ساحات وادي العلي

ساحات وادي العلي (http://www.sahat-wadialali.com/vb/index.php)
-   الساحة العامة (http://www.sahat-wadialali.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   علمني البحر (http://www.sahat-wadialali.com/vb/showthread.php?t=12384)

عبدالعزيز بن شويل 11-20-2010 02:29 PM

علمني البحر
 

http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1244489495.gif


فقد قُدر لي أن أكون في أحد الأيام الماضية في رحلة إلى البحر،

استمرت نحواً من 18 ساعة، زانها البعد عن صخب الدنيا،

وانقطاع الاتصالات مع كل أحدٍ إلا مع الله، ومع أحبتي الذي كانوا معي.

البحر وما أدراك ما البحر!

إنه مدرسةٌ إيمانية! وفرصة لملء هذا القلب بتعظيم الله،

إذ لا صلاح له، ولا سعادة إلا بأن يكون هذا القلب معظماً لله،

ومخبتاً لخالقه، مملوءاً بإجلاله وهيبته.

إن السير في البحر، هو من جملة امتثال الأمر الإلهي في القرآن للتفكر والنظر والاعتبار ..

ألم يقل الله:

{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا

فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ
}؟!

ألم يقل الله:

{ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ

إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ


أم كيف يتم تحقيق اليقين في قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ}

إلا بمثل هذا السير في الأرض، والنظر في ملكوت الله؟!

ألم يمدح الله المتفكرين في خلق السماوات والأرض؟:

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)

الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
}.

إن السير في الأرض قد يشترك فيه المؤمن والكافر،

لكن المؤمن له في كل شيء عبرة، وفي كل أمر فكرة، تذكره بالله،

والدار الآخرة وبحقيقة هذه الدنيا ..

المؤمن قد يخرج للنزهة البرية، وقد يمخر عباب البحر،

لكنه يعود بفوائد وعوائد إيمانية،

هي أعظم مما يقع من أُنْسٍ عارضٍ مع الصحب والأصدقاء ..

لقد ذكرتني عظمة البحر ـ وأنا بين أمواجه ـ عظمةَ خالقه،

وأنه لا يخلق العظيم إلا عظيم، جل في علاه.

عبدالعزيز بن شويل 11-20-2010 02:29 PM


http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1290251565.jpg

نعمة التوحيد وأنا أرى الأمواج تتلاطم من حولي ـ وتذكرت حينها قول الله

{وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا}!


فالحمد لله الذي جعلنا لا نستغيث إلا به في البر والبحر والجو.

عبدالعزيز بن شويل 11-20-2010 02:30 PM


http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1290251565.jpg

وأنا أمخر عبابه شيئاً من معاني قوله تعالى:

{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا

وبقوله سبحانه:

{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ

مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
}.

سبحان الله!

هل تصورت الأمر؟ هب أن كل شجرة في الأرض، في بره وبحره صارت أقلاماً،

ثم تحوّلت هذه البحار العظيمة إلى محابر، فصارت الأقلام تكتب كلمات الله،

والبحار من ورائها بحار، ما نفدت ولا انتهت كلماته سبحانه وبحمده.

عبدالعزيز بن شويل 11-20-2010 02:31 PM


http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1290251565.jpg

عظيم فضل الله علينا به، فهو أحد مستودعات الرزق الكبرى في الأرض:

{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا

وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
}

فاللهم اجعلنا من الشاكرين!

عبدالعزيز بن شويل 11-20-2010 02:31 PM


http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1290251565.jpg

وأنا أرى منظر الصيادين يصيدون السمك يسرَ هذه الشريعة

حيث أباحت لنا ميتة البحر: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ}.

وقلتُ في تفسي ـ وأنا أرى ما يقع لبعض الصيادين من تتابع بعض الأسماك

دفعة واحدة في الشبكة أو في السنارة ـ:

ماذا لو لم يجز لهذا الصياد أن يأكل إلا ما ذُكي؟!

إذن لفسد أكثر صيده، ولباء بالتعب، فالحمد لله على هذه الشريعة السمحة.

عبدالعزيز بن شويل 11-20-2010 02:31 PM


http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1290251565.jpg

التفكر فيما أرى من آيات الله التي جعلها في هذا البحر:

سفنٌ كبارٌ، تحمل آلاف الأطنان من النفط أو الأرزاق ..

فتذكرتُ حينها قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ}!

وتذكرتُ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
}.

هل تأملتَ ـ أيها المؤمن ـ هذه الحِكَم؟ {لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ}!

وهل فتشت عن أثر هذا التأمل في تحققك بهذين الوصفين:

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }

صبّار عن محارم الله، وشكور لنعمه فلم يكفرها.

عبدالعزيز بن شويل 11-20-2010 02:32 PM


http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1290251565.jpg

وأنا أرى طيراً ينقر نقرةً عابرة على سطحه ـ شيئاً من معاني قوله صلى الله عليه وسلم ـ

وهو يحدثنا عن قصة موسى مع الخضر عليهما السلام المخرجة في الصحيحين ـ:

"يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر"

أي: لم يأخذ.

عبدالعزيز بن شويل 11-20-2010 02:33 PM


http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1290251565.jpg

أن من يغوص فيه ولو لأمتار قليلة،

ويرى هذا التنوع العظيم في أنواع المخلوقات البحرية:

فهذه أسماك كبيرة وتلك صغيرة، وهذه ألوانها تأخذ باللب،

وتلك شعب مرجانية، وهذه أعشاب بحرية،

وفي كل شيء له آية = تدل على أنه واحد

إن هذا التنوع في المخلوقات لأعظم دليل على كمال قدرة الله،

وعظيم قيوميته، فمن يرزق هذه المخلوقات إلا هو؟ ومن يحفظها إلا هو؟

ومن يقوم عليها إلا هو! إنه الله الذي

{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ

{ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ }؟.

عبدالعزيز بن شويل 11-20-2010 02:33 PM


http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1290251565.jpg

عِلْماً أورثني شعوراً لا أستطيع وصفه!

لقد مرّ من أمام ناظريّ ـ وأنا أرى هذه الأسماك بأحجامها المختلفة وألوانها البديعة المتنوعة ــ

أسماء وصور لعلماء ودعاة في الحاضر والغابر:

{فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}!

فتذكرتُ عظيم فضل الله عليهم حين منّ عليهم بتعليم الناس الخير،

وتذكرتُ عندها الحديث الذي صح موقوفاً عن ابن عباس،

وروي مرفوعاً من طرق أخرى لا بأس بها:

"إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في حجرها

وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير
".

وهذا ـ لعمر الله ـ الشرف الذي لا يلحقه شرف!

ملائكةٌ! ونمل! وحيتان! لا يعلم عددهم إلا الله تستغفر لمعلم الناس الخير؟!

عبدالعزيز بن شويل 11-20-2010 02:34 PM


http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1290251565.jpg

درساً عظيماً في فهم شيء من معاني قوله تعالى ـ

وهو يضرب لنا مثلاً في مآل أعمال الكفار ـ:

{أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ

بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ
}.

ظلمات بعضها فوق بعض!

لقد رأيت من هذه الظلمات ظلمتين، فهالني الأمر،

فكيف بمن غاص ليعيش ظلمات الأخرى؟ إنه مشهد يعز على الوصف!

هذه حقيقة عمل الكافر إذا مات على كفره وإن كان يحمل أعلى الشهادات،

أو يتبوأ أعلى المناصب، فهنئياً لمن على التوحيد والسنة.


الساعة الآن 05:40 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir