خطبة الجمعة من المسجد النبوي
خطبة الجمعة 10/6/1432 من المسجد النبوي
لفضيلة الشيخ/ حسين آل الشيخ الخطبة الأولى الحمد لله الذي أنزل القرآن هُدًى وذكرى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله النبيُّ المُصطفى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين. أما بعد، فيا أيها المسلمون: أُوصيكم ونفسي بتقوى الله - جل وعلا -؛ فبها تتحقَّقُ السعادةُ الكبرى. أيها المسلمون: سعادتُنا وعِزُّنا وصلاحُنا ونجاتُنا باتباع القرآن العظيم، فهو الهادي لكل طريقٍ قويم، يُضيءُ لنا المسالكَ ويفتحُ لنا المدارِك، ويُحقِّقُ لنا الخيرات والمصالحَ؛ فما أجمل أن نعيشَ لحظاتٍ في ظِلال كلام ربنا نتدبَّره ونتأمَّل عِظاته، ونعملُ به. إن آيةً في كتاب ربنا - جل وعلا - عظيمةُ المعاني، جمعت مكارمَ الأخلاق ومحاسِن الأعمال، تستوجِبُ منا الوقوفَ عندها، والاتعاظَ بتوجيهاتها، والعملَ بمدلولاتها، لتكون لنا نبراسًا حياتيًّا ومنهجًا سلوكيًّا، لنسير في إراداتنا وتوجُّهاتنا وتحرُّكاتنا وتصرُّفاتنا وفق أحكامها، وعلى ضوء مبادئها وقواعدها ومقاصدها. إنها قول الله - جل وعلا -: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90]. آيةٌ تضمَّنت قواعد عُظمى، ومبادئ كبرى تحصُل بها المصالحُ العُليا، ويتحقَّقُ بالعمل بها السعادةُ الكبرى، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "أجمعُ آيةٍ في القرآن للخير والنهي عن الشر هذه الآية". ويقول الحسن: "لم تترك هذه الآيةُ خيرًا إلا أمَرَت به، ولا شرًّا إلا ونهَت عنه". ويقول قتادة: "ليس من خُلُقٍ حسنٍ يُعمَلُ به ويُستحبُّ إلا أمرَ الله به في هذه الآية، وليس من خُلُقٍ سيءٍ إلا نهى الله عنه في هذه الآية". فيا عباد الله: إنها من جوامع الكلِم الربَّاني الذي خُصَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما قاله الحافظ ابن رجب - رحمه الله -. إخوة الإسلام: لقد تضمَّنت هذه الآية: الأمرَ بقاعدة العدل الذي يعني: القيام بحقوق الخالق وافيةً، وذلك بإخلاص التوحيد له، وبإفراده بالعبادة والطاعة والخضوع والإنابة، والقيام بشرعه وفق الوسطية التي جاء بها الإسلام من غير تفريطٍ ولا إفراطٍ، وهكذا العدل مع المخلوق الذي يكفَلُ قاعدةً ثابتةً للتعامُل، مبنيةً على المُساواة والإنصاف، بمُختلف صُوره، والبُعد عن الظلم والعدوان بشتَّى أشكاله. عدلٌ لا يُؤثِّرُ فيه الهوى، ولا يتأثَّر بالمودَّة والبغضاء، عدلٌ لا يتبدَّلُ مُجاراةً للصِّهر والنسب، والغِنى والفقر، والقوة والضعف، يقول ربُّنا - جل وعلا -: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة: 8]. إنه العدل الواجبُ على الحُكَّام والوُلاة والقُضاة، والأزواج والآباء والأمهات، وعلى الأفراد والمُجتمعات، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إن المُقسِطين عند الله على منابر من نورٍ يوم القيامة: الذي يعدِلون في حُكمهم وأهليهم وما وَلُوا»؛ رواه مسلم. معاشر المؤمنين: والأمرُ بالإحسان مبدأٌ عامٌّ يشمل علاقةَ العبد بربِّه، فيُحسِنُ في طاعة ربه إخلاصًا ومحبةً ورجاءً وخوفًا وطمعًا، ويشملُ أيضًا: التقرُّب بالمندوبات، والمُسابقة إلى نوافل العبادات، ويشملُ أيضًا: مُحيط الحياة كلها في علاقات الإنسان بالبشرية جمعاء، وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة: 83]. إن الإحسان مبدأٌ يشملُ كل طيبٍ من الأقوال والأفعال من جميع المكارم العالية والأخلاق الحسنة، ويشملُ مقابلةَ الخير بأكثر منه، ومُقابلة الشر بالعفو عنه، والتسامُح بما يجلِبُ ودَّ القلوب، ويشفِي غليلَ الصدور، ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [فصلت: 34]. الإحسانُ يعني: إيصالَ النفع للآخرين، والرحمة بالخلق أجمعين، وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة: 195]. يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله كتبَ الإحسانَ على كل شيءٍ؛ فإذا قتلتُم فأحسِنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحَة، وليُحِدَّ أحدُكم شفرَتَه، وليُرِح ذبيحَته»؛ رواه مسلم. ومن الإحسان: إيتاءُ ذوي القُربى قريبَهم وبعيدَهم؛ بصِلتهم وبِرِّهم والشفقة عليهم، وإنما نصَّ عليهم تعظيمًا لشأنهم، وتوكيدًا لحقِّهم، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فلْيصِل رحِمَه»، ويقول أيضًا - عليه الصلاة والسلام -: «من أحبَّ أن يُبسَط له في رِزقه، ويُنسأَ له في أثره فليصِلْ رحِمَه»؛ متفق ليهما. إخوة الإسلام: ويأتي النهيُ في هذه الآية عن أصول الشُرُور ومنابعها؛ فينهَى الله العبادَ عن الفحشاء التي هي: كل أمرٍ تناهَى قُبحُه من الأقوال والأفعال؛ من الذنوب العظيمة التي تستبشِعُها الفطَرُ السليمة، والشرائعُ الصحيحة؛ كالشرك بالله، والقتل بغير حقٍّ، والزنا، والسرقة، ونحو ذلك من الفواحِش التي تجلِبُ المصائبَ، وتُنزِلُ بالخلق العذابَ الواصِبَ. عباد الله: وفي مضامين وصايا هذه الآية: النهيُ عن المنكر الذي يعني: المعاصيَ والسيئات بما فيه مُخالفةٌ لأوامر الله - جل وعلا - وأوامر رسوله - صلى الله عليه وسلم -. ويأتي ثالثُ النواهي: النهيُ عن البغي الذي هو: الظلمُ بجميع صوره، وتجاوُز الحق في التعامُل بالاستعلاء والتجبُّر والعُدوان على الخلق في الدماء والأعراض والأموال مما بيَّن حرمتَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ؛ دمُه ومالُه وعِرْضُه»؛ رواه مسلم. يقول - جل وعلا -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [النور: 21]. أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. |
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رِضوانه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه. أيها المسلمون: إن الشريعةَ الإسلاميةَ قد حرِصَت على كفِّ الأذى، وحرَّمت إيصال الشر والبلاء إلى الناس، ومن هنا نعلمُ خُطورةَ قتل الأبرياء وسفكِ الدماء وانتهاك الحُرمات، فليحذَر المسلمون من خُطوات الشيطان، ولْيتُوبوا إلى الرحمن، وليعلموا أن الله - جل وعلا - بالمِرصاد لمن بغَى وتجبَّر وتسلَّط واعتدى على المسلمين والمعصومين. روى الحاكم وصحَّحه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من ذنبٍ أجدرُ أن تُعجَّل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يُدَّخرُ له في الآخرة من البغي وقطيعة الرَّحِم». ثم إن الله أمرنا بأمرٍ عظيمٍ، ألا وهو: الصلاة والسلام على النبي الكريم. اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبينا وحبيبنا محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الآلِ والصحبِ أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أذِلَّ الشرك والمشركين. اللهم أصلِح أحوالنا وأحوال المسلمين، اللهم أصلِح أحوالنا وأحوال المسلمين، اللهم احفظ المسلمين في كل مكان، اللهم احفظ المسلمين في كل مكان، اللهم احفظ المسلمين في كل مكان، اللهم ارفع عنهم ما أصابهم من البلواء والشرور يا رحمن، اللهم ارفع عنهم ما أصابهم من المصائب التي لا تخفى عليك يا جبَّارُ يا قويُّ. اللهم الطُف بأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، اللهم الطُف بأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، اللهم الطُف بها، اللهم أخرِجها من الظلمات إلى النور، اللهم أخرِجها من الذلِّ إلى العِزَّة، اللهم أخرِجها من الهوان إلى العِزَّة يا ذا الجلال والإكرام. اللهم إليك نشكو مما أصاب المسلمين من سفك الدماء، وقتل الأبرياء. اللهم ولِّ عليهم خِيارَهم، اللهم ولِّ عليهم خِيارَهم، اللهم ولِّ عليهم خِيارَهم،، اللهم وجنِّبهم شِرارَهم وفًُجَّارَهم، اللهم جنِّبهم شِرارَهم وفًُجَّارَهم، اللهم واكفِهم شِرارَهم وفُجَّارهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم لا تجعل للأشرار على المسلمين يدًا، اللهم لا تجعل للأشرار على المسلمين يدًا. اللهم ألِّف بين قلوبهم على الحق والتقوى، اللهم ألِّف بين قلوبهم على الحق والتقوى، اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المسلمين في كل مكان. اللهم احفظ علينا أمنَنا، اللهم احفظ علينا أمنَنا، اللهم احفظ علينا أمنَنا يا ذا الجلال والإكرام. اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّ وترضى، اللهم اجعله سببًا لهداية المسلمين، اللهم اجعله سببًا لتحقيق الوحدة بين المؤمنين. عباد الله: اذكروا الله ذكرًا كثيرًا، وسبِّحُوه بُكرةً وأصيلاً. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. __________________ ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [التوبة - 128] |
|
خطبة المسجد النبوي - 17 جمادى الثانية 1432 - عواقب الظلم - الشيخ علي عبدالرحمن الحذيفي الخطبة الأولى الحمد لله اللطيف الخبير، العليم القدير، أحمد ربي وأشكره على فضله الكثير، وأشهد أن لا إله إلا الله العليُّ الكبير، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله البشيرُ النذير، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فاتقوا الله حقَّ التقوى، وتمسَّكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى. أيها المسلمون: إن الطاعات تتفاضَل عند الله بتضُّمنها تحقيق العبودية والتوحيد لله - عز وجل -، وعموم نفعها للخلق؛ مثل: أركان الإسلام، وإن الذنوب والمعاصي تعظُم عقوباتها ويتسعُ شرُّها وفسادُها بحسب ضررها لصاحبها والخلق. وإن الظلم من الذنوب العِظام والكبائر الجِسام، يُحيطُ بصاحبه ويُدمِّره، ويُفسِد عليه أمرَه، ويُغيِّرُ عليه أحوالَه، فتزولُ به النعم، وتنزل به النِّقَم، ويُدرِكُه شُؤمه وعقوباتُه في الدنيا وفي الآخرة، كما تُدرِكُ عقوبات الظلم الذُّريةَ. ولأجل كثرة مضار الظلم وعظيم خطره وتنوُّع مفاسده وكثير شرِّه؛ حرَّمه الله بين عباده كما حرَّمه على نفسه، فقال تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي! إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم مُحرَّمًا، فلا تَظالمُوا». فالله حرَّم الظلمَ على نفسه - وهو يقدر عليه - تكرُّمًا وتفضُّلاً وتنزيهًا لنفسه عن نقيصة الظلم؛ فإن الظلمَ لا يكون إلا من نفسٍ ضعيفة لا تقوَى على الامتناع من الظلم، ولا يكون الظلمُ إلا من حاجةٍ إليه، ولا يكون إلا من جهلٍ، والله - عز وجل - مُنزَّهٌ عن ذلك كلِّه، فهو القوي العزيز الغني عن خلقه فلا يحتاجُ إلى شيء، وهو العليمُ بكل شيء. وحرَّم الله الظلمَ بين عباده ليحفظوا بذلك دينَهم ويحفَظوا دنياهم، وليُصلِحوا أمورهم، وليُصلِحوا دنياهم وآخرتهم، وليتمَّ بين العباد التعاوُن والتراحُم بترك الظلم، وأداء الحقوق لله ولخلق الله تعالى. عباد الله: الظلمُ يضرُّ الفردَ ويُهلِكه ويُوقِعه في كل ما يكره، ويرى بسبب الظلم ما يسُوؤه في كل ما يحب، الظلمُ يُخرِّبُ البيوتَ العامرة، ويجعل الديار دامِرة، الظلمُ يُبيدُ الأمم ويُهلِك الحرثَ والنسل. ولقد حذَّرنا الله من الظلم غاية التحذير، وأخبرنا - تبارك وتعالى - بأن هلاك القرون الماضية بظلمهم لأنفسهم لنحذَر أعمالهم، فقال - تبارك وتعالى -: وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [يونس: 13، 14]، وقال تعالى: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا [الكهف: 59]، وقال - تبارك وتعالى: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 45، 46]، وقال - تبارك وتعالى: فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت: 40]، وقال - تبارك وتعالى -: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102]. وقد أجرَ الله هذه الأمة الإسلامية من الاستئصال والهلاك العام، ولكن تُبتَلى بعقوباتٍ دون الهلاك العام بسبب ذنوبٍ تقع من بعض المسلمين وتشيع حتى لا تُنكَر، ولا ينزجِر عنها أصحابُها، كما قال - تبارك وتعالى -: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال: 25]. وعن زينب بن جحش - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فزِعًا يقول: «لا إله إلا الله، ويلُ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فُتِح اليوم من ردمِ يأجوج ومأجوج مثل هذه» - وحلَّق بإصبعيه الإبهام والتي تليها -، فقلتُ: يا رسول الله! أنهلكُ وفينا الصالحون؟ قال: «نعم، إذا كثُر الخَبَث»؛ رواه البخاري ومسلم. فدلَّ الحديثُ على أن بعض الأمة صالحون وأن بعضهم تقع منهم ذنوب تُصيبُ عقوباتها الكثيرَ من الأمة في بعض الأزمان وفي بعض الأمكنة، وفُسِّر الخَبَث بالزنا، وفُسِّر بعمل قوم لوط، لقوله تعالى: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ [النور: 26]، وقوله تعالى عن لوطٍ - عليه السلام -: وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ [الأنبياء: 74]. |
وفُسِّر الحديث بالخمر ونحوه من المُسكِرات والمُخدِّرات، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الخمرُ أم الخبائث».
ويعمُّ الحديث كلَّ معصيةٍ تُغضِبُ الله - تبارك وتعالى -، وكل ظلمٍ وعدوان، ومعنى هذا الحديث عام في كل ما حرَّم الله، ويظلمُ به المسلم نفسَه أو يظلمُ به غيره. أيها المسلمون: أصلُ الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، وهو في الشرع: مخالفة شرع الله ومخالفة أمر الله بتركه لأمر الله، ومخالفة نهي الله بارتكابه. والظلم ثلاثة أنواع: النوع الأول: ظلمٌ لا يغفره الله إلا بالتوبة، وهو: الشرك بالله تعالى، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا [النساء: 116]، وقال تعالى: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13]. فمن مات على الشرك بالله خلَّده الله في النار أبدًا، كما قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة: 72]، وكان ظلمُ الشرك غير مغفور لمن مات عليه؛ لأجل مُضادَّة رب العالمين في الغاية والحكمة من خلق الكون لعبادة الله، ولأن الشرك تنقُّصٌ لعظمة الخالق - تبارك وتعالى -، وصرفُ حقِّه إلى غيره لمخلوقٍ خلقه الله - عز وجل -، قال - تبارك وتعالى -: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر: 67]. وأيُّ ظلمٍ أعظمُ من أن يجعل الإنسانُ لرب العالمين نِدًّا يعبُده من دون الله الذي خلقه؟! وأيُّ ذنبٍ أكبر من أن يتخذ الإنسانُ مخلوقًا إلهًا من الصالحين أو غيرهم يدعوه من دون الله، أو يرجوه، أو يستغيثُ به، أو يخافُه كخوف الله، أو يستعينُ به في شيءٍ لا يقدر عليه إلا الله، أو يتوكَّلُ عليه، أو يذبَحُ له القُربان، أو ينذُر له، أو يُعِدُّه لرغبته ورهبته، أو يسأله المَدَد والخير، أو يسأله دفع الشر والمكروه، أيُّ ذنبٍ أعظم من هذا الشرك بالله - تبارك وتعالى -؟! قال - سبحانه -: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف: 5، 6]، وقال - عز وجل -: وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [النحل: 51 - 55]. ومعنى قوله - تبارك وتعالى -: وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا : أي: دائمًا. وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثِنتان مُوجِبتان»، قال رجلٌ: يا رسول الله! ما المُوجِبتان؟ قال: «من مات لا يُشرِك بالله شيئًا دخل الجنة، ومن مات يُشرِك بالله شيئًا دخل النار»؛ رواه مسلم. وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات وهو يدعو لله نِدًّا دخل النار»؛ رواه البخاري. وكما أن الشرك بالله تعالى أعظمُ السيئات والذنوب؛ فإن التوحيد لله - تبارك وتعالى - أعظمُ الحسنات والقُربات، كما في الحديث القدسي: «يا ابن آدم! إنك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتَني لا تُشرِكُ بي شيئًا لأتيتُك بقُرابها مغفرة»؛ رواه الترمذي من حديث أنس - رضي الله عنه -، وقال الترمذي: "حديثٌ حسن". والنوع الثاني من الظلم: الذنوب والمعاصي التي بين العبد وربه ما دون الشرك بالله؛ فإن الله - تبارك وتعالى - إن شاء عفا عنها بمنِّه وكرمه، أو كفَّرها بالمصائب والعقوبات في الدنيا، أو كفَّرها بعذاب القبر، أو تجاوز عنها الربُّ - تبارك وتعالى - بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو شفاعة غيره من الشافعين، أو يُعذِّبُ الله - عز وجل - صاحبَها في النار بقدر ذنبه، ثم يُخرِجُه من النار فيُدخِلُه الجنةَ إن كان من المُوحِّدين. |
والنوع الثالث من الظلم: مظالمُ تقع بين الخلق في حقوقٍ لبعضهم على بعض تعدَّوا فيها، وأخذها بعضُهم من بعض، ووقعوا في ظلم بعضهم لبعض، فهذه المظالمُ لا يغفرها الله - عز وجل - إلا بأداء حقوق الخلق إليهم، فيُؤدِّي الظالمُ حقَّ المظلوم في الدنيا، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لتُؤدُّنَّ الحقوق قبل أن يأتي يومٌ لا درهمَ فيه ولا دينار، إنما هي الحسناتُ والسيئات، يُعطَى المظلومُ من حسنات الظالم، فإن لم يكن للظالم حسنات أُخِذ من سيئات المظلوم ووُضِعت على المظلوم ثم طُرِح في النار».
والمظالمُ بين العباد تكون في الدماء، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزالُ المرءُ في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصِب دمًا حرامًا». وقد قرنَ الله قتلَ النفس بالشرك بالله - تبارك وتعالى - لعظيم جُرم سفك الدماء، فقال - تبارك وتعالى -: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [الفرقان: 68]، وفي الحديث: «لَزوالُ الدنيا بأسرِها أعظمُ عند الله من قتل رجلٍ مُؤمنٍ»، وفي الحديث أيضًا في "الصحيح" عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أول ما يقضي الله - تبارك وتعالى - يوم القيامة في الدماء»؛ لأن الدماء أمرُها عظيم، قال الله - تبارك وتعالى -: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء: 93]. ألا ما أعظم جُرم من قتل النفوس وسفك الدماء، فإن الله - تبارك وتعالى - هو الذي يتولَّى عقوبَتَه، وهو الذي يأخذه ويُعاقِبُه في الدنيا والآخرة، قال الله - تبارك وتعالى -: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ [إبراهيم: 42]، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ليُملِي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلِته». وتكون المظالمُ بين الناس في المال، وتكون باقتطاع الأرض والعقارات، وفي حديث سعيد بن زيد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اقتطَعَ شبرًا من الأرض طوَّقه الله إياه من سبع أرضين»؛ رواه مسلم. وتكونُ المظالمُ بين الأرحام بتضييع حقوق الرحِم، وتكون المظالم بين الوالدَيْن والأولاد بتضييع حقوقهما وإهمال تربيتهما، وتعريضهما للانحراف وسوء الأخلاق، وتكون المظالمُ بين الزوجين لترك حقوقهما من أحدهما للآخر، وتكون المظالمُ بين المُستأجرين والعُمَّال بسلب حقوقهم وتضييعها أو تأخيرها، أو اقتطاع شيءٍ منها، أو التحايُل على إسقاطها؛ فكلُّ ذلك ظلمٌ يُنذِرُ بعقوباتٍ مُدمِّرة لصاحب الظلم، نسأل الله - تبارك وتعالى - العافية، أو أن يُكلِّفهم بما لا يطيقون، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أعطوا الأجيرَ حقَّه قبل أن يجِفَّ عرقُه». وقد تكون المظالمُ بالتعدِّي على حقوقٍ معنوية للناس، أو بغيبة، أو وشايةٍ بين اثنين، أو وشايةٍ بين قبيلتين، أو بين أناسٍ وأناس. فاحذروا - عباد الله - الظلمَ؛ فإن الله - تبارك وتعالى - لا تخفى عليه خافية، وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ [البقرة: 144]. والظلمُ مُحرَّمٌ ولو وقع على كافر؛ فإن الله - تبارك وتعالى - لا يرضى أن يقع الظلمُ على أحدٍ ولو كان كافرًا أو فاسقًا، قال الله - تبارك وتعالى -: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ [إبراهيم: 42 - 46]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. |
الخطبة الثانية
الحمد لله مُعِزِّ من أطاعه واتقاه، ومُذِلِّ من خالف أمره وعصاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله اجتباه ربُّه واصطفاه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فاتقوا الله حق تقواه، وراقِبوه واخشَوه مراقبةَ من يعلمُ أن الله مُطَّلعٌ على سرِّه ونجواه. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18]. وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا الظلمَ؛ فإن الظلمَ ظلماتٌ يوم القيامة». أيها الناس: لا يتعرَّض أحدكم لغضب الله وعذابه؛ فإنه ما وقع غضبُ الله على أحدٍ إلا هلَك، قال تعالى: وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى [طه: 81]، ومن أخذه الله بعذابه وظلمه فقد خسر خُسرانًا مبينًا، قال الله تعالى: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان: 19]. عباد الله: إن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا»، فصلُّوا وسلِّموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد، كما بارَكت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم تسليمًا كثيرًا. اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، اللهم وارضَ عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين والكفر والكافرين يا رب العالمين، اللهم دمِّر أعداءك أعداء الدين يا رب العالمين إنك أنت القوي العزيز. اللهم انصر دينك، وكتابك، وسنة نبيك، يا رب العالمين. اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين، وأصلِح ذات بينهم، واهدِهم سُبل السلام، وأخرِجهم من الظلمات إلى النور يا رب العالمين، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا متين. اللهم تُب علينا وعلى المسلمين، اللهم فقِّهنا والمسلمين في الدين يا أرحم الراحمين. اللهم أذِلَّ البدع يا رب العالمين، اللهم أذِلَّ البدع التي هدَمَت الدين، اللهم أذِلَّ البدع التي هدَمَت الدين، اللهم أذِلَّ البدع إلى يوم الدين يا رب العالمين، اللهم لا تُقِم للبدع قائمةً أبدًا يا رب العالمين، إنك أنت القوي العزيز. اللهم لا تُسلِّط على المسلمين الأشرار الفُجَّار، اللهم يا رب العالمين لا تُسلِّط على المسلمين من لا يخافُك ولا يرحمهم يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير. اللهم فرِّج كُربات المسلمين، الله ارفع الشدائد عن المسلمين يا رب العالمين، اللهم اجمعهم على الحق إنك على كل شيء قدير، ألِّف بين قلوبهم وأصلِح ذات بينهم يا رب العالمين. اللهم اجعل بلادنا آمنةً مطمئنةً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم ولاة أمورنا يا رب العالمين. اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عمله في رِضاك يا رب العالمين، اللهم أعِنْه على كل ما فيه خيرٌ وصلاحٌ وعِزٌّ للإسلام والمسلمين يا رب العالمين، اللهم أصلِح بِطانتَه، اللهم أعِنْه على أمور الدنيا والدين يا رب العالمين، اللهم وفِّق نائبَيْه لما تحب وترضى، اللهم وفِّقهما لهُداك، واجعل عملهما في رِضاك يا رب العالمين، وانصر بهم الدين، إنك على كل شيء قدير يا أرحم الراحمين. اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم أغِثنا يا رب العالمين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا يا أرحم الراحمين. عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل: 90، 91]. واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون. __________________ ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [التوبة - 128] |
خطبة الجمعة 24/6/1432 للشيخ صلاح البدير
الخطبة الأولى الحمد لله، الحمد لله العظيم في قدره، العزيز في قهره، العليم بحال العبد في سرِّه وجهره، يسمعُ أنينَ المظلوم عند ضعف صبره، ويجُودُ عليه بإعادته ونصره، أحمدُه على القدر خيرِه وشرِّه، وأشكره على القضاء حُلوه ومُرِّه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ [الروم: 25]، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله جاهدَ في الله حق جهاده طول عمره وسائر دهره، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما جادَ الصحابُ بقطره وطلَّ الربيعُ بزهره، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أما بعد، فيا أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ ما تُستدفَعُ به البلايا، وتُرفعُ به الرَّزايا، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل: 128]. أيها المسلمون: في زمن الخُطوب الكِبار والشدائد والأخطار يتوجَّبُ التذكير بحقيقةٍ ناصعةٍ ساطعةٍ في الدين، وهي: وجوب التناصُر بين المسلمين، ومُؤازَرة المظلومين، والنَّصَفة للمُستضعفين، ومتى استجارَ المسلمُ بأخيه المسلم، ولاذَ بساحته، ونزل بباحته، واستنصَره واستنفَره وجبَت نُصرته، ولزِمَت إعانتُه، حتى يقوَى ظهرُه، ويشتدَّ أزرُه، ويندحِر عدوُّه، وينكفَّ ظالمُه. ومتى تحقَّقَت القوةُ والقُدرة وجبَت المُؤازرَة والنُّصرة، قال - جلَّ في عُلاه -: وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الأنفال: 72]. ومتى تنازعَ المسلمون وتخاذَلوا، وتواهَنوا وتفاشَلوا، وصار لكل واحدٍ منهم شأنٌ يُغنيه، وهمٌّ يَعنيه، فرَّق العدوُّ جمعَهم، وبدَّد شملَهم، وشذَّب شِكَّتَهم، وخفضَ شوكَتهم، وتسلَّط عليهم، واستباحَ ديارَهم، قال - جلَّ في عُلاه -: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ [الأنفال: 73] - يعني: التناصُر والتضافُر في الدين - تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ . قال بعض أهل العلم: " تَكُنْ فِتْنَةٌ أي: محنةٌ بالحرب وما انجرَّ منها من الغارات والجلاء والأسْر، وَفَسَادٌ كَبِيرٌ يعني: ظهورَ الشرك". أيها المسلمون: والمسلمُ يُقاسِمُ أخاه الهُمومَ والمكارِه، ويُِشارِكه محنَته وبليَّته، ويعيشُ معه مُصابَه ورزِيَّته، لا يخونُه ولا يُسلِمه، ولا يترُكه ولا يخذُله؛ بل يحُوطه وينصُره ويعضِدُه؛ فعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم -: «ما من امرئٍ يخونُ مسلمًا في موطنٍ يُنتقَصُ فيه من عِرضه، ويُنتهَكُ فيه من حُرمته، إلا خذلَه الله في موطنٍ يُحبُّ فيه نُصرتَه، وما من امرئٍ ينصرُ مسلمًا في موطنٍ يُنتقصُ فيه من عِرضه، ويُنتهَكُ فيه من حُرمته إلا نصرَه الله في موطنٍ يحبُّ فيه نُصرتَه»؛ رواه أبو داود، والطبراني في "الأوسط"، وقال الهيثمي: "إسنادُه حسن". وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ مرآةُ المؤمن، والمؤمنُ أخو المؤمن، يكفُّ عليه ضيعتَه، ويحُوطُه من ورائه»؛ أخرجه أبو داود. وعن بَهز بن حكيمٍ عن أبيه عن جدِّه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل مسلمٍ على مسلمٍ مُحرَّم أخوانَ نصيران»؛ أخرجه النسائي. أي: هما أخوان يتناصَران ويتعاضَدان. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمُ أخو المسلم، لا يخُونه ولا يكذِبُه ولا يخذُله»؛ أخرجه الترمذي. وعن عمرو بن شُعيبٍ عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون تتكافأُ دماؤهم، ويسعى بذِمَّتهم أدناهم، ويُجيرُ عليهم أقصاهم، وهم يدجٌ على من سواهم»؛ أخرجه أبو داود. أيها المسلمون: إن الأحداث المُتلاحقة، والوقائع المُتوالية التي نزلت بأرض الإسلام، وشاهدَ العالمُ من خلالها كيف استهدَفت آلةُ الحرب والقتل والقمع والتعذيب والتنكيل والضعفةَ والعُزَّلَ والأبرياءَ والرُّضَّعَ والأطفالَ والشيوخَ والنساء، في صورٍ من الوحشية لا يجترئُ عليها إلا عديمُ الرحمة وفاقدُ العقل، إن تلك الأحداث تستوجِبُ اليقظَةَ والاعتبار، والتذكُّر والادِّكار، وما هي إلا محنٌ تُمتَحنُ بها القلوب، وتُبتلَى بها النفوس؛ ليعلمَ الله من يقِفُ مع المظلوم في وجه الظالم، وينصر الحقَّ في وجه الباطل، ويدفعُ بالسنة في وجه البدعة، ويصِلُ يدَه بأهل الإيمان والتوحيد في وجه أهل الشرك والخرافة والتنديد، وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحديد: 25]. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله بارئ النَّسَم، ومُحيِي الرِّمَم، ومُجزِل القِسَم، مُبدِع البدائع، وشارعِ الشرائع، دينًا رضيًّا، ونورًا مُضيًّا، أحمده وقد أسبغَ البرَّ الجزيل، وأسبلَ السترَ الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ عبدٍ آمنَ بربه، ورجا العفو والغفران لذنبه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وأتباعِه وحِزبه صلاةً وسلامًا دائمَيْن ممتدَّيْن إلى يوم الدين. أما بعد، فيا أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسب، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102]. أيها المسلمون: مهما بلَغت قوةُ الظَّلُوم وضعف المظلوم فإن الظالمَ مقهورٌ مخذول، مُصفَّدٌ مغلول، وأقربُ الأشياء صرعةُ الظَّلُوم، وأنفذُ السهام دعوةُ المظلوم، يرفعها الحيُّ القيوم فوق الغُيُوم. يقول رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم: الصائمُ حين يُفطِر، والإمامُ العادلُ، ودعوةُ المظلوم يرفعها الله فوق الغَمام، ويفتحُ لها أبوابَ السماء، ويقول لها الربُّ: وعِزَّتي وجلالي! لأنصُرنَّك ولو بعد حين»؛ أخرجه أحمد. فسُبحان من سمِع أنين المُضطَهد المهموم، وسمِع نداء المكروب المغموم، فرفع للمظلوم مكانًا، ودمغَ الظالمَ فعاد بعد العِزِّ مُهانًا. أيها المسلمون: والظلمُ لا يدومُ ولا يطولُ، وسيضمحِلُّ ويزول، وللمظلوم المهضوم السطوةَ والانتصار، والفلَجَ والإظفار، وللظالم الجائر المُعتدي الفاجِر الذِّلَّةَ والصَّغار، والدمارَ والخَسار، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [يوسف: 21]. ثم صلُّوا وسلِّموا على خير الورى، فمن صلَّى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا. اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة، أصحاب السنة المُتَّبَعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الآل والصحابة أجمعين، والتابعين لهم وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وجُودك يا أرحم الراحمين. اللهم أعِزَّ الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام وانصر المسلمين، ودمِّر أعداء الدين، وانصر عبادك المُوحِّدين، ودمِّر الطغاة والمُعتدين، ودمِّر الطغاة والمُعتدين، ودمِّر الطغاة والمُعتدين يا رب العالمين. اللهم أدِم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها، وعِزَّها واستقرارها، ووفِّق قادتَها لما فيه عِزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين يا رب العالمين. اللهم عُمَّ بالأمن والرخاء والاستقرار جميعَ أوطان المسلمين يا أرحم الراحمين، اللهم عُمَّ بالأمن والرخاء والاستقرار جميعَ أوطان المسلمين يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل أهلَنا في سورية وليبيا واليمن في ضمانك وأمانك وإحسانك يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين احفظهم من كل سوءٍ ومكروهٍ وفتنةٍ يا كريم، اللهم احقِن دماءهم، اللهم احقِن دماءهم، اللهم احقِن دماءهم، وصُن أعراضَهم، واحفظ أموالَهم وأمنَهم واستقرارَهم ووحدَتهم يا أرحم الراحمين. اللهم اكشِف الغُمَّة، اللهم اكشِف الغُمَّة، اللهم اكشِف الغُمَّة، وأطفِئ جمرة الفتنة وشرارة الفوضى ونار الاصطدام يا رب العالمين. اللهم قاتلِ الكفرة الذين يصدُّون عن سبيلك ويُعادون أولياءك، واجعل عليهم عذابَك ورِجزَك إلهَ الحق يا رب العالمين. اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجس يهود، اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجس يهود، اللهم عليك باليهود الغاصبين، والصهاينة الغادرين، اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تُحقِّق لهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم عبرةً وآية يا قوي يا عزيز يا رب العالمين. اللهم لا تُشمِت بنا أحدًا، اللهم لا تُشمِت بنا أحدًا، ولا تجعل لكافرٍ علينا يدًا، اللهم اشف مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وانصرنا على من عادانا يا رب العالمين. عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90]. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون. |
جزاك الله خيراً أبا حاتم ونفعنا بما نقلت لنا |
خطبة المسجد النبوي - 1 رجب 1432 - من أعمال القلوب: الخوف والرجاء - للشيخ الحذيفي الحمد لله العلي الأعلى، لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [طه: 6، 7]، أحمد ربي وأشكره على ما أعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحُسنى، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله المُصطفى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه البررة الأتقياء. أما بعد: فاتقوا الله - أيها المسلمون - حقَّ التقوى، واعلموا أن الله يعلمُ ما في أنفسكم فاحذروه، إن الله لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء. عباد الله: إن أعمال القلوب أعظم شيءٍ وأكبرُ شيءٍ؛ فثوابُها أعظم الثواب، وعقابُها أعظمُ العقاب، وأعمالُ الجوارح تابعةٌ لأعمال القلوب ومبنيَّةٌ عليها، ولهذا يُقال: القلبُ ملكُ الأعضاء، وبقيةُ الأعضاء جنوده. عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتى يستقيمَ قلبُه»؛ رواه أحمد. ومعنى استقامة القلب: توحيده لله - تبارك وتعالى - وتعظيمه ومحبته وخوفه ورجاؤه، ومحبة طاعته وبُغض معصيته. وروى مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم». وقال الحسن لرجلٍ: "داوِ قلبك؛ فإن حاجة الله إلى العباد صلاحُ قلوبهم". وإن من أعمال القلوب التي تبعثُ على الأعمال الصالحة، وتُرغِّب في الدار الآخرة، وتزجُر عن الأعمال السيئة، وتُزهِّدُ في الدنيا، وتكبَحُ جماحَ النفس العاتية: الخوفَ والرجاء، الخوف من الله، والرجاء فيما عنده. فالخوف من الله تعالى سائقٌ للقلب إلى فعل كل خير، وحاجزٌ له عن كل شرٍّ، والرجاءُ قائدٌ للعبد إلى مرضاة الله وثوابه، وباعثٌ للهِمَم إلى جليل صالح الأعمال، وصارفٌ له عن قبيح الفِعال. والخوفُ من الله مانعٌ للنفس عن شهواتها، وزاجرٌ لها عن غيِّها، ودافعٌ لها إلى ما فيه صلاحُها وفلاحُها. والخوفُ من الله شُعبةٌ من شُعب التوحيد، يجبُ أن يكون لرب العالمين، وصرفُ الخوف لغير الله شُعبةٌ من شُعب الشرك بالله - تبارك وتعالى -. وقد أمر الله تعالى بالخوف منه - عز وجل -، ونهى عن الخوف من غيره، فقال - عز وجل -: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 175]، وقال - عز وجل -: فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا [المائدة: 44]، وقال - عز وجل -: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة: 40]. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: خطبَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لو تعلمون ما أعلم لضحِكتم قليلاً، ولبكيتُم كثيرًا»، فغطَّى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجوهَهم ولهم خَنين - أي: لهم صوتٌ من البكاء -؛ رواه البخاري ومسلم. والخوف يُراد به: انزعاجُ القلب واضطرابُه، وتوقُّعه عقوبة الله على فعل مُحرَّمٍ أو ترك واجبٍ أو التقصير في مُستحبٍّ، والإشفاق ألا يقبل الله العملَ الصالح؛ فتنزجِرُ النفسُ عن المُحرَّمات، وتُسارع إلى الخيرات. والخشية، والوَجَل، والرهبة، والهَيْبة ألفاظٌ مُتقاربة المعاني، وليست مُرادفةً للخوف من كل وجهٍ؛ بل الخشيةُ أخص من الخوف، فالخشية خوفٌ من الله مع علمٍ بصفاته - جل وعلا -، كما قال - عز وجل -: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر: 28]. وفي "الصحيح" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أمَا إني أخشاكم لله وأتقاكم لله». والوَجَل: رجَفان القلب وانصداعه لذكر من يخاف سلطانه وعقوبته. والرهبةُ: الهربُ من المكروه. والهيبةُ: خوفٌ يُقارنه تعظيمٌ وإجلال. والله - تبارك وتعالى - أحقُّ أن يُخشَى وأحقُّ أن يُهابَ ويُرهَب. قال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "فالخوف لعامة المؤمنين، والخشية للعلماء العارفين، والهيبةُ للمُحبِّين، والإجلال للمُقرَّبين، وعلى قدر العلم والمعرفة بالله يكون الخوف والخشيةُ من الله تعالى". وقد وعد الله من خاف منه، فحجزه خوفُه عن الشهوات، وساقَه إلى الطاعات؛ وعدَه أفضل أنواع الثواب، فقال - تبارك وتعالى -: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ [الرحمن: 46 - 48]. والأفنان: هي الأغصان الحسنةُ النضِرة. قال عطاء: "كل غُصنٍ يجمع فنونًا من الفاكهة". وقال تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات: 40، 41]، وقال - تبارك وتعالى -: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ [الطور: 25 - 28]. فأخبر الله أن من خافَه نجَّاه من المكروهات وكفاه، ومنَّ عليه بحُسن العاقبة. روى ابن أبي حاتم عن عبد العزيز - يعني: ابن أبي رواد - قال: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6] وعنده بعض أصحابه، وفيهم شيخٌ، فقال الشيخ: يا رسول الله! حجارةُ جهنَّم كحجارة الدنيا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده؛ لصخرةٌ من جهنم أعظمُ من جبال الدنيا كلها»، قال: فوقع الشيخُ مغشيًّا عليه، ووضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يدَه على فؤاده فإذا هو حيٌّ، فناداه قال: «يا شيخُ! قل: لا إله إلا الله»، فقالها، فبشَّره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، فقال بعض أصحابه: يا رسول الله! أمن بيننا؟ قال: «نعم، يقول الله تعالى: ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ [إبراهيم: 14]». ولقد كان السلف يغلبُ عليهم الخوف من الله - تبارك وتعالى -، ويُحسِنون العمل، ويرجون رحمةَ الله - عز وجل -، ولذلك صلُحت حالُهم، وطابَ مآلُهم، وزَكَت أعمالُهم. قد كان عمر - رضي الله عنه - يعُسُّ ليلاً فسمع رجلاً يقرأ سورة الطور، فنزل عن حماره واستند إلى حائط، ومرضَ شهرًا يعودونه لا يدرون ما مرضُه. وقال أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - وقد سلَّم من صلاة الفجر وقد علاه كآبة، وهو يُقلِّبُ يدَه -: "لقد رأيتُ أصحاب محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - فلم أر اليوم شيئًا يُشبِههم، لقد كانوا يُصبِحون شُعثًا صُفرًا غُبرًا، بين أعينهم أمثالُ رُكَب المِعزَى، قد باتوا لله سُجَّدًا وقيامًا، يتلون كتابَ الله، يُراوِحون بين جِباههم وأقدامهم، فإذا أصبَحوا ذكروا الله فمادُوا كما يميدُ الشجر في يوم الريح، وهمَلت أعينهم بالدموع حتى تبُلّ ثيابهم". ومرض سُفيان الثوري من الخوف. ولما ودَّع عبدُ الله بن رواحة أصحابَه وهو ذاهبٌ إلى غزوة مُؤتة بكى وقال: "واللهِ ما أبكي صبابةً بكم، ولا جزعًا من فِراق الدنيا، ولكني ذكرتُ آيةً من كتاب الله - عز وجل -، قال الله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا [مريم: 71]، فكي لي بالصَّدَر بعد الورود". والأخبارُ في هذا تطول عنهم - رضي الله عنهم -. والخوفُ المحمود هو الذي يحثُّ على العمل الصالح ويمنع من المُحرَّمات، فإذا زاد الخوفُ عن القدر المحمود صار يأسًا وقنوطًا من رحمة الله، وذلك من الكبائر. قال ابن رجب - رحمه الله -: "والقدرُ الواجبُ من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم، فإن زاد على ذلك؛ بحيث صار باعثًا للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات، والانكفاف عن دقائق المكروهات، والتبسُّط في فضول المُباحات؛ كان ذلك فضلاً محمودًا، فإن تزايَد على ذلك؛ بأن أورثَ مرضًا أو موتًا أو همًّا لازمًا بحيث يقطع عن السعي؛ لم يكن محمودًا". وقال أبو حفص: "الخوف سوط الله يُقوِّم به الشاردين عن بابه"، وقال: "الخوف سراجٌ في القلب". وقال أبو سليمان: "ما فارقَ الخوفُ قلبًا إلا خرِب". فالمسلمُ بين مخافتين: أمرٌ مضى لا يدري ما الله صانعٌ فيه، وأمرٌ يأتي لا يدري ما الله قاضٍ فيه. وأما الرجاء: فهو الطمعُ في ثواب الله - تبارك وتعالى - على العمل الصالح، فشرطُ الرجاء: تقديم العمل الحسن والكفُّ عن المُحرَّمات أو التوبة منها، وأما ترك الواجبات، واتباع الشهوات، والتمنِّي على الله ورجاؤه فذلك يكون أمنًا من مكر الله لا رجاءًا، وقد قال تعالى: فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف: 99]. وقد بيَّن الله تعالى أن الرجاء لا يكون إلا بعد تقديم العمل الصالح ولا يكون بدونه، قال - تبارك وتعالى -: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ [فاطر: 29]، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة: 218]. والرجاءُ عبادةٌ لا تُصرف إلا لله تعالى، فمن علَّق رجاءَه بغير الله فقد أشرك، قال تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف: 110]. والرجاءُ وسيلةُ قُربى إلى الله، فقد جاء في الحديث عن الله - تبارك وتعالى -: «أنا عند ظنِّ عبدي بي وأنا معه إذا ذكَرني». والواجبُ: الجمعُ بين الخوف والرجاء، وأكملُ أحوال العبد محبةُ الله تعالى مع اعتدال الخوف والرجاء، وهذه حال الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - والمؤمنين، قال تعالى عنهم: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء: 90]، وقال تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة: 16]. فإذا علِمَ المسلمُ شُمول رحمة الله، وعظيمَ كرمه، وتجاوُزه عن الذنوب العِظام، وسعة جنته، وجزيل ثوابه؛ انبسَطت نفسُه واسترسَلَت في الرجاء والطمع فيما عند الله من الخير العظيم، وإذا علِمَ عظيمَ عقاب الله، وشدةَ بطشه وأخذه، وعسير حسابه، وأهوال القيامة، وفظاعة النار، وأنواع العذاب في النار؛ كفَّت نفسُه وانقمَعت، وحذِرت وخافَت، ولهذا جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعلمُ المؤمنُ ما عند الله من العقوبة ما طمعَ بجنته أحدٌ، ولو يعلمُ الكافرُ ما عند الله من الرحمة ما قنِطَ من جنَّته»؛ رواه مسلم. وقد جمع الله بين المغفرة والعذاب كثيرًا في كتاب الله - عز وجل -، فمما قال - تبارك وتعالى -: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ [الرعد: 6]، وقال تعالى: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة: 98]. نقل الغزال - رحمه الله - عن مكحول الدمشقي قال: "من عبدَ الله بالخوف وحده فهو حروريٌّ، ومن عبدَ الله بالرجاء وحده فهو مُرجئٌ، ومن عبدَ الله بالمحبة وحدها فهو زنديق، ومن عبَدَه بالخوف والرجاء والمحبة فهو مُوحدٌ سنِّي". وفي "مدارج السالكين" للإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "القلبُ في سيره إلى الله - عز وجل - بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلِمَ الرأسُ والجناحان فالطائرُ جيدُ الطيران، ومتى قُطِع الرأسُ مات الطائر، ومتى فُقِد الجناحان فهو عُرضةٌ لكل صائدٍ وكاسدٍ". ولكن السلف استحبُّوا أن يقوَى في الصحة جناحُ الخوف على جناح الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوَى جناحُ الرجاء على جناح الخوف، فالمحبةُ هي المركب، والرجاءُ حادٍ والخوفُ سائق، والله المُوصِلُ بمنِّه وكرمه، قال - تبارك وتعالى -: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ [الحجر: 49، 50]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. |
الساعة الآن 09:08 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir