ساحات وادي العلي

ساحات وادي العلي (http://www.sahat-wadialali.com/vb/index.php)
-   ساحة الصحافة والمجتمع (http://www.sahat-wadialali.com/vb/forumdisplay.php?f=83)
-   -   خيبه وأمل (http://www.sahat-wadialali.com/vb/showthread.php?t=13475)

واحدمنكم 02-17-2011 02:27 AM

خيبه وأمل
 
خيبة ... وأمل
الخميس, 17 فبراير 2011
حسان حيدر

لا بد ان الذين هللوا للتغيير في مصر على انه بداية لعودة هذا البلد العربي الى ممارسة «دوره القومي» وان ما جرى مرحلة اولى قبل الانقضاض على معاهدة السلام مع اسرائيل والانتقال الى «معسكر الممانعة»، قد خاب أملهم. فالذي تسلم السلطة موقتاً في القاهرة هو الجيش الذي رعى السلام في العقود الماضية وكرر الآن التزامه النظام السياسي ذاته ومعاهداته الدولية. وسيكون هذا بالتأكيد الشرط اللازم للرئيس المدني الذي قد ينتخب بعد ستة اشهر اذا سارت الامور كما هو مخطط لها. اما شباب «ثورة 25 يناير» فلم تدخل السياسة الخارجية في حسابهم عندما انتفضوا مطالبين برحيل مبارك، بل تركزت شعاراتهم وخطبهم وتصريحاتهم على وقف الفساد وايجاد فرص عمل والنهوض باقتصاد مصر والتداول السلمي للسلطة. وليس بين الذين جلسوا امام حواسيبهم يخططون للتظاهرات والاعتصامات من يعتقد أن تحقيق مطالبه يمر عبر العودة الى مناخ الحرب والتوتر.

ومع ان هناك بين قادة المنطقة من يعتبر ان رفع شعارات مناهضة لاسرائيل وللولايات المتحدة يكفي للالتفاف على تردي مناخ الحريات وتفشي الفساد وللتغطية على السياسات الداخلية الخاطئة، فإن عودة المواجهات في ايران بين المعارضة وأدوات النظام الأمنية دليل على ان الايديولوجيا ليست بديلاً من الخبز والديموقراطية، لا سيما ان المعادلة البسيطة التي تطرحها المعارضة تركز على ان خفض الانفاق الهائل على التسلح والجيش والحرس وسائر اجهزة الامن ووقف تمويل الحلفاء والاتباع، يمكن ان يخفف من التدهور المعيشي وينفّس الاحتقان الذي يشعر به المواطن نتيجة العسكرة المتواصلة للمجتمع الايراني وتحويله الى مؤسسة أمنية ضخمة مهمتها الوحيدة حماية النظام.

اما التناقض الصارخ بين تصفيق القيادة الايرانية الحار لثورة الانترنت المصرية والاعجاب بقدرة شبانها على التغيير، وبين منع المعارضة الايرانية من تنظيم تظاهرات تأييد للانتفاضتين التونسية والمصرية خشية ان تتحول ضد النظام نفسه، فليس مدعاة للتهكم فحسب كما اعتبر الاميركيون، بل يكشف ان الحكم في طهران صار يخاف حتى من شعاراته ويُفضل ان تظل للاستخدام الخارجي لا غير، وفقط في الدول التي لا تتفق مع سياساته ولا تقبل تمدده، وان ارتباكه وصل الى درجة جعلته كمن يعيش الصيف والشتاء تحت سقف واحد.

ولا فرق بالتأكيد بين البلطجة التي مورست ضد المتظاهرين المصريين وبين القمع الذي يُواجه به المتظاهرون الايرانيون، حتى لو استبدلت الجمال بالدراجات النارية. ولا تشذ عن المفهوم نفسه دعوة النواب المحافظين في البرلمان الايراني الى محاكمة قادة المعارضة واعدامهم بعدما تبينت صعوبة تطويعهم وترويعهم، وثبتت قدرتهم على الصمود.

واذا كانت تطورات تونس ومصر أوجدت أملاً لدى الشعوب العربية في امكان التغيير السلمي، ورفض الحكام المؤبدين والانتخابات الشكلية والمزورة، فإيران لن تشكل استثناء ولن تظل بمنأى عن تداعيات الزلزال في المنطقة، طالما انها غارقة حتى اذنيها في شؤونها ومريضة بأمراضها.


الساعة الآن 08:56 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir