ساحات وادي العلي

ساحات وادي العلي (http://www.sahat-wadialali.com/vb/index.php)
-   ساحة الأدب الشعبي (http://www.sahat-wadialali.com/vb/forumdisplay.php?f=88)
-   -   حالات (http://www.sahat-wadialali.com/vb/showthread.php?t=11668)

أبوناهل 09-24-2010 03:06 AM

حالات
 


من السهل علينا أن نصف العديد من الحالات التي نلتقيها
في حياتنا .... ولكنّ هذا الوصف لكي يكون دقيقاً فلابد أن
نقوم بسرد الوقائع وتشخيص الداء وتبيان آثاره الضّارة
ثم نوجد الحلول التي نراها مناسبة له .
بالتأكيد فأيّ حالة نتعاطاها بالنقاش والتحليل تحتاج إلى صفحات
وكم هائل من الجمل والمفردات .
ولو سألنا شخص عن هوية من يستطيع أن يصف تلك الحالات بجملة
لاتتخطى سطراً وبمفردات رشيقة وشيقة لشكك فيما نطلبه وربما
نعتنا بالمتنطعين ومحاولي تعقيد الأمور .

ولكنّ مبدعاً في قامة الشاعر أبوالطيب المتنبي يستطيع ذلك
وأكثر ...... أبوالطيب في إحدى القصائد التي مدح فيها بدر بن عمّار
قدم لنا ملحمة تجبرنا على التوقف وسأستشهد فقط بعدة أبيات من تلك
القصيدة التي بلغت 46 بيتاً سأقف عند 4 أبيات منها فقط رغم أنّ جميع
الأبيات تقتضي التوقف حيالها ... لكنني سأضرب أمثلة فقط
الأبيات هي - أول بيت - الأخير - وبيتين من منتصف القصيدة ولكم الحكم


أول بيت :
بَقائي شاءَ لَيسَ هُمُ ارْتِحالا
وحُسْنَ الصّبرِ زَمّوا لا الجِمالا


هو يصف بأنّ مشيئة الرحيل لبقائه
وأنّ إرتحالهم أضعف وادنى من بقائه الذي يخلّد
لأنهم إن رحلوا فقد يعودن عكس مشيئته بالبقاء
بل أنّ مسير صبره وحسنه أعظم من مسير الجمال
فأيّ فخر هذا وأيّ بلاغة تلك ؟!!



بيت آخر :

على قَلَقٍ كأنّ الرّيحَ تَحْتِي
أُوَجّهُها جَنُوباً أوْ شَمَالاً


قبل هذا البيت أبيات توضح أنّ المتنبي ألف الرحيل الدائم
حتى أن بعيره كان وطنه لكثرة سفره ... ولكنّه هنا يوضح
سبب قلقه .... قدر المبدع عدم الثبات فهو من شدة قلقه
كأنّ الريح تحته تعبث به وتشاغبه فمرة تقوده لليمين وأخرى
للشمال وهي كناية عن عدم الإستقرار وبشكل مبدع أيضاً

بيت ثالث :

ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ
يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا


وفي هذا البيت يصف المتشبهين بالشعراء وكارهيه والناقمين عليه
ولكنّه يصفهم بهيئة المبدع الواثق من نفسه ومن قدراته فيقول أنّ
السبب مرضهم وتفاهتهم وشبّه أفوههم بفم المريض الذي يجد به
مرارة بسبب المرض حتى انّ الماء العذب يصبح طعمه مراً في فيه ؟!!

آخر يبت :

وأعجبُ منكَ كيفَ قدَرْتَ تنشا
وقد أُعطِيتَ في المَهدِ الكَمالا


وهو يختم بهذا البيت الذي سيجعل الممدوح في قمة الزهو والفخر
وهذا شأن أبوالطيب الذ ييجيد إغلاق قصيدة أو مايسمى بالقفله
فهو يعني أنّك أعطيت الكمال وأنت في المهد ومع ذلك إزددت كمالاً
في الكبر فأنّى وكيف لك هذا ... طبعاً لم يخرجه عن إطار البشر ولكنّه
يصفه بأنّه من المميزين والنوادر في هذه الدنيا .

هذه الأبيات وسواها نستخدمها بشكل دائم ونضرب بها الأمثال
وربما أدّى إستشهادنا بأحدها لوصف حالة لفهم سريع من قبل
المتلقي وهذا هو الإبداع بعينه .. رحم الله أباالطيب وغفر له .




عذبة الساحات 09-24-2010 03:42 AM

أبو ناهل
يعطيكــ العافيهــ .. طرحٌ متميز .. لاعدمنا جميل ابداااعكــ
تقبل مروري

محمد سعد دوبح 09-24-2010 04:01 AM

ابو ناهل طرح هادف طرح راق برقي فكرك الناضج المملوء بالدرر سلمت ياذا السجايا

الكريمه ويعطيك العافيه تقبل مروري ودمت بصفاء ونقاء 0

أبوناهل 09-24-2010 02:50 PM


الأخت الكريمة : عذبة الساحات
أخي الكريم : محمد سعد دوبح

أشكر لكما هذه الإطلالة المميزة والمحفزة
ومنكما أستفيد لاعدمتكما

أبوناهل 09-24-2010 03:09 PM


كما ذكرت سالفاً بأنّ أباالطيب حتى وإن كانت القصيدة
قصيرة أو أجبرته الظروف على قولها دونما إعداد
فلابد أن تجد فيها شيء من الحكمة .

هذه القصيدة والتي لم تزيد عن 7 أبيات وقد قالها تحت
وطأة الإستفزاز والتندر من قبل خصومه وبين يدي سيف الدولة
الحمداني الذي يجلّه أبوالطيب كثيراً فرغم ذلك إلاّ أنّه وكعادته
ختمها بهذا البيت الرائع والمعبّر والمتناهي في الحكمة .


وليس يصحّ في الأفهام شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل


والمقصود أنّ شعري كالنهار لايحتاج إلى دليل يوضح جودته
بل أنّ من يعتقد غير ذلك أو يفكر في تقييم ماأقوله فاقد للفهم
لأنه يخالف قوانين الفهم .

أبوناهل 09-25-2010 09:30 PM

يجبرنا المتنبي غفر الله له على الإبحار في محيطه
فلنتأمل بعض أبيات هذه القصيدة
التي قالها في مدح أبا علي هارون بن عبدالعزيز

وفي ظني أنّ الشرح سيفسد جمال هذه القصيدة وسأترك
متعة شرح القصيدة لكم
.

القصيدة ( غيركاملة )



أَمِنَ اِزدَيارَكِ في الدُجى الرُقَباءُ
إِذ حَيثُ أَنتِ مِنَ الظَلامِ ضِياءُ





أَنا صَخرَةُ الوادي إِذا ما زوحِمَت
وَإِذا نَطَقتُ فَإِنَّني الجَوزاءُ








لَبَسَ الثُلوجُ بِها عَلَيَّ مَسالِكي
فَكَأَنَّها بِبَياضِها سَوداءُ



وَكَذا الكَريمُ إِذا أَقامَ بِبَلدَةٍ
سالَ النُضارُ بِها وَقامَ الماءُ


مَن يَظلِمُ اللُؤَماءَ في تَكليفِهِم
أَن يُصبِحوا وَهُمُ لَهُ أَكفاءُ


وَنَذيمُهُم وَبِهِم عَرَفنا فَضلَهُ
وَبِضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشياءُ


وَإِذا مُطِرتَ فَلا لِأَنَّكَ مُجدِبٌ
يُسقى الخَصيبُ وَتُمطَرُ الدَأماءُ


لَم تَحكِ نائِلَكَ السَحابُ وَإِنَّما
حُمَّت بِهِ فَصَبيبُها الرُحَضاءُ



فَبِأَيِّما قَدَمٍ سَعَيتَ إِلى العُلا
أُدُمُ الهِلالِ لِأَخمَصَيكَ حِذاءُ


وَلَكَ الزَمانُ مِنَ الزَمانِ وِقايَةٌ
وَلَكَ الحِمامُ مِنَ الحِمامِ فِداءُ



لَو لَم تَكُن مِن ذا الوَرى الَّذي مِنكَ هو
عَقِمَت بِمَولِدِ نَسلِها حَوّاءُ


الساعة الآن 09:55 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir