 12-30-2012 10:36 PM

الحلقة ما قبل الأخيرة :

في طريق عودتنا إلى عمان مرّ بنا الطريق من بطن سهل فسيح بمحاذاة البحر الميت تنتشر على ضفته قرى متشابكة وخط الإسفلت يتوسط السهل ، كان الجو حاراً جداً والساعة تقترب من الثانية بعد الظهر وفي وسط الطريق فوجئت وأنا أقود السيارة برجل ممدد على ظهره فوق الإسفلت يرتدي بنطالا من الجينز وقد نزع قميصه من على جسده وهو يتلوى من شدة الحرّ، بالقرب منه قنينة ملقية على الأرض ! ووضعه يستدعي الشفقة ،هدأت من سرعة السيارة حتى كدت أن أوقفها ظناً مني أنه مدهوس ويحتاج إلى من يسعفه وإذا بأبي سعيد يصرخ في وجهي قائلا : ولك يا زلمه شو بدّك تفعل ؟! قلت الرجل يحتاج لمن يسعفه ! قال : ولك هاظ منازل قوم لوط ، ولك والله بيشلحوك ! هاظ يا زلمه سكران و بيدور عا واحد يفتري فيه روح، روح !

حمدت الله على السلامة وقلت في نفسي سلمنا من المشعوذ وكدنا نذهب ضحية المخمور! وأين ؟! في مراتع قوم لوط ! أأترك مكة شرّفها الله وآتي للموت هنا وفي هذه البقعة بالذات من الأرض؟! هذا يوم نحس والعياذ بالله !.

ضحى يوم الخميس تلقيت اتصالا من كابينة هاتف من عمّان وفوجئت بالبدوي على الطرف الآخر من الخط يقول جئت لك بالدواء وأنا أقف في شارع كذا بجوار كذا فابعث لي أبا سعيد يأخذه ! اتصلت بأبي سعيد وقلت له إذهب إليه وأتني به ( أي بالشخص نفسه وليس بالدواء ) كنت طوال الوقت وأنا أقف مطلاّ من النافذة على أحر من الجمر انتظر قدومه واخطط لكيفية استرداد حقي منه ! بمجرد دخوله لاحظت عليه الارتباك فقلت في نفسي : حانت الفرصة لرد الصاع صاعين ، جلس الرجل فمد لي بقارورتين مقفلتين ومختمتين بغطاء من البلاستيك اللاصق وقد كتب عليهما محلات كذا للعطارة ومحتوياتهما حسبما هو مدون على غلافيهما الخارجيين عسل أصليّ مضاف إليه غذاء ملكات النحل ! الواضح أنه للتو اشتراهما من السوق وجاء بهما إليّ ليبرر موقفه ! قبل أن أتفوه بكلمة واحدة أخرج من جيبه تعويذة أو تميمة وقال خلّي المدام تعلقها في رقبتها ! كتمت غيضي وقلت لنفسي خلّ غضبك هذه المرّة لله فأنت المسيطر هنا !

انفجرت في وجهه فجأة وصرخت بأعلى صوتي قائلا : أخرج من هنا ، أخرج من هنا ! يقول الرسول صلى الله عليه وسلّم من تعلق تميمة فلا أتمّ الله له ! من تعلق تميمة فلا أتم الله له ! من تعلق تميمة فلا أتم الله له ! قام المذكور مذعورا وقبل أن يخرج من الباب صحت به ، تعال ، بكم اشتريت الدواء ؟ قال بكذا . قلت له : هذا حقك وخذ معك دواءك ولا أريد أن أراك بعد الآن . خرج الرجل ينشد السلامة غير مستوعب لما جرى بينما تسمّر أبو سعيد في مقعده ، عدت بعد خروجه إلى النافذة استطلع حالته فإذا به في وضع لا يحسد عليه يجري باتجاه الشارع العام ويتلفت خلفه ثم يركب أول تاكسي مرّ به ويختفي عن الأنظار ، كاد المريب أن يقول خذوني !

ذهبنا عصر اليوم نفسه للنزهة في ضواحي عمان في حمامات عيون الماء الحارة ونحن في الطريق فاتحتني أم عبد الله في موضوع زيارة عجوز ارْبِد ويبدو أن امرأة أخي الرجل الذي تعشينا عنده قد أقنعتها بالذهاب إليها ، بعد أخذ ورد طويلين قالت ( يضع سرّه في أضعف خلقه ) خلينا نجرب ما بتخسر شيء ! قلت لا ما باخسر إلا ألف ريال ! وأخيرا تعللت بعدم معرفة العنوان ، قالت : أنا اكلم زوجة الرجال وأجيب لك عنوانها .

مارست النساء سلوتهن في تبادل أحاديث المساء وإذا بالرجل يتصل بي في العاشرة مساء مقترحا زيارة تلك العجوز ضحى اليوم التالي ( الجمعة ) يوم إجازته ( خريج إحدى الجامعات الأمريكية وفاتح ـ ورشة سمكرة سيارات ـ تخيلوا ! ) .

جاء بسيارته ومعه زوجه واصطحبت أنا أم عبد الله في سيارتي وتحركنا باتجاه محافظة اربد ، صلينا الجمعة في مسجد على الطريق ودخلنا فناء البيت المقصود وقد حان للتو وقت صلاة العصر .

البيت بيت شعبي لا يختلف عن بيوتنا في منطقة الباحة وفي فنائه شجيرات معمّرات من اللوز والزيتون ربط في إحداها بقرة وفي الأخرى عجل ويتردد بينهما عجوز في السبعين من عمرها تعلف هذا مرة وتنقل وعاء العلف للآخر مرة أخرى . ظننت في بداية الأمر أنها هي المقصودة وبعد أن ألقى عليها مرافقي التحية سألْتُه أهذه هي ؟! قال لا هذه بنتها، العجوز المقصودة أمها ! ثم وجه كلامه إليها : أم فايز موجودة ؟ قالت : نعم تصلي العصر ! تفاءلت بمجرد سماع قولها لكن اعتلت بدني قشعريرة لا أعرف لها سببا سوى تذكر عظمة الله الذي لم تغفل عن ذكره تلك العجوز في تلك الخلوة وفي تلك البقعة النائية من هذا الكون الفسيح !

دخلت الغرفة وإذا بمسنّة في التسعين من عمرها تبدو كوردة بيضاء رغم التجاعيد التي حفر الزمن ممراتها وتضاريسها على تقاسيم وجهها الصبوح ثمّ ألقيت عليها السلام بعد أن تأمّلتها ! قامت بطيّ سجادة متهالكة من تحتها قد انطبعت عليها أماكن أعضاء السجود السبعة من كثرة الاستخدام وألقت بجسمها النحيل على فراش لها لا يزيد سمكه عن ثلاثة سنتيمترات ثم استقبلتني بوجهها وظهرها مسند إلى الحائط وردّت عليّ السلام .

شرحت لها حالتي وأم عبد الله إلى جواري ففاجأتني بطلب غريب عجيب ألا وهو ضرورة إجراء تحليل طبي في مركز معترف به في عمّان يوضح به النسب المئوية للإنجاب ...وعدد ... وحركة ...... الخ ومن ثم عرضه عليها ! .. لا ... وقبل ذلك امتناع عن المعاشرة الزوجية لمدة أربعة أيام ! أشياء علمية بحتة تتحدث عنها وفوق ذلك مدونة بلغة لاتينية وأنا لا يخامرني الشك وقتها وحتى الآن في أن من كان في مثل سنها غير ملم باللغة العربية قراءة وكتابة فكيف بما سواها ؟!

حدّقت فيها وقلت : أنا مسافر ولا يمكنني البقاء في الأردن كل هذه المدة فإن كان لديك علاج فبها ونعمة وإلا ... ! أشارت بيدها إلى أكياس بلاستيكية مكوّمة في ركن الغرفة معبأة بنوعين من السوائل أحدهما بلون التوت والآخر يغلب عليه لون الماء وقالت خذ واحد من هذا وواحد من ذاك ثم ناولتني كيسين من زنبيل بجوارها بكل منهما مسحوق يختلف لونه عن الآخر وقالت هذا لك وهذا لزوجتك تستخدمانه بعد شرب كأس صغير من تلكما السوائل لمدة شهرين ومحددة لنا الوقت الذي يستخدم كل منا علاجه فيه ثم أوصتني بحفظ الدواء في مكان بارد حتى لا يتعرض للتلف وحذرتني من مخالفة تعليماتها وقالت وهي تشير بإصبعها إلى أم عبد الله هذه من ذمتي في ذمتك لو قمت بمخالفة تعليماتي فلن تحمل هذه المسكينة أبداً !

أدخلت يدي إلي جيبي مستعدا بالألف كالعادة ثم سألتها كم حقك يا والدة ؟ قالت : ستة دنانير ونصف !! أي ما يعادل ثلاثة وثلاثين ريالا سعودياً ! ألجمني طلبها عن الحديث برهة من الزمن ...ثم تداركت نفسي ومددت لهه بعشرة دنانير قائلا لها ليس لدي إلا هذه فقالت : حقي ستة دنانير ونصف ! قلت : ليس عندي من العملة الأردنية أصغر منها ! تناولتها عندئذ مني ثم أدخلت يدها الأخرى تحت فراشها وأخرجت لي ثلاثة دنانير ونصف وسلّمتها إليّ ثم قالت : يا وليدي هدفي ليس الربح، أنا أبحث عن نسمة توحد الله ! هذا الدواء مجمع من نباتات في الرّمثاء يقوم طلاب الجامعة بجلبها لي بناء على طلبي وأعطيهم مقابل تعبهم ولولا ذلك لما أخذت من أحد شيئاً.

أخذت منها الدواء وخرجت من عندها فاغر ألفاه ولدّي إحساس بأنها مستجابة الدّعوة ! عدت أدراجي إليها بعد أن أودعت تلك الأكياس سيارتي وقلت لها اسألي الله لي ذريّة طيبة في آخر ساعة من هذا اليوم الفضيل ، يوم الجمعة !.

رجعت إلى عمّان وبقيت بها حتى وصلني المندوب من المملكة ومعه العسل ثم عدت إلى عجوزتنا الأولى فمزجته بمساحيق لديها وأعادته إليّ بعد أربع وعشرين ساعة طالبة مني استخدامه على الريق حتى ينتهي !

قضيت شهرا من إجازتي متنقلا بين سوريا وتركيا ولبنان وعلاجاتي تركتها في ثلاجة استأجرت من أجلها شقة في الزبداني بثلاثة آلاف ريال تنقطع عنها الكهرباء أكثر مما تصل وفي النهاية وعن طريق مطار دمشق قررت العودة إلى المملكة ! لكن ماذا حدث في المطار لتلك السوائل ولماذا أصر رجال الأمن على إراقتها قبل الصعود إلى الطائرة ؟! هذا ما سنتطرق إليه بإذن الله في الحلقة الأخيرة من هذه الذكرى المريرة. فإلى أن نلتقي استودعكم الله .

زهرة السوسن 12-31-2012 12:36 AM

اقتباس:

ثالثا : هناك من يستثقل وجودي في الساحات أو هكذا اشعر فيتعمد مضايقتي لتركها ويقوم أحيانا ببعض الحركات الاستفزازية كمسح التنويه الذي يتفضل الأخ عبد الحميد بن حسن بكتابته عن نزول الحلقات الجديدة في شريط الإعلان فور صدوره أو بعد ذلك بساعات ولم يدر بخلده أن العمل الجيد يفرض نفسه سواء بإعلان أو من غير إعلان فلماذا إذاً البقاء في بيت وجودي داخله ليس بمستساغ ؟! .
كنت اتابع بصمت ،ولا احب ابدا المداخله في هذا الموضوع بالذات ومتابعه جيده لهذه الصفحه ، ولكن استنطقتني هذه الكلمات اللتي اقتبستهالك في ردي،
انا لا ادخل المنتدى باستمرار ولكن هناك من يبلغني اذا استجدت حلقات احب متابعتها في هذا الموضوع بالذات ، فاستمر وثق تماما "أن العمل الجيد يفرض نفسه سواء بإعلان أو من غير إعلان "




اقتباس:

يا أبا عبد الله إذا كنت لا تدرك مدى إستمتاعنا بأسلوبك الأدبي الراقي والعبارات الجميلة فأنا أعلنها على الجميع أستمر .. التجربة درس .. الأسلوب الأدبي الجميل درس.. عرض المشكلة ومواجهة حلها درس .. والله بعد ما كتبت مداخلتي بعد طرحك الحلقة الثالثة بثلاث ساعات رجعت مسحته حتى يضل أسمك ضاهر على ساحة الذكريات ويعرفون المحبين بأنك طرحت الحلقة الجديدة ليتابعوها تابع وما عليك من أعداء النجاح عليك منا نحن المحبين .


اعجبني هذا التعقيب للاخ علي

تحياتي للجميع


عبدالحميد بن حسن 12-31-2012 09:28 AM

الغالي محمد ابو عالي :
بارك الله في جهودك ومتعك بالصحة والعافية ، استمتعت كثيرا بما سطرته اناملك الكريمة وما عكر صفو متعتي الا قولك هذه الحلقة ما قبل الاخيرة .
فقلت لنفسي معللا لها بامل لعلك لا تخيبه ، الا وهو انك تعود لاكمال حلقاتك السابقة والخاصة بملحمة مسيرتك الدراسية والعملية .
فلا ترد لنا طلبا وانت الكريم ابن الكريم .
طبت وطابت سيرتك وتقبل خالص تحياتي وتقديري .

غامداوي 12-31-2012 10:41 AM

.


خوي الرائع والمبدع ابو عبد الله (محمد عجير)

بمداخلتي القديمة علي ذكرياتك الانسانية والشديدة كنت اتروي بمداخلتي الثانية الي ان تنتهي من استكمال ذكرياتك. لكن مع هذه الاحداث المؤثرة وبتلك الصياغة الادبية الرائعة التي كانت لك في الأجزاء السابقة والجزأ الاخير لم استطع ان امنع نفسي من المداخلة ولا سيما انك تري ان المداخلات والتعليقات فيها تقييم لاهتمام الاعضاء بموضوعك واهميته.

وكم من مشاعر رقيقة كانت لي وانا اتابع الاجزاء الجزأ تلو الآخر ومن فرط استمتاعي بها كنت انتهي من قراءة الجزأ وانتظر الجزأ التالي علي شوق وبالذات انني استمتع جدا بقراءة السيّر الذاتية لما فيها من صدق.

وكنت دائما بين سطورك ترتفع بنا عبر اسلوبك الادبي السهل الممتنع - وانت تصف مشاعرك ومشاعر زوجتكم الوافية - بأحاسيس جيّاشة من التعاطف والتفاعل معك مع جملة هذه المعاناة التي كانت لكم حتى اننا كنا نعيشها معك اللحظة باللحظة وهو امر غريب عن هؤلاء الذين ينتسبون لفصيل العسكر وقد تعودنا منهم القوة الي درجة الغلظة بلا مشاعر ومن غير عواطف. لكن علي مايبدو ان في عسكر الجزيرة العربية محمود سامي البارودي آخر يخرج علينا بابداعات ادبية وانسانية رائعة.

وفي انتظار الجزأ الاخير لا تتأخر علينا بها كثيرا كي تستمر متعتنا معك.



تكفى .. تكفى .. تكفى..

ياآبا عبد الله.. .. ..

علي بن حسن 12-31-2012 07:37 PM

تكفى .. تكفى .. تكفى..

ياآبا عبد الله.. .. ..


لا تخيب رجاء الغامداوي ... قل تم .

محمد سعد دوبح 12-31-2012 10:02 PM

ابوعبد الله مساك الله بالخير انا اضم صوتي لصوت من سبقني مطالبا بإستمرارك
في سرد ذكرياتك الجميله التي أنا من المتابعين لما تخطه أناملك الكريمه
وثق إن من يستثقل وجودك هنا هو من غيرته وحقده حيث لايجد مايفتخر
بكتابته عن نفسه فلا تلتفت للوراء ونحن في شوق لمتابعة سيرتك العطره
مع بالغ أسفي لعدم دخولي في الحلقات السابقه ولقد أخبرتك عن ذلك وهو
ليعرف الجميع إن عدم دخولي هنا بإستمرار لصعوبة توفر النت لدي فهو يعمل
يوما ويتعطل اياما عديده لذ امل قبول عذري منك ومن الأعضاء عامه
تقبل مروري ودمت بصحة وسلامه 0


الساعة الآن 06:09 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir