ساحات وادي العلي

ساحات وادي العلي (http://www.sahat-wadialali.com/vb/index.php)
-   ساحة الأدب الشعبي (http://www.sahat-wadialali.com/vb/forumdisplay.php?f=88)
-   -   بائعة البخور ... قصة في حلقات يكتبها / قصاص الأثر !! (http://www.sahat-wadialali.com/vb/showthread.php?t=15884)

نزهة المشتاق 11-27-2011 11:25 PM

بائعة البخور ... قصة في حلقات يكتبها / قصاص الأثر !!
 

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أعود لكم بعد إنقطاعات تقصر حينا وتطول أحيانا ........
بائعة البخور .........قصة عايشت بعض أحداثها ........وسمعت من بعض أطرافها ...مليئة بالحزن .......والألم .....والأمل أيضا .
حيث تحكم أقدارنا علينا بمواجهة تفاصيل قد لانصدقها ........ولانتمنى حدوثها إلا أنها تحدث رغما عنا .
سأقصها عليكم في حلقات .......أتمنى أن لاتكثر .........




نقلاً عن الشرفات للقاص عبدالوهاب الأحمري الشهير بقصاص الأثر

الحلقة الأولــــــــــى (1)



ذات مساء بعيد جدا في قرية من قرى الجنوب ...


عادت حليمة ذات الخمسة عشر عاما من رحلة الرعي اليومية ......لم يكن الوضع عند بيتها كما تركته صباحا ....فالواضح أن هناك ضيوف في مجلس عمها الذي تولاها بالتربية بعد وفاة والديها بالطاعون .
بعد أن أدخلت غنمها في المكان المخصص لها ....تسللت بهدوء إلى حيث أنهمكت عمتها في طبخ وليمة للضيوف ...تحمل عيناها البريئتان تساؤلا ملحا عن هؤلاء الضيوف القادمون فجأة .
ما أن رأتها عمتها الطيبة حتى طلبت منها الصعود للدار العلوية وإرتداء أجمل مالديها من ملابس ....وبالطبع كل مالديها هو ثوب واحد كان هديتها من عمها في العيد الماضي ........والآخر الذي ترتديه الآن .
لم تفهم لم كان عليها أن ترتدي ثوبا جديدا ...........فالضيوف عند عمها وهم بمجلس الرجال .....ولم تر معهم نساءا ....فعاد التساؤل يلح عليها من جديد ........لكنها لم تجرؤ على السؤال عن السبب ........ولا تريد أن تشغل عمتها بأسئلة ستتضح إجاباتها قطعا بعد قليل .
في الدار العلوية فتحت حليمة رباط ممتلكاتها البسيطة الملفوفة بقطعة من القماش .......وأخرجت ثوبها الأخضر فاردفته فوق ثوبها البالي .......ثم تناولت مشطها الخشبي الصغير وسرحت شعرها قليلا ......ثم عادت لتساعد عمتها العجوز ........وهي تمني نفسها بأن تجد جوابا مباشرا لتساؤلاتها دون أن تضطر للسؤال .
لمحتها عمتها تقف بباب ( الملهب ) وهو المسمى القديم للمطبخ .........قالت لها .........أغسلي وجهك وضعي بعض العطر من صندوقي .........فالضيوف قدموا لأجلك ....!!
لأجلي .............!! وما شأني أنا بضيوف عمي ...........ورغم دهشتها من كلام العمة إلا أنها فعلت ماقيل لها حرفيا ....وعادت مرة أخرى .
وألتقت عند باب المطبخ بعمها ( مرعي ) الذي أبتسم في وجهها ومسك رأسها بين كفيه ناظرا في عينيها وهو يقول ........الظاهر أن العروس قد تجهزت لترى عريسها ......هزت العمة رأسها مبتسمة .........وزادت الدهشة في عيني حليمة .
أنا ...؟؟؟!!
قال العم نعم ..........هؤلاء الضيوف قدموا لخطبتك .........ويجب أن يراك الرجل الذي سيصبح زوجك ....!!
زوج .....زوجي ....!!
لم يسبق أن فكرت حليمة في هذا الأمر أبدا .........ولم يتجاوز تفكيرها يوما العودة بالغنم وقد شبعت .......أو جلب الماء من البئر .....ليس أكثر من ذلك ...والآن زواج ..........بدون مقدمات .
لكن ياعم ....!! ونظر إليها عمها قبل أن تكمل جملتها وهو يقول ...........يابنتي .......كل فتاة مصيرها الزواج ....ومن جاء يخطبك رجل له سمعته وقيمته في كل القرى المجاورة .........وقد أختارك من بين كل بنات القرية ...فلا تفكري في الأمر ...........وأنا أعلم بمصلحتك ....
سكتت مرغمة رغم أنها لم تفهم شيئا ..........فخجلها من عمها وعمتها دعاها للسكوت على مضض .
جلست على احدى درجات السلم الترابي ........وقبل أن تستغرق في التفكير ......سمعت صوت عمها ( مرعي ) يطلب منها الحضور لمجلس الرجال .........!!
ارتجفت ......وحاولت أن تتماسك ........ثم توجهت نحو مجلس الرجال بتردد ........وعمتها تدفعها دفعا ...وهي تنظر لعمتها بتوسل ..........بينما العمة تشجعها وتزين في عينيها قيمة هذا الزوج الرائع .
هم يمتدحون الزوج الرائع .........وهي لاتعرف معنى أن تكون زوجة أصلا .........ووجدت نفسها تقف على باب مجلس الرجال .
دفعتها العمة للخطوة الأخيرة نحو قدرها ..........ووجدت نفسها تقف وجها لوجه أمام عمها الشيخ .........ورجل آخر قد يكون من عمر عمها وربما أكبر ........ودعاها العم للجلوس .......فجلست بخجل وحياء في الركن المجاور لباب المجلس ........وقد أخفضت عينيها نحو الأرض .
قطعا هذا والد العريس .........لكن أين الرجل الذي سيصبح زوجي ..........؟؟
نهض عمها .......وتناول يدها .....مقتربا من الرجل ...قائلا هذه زوجتك يا أبا محمد .......!!
وأبتسم أبو محمد بحبور ........وهو يقول .....ماشاء الله .........ماشاء الله .........وأستمر في النظر إليها ....ورفعت رأسها لتعرف مايدور حولها ........فشاهدت زوج المستقبل بوضوح .....بلحيته المصبوغة بالحناء فبدت كمكنسة قد تآكل أطرافها ..........وكرش ضخمة تبتعد أطرافها عن جسده كثيرا ...حتى أنها ظنت أنه لا يستطيع النظر إلى قدميه بسبب ضخامتها .
وأستغلت الفرصة .....وهربت من المجلس بسرعة ..........وعادت إلى عمتها فألقت بنفسها على صدرها ...وهي تقول هل هذا الرجل سيصبح زوجي ..؟؟
أنه أكبر من عمي ........وهو ضخم جدا ....جدا .
نهرتها العمة وهي تقول الرجل لايعيبه شيء ...!! فأحمدي ربك .........هذا الرجل غني جدا ....وهو يعمل عسكريا في الجيش .....وستكون حياتك معه أجمل من حياتك هنا .....وبدلا من رعي الغنم ....وجمع الحطب ستعيشين في ( أبها ) ....معززة مكرمة .
الرجل لايعيبه شيء .........كلمة غريبة ..........تتساءل ...هل يعني هذا أن الرجال خلقوا بدون عيوب ..........ولم يجبها احد ..!!
وحضرت العمة وجبة الضيوف .........تناولها الجميع ......بما فيهم ( المملك ) أو مانسميه الآن المأذون ....وحضر عمها بعد قليل حاملا سجلا ضخما .........وعلبة تحوي لونا أزرقا .........وضع العم إبهام حليمة عليه وضغطه قليلا .......ثم طبعه على السجل ........وأنصرف .
وهكذا أصبحت حليمة زوجة لأبو محمد .............بلا حول لها ولاقوة .
وأنصرف الجميع .........وعاد العم بعد أن ودع ضيوفه بحفاوة ........جلس قريبا منها مباركا لها بهذا الزوج الفاضل .
العمة تبتسم بسعادة .......والعم يبتسم بسعادة أكثر ..........وحليمة صامتة لاتعي من مايحدث حولها شيئا .......سوى أنها اصبحت زوجة لرجل يتجاوز عمرها بخمسة أضعاف على الأقل .
تنحنح العم مرعي ثم قال .........يجب أن تفرحي يا أبنتي .......فهذا الرجل يحلم به كل فتيات القرية .....رجل غني وذو سمعة ......ومن عائلة كريمة ......!!
صحيح أنه متزوج ولديه أولاد ........لكنه وعدني أن يجعل لك بيتا خاصا .......ولن تعلم زوجته الأولى أصلا بهذا الزواج ....!!
لم يؤثر فيها هذا الخبر .......فهي لازالت في حالة صدمة من كبر سنه وصغر سنها ...........وكونه متزوجا ولديه أولاد .......لن يغير في حجم المصيبة ........ولم يعد لديها ماتقوله فتركتهم وتوجهت إلى غرفتها وخلعت ثوبها الأخضر .........وألقت بنفسها على فراشها .
لم تحلم بشيء ...........فلا شيء يستحق أن تحلم به ..........ولم تفعل أكثر من تأمل سقف غرفتها الخشبي ...ثم نفخت على ( فتيلة الفانوس ) لينطفئ ويعم الظلام في ماحولها ...




إنتظروا الحلقة الثانية قريبا ....

نرجو لكم متابعة طيبة

الله يحبكــــــــــ(ن)ـــم


سليسلة ابو عبدالرحمن 11-28-2011 07:46 AM

[ هذا الامر كان سائدا في اغلب القرى والبوادي بحكم ان المدن كانت قليله وبعيده المنال في ذلك الزمان بل انني اعرف بنات من اقاربي تزوجت وهي في الثالثه عشره من عمرها ومن زوج ثلاثه اضعاف عمرهااما الان فالوضع تغير فمن توافق عليه البنت تتم الملكه والزواج الذي لم نعد نفرق بينهما بل ان هناك حالات من يرفض هي المخطوبه وليس الخاطب او الاب فنحمد الله علىنعمه مع الشكر لنزهه المشتاق ولاتطولي علينا بباقي القصه

نزهة المشتاق 11-29-2011 06:24 AM

كل التقدير والعرفان على مرورك وتعليقك أخي الكريم سلسلة أبو عبدالرحمن

ويطيب لي مواصلة القصة هذا اليوم يقول الراوي ياسادتي ياكرام:

الحلقة الثانيـــــة (2)

تقاطر نساء القرية في الأيام التالية مهنئين بهذا الزواج ....يأتين حاملات بعض القهوة البرية وقد دسسن وسطها مبلغا بسيطا من المال كما اعتدن في الافراح والأتراح أيضا .
العمة تجمع عطايا النساء فتضع القهوة مع بعضها وتجمع النقود مع بعضها أيضا .
والعروس ........تجلس معهم ساهمة في أكثر الأوقات ......ويعتادها دوما حديثهم عن أبها البعيدة .....وكيف ستكون .
حدد وقت العرس في الجمعة القادمة ...........وحليمة لاتعلم هل تفرح أم تبكي ...!!
وفي الجمعة القادمة نهض العم باكرا فذبح رأسين من الغنم ...وبدأ الرجال يلتفون من أنحاء القرية ....وقد أرتدوا أجمل حللهم وتمنطقوا بخناجرهم اللامعة ........وبقوا يرددون بعض الأهازيج الشعبية ....في إنتظار قدوم العريس وصحبه .
ولم يطل أنتظارهم كثيرا .......فقد سمعوا طلقات نارية من أول الطريق الترابي الوحيد هناك ........فأصطفوا جميعا للترحيب بالضيوف .
وأقبل الضيوف في صف أفقي واحد يتوسطهم صاحب الشأن وقد ارتدى اجمل مالديه .......وتمت مراسم الترحيب والعرضة الشعبية .
حليمة تقف في منتصف غرفتها ........تتأملها جدارا جدارا .......ربما تسترجع سنوات عمرها التي قضتها في هذه الغرفة .........وربما تتساْل متى ستراها مرة أخرى .
في منتصف حيرتها ........دخلت عليها العمة .......فأوصتها خيرا بزوجها ....وأن عليها أن تكتم أسراره وتقوم بواجبه ....وألا تفعل ما يغضبه ......وألاف الوصايا التي لم تفهم حليمة كثيرا منها .
وبعد العشاء ........حملوا حقيبتها المصنوعة من الصاج المنقوش والتي أشتراها لها العم لتجمع فيها أغراضها البسيطة ........وحملوا العروس إلى سيارة ابو محمد .
لأول مرة في حياتها تركب سيارة .......وبدلا من النظر إلى وجه زوجها .......تمسكت بشدة في مكانها خوفا .
وضحك العريس وهو يقول ........لاتخافين ياحليمة .
وأخيرا إنتبهت لوجوده .......فنظرت إليه في الظلام .........وهو أكمل حديثه بقوله ........أسمعي ...سيكون لك بيت خاص ......وسآتي إليك بين فترة وأخرى .......انا أشتغل في الخميس ........وقد اتأخر عليك أحيانا ....فلا تقلقي .....وابقي في بيتك ولا تخرجي منه بدون إذن مني .
وهي تهز رأسها ليس إقتناعا .........وإنما تحصيل حاصل .
بعد ساعات من الإهتزازات المتعبة ......وصلوا إلى مشارف أبها .........ومن هناك إلى بيت الزوجية .
بيت طيني صغير في حي ( النصب ) .
اضاء العريس فانوسا جديدا معلقا على جدار الغرفة ........وعاد للسيارة ليحضر حقيبة اغراضها .......وجلست حليمة على الدكة الطينية ......في وجوم وصمت .
عاد العريس بالحقيبة فوضعها أرضا ........ثم دعاها إلى فراش متواضع في ركن الغرفة ........كادت أن تطلق ساقيها للريح .......لكنها تذكرت وصايا العمة .........وماذكرته عن لعنات الملائكة ....ولم يطل ترددها فقد مد العريس يده فأنتزعها من مكان جلوسها ........وألقاها أرضا .......وشعرت بشعرات لحيته تعبر وجهها روحة وجيئة .....وأصوات كفحيح الأفاعي ثم .......رمى بنفسه جانبا .
نهض .....وغسل نفسه بقليل من الماء ..........وأرتدى ملابسه وخرج .........!!
بعد أن اصبحت وحيدة .........نظرت لنفسها فوجدت الدماء تسيل منها .........وقد تلطخ جزء من الفراش ....وأرادت أن تقف على قدميها ........فما أستطاعت ....فألقت بنفسها على الفراش ..........وغطت في نوم نصفه كوابيس ........ونصفه الآم مبرحة .
نهضت بتكاسل شديد ..........والآمها تزيد مع كل حركة .........فأغتسلت وأبدلت ملابسها .......ونظفت فراشها ...وهي تلعن الزواج ......ويوم الزواج...!
نظرت من نافذة المنزل الطيني لترى ماحولها ..........فرأت من خلف المنزل وادي أبها .........ومن الناحية الأخرى طريق ترابي ضيق ........وبيوت في الجهة المقابلة .
جوع شديد ........بحثت في أرجاء المنزل فلم تجد إلا كيس من الدقيق ....وقليل من التمر ....تناولت بعض حبات التمر .......مع بعض الماء .
ثم سمعت طرقا على الباب .......فتحركت في ثتاقل لترى من الطارق .........فرأت عددا من النساء يرتدين عباءات سوداء .......لم يسبق أن رأت مثلها في القرية ........بادروها بالسلام ...وأستأذنوا بالدخول فأذنت لهم ....سألوها عن حالها .......فأخبرتهم أنها عروس جديدة ........فهنأنها ....وفرحت أكثر حين أحضرن معهن بعض ( العريكة ) المغطاة بالسمن والعسل ....وبعض القهوة والشاي .
دعوها للأكل فلم تتردد .......وملأت بطنها ثم تناولت بعض القهوة .........وضحكن كثيرا حين سألتها أحداهن عن زوجها من يكون فقالت أسمه أبو محمد .........ولم تكن تعرف عنه أكثر من ذلك إلا أنه عسكري في الجيش .
مر يومان أو ثلاثة ......وجاء ابا محمد .........وقد أحضر معه كيسا ورقيا في بعض اللحم .......قذف به نحوها وهو يقول .......قومي أطبخي لنا الغداء .
وأسقط في يدها .........فهي لم تطبخ قبل ذلك أبدا ........وإن كانت كثيرا ما تساعد عمتها في الطبخ ......إلا أنها لا تعرف تماما كيف يكون الطبخ .
قالت ....ما أعرف .......فأنقلبت ملامح العريس ........وأكفهر وجهه .....ثم وجه لها سيلا من الشتائم المتتالية بصوت كنهيق الحمار ......وهي تغمض عينيها مع كل شتيمة جديدة ........وسحبها بيدها بقوة كادت أن تنزعها من جسدها ودفعها نحو المطبخ ........ولم تدر ماذا تفعل .
وبدأ يشرح لها كيف تطبخ .......وهي تهز رأسها رغم أنها لم تفهم شيئا .
خرج الزوج للمسجد .........وعاد ليجدها في حيرتها السابقة ..........فلم تفعل أكثر من غمر اللحم في قدر من الماء ثم تركته .
إشتد غضبه أكثر ............وتناسى موضوع الأكل ........وقام بسحبها لنفس مكان المذبحة الأولى .......ومارس فحيحه كالمعتاد .......ثم رمى نفسه جانبا حتى يسترد أنفاسه ........وأرتدى ملابسه وخرج .
تنفست الصعداء بعد خروجه .........رغم الألم الشديد .......في نفس المكان ..........لكن خروجه رحمة على الأقل .
ولم تتردد في الإستعانة بجارتها لتعليمها كيفية الطبخ .......فعلمتها الطبخ .........والكنس ......والغسيل ....وكل ما أستطعن أن يعلمنها .
وأصبح العريس يأتي بقطعة من اللحم .......أو ديكا بلديا مذبوحا ..........فتطبخه كأحسن ما يكون .......فخفت حدة شتائم الزوج ..........لكن لازال الأمر ينتهي رغم ذلك .......في مكان المذبحة الأولى .
وتجرأت يوما فسألت ابا محمد عن أسمه ........فأنفجر ضاحكا لأول مرة منذ زواجهما ........وسألها ألم يخبرك عمك من أنا ..........قالت قال لي أبو محمد فقط .
قال أسمي موسى بن محمد بن عبدالله .........وتبسط في الحديث معها ......فأخبرها أنه متزوج من أبنة عمه منذ أكثر من عشرون عاما .......ولديه ثلاثة أولاد وبنت واحده ........وأنهم لايعلمون أنه قد تزوج بزوجة أخرى
ولم تعني لها تلك المعلومات الإضافية شيئا .
مر شهر كامل على زواجهما .......وكالمعتاد حضرت الجارات كعادتهن كل صباح ........فوجدنها في حال مختلف ......فهي تشكو مغصا مؤلما ......وشعور بالدوخة والغثيان .........فتضاحكن وهن يخبرنها أنها ربما تكون حاملا .
حامل ..........مامعنى هذا ؟
يعني ستأتين بولد أو بنت ......وتصبحين أما .........!!؟؟
وجمت قليلا وهي تتحسس على بطنها ..........قائلة .....مالي إلا شهر متزوجة ..!!
وفرحت .........كثيرا ...والنساء يباركن لها ويدعين الله أن يسهل عليها الأمر ........وترزق بطفل ليؤنس وحدتها ...وصارت هي تؤمن لهن .
غادر النسوة ..........وجلست تتخيل كيف سيكون طفلها ........هل سيكون ولدا أم بنت ؟
هل سيكون الأمر مؤلما ............وقطع حبل أفكارها طرقات الزوج على الباب .........فسارعت بفتح الباب ....وما أن وضع خطوته الأولى في البيت حتى سارعت بإخباره بالخبر السعيد ......وهي تتوقع أن يطير فرحا ....لكن جوابه كان صفعة لوت رقبتها تسعون درجة في الإتجاه الآخر .
وبهتت للأمر ....فقد قال لها النسوة أن الزوج سيفرح إن علم بحمل زوجته .........لكن هذه الصفعة قطعا لاتدل على فرح أبدا .
وأنهمرت في بكاء شديد ...........وخرج ابو محمد غاضبا .........وتنفست الصعداء مرة أخرى ......فلم يكن هناك زيارة لمكان المذبحة المعتاد .
وتساءلت حليمة لم هو غاضب ...........فهي لم تفعل شيئا .........بل هو من فعل .....فلم تحاسب على فعله هو ...


انتظروا الحلقة القادمة



الله يحبكــــــــــ(ن)ــم

نايف بن عوضه 11-29-2011 08:19 PM

احسنتي اختيار العنوان اولا 0 ثم الموضوع ثانيا 0 والاهم ان تراثنا مليئ بالماسي وتسلط اولياء الامور والهدف عندهم مادي بحت 0
اسجل اعجابي بخياراتك وحسن ثقافتك وتنوعها وهذا ما سيجعلني اتابع طرحك واعجب به اتمنى لك ابنتي الغاليه السعاده والتوفيق مع تحياتي ولي مداخلة على ما يجد 00

نزهة المشتاق 11-30-2011 08:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نايف بن عوضه (المشاركة 144505)
احسنتي اختيار العنوان اولا 0 ثم الموضوع ثانيا 0 والاهم ان تراثنا مليئ بالماسي وتسلط اولياء الامور والهدف عندهم مادي بحت 0
اسجل اعجابي بخياراتك وحسن ثقافتك وتنوعها وهذا ما سيجعلني اتابع طرحك واعجب به اتمنى لك ابنتي الغاليه السعاده والتوفيق مع تحياتي ولي مداخلة على ما يجد 00

الوالد القدير نايف بن عوضه سلمك الله
وأسعدني تواجدك بمتصفح بائعة البخور
وهي سلسلة قصصية يكتبها عضو جميل مثلك في منتدى مّا
جلبتها للفائدة ولإثراء ساحات وادينا
ممتنة لك وإليكم الحلقة الثالثة


الحلقة الثالثـــــــــة (3)

في بيت ابا محمد الآخر ....يختلف الوضع كثيرا فهذا المتوحش هنا يصبح خانعا ذليلا عند زوجته الأولى ...هي ابنة عمه نائب القبيلة السابق ...وهي سيدة شريرة جدا وورثت عن أبيها الكثير من الاملاك والمزارع في قريتهم ومنذ زواجها منه قبل عقدين من الزمن حين كان مجرد جندي في الجيش فرضت كامل سيطرتها عليه وعلى البيت ........فهي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة .
زرعه.......هذا هو أسمها لديها ثلاثة أولاد وبنت واحدة .....أكبرهم محمد في العشرين من عمره يليه خالد وعلي وأصغرهم ليلى في السادسة من عمرها .
محمد ...الولد ألأكبر .....نسخة مكررة من والدته الشريرة فهو ولد عاق لوالده بينما هو ولد مطيع لوالدته التي لاتبخل عليه بالنقود دوما .
لايتخيل أبا محمد كيف سيكون حاله لو عرفت زوجته أنه قد تزوج عليها .....ولذلك أختار زوجته الثانية من قرية أخرى بعيدة عن قريتهم .
يعرف أنها لو علمت بذلك فلن تتردد في طرده من بيتها ...الذي أشتراه لها والدها النائب قبل وفاته ....وقد تضربه بمعاونة ولدها الأكبر كما فعلت من قبل لمرات عديدة .
محمد ....فرض سلطته العنيفة الشريرة على أخوته الآخرين فهو الآمر الناهي عليهم .....وملأ قلوبهم الحقد عليه بسبب عنفه وضربه لهم .
حتى الصغيره ليلى لم تنج من عدوانه عليها بالضرب بسبب أو بدون سبب .
والأب لاشأن له بما يحدث ....ينهض صباحا فيرتدى بدلته العسكرية ويذهب إلى عمله ....ثم يعود عصرا فيتناول ما يجد من طعام ثم يخرج إلى السوق حتى المساء ويعود .
لاتتورع زرعة ابدا عن شتمه وإهانته أمام أولاده .......وحتى أمام الجيران والضيوف .......واستطاعت على مدى السنين الماضية أن تجعل منه رجلا بلا شخصية .....حتى بين زملائه في العمل الذين عرفوا عنه خوفه وتردده .......وأصبح أضحوكة بينهم .
لا أحد يعلم كيف حولته الى شبه رجل ........لكن الكثيرون يعتقدون أن سبب ذلك هو طمعه في ميراثها الضخم ........وثروتها الكبيرة .
كان والده فقيرا جدا .......وكل ما يملكه بيت طيني وقطعة أرض صغيره يزرعها في القرية .....وبضع رؤوس من الماشية .......أما والدها فقد سافر صغيرا وعمل في الجيش في الطائف في بدايات تكوينه .... ثم ترك الجيش وبدأ العمل في التجارة فكان يتاجر في الأغنام ويجمع منها الكثير ثم حين يأتي موسم الحج ينزل بأغنامه إلى مكة فيبيعها على الحجاج ....حتى كون ثروة كبيرة ...وبعدها عاد إلى قريته فبنى بيتا كبيرا ....وتزوج .
كانت زرعة ابنته الوحيدة فقد ماتت أمها بعد ولادتها بأيام قليلة .....فتزوج من إمرأة أخرى ......ولم ينجب منها أولادا ....ولم تطل البقاء معه ....فقد طلقها بعد خمس سنوات من الزواج .
عرف الجميع في القرية أن زرعه كانت سيئة السلوك في شبابها .......وكانت حديث شباب القرية ...وقال بعضهم أنها كانت على علاقة بشاب من قرية أخرى .......وفقدت عذريتها في احدى مغامراتها معه .
وحين علم والدها بالأمر ....عاقبها ثم قرر تزويجها بأبن أخيه سترا للفضيحة .....وأشاع بعضهم أنه حين زواجها كانت حاملا بولدها الأكبر .
هكذا كان زواجه ....رغما عنه وبضغط من والده الفقير وعمه الغني الذي توسط له للعمل في الجيش وجهز له منزلا كاملا في قريتهم .
وأصبح عمه نائبا على القرية بماله من مال وسمعة .....وحين ترك المنصب ......إنتقل إلى ابها وأنتقل أبا محمد وعائلته معهم .....وقام العم بشراء المنزل لأبنته .
حين مات والدها ورثت عنه كل شيء .....أملاكه الكثيرة في قريتهم ....وأملاكه الأخرى في ابها والخميس ...ومبلغ ضخم من المال .


في مقر عمله .....يجلس أبا محمد ساهما يفكر في هذه الكارثة التي جلبها لنفسه ......الزواج بأخرى ....هو تزوج فقط ليجد من يمارس عليها رجولته المفقودة ....ولذلك أختارها طفلة يتيمة .....كان يخطط أن لايدوم زواجه أكثر من شهر أو شهرين ثم يطلقها .....وتنتهي الحكاية .....لكن مالم يضعه في حسبانه .....حكاية حملها ....فقد أعتقد أن كبر سنه وصغر سنها سيجعل فرص الحمل شبه مستحيلة .....لكن الله أراد غير ذلك .
وما هو الحل الآن ؟؟
هل يطلقها .....ويعيدها لبيت عمها ......أم يتركها في عصمته ....آملا أن تسير الأمور كما هي الآن ....سر لايعرفه أحد .
ماالذي سيحدث لو أنكشف هذا السر ........وعرفت زرعه وولدها بتلك القصة ؟؟
قرر إستشارة بعض من يثق بهم .........فمنهم من قال أبق زوجتك معك وليكن مايكون ........وقال آخرون بل طلقها ودعها تذهب بحملها إلى قريتهم ......وأنس الموضوع تماما ........وآخر قال بل أعلن زواجك بها وضع زوجتك امام الأمر الواقع .......وتحمل النتيجة برجولة ...!!
لم يعرف أي قرار يتخذه ........فعزم على الإنتظار قليلا فقد يأتي حل آخر ينقذ موقفه البائس .
ذهب لحليمة ....التي لازالت تتذكر تلك الصفعة على خدها الصغير ....دخل عليها فألقى السلام ثم جلس ....وهي تتمنى أن تسأله عن سبب الصفعة ....وقد قيل لها أن كل زوج يفرح بحمل زوجته .
وضعت القهوة أمامه بهدوء ثم ذهبت إلى غرفة أخرى ..........ولحق بها بعد قليل ....تلعثم قبل أن يعتذر منها فقد كان ذلك اليوم تحت ضغوط كثيرة .....ولم يدر ما يفعل .....وقبلت عذره الواهي بدون إقتناع ....فليس في بالها إطالة النقاش .
وأخبرها أنه تفاجأ بخبر حملها ولم يمض على زواجهما إلا شهر .....وكالمعتاد .......تجاهلت كل كلامه وقامت لتعد له الطعام .
تناول لقيمات ......ثم ذهب واجما .
في سيارته ........مشى قليلا ثم توقف بجوار مسيل الوادي .......وهو يفكر في ما حدث .
ماذنب هذه المسكينة أن تحرم من فرحتها ........وماذنبها لتطلق بعد زواجها بأيام ؟؟
والأهم ماذنبها أن تكون ضحية نزوة مراهقة متأخرة ...........ولم تكون هي ضحية رجولته التى قضت عليها أبنة عمه ؟؟
وعاد إلى بيته .......لتستقبله زرعه مستفسرة عن سبب وجومه ...فلم يجد مايقول .
ومرت أيام .....كسابقاتها ....يمر بحليمة في أوقات مختلفة ....ليمضى ساعة أو ساعتان فقط .....ثم يرحل ....لم يقض ليلة كاملة معها منذ زواجهما ....وهي أكتفت بجاراتها ....لتسليتها وتطييب خاطرها .
مر أسبوع قبل أن يأتي زوجها ......ليخبرها أن عمها قد توفي بعد مرض لم يمهله طويلا ........أفجعها الخبر كثيرا .....وبكت طول ذلك اليوم ...وطلبت منه أن يأخذها لبيت عمها لتعزية عمتها ....وقضاء بعض الوقت إلى جوارها ....فهي وحيدة ولم يبق من أهلها أحد .
وفي صباح اليوم التالي ....حملها إلى قريتها .
قبل أن يغادر قال لها سآتي بعد أسبوع لأخذك إلى بيتك .....لكنه لم يأتي .
ومر أسبوعان آخران ........ولم يظهر أبو محمد .....


البقية قريبا .................


الله يحبكـــــــ(ن)ـــم





نزهة المشتاق 11-30-2011 09:03 PM

الحلقة الرابعـــــــــه (4)

مر شهر وآخر ...ولم يعد أبا محمد لأخذ حليمة .....وبطنها بدأ يكبر شيئا فشيئا .....كانت تتحسسه كل حين وتشعر بسعادة غريبة .
وعمتها العجوز تلقي عليها بالنصائح عن الأكل النافع للحامل ....وطريقة الجلوس ...والمشي .
وهي أحيانا تتساْل عن غياب الزوج الغريب ....هل سيعود ...أم لا ؟
رغم جلافته ....وتقصيره فهي تشعر نحوه بشعور يشبه الشوق .....لعله ليس شوقا بالمعنى الحرفي بل تريد أن تعرف رد فعله حين يشاهد بطنها المكور قليلا .
ربما كانت صفعة أخرى ........وربما لا ...فقد يفرح كما قيل لها .
وفي أبها كان أبو محمد يقدم رجلا ويؤخر الأخرى ......فهو يتمنى أن يستعيدها إلى بيته ....لكن تطوف برأسه اللئيم فكرة طلاقها ليتخلص من هذا العبء المرعب .
وكان في عمله ذات صباح حين بلغه خبر نقل وحدته العسكرية بالكامل من الخميس إلى تبوك .....وفاجأه الخبر ولكن لامجال للنقاش في أمر كهذا .
وعاد إلى بيته مهموما ....وأخبر زوجته بالخبر .......فلم يحرك لديها ساكنا ....بل قالت له ....إذا أردت أن تذهب لتبوك فأذهب ...أما أنا وأولادي فسنبقى هنا .
وتجادل معها قليلا .ثم علت أصواتهما ....فتدخل الولد الأكبر لصالح والدته ....بعد بضع شتائم وتهديدات ...فسكت الأب المغلوب على أمره .
وبدأت الإستعدادات للتحرك .....وقرر المرور على حليمة وأبلاغها بالخبر .....وقد كان .
ففي صباح اليوم الثاني كان واقفا بباب بيتها ......وفتحت له العمة وأدخلته ......وأيقظت حليمة التي كانت لاتزال تغط في نومها .
تفاجأت حليمة لتوقيت هذه الزيارة ......لكنها أرتدت ملابسها ......وذهبت إليه فنهض مسلما عليها ...وهو ينظر لبطنها مبتسما .....ويعتذر لتأخره عن المجيء .
وكعادتها دائما ......لم تناقش معه شيئا ولم يكن يطرا ببالها سوى رؤية ردة فعله على بطنها ....وللحق فقد كان سعيدا في مايبدو .
وأخبرها بأمر نقله من المنطقة ......فلم تناقش ايضا ....لكنه اضاف بأنه سيعود لأخذها معه ...طالما رفضت زرعه الشريرة مرافقته ....وربما كان في ذلك نعمة كبرى .
وغادرهم بعد أن وضع في يدها مبلغا من المال ...مع وعد بعودة قريبة بعد أن يجهز لهم دارا يسكنوها .
ما أن وصل إلى تبوك مع وحدته حتى بدأ التخطيط لإحضار حليمة ......فبحث عن منزل صغير ...وبدأ في توفير مايحتاجه من لوازم واثاث .
وعاد بعد شهرين آخرين ........ليصطحب حليمة معه .
وبمثل هلعها حين ركبت السيارة للمرة الأولى ....كان الرعب أشد هذه المرة ....فستركب طائرة عسكرية هذه اليوم .
وكان يطلق عليها ..طائرة السلاح وهي المختصة بنقل أفراد الجيش ومعداتهم بين المدن .
وما إن تحركت الطائرة قليلا على المدرج .....حتى بدأ قلبها بالخفقان خوفا ........وبلا وعي مدت يدها وأمسكت بيد زوجها بشدة ....وهو يبتسم ويهدئ من روعها .
وذهبوا لبيتهم الجديد ......ومع كل يوم يمر ....كانت تشعر أن هذا الرجل ليس هو من تزوجها قبل خمسة أشهر ....فهو طيب رغم عصبيته أحيانا ......ثم أنه كان نادرا ما يغادر البيت إلا إلى عمله ...أو لقضاء حاجة ثم يعود .
وبدأت حليمة تشعر بمعنى أن تكون زوجة كاملة الحقوق .
وبعد أشهر .....بدأت حليمة تشعر بأعراض الولادة ......فسارع أبا محمد إلى بيت جاره ...طالبا معونة زوجته ...وبعد ساعات من المخاض المؤلم لحليمة ...وصراخها الذي ملأ الحي ........جاء الولد .
كان ذكرا ..جميلا أبيض البشرة كوالدته ....فرح به أبو محمد .....وأسماه ( فيصل ) ....على أسم الملك ..في وقتها .
وبدأ فيصل يكبر قليلا ...قليلا في رعاية والده ووالدته الحانية .......وكان أبا محمد يتردد على بيته الآخر في أبها كل بضعة أشهر .
ومرت أربعة أعوام كاملة .......عاشوها في سعادة وهناء ...كان فيصل يكبر يوما بعد يوما ...وأصبح شعلة من النشاط في البيت .
ورغم أمنيات الزوج بطفل آخر .....فلم يقدر الله .......وبقي فيصل وحيدا .
وأبلغ أبا محمد ووحدته بأن الأوامر قد صدرت بعودتهم إلى مقرهم السابق .......وكان الخبر صاعقا على الرجل ..وزوجته .
فمعنى هذا أن تعود الأمور كما كانت ......ساعتان أو ثلاث ...كل بضعة ايام ......وبيت آخر ....ورعب في قلب أبا محمد خشية إنكشاف أمره ........لكن لاحيلة بيده ......فهو عسكري وملزم بالطاعة .
وعادوا إلى الجنوب مرة أخرى .......ووضعها مع طفلها عند العمة العجوز .......حتى يقوم بتجهيز بيتهم ...من جديد .
وتم الأمر ........وفي نفس الحي السابق ........وعادت الأمور لما كانت عليه قبل أعوام .
كان فيصل سلوتها الوحيدة .....بشقاوته ....وركضه المستمر هنا وهناك ........وبطبيعة أهل البلد ....تعرفت على العديد من جاراتها .....ولم تنقطع زياراتهم يوما .
ولعل جارتها أم عبدالله ......كانت الأقرب لقلبها .....لطيبتها المتناهية .......وسعة صدرها ....وأيضا كان عبدالله رغم أنه أكبر من فيصل بخمس سنوات أو أكثر ........أصبح صديقا لفيصل الذي شارف على دخول العام السادس من عمره .
وقرر والده تسجيله في المدرسة بعد أشهر ..........وكان من طلاب المدرسة المحمدية المجاورة لبيتهم .
وبدأ فيصل .....سنته الدراسية ....على خير حال .
ومضت الأيام ........وسقط أبا محمد طريح الفراش ......بعد حادث في مكان عمله ........وبقي في المستشفى أياما ......ثم خرج لبيته .......ولم يكن يقدر على الحركة .
وأستغربت حليمة سبب إنقطاعه الطويل .....لكنها لاتعرف ماذا تفعل .......فبقيت تنتظر كل يوم ....ولم يأتي .
وجاء زملاء ابا محمد للسلام عليه .......وكان بيته يمتليء بالزوار .....كل مساء .
وذات مساء كئيب ..........جاء أحد زملائه .......لزيارته ..مصطحبا عائلته ....فهم على معرفة قديمة ببعضهم البعض ......وجلست زرعه مع زوجة الضيف ...يتبادلان الأحاديث ........وفجأة قطع حديثهما سؤال المرأة لزرعه عن زوجة أبا محمد الثانية ؟
فبهتت زرعه .......وهي تقول ...زوجة ثانية ؟؟ من ؟؟ أبو محمد ؟؟
وأتضح أن المرأة أفشت السر القاتل .......الذي عرفته من زوجها قبل أعوام ....حين كان ابا محمد يستشيرهم في أمر زوجته الثانية .
وتمالكت نفسها قليلا ......حتى يذهب الضيوف لتبدأ الاستجواب .
ورحلوا بعد قليل .
كانت زرعه في حالة مرعبة من الغضب ........ودخلت على الزوج المصاب ......وبدون أي مقدمات سألته عن حكاية زواجه ........فأنكر ذلك ......ثم مالبث أن إعترف ....بكل شيء تحت ضغط صراخها المرتفع .
ووجهت له بعض الإهانات كعادتها ......ثم أقسمت أن تجعله يندم على اليوم الذي خدعها فيه وتزوج بغيرها .....وزاد رعب الرجل .........فهو يعرف زوجته ....وماقد تفعله به .
ولم يهدأ له بال إلا بعد أن غادرت الغرفة .........وتركته .


الله يحبكــــــــ(ن)ــــــم



ابوفارس 12-01-2011 10:36 AM

....


نص سردي .. به إبداع ..

يدل على كاتب متمكن من ادواته .. ويصور مرحله من حياة الجنوب ..

يوم أن كان الناس يتوارثون .. الفقر .. والجهل .. والنساء والانعام

ولا أخبار الا أخبار .. الحصبة .. وقدوم مسافر .. والغياب

..

رأي شخصي ..

كنت أتمنى ان الحوار بين شخصيات القصة .. يكون باللهجة الجنوبية ( ستكون اكثر تأثير )

..

شكرا نزهة المشتاق

ولك الخير


.

نزهة المشتاق 12-02-2011 03:47 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوفارس (المشاركة 144602)
....


نص سردي .. به إبداع ..

يدل على كاتب متمكن من ادواته .. ويصور مرحله من حياة الجنوب ..

يوم أن كان الناس يتوارثون .. الفقر .. والجهل .. والنساء والانعام

ولا أخبار الا أخبار .. الحصبة .. وقدوم مسافر .. والغياب

..

رأي شخصي ..

كنت أتمنى ان الحوار بين شخصيات القصة .. يكون باللهجة الجنوبية ( ستكون اكثر تأثير )

..

شكرا نزهة المشتاق

ولك الخير


.

مرحباً بك أخي أبو فارس

ممتنة لمرورك بقصة بائعة البخور للقاص الأحمري
ونحن مثلك كان بودنا ترك لغة الحوار لشخصيات القصة بلهجة أهل الجنوب
ولكن يبدو أن للقاص رؤيته في حبك قصصه الجميلة
تقديري لك

علي ابوعلامه 12-02-2011 01:33 PM


نزهة المشتاق
لله درك على هذا الاختيار الموفق
رغم ما اثار في نفسي من الم وحزن وحسرة على واقع مؤلم
عاشه الكثير في زمن هيمنت فيه العادات والتقاليد ووو.

لك شكري بحجم ما اكنه لك من تقدير واعجاب باختياراتك
دمتِ بود

نزهة المشتاق 12-04-2011 08:14 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي ابوعلامه (المشاركة 144682)

نزهة المشتاق
لله درك على هذا الاختيار الموفق
رغم ما اثار في نفسي من الم وحزن وحسرة على واقع مؤلم
عاشه الكثير في زمن هيمنت فيه العادات والتقاليد ووو.

لك شكري بحجم ما اكنه لك من تقدير واعجاب باختياراتك
دمتِ بود

الأستاذ القدير علي أبو علامة مساؤك الريحان
ممتنة لمرورك ببائعة البخور وجمال تعليقك عليها
نعم هي حقبة مضنية تجرع مرارتها الأسلاف ودفع ثمنها من لاحول له ولاقوة

دمت بخير

نزهة المشتاق 12-04-2011 08:15 PM

الحلقة الخامســــــة (5)



خرجت زرعه من غرفة زوجها والشر يتطاير امام عينيها ....جلست مع ولدها محمد وأخبرته بالخبر ....فهاج هو الآخر وماج ...وبدأ الأثنان التخطيط لمعاقبة الأب وإنهاء حكاية الزواج هذا باي طريقة .

يعلمان بالطبع أن حكاية الخلاص من الزوجة الجديدة سهل جدا فهما يعرفان ابو محمد وضعفه وخنوعه لهما . ويعلمان مدى طمعه وحرصه على المال الذي تكتنزه زرعة اللعينه .

عند الصباح ...وقبل أن يفتح ابا محمد عينيه كانت زرعه تنهره ليستيقظ من نومه ..مرفقة ذلك بعدد من الشتائم والإهانات ..وبدأت في إستجوابه مرة اخرى .

متى كان الزواج ...وأين ...ومن هي الزوجة ؟

ثم كانت صدمتها الكبرى حين علمت بحكاية فيصل الولد الصغير الذي اصبح في المدرسة الآن .

وبدا صوت زرعه يعلوا أكثر فأكثر وطلبت الطلاق منه .....وهذا ما أرعب ابا محمد ...طلاق يعني حرمان كامل من المال ....وجاء محمد عند سماع صوت والدته ....وبدلا أن يذهب إلى عمله في دكان والدته بقي ليعرف ما يحدث .

حاول ابو محمد تهدئتها ووعدها بأن يفعل مايرضيها مهما كان ...فقط لتصبر قليلا حتى يتدبر امره ....ويبحث عن مخرج من هذه الورطة .

حاول أن يقنع زرعه بقبول الوضع الحالي ....على الاقل لأجل الولد الصغير فأبت ..وأصرت على رأيها ...فأما طلاق حليمة وإلا طلاقها هي .....!!

بالطبع ليست زرعه من أولئك النساء التي تبكي او تضعف ....فهي تعلم أنها صاحبة القرار وليس هو ...وماتقوله ليس اكثر من أمر عليه تنفيذه فورا ..وبلا جدال .

أمهلته أسبوعا واحدا للتخلص من حليمة ....وبالطبع ليس لديه مايمنع من ذلك ....فحليمة مسكينة ....وليس هناك من يقف في صفها ..ومادام الثمن المال فلتذهب حليمة إلى الجحيم .

وما ان أسترد قليلا من عافيته حتى توجه لبيت حليمة ......وبادرته بالسؤال عن سبب غيابه الطويل ..وعبرت عن مدى قلقها وخوفها ....فطمانها واخبرها بخبر حادثته ......نهضت سريعا لتجهز له الطعام ...فأشار لها بيده أن تجلس فهو يريد الحديث إليها في موضوع مهم .....ولم يكن فيصل قد عاد من مدرسته ....جلست إلى جواره ....ولمحت علامات الهم بادية على وجهه ...تردد قليلا ثم قال لها ...حليمة ...لابد أن نفترق ...!!

وظنته يداعبها ....لكنها لمحت الجدية الكاملة على وجهه ....وهي تقول ...لماذا ؟ ماذا فعلت ؟

وشرح لها أمر زوجته الأخرى وشرطها القاسي ....وان افضل الحلول هو طلاقها فهي على الأقل أم لطفل واحد ..وزرعه أم لأربعة ...وأنهارت حليمة باكية ....مستعطفة ....لكن هيهات .....فهذا الخانع لن يقوى على إتخاذ قرار آخر مخالف لقرار صاحبة المال والجاه ...أما هذه المسكينة فلا راي لها ابدا .

حسبي الله ونعم الوكيل ......حسبي الله ونعم الوكيل .....جملة رددتها حليمة عدة مرات .

وفيصل ..؟؟ كان هذا سؤال حليمة التالي بعد أن تمالكت نفسها .....قال لها ..فيصل سيبقى معك على شرط أن تبقين في ابها ...أما إذا اردت الذهاب للقرية ...فيجب أن يبقى فيصل هنا ليكمل دراسته ...فالمدرسة الوحيدة قريبا منهم تقع في قرية بعيدة نسبيا ...ولن يستطيع فيصل الذهاب إليها .

وهل تريد ان يبقى فيصل مع زوجتك الأولى ....اجاب بنعم ....وماذا في ذلك انه مع اخوته ....ومعي .

حسبي الله ....لابد أن احرم من ولدي .......واتركه بين يدي إمراة اخرى ....أو ابقى في بلد غريبة ....ليس لها فيها زوج ولا قريب ...وأنهارت باكية ....وتركها على هذا الحال وخرج .

كان يفكر في ماقال لها ....وتذكر أن بقاءها في ابها .....ووضع فيصل ..يحتاج موافقة مسبقة من اللعينه زرعة ..

وعاد لبيته الآخر ....وما أن دخل من الباب حتى بادرته زرعه بالسؤال ...طلقتها ؟؟

قال ...لا ...ليس اليوم ....بكره إن شاء الله .....ودمدت غاضبة لاعنة .....وهو يهديء من غضبها ويعدها أن يفعل في اليوم الثاني ...لكنه أراد سؤالها عن وضع فيصل ....في حالة رفضت حليمة البقاء في ابها .

تبقى في ابها ....لماذا ؟ اليس لها اهل .....لالا ..لايمكن أن تبقى في ابها ...ولا اريدها ان تبقى قريبا منك ......ولتاخذ ولدها معها فلست مربية لطفل ليس لي ...وشرح لها حكاية المدرسة .....فابت واستكبرت .....ورفضت رفضا قاطعا .

ولم يكن امام ابو محمد سوى القبول ....رغما عنه ...ووعد أن يفعل ما تريده زرعة اللعينة .....وصباح اليوم الذي يليه ...عاد لبيت حليمة واخبرها بضرورة الذهاب إلى قريتهم ....مصطحبة ولدها ....وعليها ان تتدبر موضوع ذهابه للمدرسة ..ووافقت حليمة وذاك افضل الحلول لها ولإبنها .

واستغربت من تغير رأيه عن أمس .......وفهمت أن القرار ليس بيده وان زرعه رفضت بقاءها أو بقاء ولدها .

أحزن حليمة كثيرا أن تطلق وهي في ريعان شبابها ....وبلا سبب .

زواجها كان خطأ أرتكبه عمها بحقها .....والطلاق خطا آخر ..ارتكبه زوجها ووالد طفلها الوحيد ....وكلها لامعنى لها ..

وهي لارأي لها في هذه كله ......وكل ماتفعله ....هو البكاء فقط ....والصبر ....فليس في يدها ما تفعله .

وجمعت ملابسها وملابس إبنها ....وودعت جاراتها .....وبكت كثيرا في حضن أم عبدالله جارتها العزيزة ....حتى عبدالله ..وفيصل شاهدا ما يحدث فبكوا أيضا .....وذهبت مع زوجها إلى القرية ....واستقبلتهم العمة العجوز ..هاشة باشة ..فقد ظنتهم قادمون لزيارتها ....لكنها صرخت فزعا حين سمعت ابا محمد يخبر انه بصدد طلاق حليمة ...وتركهم وغادر .

ماذا فعلت يابنتي ؟ لماذا طلقك ؟ ....هل فعلت ما اغضبه لينتهي المر بالطلاق .....وبقية حليمة صامتة واجمة ...وفيصل يلاحق سيارة والده بنظره ..وهو يغيب بعيدا .

وبعد ان هدأت العمة ...شرحت لها حليمة كل ماحدث ......فلم يزد جوابها عن نفس الجملة التي ترددها حليمة .....حسبنا الله ونعم الوكيل .

وعاد ابو محمد ليخبر زرعة بانتهاء الموضوع ...فتنفست الصعداء ...فقد انتهى الأمر كما أرادت .

وحليمة أيضا أستسلمت للأمر الواقع وقررت توطين نفسها على هذا الحال ....وتكتفي بتربية ورعاية طفلها الوحيد ....ورعاية عمتها العجوز ....وبين حين وآخر ....تذهب بغنم عمتها بعيدا ......وتبكي وحيدة ....حتى ترتاح .......ثم تعود وكأن شيئا لم يحدث ..


وظنت أن ماحدث هو نهاية الألآم ....ولكن ...


لازال هناك المزيد من العذاب والحزن ......ينتظر دوره ليحل على حليمة ........


الله يحبكـــــــ(ن)ـــم

نزهة المشتاق 12-11-2011 11:10 PM

الحلقة السادســـــة (6)


كان فيصل في منتصف عامه الدراسي الأول حين حدث الطلاق وبذلك فاته قطار الدراسة لذلك العام ....وكان ابا محمد يأتي مرة كل شهر او شهرين لتفقد ولده .

وحين بدأ العام الدراسي التالي توجه لتسجيله في المدرسة القريبة ....لكن أتضح انها بعيدة جدا على طفل في مثل سنه ....وبين قريته والقرية التي تقع فيها المدرسة جبال وأودية ....فكيف سيستطيع المسكين السفر هذه المسافة كل يوم .

تحدث مع حليمة ...واقترح عليها العودة إلى ابها ....فرفضت إقتراحه بشدة لولا أن تدخلت العمة بإقتراح آخر ....أن تعود حليمة إلى عصمته سرا .....وبذلك تضمن بقاءها على ذمة زوج ...وتعليم إبنها .

ورفضت حليمة الإقتراح ...أيضا ...بكل قوة .

وعاد ابا محمد خائبا من حيث أتى ....وتنفست حليمة الصعداء ....فليست في حاجة لنصف زوج .

أخبر ابا محمد زرعه بحرمان الطفل من الدراسة ....وعدم وجود مدرسة قريبة .....ففوجيء برد لم يتوقعه نهائيا ....من تلك المرأة .

طيب ....تعال به معنا هنا وقت الدراسة فقط .....وارجعه لها في الإجازات ...!!

وبهت ابو محمد .....فلم يخطر بباله ان تطرح مثل هذا الإقتراح ابدا ....وهو يعرف زوجته جيدا .....وتردد قليلا فهو واثق تمام الثقة أن موافقة زرعه على هذا الأمر بعد رفضها السابق ...وشروطها السابقة يخفي شيئا لايعلمه ....لكن مهما يكن فسيكون فيصل تحت نظره .

وعاد ابا محمد لقرية حليمة ...وأخبرها انه سياخذ فيصل ليعود للدراسة ....وسيحضره لها في العطلات ...وبكت حليمة فلم تكن تتخيل الحياة بدون وجود ولدها الوحيد ....ووعدها بالعناية به ورعايته كما يجب ......وبقوا في نقاش طويل تخللته دموع حليمة ...ووعود الزوج ..وتأييد العمة لقرار ابو محمد ....حرصا على مصلحة الطفل .

وحمل ولده وقفل عائدا إلى ابها .....والتقى فيصل باخوته ....وزوجة ابيه ....وسجله بمدرسة قريبة من منزله .

زرعه ..... لم تقبل بعودته إلا بعد أن عرفت بزيارات الأب المتكرره لقرية حليمة ...وتبرير ذلك بتفقد حال طفله .....فرضيت بعودته ...لتقطع دابر هذه الزيارات .

حين غادر فيصل مع والده ....شعرت حليمة بمدى الفراغ الرهيب في حياتها .....والملل المميت من أيامها الطويلة بلا معنى ...ولعل العمة العجوز شعرت بحالها ....فكانت تطرح عليها فكرة الزواج مرة اخرى ...لو تقدم لها رجل مناسب ...وحليمة ترفض نقاش هذا الأمر أبدا ....فيكفيها تجربة واحده .....ويكفيها فيصل .

في بيت زرعه ....التي تكن لفيصل حقدا عظيما .....كانت الأمور تسير بوجهين مختلفين ...فإذا كان ابو محمد موجودا ...فتعامل فيصل معاملة عادية ...لكنها لاتتورع عن ضربه وتعنيفه بشدة إذا كان ابوه غائبا .....وكان محمد ...أيضا يفعل ذلك بمناسبة او بدون مناسبة ....بل وتجرا على ضربه عدة مرات في حضور الأب الضعيف الشخصية .

ولم يكن يعطف على فيصل الصغير ....سوى أخته ليلى الصغيرة .....التي دافعت بجسدها الصغير عن فيصل عدة مرات ..وتلقت بعض الصفعات نيابة عنه .

والأب ....الخانع ...كان أحيانا يشاهد ما يحدث ...ولايفعل أكثر من الحوقلة والتحسب ....وبالطبع هو يعلم أن زرعه كاذبة في إتهاماتها لفيصل بالشقاوة ...لكنه لايستطيع ردعها .

وعاش فيصل عامه الأول بدون أن يمر أسبوع بدون ضرب مرة او مرتين ...وحليمة تنتظر عودته لها على أحر من الجمر ...وما أن حلت العطلة الصيفية ....حتى قرر ابو محمد الذهاب بولده لرؤية أمه ....الأمر الذي واجهته زرعه اللعينة بالرفض التام .....!!

وأستغرب الرجل من هذا التصرف ...لكنها أقنعته ببقاء الولد ....طالما أن امه مطلقة ....وبقاؤه هنا سيمنعه من التعلق بها ...وقبل الزوج بهذه الفكرة ....ليس عن إقتناع بل رغما عنه ...وللحق فقد حاول ثنيها عن رايها لكنها أصرت على ذلك ...بطريقة أستغربها أبو محمد .....وعاوده الشك مرة اخرى في ماتنوي زرعه ..مستقبلا .

وحليمة تنتظر عودة ابنها حسب وعد والده ....لكن لم ينفذ وعده ....ولم تفعل اكثر من البكاء المستمر ...ليلا ونهارا ...وانظارها معلقة على الطريق القادم للقرية ..طول يومها ....حتى تملكها اليأس تماما .

ومرت اسابيع عدة ....وطالت أيام الإنتظار ....بل أوشكت العطلة على الإنتهاء ...وحليمة تراودها الهواجس حول فيصل ....ماذا فعلوا به ؟....لم لم ينفذ والده وعده بان يقضي فيصل العطلة معها ؟.....هل هو بخير .....أم مريض ؟

وأستقرت حليمة على فعل شيء لم يخطر ببال احد ...فقد قررت الذهاب إلى ابها والبحث عن ولدها وفلذة كبدها ....وليكن مايكون .

ولم تفاتح العمة بهذه الفكرة ...فقطعا ستثنيها عن ذلك ....بشتى الأعذار .

وبدأت حليمة في تجهيز نفسها ..وأنطلقت قبل فجر اليوم الثاني ميممة وجهها صوب ابها ....ولإنها لاتعرف الطريق جيدا ..فقد سارت على غير هدى ...من قرية إلى قرية ....حتى وجدت رجلا معه سيارة ....فسالته أن ياخذها إلى أبها ...ووافق أخيرا بعد رجاء شديد .

ووصلت ابها في المساء ....ولم تعرف اين تذهب ....وضلت تهيم على وجهها في أزقة ابها ....تسال من تلقاه عن بيت موسى ...ولم تجد من يرشدها إليه .

ثم هدها التعب فأسندت ظهرها إلى جدار أحد البيوت ....ولم تشعر بنفسها إلا بصوت رجل عجوز يناديها ليوقظها ...ونهضت مفزوعة فدنا منها الرجل يسالها عن حالها .

وأخبرته بقصتها ....فهز رأسه في اسف ...ودعى الله لها بالعون .....ودعاها للذهاب معه لبيته لتأكل بعض الطعام وترتاح ....فليس معقولا أن تنام في الشارع .

وأخذها إلى بيته ....ودعى زوجته التي رحبت بها ....وأجلستها واحضرت لها طعاما ...تناولت منه لقيمات قليلة ....وشاركتها المرأة في البكاء حين عرفت حكايتها .

المشكلة ....أنها لاتعرف حتى أسم الحي الذي كانت تقيم فيه ....ولم تهتم بالسؤال في حينه ....ولو عرفت الحي ..ربما لجأت لصديقتها أم عبدالله وزوجها ...فقد يساعدوها في ذلك ....بما أن ابو عبدالله ...كان يعرف زوجها ...معرفة سطحية ....لكن على الأقل خيرا من لاشيء .

رغم أن ابها حينها ....كانت مجرد مدينة صغيرة ...تتوزع على أحياء متفرقة ...فقد عقدت العزم على البحث في كل الأحياء ..ولو كلفها ذلك وقتا وعناءا ...لكن لاحيلة لها غير ذلك .

وبعد أن نامت قليلا نهضت مع تباشير الفجر الأولى ....فشكرت أهل البيت على ضيافتهم ....وقررت بدء رحلة البحث ...واعتذر منها الرجل بخجل ...فهو لايملك وسيلة تنقل ....وهو على هذا رجل كبير ومريض ...وتمنى لو إستطاع مساعدتها في البحث ..فشكرته على ذلك ....واستحلفها بالله أن تعود إلي بيته في المساء ...فوعدته خيرا وأنصرفت .

وبدات رحلة البحث عن الأبن المفقود ......فهل ستعثر عليه ؟؟؟


الله يحبـــــكـــ(ن)ــم

نزهة المشتاق 12-19-2011 12:50 AM

الحلقة السابعـــــــة (7)



فيصل الصغير ....يسأل كل يوم عن أمه ....ولايلقى جوابا ........زرعه تقول له أمك ...ماتت ...ومحمد يقول ذلك ايضا .....والأب يهز رأسه ......وإذا إنفرد بفيصل بعيدا عن أنظارهما قال له .......سأذهب بك إلى أمك قريبا إن شاء الله .
وأحتار فيصل بين تلك الأقوال .......ثم أنه لايعلم ماذا تعني كلمة ....ماتت ...!!
ماتت .........ربما سافرت ......ربما مرضت ......طفل بمستوى إدراكه لايعرف معنى هذه الكلمة القاسية .
وزرعه ........تخطط على إبعاد فيصل من حياتها ...وحياة اولادها ....فلن تسمح لغريب إبن غريبة أن يشارك أولادها في مالها ومال أبيها .
وحقدها أيضا ....يريد أن يحرم حليمة من وحيدها ...عقابا لها إذ تجرأت على مقاسمتها زوجها ....وفي نفس الوقت تريد عقاب أبو محمد الخانع .
كانت تحيك الخطط في عقلها اللعين بصمت وهدوء .
كان شريكها في التخطيط ....إبنها الأكبر محمد ....وشاركها في تقديم إقتراحات لم ترق لها .....خطط لخنق فيصل أثناء نومه ........وخطط لدهسه بالسيارة ........وخطط لتسميمه ....ولم تلق كل الإقتراحات قبولا من زرعه ...فهي إقتراحات خطيرة وقد تكون نتائجها سيئة .
ثم هو طفل صغير لايعي شيئا .........ويمكن الخلاص منه بطريقة أسهل وابسط بكثير ....لكن كيف ؟؟
لايمكن فعل شيء كهذا ...في وجود أبا محمد ....فقررت الإنتظار حتى تحين الفرصة المناسبة .
حليمة من جهتها ......بدأت رحلة البحث عن فيصل.......ومر أسبوع كامل ...ولم تجد نتيجة ....وكل ماوجدته دعوات متفرقة من نساء عرفوا بقصتها .
وذات يوم ....عاد أبو محمد من عمله مبكرا .......ليخبرها أن هناك حرب على الحدود مع اليمن ......أو ما أسميت ( حرب الوديعة ) ........وبدأ فورا بجمع ما يحتاج له من أغراض .......فوحدته العسكرية ستتوجه إلى شرورة .........حيث الحرب .
قبل أن يخرج .......أوصاهم بفيصل خيرا ......وغادر إلى ساحة الحرب .
تنفست زرعه اللعينة الصعداء .......فربما حانت الفرصة التي إنتظرتها طويلا .........ربما .
ولم تضع وقتا ........فقد دعت محمد إلى غرفتها ...لتعرض عليه خطتها الجهنمية .
وبقي محمد يستمع لتفاصيل الخطة .......!!
بعد يومين .........جهز محمد سيارته .....وعند نوم بقية أخوته .........تسلل إلى الغرفة التي ينام فيها فيصل بجوار أخته ليلى .........فأوقظه بهدوء .....وأخبره أنه سيذهب به إلى أمه .
قفز فيصل فرحا من فراشه .......وذهب معه .
كان فيصل بشوق كبير إلى أمه ....وجدته ..عمة حليمة .
وتحرك محمد من أبها .........بدون أن يعلم أحد .
وعند الصباح .......أستيقظت ليلى .......وأستغربت عدم وجود فيصل على فراشه .......وركضت لتسأل أمها ...لكن الأم .......تظاهرت بالإستغراب قائلة ...لا اعرف .........ربما يكون خرج إلى مدرسته مبكرا .
لكن ليلى .....شاهدت حقيبة كتبه في مكانها منذ الأمس ........يعني أنه لم يذهب للمدرسة ....وخرجت للبحث في ما حول البيت ........ولكن لا أثر له .
وسألت بقية الأخوة .........ولا يعرفون شيئا .
سألت عن محمد ........فأخبرتها الأم أنه قد سافر لإحضار بضاعة المحل .......وزاد قلق ليلى ....فنهرتها أمها اللعينة ......وسكتت على مضض .
رغم إرغامها على الصمت .........فقد شعرت ليلى أن هناك شيئا ما ....وخافت أن تفصح عن شكوكها فينالها عقاب إعتادته كثيرا .........ففضلت السكوت .
وعند الظهيرة .........كان محمد ورفيقه فيصل ......على مشارف جده ........!!
كان فيصل ينظر يمنة ويسرة .........فلم ير ما يشبه قرية أمه .......بل هنا بيوت كبيرة ....وسيارات كثيرة ...ربما أكثر من ما شاهد في أبها .....ولم ير المزارع ...ولا الأبقار والأغنام ........ولا أراض مزروعة بالقمح والشعير .
وتذكر كلمة .....ماتت ....وفسرها بأنهم ...ربما قصدوا أنها انتقلت هنا .......ليس في القرية بل في مكان آخر ....؟؟
وفي مقهى شعبي ......في حارة المظلوم في جدة .........جلس محمد وفيصل على أحد الكراسي الخشبية ......ومحمد يخبره بان أمه ستأتي بعد قليل .
وطلب منه الانتظار في المقهى ليحضر لهم شيئا يأكلونه ...........وذهب .....
وحل المساء .......وفيصل ينظر هنا وهناك .........ولم ير محمدا عائدا بالطعام .......ورواد المقهى ....يتهامسون حول هذا الطفل الصغير .......فماذا يفعل هنا ؟؟
ركب محمد سيارته .........وقفل عائدا إلى ابها ..........بلا ضمير يؤنبه ......أو إحساس بالندم ........بل لعله شعر بزوال هم كبير من على صدره .......وصدر والدته .
وكاد المقهى أن يغلق أبوابه ........وهذا الطفل الصغير لازال ....ينقل خطواته .......بين باب المقهى ناظرا يمينا وشمالا بحثا عن محمد ......ثم يعود ليجلس واجما على الكرسي .
وجاء عامل المقهى .....اليمني .......ليخبره أن المحل سيقفل .........وعليه أن يرحل .........!!
وتلعثم الصبي ......وهو يقول سيأتي أخي محمد الآن .........لقد ذهب ليحضر لنا طعاما .......لقد طلب مني أن أنتظره هنا .....!!
وانتظر عامل المقهى لفترة مع فيصل .........لكن لم يأت أحد .
فأخرجه من المحل .......وطلب منه انتظار أخيه خارجا ......وبقي فيصل جالسا عند باب المقهى .
على زاوية المقهى .........نام فيصل محتضنا ربطة من القماش فيها ملابسه القليلة .
وعند صباح اليوم التالي ..........كان رقيب الوحدة .......يستدعي أبا محمد .......لاستلام برقية عاجلة .........وركض أبو محمد .....وهو يتمتم بكلمات الدعاء أن يكون الأمر خيرا ......وسلمه الرقيب البرقية .....فتحها على عجل ...
اغرورقت عيناه بالدموع ..........وهو يقرأ البرقية .
(فيصل أصيب بحمى شديدة ......قد يكون قرصه عقرب أو ثعبان .....وتوفي البارحة .)
ابنك ...محمد
لاحول ولا قوة إلا بالله .........لاحول ولا قوة إلا بالله .......وانهار باكيا بين أقدام زملائه الذين واسوه بكلمات التعزية والدعاء .
توجه نحو الضابط المسؤول طالبا السماح له بالعودة ........لكن الموقف لم يكن يسمح في حينه ....وطلب منه الإنتظار ليوم أو يومين ....وأطاع مرغما .
كانت البرقية جزءا من خطة زرعه ومحمد .....حتى أن محمد مر على مقبرة شمسان .......باحثا عن قبر صغير ...ليكون جاهزا لو سال والده عن مكان دفن فيصل .
جاء عامل المقهى صباحا .......ليجد فيصل كما تركه .....على زاوية المقهى ......فأيقظه ....وأدخله إلى المقهى ..وفيصل يسأل ......ألم يأت محمد ؟؟
وضع له العامل ...قطعة خبز ....وقليل من الفول .....إلتهمها سريعا ...وعاد لينتقل من باب المقهى إلى كرسيه باحثا عن محمد .........أخيه الأكبر ....الذي وصل إلى أبها قبل ساعات .
وبدأ الزبائن في التوافد على المقهى ....وفيصل يقلب نظره هنا وهناك .........فلا أمه جاءت ...ولا محمد .
سأل احد الزبائن عامل المقهى ....عن سبب وجود هذا الولد الصغير هنا .......فأخبره بحكايته ....فدعاه الرجل وأجلسه بجواره ........وسأله عن أسمه ....فيصل بن موسى ......وأنه أتى من أبها بحثا عن أمه .
هذا كل مايعرف .........لالا وأيضا يعرف أن أمه أسمها حليمة ........وعمته زرعه ...واخاه محمد الذي جاء به إلى هنا ليرى أمه .
وسأله الرجل ........يعني أمك هنا ؟؟؟ فين طيب ؟؟



وفيصل أصلا لا يعلم أين هو ......ولماذا تركوه هنا ؟ ولم لم يعد محمد ؟؟ وأين أمه ؟؟


تابعوا في الحلقات القادمة ........



الله يحبكــــــــــ(ن)ــم

نزهة المشتاق 12-24-2011 08:41 PM

الحلقة الثامنـــــة (8)

وأخيراً وجد أبو محمد فرصة سانحة من عمله ليعُد إلى أبها ...وقد عاد ...وحين وصوله للمنزل

تظاهرت زرعة بالحزن وهي تخبره بما حدث لفيصل ...وطفرت من عين أبي محمد دمعة ...غير أنه لمح في عيني ابنته الصغيرة شيئاً آخر .
وأنفرد بها بعد قليل ليسألها عن فيصل ...فأخبرته أنه كان نائما في غرفتهما ...وحين استيقظت صباحا لم يكن هناك ...وأن أمها أخبرتها أنه ربما ذهب إلى المدرسة ...لكن حقيبته بقيت في الغرفة .
وواجه أبا محمد زرعه ....بما سمع ..فقالت نعم قلت لها ذلك فلا أريد إخافتها ....وماحدث أننا شعرنا ببكائه فدخلت عليه فوجدته قابضا على ذراعه ويبكي وقد تورمت يده ...فطلبت من محمد أخذه للمستشفى ..لكنه وصل متوفيا ....فذهب به إلى المقبرة ...مباشرة .
لم تهدأ شكوك أبي محمد ...فتحين فرصة أخرى ليسأل ليلى ....التي قالت ببراءة بأن محمد لم يرجع إلى البيت إلا بعد أكثر من يومين ....وعلم الرجل أن هناك شيئا قد حدث ...فقلبه يقول له أن فيصل لم يمت .
تظاهر بالشجاعة ...وصرخ بزرعة وابنها محاولا الحصول على إعتراف منهم ...

لكنه واجه نفس الإجابات المتطابقة ....وما أثار شكوكه أكثر أنه لم يتم إخبار الجيران ...ولم يكن هناك عزاء ...حتى أن بعض الجيران قالوا له في المسجد ...سمعنا هذا الخبر من نسائنا ...لكن محمد لم يكن موجودا حينها ...ولم يقم لأخيه عزاء ...فظننا الأمر مجرد خبر غير صحيح .
ولم يستطع الحصول على جواب لتساؤلاته قط ...ولم يزد على الحوقلة والتحسب عليهم ...وهما يتظاهران بالبراءة والحزن على الفقيد الصغير .
وحليمة ....لازالت تجد في البحث عن ابنها ....وقد أنجزت جزءً كبيراً من جولاتها على أحياء أبها القليلة .....ولم تعثر بعد على بيت أبي محمد ....لكن الأمل لازال يحدوها .
ومرت ثلاثة أيام وعاد أبا محمد لعمله مرغما ...فلم يستطع معرفة أي شيء يريح قلبه من الشكوك ...ولا يستطيع أن يقف بوجه زرعة وابنها اللعين محمد ....فصمت مكرها ....ورحل .
وذات يوم ماطر ....كانت حليمة تدخل حيها القديم الذي عرفته بمجرد تجاوز الشارع الصغير المؤدي لمدخل الحي ....فهناك المسجد الصغير الذي شاهدته مرات ...وكأنما أُزيح عن صدرها حمل ثقيل .....فستجد أم عبدالله صديقتها الحميمة قريبا ...وهي بلاشك لن تتوانى عن مساعدتها .....وسارعت الخطى نحو بيت أم عبدالله .
طرقت الباب ....وفتح عبدالله الباب ...ليصرخ بصوت عال مناديا على أمه .....أمي...أمي ....خالتي حليمة جاءت ....ومرت دقائق كانتا فيها تتعانقان وتبكيان ....وأخبرتها حليمة بقصتها وهي ترجو أن يساعدها أبا عبدالله في مهمتها .....وبان الحزن على وجه أم عبدالله وهي تخبرها بأن أبا عبدالله ..قد توفي قبل حوالي شهرين .
ياالله ....مالذي يحدث ....لم ينقطع كل خيط من أمل ألقاه .....ماذا فعلت ياربي ....لم أعيش في هذه العذابات المتتالية؟!

...فهدّأت أم عبدالله من روعها ...وأكدت لها على أن الأمل لازال موجوداً ...وأنها ستعثر على ابنها .....فالبلد صغيرة ....وستجد بيت أبي محمد عاجلاً أو آجلاً .
وحل المساء وهما تتحدثان ...فتناولتا طعاماً ...وألقت حليمة بجسدها الصغير المنهك على فراشها ونامت .
وهناك في جده ....استمع الرجل لحكاية فيصل فلم يستشف منها شيئا نافعا .....فكل ما يقوله مجرد أسماء غير كاملة ....واسم أبها ...وقرية من قرى الجنوب ....وزرعة ...ومحمد ....فقرر اصطحابه إلى منزله حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا .
قبض على يده الصغيرة ..وسار به نحو بيته القريب ...وفيصل يسأله هل ستذهب بي إلى بيت أمي؟!

.....فيهز الرجل راسه أسفا وحزنا ...وهو يقول ربما غداً سنذهب إليها ....لأن بيتها بعيد .
ودخل مع الطفل الصغير إلى منزله حيث استقبلته زوجته العجوز وهي تتعجب من هذا الضيف الصغير مع زوجها ....وتساءلت فأجابها الرجل بكل ماعرف من فيصل .....واقترح أن يبقوه عندهم ....حتى يجدا حلاً لهذا الموضوع ...لكن المرأة .....قالت :

هذه مشكلة ..فقد يتهمنا أحد بخطفه أو إخفاؤه ....وستكون مسؤولية كبيرة ...وعليك أن تأخذه إلى الشرطة ليقرروا ماذا يفعلون به ....وربما تركوه لنا ...وأعجب الزوج هذا الإقتراح رغم أنه تمنى أن يبقى هذا الصغير لديهم ....فقد كبر أولادهما ....وتفرقوا في أماكن مختلفة ...وبقي العجوزان يعانيان الملل والوحدة .
وضعت العجوز طعاماً أما م فيصل ....الجائع فانهمك يأكل ...وهما ينظران إليه بعطف وحنان ....حتى شبع ...وقام ليغسل يديه .
وعند الصباح اصطحبه العجوز ...نحو مركز الشرطة ....وفيصل يلقي نفس السؤال عن أمه .....ودخلا على الشخص المسؤول ..وشرح له القصة كما سمعها من فيصل .....وحاول الضابط الحصول على معلومات أخرى .....فاستدعى عامل المقهى ....الذي أخبره أن الطفل حضر مع شاب آخر ....وأنه تركه هناك واختفى ....وأنه لايعرف من ذاك الرجل .....إلا أن فيصل أخبره انه اخوه ...وأسمه محمد .
وهز الضابط رأسه أسفا ...وهو يقول ....سنرسل تعميما لجميع مراكز الشرطة .....فقد يكون هناك بلاغ عن شخص مفقود ....وذاك على الأقل ما نستطيع فعله .....وتساءل الرجل ...هل يمكنني إبقاؤه عندي ......لكن الضابط أجاب .....لا أعرف لكن يجب أن يوافق مدير الشرطة على ذلك .....ودخل ليسأله ...فرفض مدير الشرطة ....وعليه تحويله لدار الأيتام حتى يتم شيئا بشأنه ....وتوسل الرجل لكن مدير الشرطة رفض تجاوز مالديه من تعليمات ...رغم أنه يتمنى لو استطاع تركه معه ...لولا خوفه من العقوبة لو خالف النظام .
ونهض العجوز وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة ...ونهض فيصل معه ...لكن الضابط طلب من فيصل البقاء ...وودعه الرجل بحزن ....وفيصل يشيعه بنظراته حتى غاب عن ناظريه .
نهض الضابط ....فأستدعى أحد الجنود ....وناوله ورقة موجهة لدار الأيتام ...بإبقاء هذا الطفل لديكم حتى يصلكم طلب لإحضاره ...شارحا فيها وضعه بالكامل .
وأخذ الجندي بيد فيصل فحمله في السيارة ...وانطلق عبر شوارع جده ....وفيصل يسأله من جديد ...هل ستذهب بي إلى بيت أمي ؟؟
بعد لحظات ..كانت سيارة الشرطة تتوقف على مدخل دار الأيتام ....وأنزل فيصل منها ....وما أن ولج من باب السور حتى شاهد عدداً من الأطفال في مثل سنه وأكبر ...يلعبون الكرة ....وحين شاهدوه ...تركوا مايفعلون وتسابقوا لمعرفة هذا القادم الجديد .
كانت أسئلتهم لاتجد سوى تلك الإجابة المعروفة .....وجاء احد المختصين فأرشده إلى المكان الذي سينام فيه ....وسأل الرجل ...متى سأذهب لبيت أمّي .......فلم يجبه الرجل فأجهش فيصل بالبكاء ...فمادام سينام هنا ....فلن يذهب به أحد إلى بيت أمه .
وفي أبها ....انطلقت حليمة لتتم جولتها بحثا عن ابنها .....وذات ظهيرة ...شعرت حليمة بالأمل يشرق مرة اخرى ....فقد سألت رجلاً عند أحد الدكاكين الصغيرة إن كان يعرف بيت رجل يدعى موسى بن محمد .....فأخبرها أنّ ذلك البيت في آخر الممر لرجل يدعى موسى بن محمد ...فكادت أن تطير ....ميممة نحو البيت .
طرقت على الباب بلهفة .....وسمعت صوتاً من وراء الباب يسأل من الطارق وكانت ليلى الصغيرة ...فقالت:

هل هذا بيت موسى بن محمد ؟!

..قالت نعم ...وهل هو هنا ؟

فجاءتها الإجابة لا ليس هنا إنّه في شرورة .....وهل زرعة هنا ؟

وردت نعم إنها هنا ...وطلبت أن تتحدث إليها ...وذهبت البنت للنداء على أمها .
وفتحت الأم الباب لتفاجأ بشابة تقف أمام الباب ..خيراً إن شاء الله ؟؟
أين ولدي ؟؟؟؟؟
الله يحبكــــــــ(ن)ـــم

صالح بن سعيد 12-24-2011 09:17 PM

متابع القصة بالرغم أنها اثار في نفسي كثيراً من الألم والحزن على الواقع المؤلم
لبعض الأبناء أو البنات مِن زوجات أبائهم
ولحال الزوج الذي ليس له شخصية داخل اسرته .

نزهة المشتاق .. اشكرك و اتمنى لك التوفيق


نزهة المشتاق 12-27-2011 09:09 AM

الفاضل صالح بن سعيد

ممتنة لك غاية الإمتنان على كرم المرور
بهذه القصة المتسلسلة بائعة البخور لصاحبها
قصاص الأثر

دمت بود

سليسلة ابو عبدالرحمن 12-27-2011 12:36 PM

[ متابع باشتياق يانزهة المشتاق هذه القصه االتي قد يكون نسجها من واقع الخيال ولكنها تحكي واقع الحال في ذلك الزمان اللذي لم يكن بعيد جدا بل انه كمافي القصه في التسعينات الهجريه من القرن المنصرم فتابعي فنحن متابعين معك هذه القصه المحزنه شاكرا لك على هذا السرد والنقل الجيد

نزهة المشتاق 12-28-2011 06:54 AM

الأستاذ الفاضل سليسلة أبو عبدالرحمن

كل التقدير لكم على متابعتكم لهذه القصة المؤلمة

دمت بخير وعافية

نزهة المشتاق 12-28-2011 07:21 AM

الحلقة التاسعـــــة (9)




تماسكت زرعه نفسها وهي تسأل من هو ابنك ؟؟ يبدو أنك مخطئة في المكان ......؟؟

فيصل ابني .....!!

وتماسكت زرعة ...ثم ردت بحدة .....وكيف جئت هنا ؟؟

قالت حليمة :

طفت كل أحياء أبها بحثاً عن بيتكم حتى وجدته أخيراً ....فأين ابني ؟؟

وبجفاء وقسوة كان الرد الصاعق على حليمة .....

ابنك مات!!!!

مات ...ماذا تقولين؟!

......وسقطت مغشيّاً عليها على عتبة الباب ..... وتركتها زرعة هناك ....وأغلقت الباب .

أفاقت حليمة المسكينة من غشيتها بعد قليل ...لتعاود طرق الباب بعنف ..

...فهي متأكدة بأنّ زرعة تكذب ..وعادت زرعة لفتح الباب، وهي تنهرها بصوت عال ...ماذا تريدين ؟!

...قلت لك ابنك مات ...مات .

وتمسّكت حليمة برجلي زرعة ...تتوسلها أن تخبرها بالحقيقة .......فقط .

وكررت زرعة نفس الإجابة ....،

.وانتزعت رجلها من بين يدي حليمة الجاثمة على مدخل البيت .....

وهي تقول اذهبي من هنا ...ولو رأيتك مرة أخرى فسأجعلك تندمين .

طيب ..طيب ...أين أبو محمد ؟؟

وماذا تريدين منه ؟

فقط أريد أن أتأكد مماقلته ......فقلبي يخبرني أنك كاذبة ملعونة ، وسأبقى هنا حتى يأتي ......

ضحكت زرعه بسخرية ...وقالت إنّه لن يأتي قبل شهرين أو ثلاثة ....فانتظري إذا شئت .

وأغلقت الباب ...وبقيت حليمة جالسة كالصنم على باب البيت ....تبكي ..وتدعو الله ألاّ يكون ذلك صحيحا .

وبعد ساعات .....جاء محمد ..وحليمة متكومة على نفسها داخل عباءتها على عتبة بيتهم .

..ولم تشعر بوجوده إلا حين سألها ماذا تفعلين هنا يا امرأة ؟؟

قالت ..هل أنت من أهل هذا البيت ...فأجاب بنعم ....أنا محمد ....

فنهضت وتمسكت بكتفيه مستعطفة أن يخبرها أين فيصل ....وفوجيء بالسؤال ..فقد كاد أن ينسى موضوع فيصل .......لكن من أنت ؟

أنا أمه ياولدي ......أين هو ؟؟

صدم قليلاً ... ثم أجابها بتلعثم واضح ....

فيصل مات !!.

وفتح الباب ...ودخل وتركها خارجاً ....

وعادت لجلستها الأولى .......هي متأكدة بأنه لم يمت ...قلبها يؤكد ذلك ...لكن أين هو ؟!

وقررت البقاء هناك ...فقد يأتي الآن من المدرسة .....لكنّه لم يأت ....بل الّلتي جاءت هي ليلى الصغيرة ...تجرجر حقيبة مدرستها ....وفرحت حليمة حين شاهدتها تتوجه نحوها مباشرة .....فوقفت واستقبلتها .....أنت ليلى ؟؟

ووقفت الفتاة الصغيرة متسائلة عن هذه الغريبة التي تعرفها بالإسم ....نعم أنا ليلى ...ومن أنت ؟

أنا أم فيصل ......وفتحت الفتاة عينيها على اتساعهما ....وحليمة تكرر السؤال ...وأجابت الصغيرة بتردد .....يقولون بأنه مات ...أمي وأخي محمد أخبرونا بذلك .

شعرت حليمة أنّ هناك شيئاً ....لاتعرفه ....وعادت للسؤال عن الأب ...فلديه الخبر الأكيد .....لكن البنت أخبرتها أنه في الحرب ...ولا تعلم متى سيعود .

سحبت حليمة قدميها بتثاقل .....عائدة إلى بيت صديقتها أم عبدالله .

دخلت حليمة بيت أم عبدالله ....التي لمحت بقايا الدموع في عينيها ...وألقت بنفسها عليها ...وهي تبكي وتخبرها بما سمعت عن فيصل ....فبكت معها ..وسمع عبدالله الخبر فشاركهما البكاء ....وحاولت أم عبدالله مواساتها ....وأنّ ذلك قضاء الله وقدره ...لكن حليمة صارحتها بشكوكها ....فقلبها غير مصدق بذلك ....وهي شبه واثقة من أن هناك شيئا غريباً .

ومن طرفها ....فاتحت زرعه ولدها اللعين بخوفها من القادم.....فوصول حليمة إلى بيتهم ربما ينذر بالخطر ...وقد تقوم حليمة بتقليب الأمور ...ومحاولة كشف الحقيقة ....خاصة وهي قد صارحتها بشكها فيماقالته عن موت ابنها ..

وماذا نفعل ؟؟ سألت محمد ..

وكان الجواب علينا أن ننتقل من هذا البيت ....والأفضل أيضا أن ننتقل من أبها نهائياً .....ولكن إلى أين ؟

واقترح محمد عليها الإنتقال إلى بيتهم الثاني في الخميس .....فالمدينة مزدحمة أكثر .....ومن الصعب أن تجدنا حليمة فيها .

وأرسل محمد برقية لوالده يخبرهم بانتقالهم إلى الخميس ...حيث سيكونوا أقرب لمكان عمله ....ثم أن محمد ينوي نقل تجارة والدته إلى الخميس ....باعتبارها سوقا أفضل خصوصاً بعد أن أُنشئت فيها مدينة عسكرية جديدة ...واكتضت بالسكان من أفراد الجيش .

وبالطبع ...البرقية ليست لطلب رأيه بل لإخباره فقط ...فرأيه لا قيمة له في ميزان زرعة وابنها .

وهناك في القرية ....بعد رحيل حليمة ....صدمت العمة بما حدث ....لكنها كتمت الأمر خوفاً من الفضيحة ....فلا تعلم بم سيفسر الناس هروبها .....وحين يسألها أحد ...تخبرهم أنها قد عادت لعصمة زوجها السابق .

وبعد شهر آخر .....قررت حليمة العودة لبيت أبي محمد فربما يكون قد عاد من الحرب ....لتعرف حقيقة ما سمعت ....وطرقت الباب لمرات عديدة ...ولا مجيب .....ورآها أحد الجيران حين قدومه من عمله فتوقف إلى جوارها ...وسألته عن موسى وأهله ....فأخبرها بأنهم انتقلوا من البيت ....إلى مكان آخر .....لايعرفه .

وصدمت حليمة ،

وحاولت الحصول على أي معلومة مفيدة عن مكانهم الجديد ....فأخبرها أنهم انتقلوا إلى مدينة أخرى ....لكنه لايعلم أين بالتحديد! .....فقد كتمت زرعة وابنها محمد الأمر عن الجميع ..وحتى عن ابنيها الآخرين ....وليلى ... إلى آخر لحظة .

وعادت حليمة تجرجر خيبة أملها ...وحزنها ..لبيت صديقتها الوحيدة .

وفيصل ...لم يأت لمركز الشرطة أي رد على بحثهم .....وبقي في دار الأيتام ....يردد سؤاله عن أمه ...وأخيه محمد ....ووالده أيضا ........ولم يجد جوابا .

أسماؤهم لم تبرح ذاكرته الصغيرة ...وفكر بالهرب ...لكن إلى أين ؟ وأين هو .....وماذا يفعل هنا ؟!!

.....وعرف من رفاقه في الدار أنهم جميعا هنا لأنّ لا أهل لهم .....!!

لكن أنا لي أهل ......فلماذا جئت معكم .....؟؟

ومرت الأيام ....وأُلحق فيصل بالمدرسة مع زملائه .....وكانوا يخرجون بالأوتوبيس الخاص بالدار ...وفيصل ملتصق بالنافذة ...يتفحص وجوه العابرين ....فربما يجد والده ....أو أخيه ....أو أي أحد ينقذه من هذا المكان الغريب .

بدأ حلم الإلتقاء بأمه ..وأبيه ...يتلاشى مع مرور الوقت ....وأنشغل بدراسته .....رغم أن هناك ذكريات راسخة في راسه الصغير ...تأبى أن تفارقه .

وانتهت الحرب ....بعد أشهر ...وعاد الأب إلى بيته .....ولم يخبره أحد بزيارة حليمة .....وبقي الأمر طي الكتمان ....لولا ليلى الصغيرة ....التي أفرحتها عودة والدها ...فأفرغت أمامه كل مافي جعبتها من أخبار ....عن المدرسة الجديدة ....والبيت الجديد .....ولم تنس أيضا إخباره بزيارة أم فيصل في بيتهم القديم ...!!

فانتفض أبو محمد حين سمع سيرة حليمة و فيصل .....فكيف وصلت حليمة إلى هناك ؟؟

ولم لم تخبره زرعة بذلك ....وعادت الشكوك لتنتابه من جديد حول ماجرى لفيصل ....وقد كاد أن يرغم نفسه على تناسي الأمر......فلا طاقة له بالنزاع مع زرعة ومحمد .....ولا يريد أن يفرط في الأرث الهائل الذي ينتظره .

واجه زرعه بما سمعه من ليلى ...فلم تكترث ...

وقالت له :

وماذا في ذلك ....سألتني عن ولدها ...فأخبرتها بما حدث له بالتفصيل .....وذهبت .

لاحول ولا قوة إلا بالله ......

ولأجل هذا قررت أنت وابنك الأنتقال إلى هنا ......حسبي الله ونعم الوكيل ...




الله يحبكـــــــ(ن)ــــم

يتبع

إن شاء الله


نزهة المشتاق 01-02-2012 07:11 AM

الحلقة العاشــــــــرة (10)




كررت حليمة زياراتها لبيت ابو محمد السّابق ...وفي كل مرة يزداد يأسها من العثور على طفلها المفقود .....وأخيراً تعبت من البحث فتوقفت عن ذلك ...فهي واثقة تمام الثقة أن فيصل حي يرزق ....وكانت أم عبدالله سبباً مساعداً لاقتناع حليمة بالتوقف عن الدوران في دائرة مفرغة .
ولم تعرف حليمة ماذا ستفعل بعد ذلك ....وقررت العودة إلى قريتها ....وأخذت من أم عبدالله بعض المال لركوب سيارة تذهب بها إلى قريتها .....وتوجهت إلى القرية .
ووصلت لبيت عمتها ...التي طردتها شر طردة .....وهي تولول ..فضحتيني بين أهل القرية ....وقد أخبرتهم انك عدت لعصمة زوجك ...فاذهبي إلى حيث أتيت .....وصدمت حليمة بهذا الموقف الغير متوقع من العمة ....ولو أنها أقرت بينها وبين نفسها أن خروجها من بيت عمتها بدون إخبارها كان خطأ فادحا ....لكنها لم تذهب إلاّ لتبحث عن ولدها الذي أخذه أبوه ولم يعد .
ولم تستطع حليمة إقناع العمة ...فعادت من حيث أتت ...لكن إلى أين ياربي ....هل أعود لبيت أم عبدالله ....وقد أثقلت عليها كثيراً ...وليس لي قريب .....ولازوج .
وأقفلت كل الطرقات في وجهها ......لكن الأفضل العودة إلى أم عبدالله .....مؤقتا ......حتى يأتي الله بالفرج .
فيصل من جهته ....إنهمك في دراسته ...وواصل تفوقه ....لم ينس بالطبع أمه حليمة ....ولاأبوه القاسي ...ولا محمد الذي رماه هنا ورحل .
لكن ليس في يده حيلة ...فجعل كل همه أن يتعلم ....وسيعود يوما للبحث عن أمه ....وابيه .
فوجئت ام عبدالله بحليمة تقف ببابها من جديد ...فرحبت بها ..وهي تتساءل عن سبب عودتها السريعة ...فأخبرتها بما حدث من عمتها .....وقالت ....سأبقى عندك يومين او ثلاثة حتى أجد حلا ....فقد أثقلت عليك ببقائي عندك ....وحملتك فوق طاقتك .
أسكتتها أم عبدالله ...وطلبت منها عدم تكرار ذلك ..فهي تعتبرها كأخت لها .....ولاداعي للإعتذار أو التبرير .
أبو محمد من جهته ....حاول جاهداً أن يعرف شيئا عن مصير ابنه .....فلم يجد إلا الجواب السابق الذي قالته زرعه وولدها ...فأستسلم عجزاً ....وطمعا أيضا .
ومرت سنوات .....ولإن الله يمهل ولا يهمل .....فقد تعرض محمد ووالده لحادث مروري شنيع في عقبة ضلع .....مات محمد على إثره بينما أصيب الأب بشلل كامل جعله كالجثة الهامدة ....فلا ينطق ...ولا يسمع ...ولا يتحرك ....فبقي محبوساً في غرفته ...تقوم زوجته على رعايته حيناً ..وأحيانا تكون الإبنة الصغيرة هي من يفعل ذلك ....ومع الوقت بدأت تتبرم من هذا الوضع ..وشعرت بأن ماحدث لإبنها وزوجها هو نتيجة ما فعلته بفيصل وأمه ....لكن ماذا ينفع الندم الآن ؟
فيصل أنهى دراسته الإبتدائية .....وأنتقل إلى المرحلة المتوسطة ....ومحي من ذاكرته كل شيء إلا أمه حليمة ....ولم تغب عن عينيه قط ....لايزال يذكر صورتها .....ونبرة صوتها ....بل ويتذكر تلك الشامة الصغيرة التي تعلو صدرها ....وربما طبعت تلك الصورة في عقله ..مذ كان يرضع ثديها صغيرا .
ربما يتذكر شيئا قليلا عن أبوه ....ربما يتذكر لحيته الكثة ....وكرشه البارزة ....ويتذكر ليلى التي دافعت عنه عدة مرات ...ولعبت معه عدة مرات .....أما زرعه ومحمد فلم يعودا يقطنان خلايا ذاكرته نهائيا ....وربما هو أراد ذلك .
كانت حليمة تفكر كثيرا في البحث عن مخرج لوضعها هذا فماذنب أم عبدالله لتتحملها في بيتها بلا فائدة ....وفتحت الموضوع لأم عبدالله طالبة منها أن تساعدها في البحث عن عمل لها في أحد البيوت كخادمة ....أو طباخة أو أي شيء آخر ....على الأقل لتوفر قيمة طعامها وشرابها بدلا من البقاء عالة على إمرأة مثلها تعيش على مايدفعه أخ زوجها الميت كمصروف شهري .
خرجتا ذات يوم إلى السوق ..مصطحبين عبدالله ...لشراء بعض اللوازم ...ومرتا على أحد أصحاب المحلات في السوق ...لشراء بعض الكحل والبخور ....وشاهدت حليمة رجلا كبير السن يبدو عليه الطيبة يجلس في متجر صغير بجوار المحل الذي دخلتاه ....فلم تتردد في مفاتحته طالبة العثور على عمل ....إبتسم الرجل ...وقال ...لن تجدي أحدا يوظفك خادمة ....فليس هذا معتاداً لدينا ....ولايحدث ذلك إلا في بيوت الأغنياء ولسنا منهم يا ابنتي .
وقبل أن تجتازا باب المحل ....دعاها الرجل للعودة مقترحا عليها عملا قد ينفعها وينفعه ...وإن كان متعبا بعض الشيء ...ففرحت ووافقت قبل أن تعرف ماهو العمل المطلوب .
سأعطيك بعض البخور والعطور وقطع القماش والكحل ...وعليك أن تدوري على النساء في بيوتهن ...وبيعهن ما يطلبنه ...وسأتقاسم معك الربح .......ووافقت فوراً ....ثم قالت لكن ياعمي ...ليس معي ما أعطيك الآن ...فقال ..لا أريد منك شيئا الآن .....توكلي على الله ...وهذه بضاعتك .....وبعد أن أخبرها بثمن كل شيء ...حملت أغراضها في حزمة كبيرة ....وودعته على أن تعود إليه عند إنتهاء البضاعة ليعطيها بضاعة أخرى .
وانطلقت حليمة من صباح اليوم الثاني ...طارقة على كل باب رأته ....وبدأت الأمور تسير في صالحها ....فقد وجدت قبولا من النسوة على بضاعتها ....رغم أن هناك الكثير من العمال اليمنيين ..يفعلون مثلها ...فيحملون بضائعهم على رؤوسهم ويتجولوا في الحواري وهم ينادون بصوت عال .....فرقنا ...فرقنا ....لكن كونها إمرأة جعلها أكثر إقترابا من النساء وبضاعتها أكثر قبولا .
ولم يمض ثلاثة أو أربعة أيام حتى عادت لصاحب المحل ....حاملة غلة البيع ....وسلمتها للتاجر ....فأخذ نصيبه منها ....وسلمها الباقي مع بضاعة جديدة .....وعادت لبيت صديقتها بعد شراء بعض اللحم والفاكهة ولوازم أخرى احتفالا بهذا النجاح ...وفرحت أم عبدالله حين رأت السعادة تغمر وجه صديقتها الحميمة .
وأغتنمت حليمة كل فرصة تجدها حين تمر قريبا من بيت أبو محمد القديم ..للسؤال عنه ......وذات يوم كانت تجلس مع سيدة من أهل الحي الذي يقع فيه بيت أبو محمد ......فسألت المرأة عنهم للمرة الألف ...فأخبرتها أن زوجها سمع من بعض الأشخاص بحكاية الحادث الذي وقع من مصادر مختلفة ......لكنهم لايعلمون ماذا حدث له على وجه التأكيد .....فبعضهم قال أنه قد مات ....والآخر يؤكد أن الذي مات هو الإبن ....وأن الأب لايعي من أمره شيئا ......وأيضا لم يكن يعرف أحدٌ أين يقيم الآن .....فصمتت حليمة وقد أيقنت أن ذلك نهاية الطريق لمعرفة مكان ابنها ... !!
الله يحبكــــ(ن)ـــم

مشرف عام3 01-12-2012 07:56 AM

تابعو مع نزهة المشتاق بائعة البخور

نزهة المشتاق 01-23-2012 08:45 AM

الحلقة الحاديــــة عشرة (11)



بعد ان كبر فيصل أستوعب عقله معنى الموت .....وفكر في ماقيل له صغيرا ان امه ماتت ....يعني أنها لن تعود ابدا .
وهو الآن على وشك إنهاء المرحلة المتوسطة من دراسته ...ومحمد لم يعد ....ومحى من فكره كل تفكير يتعلق بزرعة ...ومحمد وحتى والده .
ركز كل إهتمامه على تعليمه وكان من نخبة المتفوقين ....وكان في قرارة نفسه ينوي أن يعوض كل ما كابده من فقد لوالدته وأهله ....بالنجاح فقط .
تزوجت ليلى ورحلت مع زوجها ...وزرعه بدأت تضيق ذرعا بالأب الملقى كالجثة الهامدة في المنزل...وكانت تتمنى لو يختطفه ملك الموت سريعا ..قبل ان تفعل هي .....بينما التحق ولدها خالد بالجندية ...وعلي ...بقي معها غير أنه كان غير ذي فائدة ...فلا هم له إلا التسكع في المقاهي والتجوال مع رفاقه من الشباب الذين تركوا تعليمهم قبل أن يصلوا للمرحلة الثانوية .
وحليمة ....بدأت تجارتها تزدهر بعد أن اصبح أغلب نساء ابها يعرفنها ..ويعرفن أمانتها وصدقها ....ولم يطل بها الأمر فأستاذنت أم عبدالله ...وأستأجرت بيتا صغيرا لها إلى جوار بيت أم عبدالله ...وبقيت علاقتهما كما هي .....ربما كبر عبدالله هو ماجعل أم عبدالله تسمح لها بالخروج لبيت مستقل ....رغم أن عبدالله كان يتعامل معها بإعتبارها امه الأخرى .
انهى فيصل دراسته المتوسطة بتفوق كما هو معتاد منه ....والتحق بالثانوية ...وكان من خيرة طلاب دار الأيتام بل وأستطاع بتفوقه وأديه ونشاطة أن ينال إعجاب موظفي الدار ومشرفيها .....وفي السنة الثالثة الثانوي ....وقبل منتصف العام بقليل ...فوجيء فيصل بإستدعاء من مدير المدرسة ...فتوجه إلى مكتبه ...وهويتساءل عن سبب هذه الدعوة الغربية ....ودخل لمكتب المدير ليجد أحد زملائه ...وثلاثة اشخاص لم يسبق له رؤيتهم قبل ذلك .....سلم وجلس منتظرا معرفة مايحدث .
عرفه احدهم بنفسه قائلا أنا المهندس عبدالعزيز من شركة ارامكوللنفط .....ونحن في كل عام نبحث عن المتوفقين أمثالكما لنعرض عليهم الإلتحاق بجامعة البترول والمعادن بعد إتمام المرحلة الثانوية ....ونضمن بعدها لكم الوظيفة الممتازة والسكن إضافة إلى مكافأة شهرية طوال مدة دراستكم ..وناولهما كتيب صغير يحمل معلومات عن الشركة وأنشطتها وماتمنح موظفيها من مميزات .
تصفح فيصل وزميله الكتيب ثم أكد موافقته على هذا العرض المغري ....غير ان رفيقه الآخر رفض العرض فهو لايريد الإبتعاد عن جدة ....بينما فيصل ينتظر على احر من الجمر مغادرة هذه الدار والحصول على حريته كرجل ...مستقل .
طلب منه مندوب أرامكو التوقيع على نموذج كان يحمله ثم طلب منه الحضور لمكتب أرامكو في جده بعد حصوله على شهادة الثانوية ....ومر بقية العام سريعا ....وما أن أستلم شهادته حتى توجه نحو مكتب أرامكو بعد ان قام بإخلاء طرفه من الدار وودع زملاءه وموظفي الدار التي حضنته طويلا .
في مكتب أرامكو تم إنجاز الإجراءات وطلبوا منه الحضور قبل بداية العام الدراسي باسبوع واحد ....وخرج من المكتب ....ولم بعرف أين يذهب فهو لايعرف أكثر من دار الأيتام ....ومدرسته وبضع أماكن كان يشاهدها على الطريق بين مدرسته والدار .
شعر فيصل انه تسرع بإخلاء طرفه وإنهاء علاقته بالدار وكاد ان يرجع ...ثم قرر أن يستخدم المبلغ البسيط الذي جمعه خلال بقائه في الدار من هنا وهناك .....ويبحث لنفسه عن مستقر مؤقت حتى يحين وقت الجامعة ....وحملته قدماه نحو أحد المقاهي .
يعرف فيصل هذا المقهى ...فهو المقهى الذي تركه فيه محمد قبل ستة اعوام او تزيد قليلا ....بحث في الوجوه ....لعله يعرف احدا من الذين إلتقاهم تلك المرة ....بحث عن اليمني صاحب المقهى ذو الصوت الجهوري المميز ....فلم يكن هناك .....وبحث عن الرجل العجوز الذي حمله إلى الشرطة ....فلم يكن هناك ايضا .
الإجازة تسير ببطء شديد .....وهو يشعر بالملل من البقاء جالسا في المقهى طول اليوم أو التسكع في شوارع جدة .
أثناء تجول فيصل في سوق جدة عرض عليه أحد التجار العمل في محله ....فقرر قبول هذا العرض ...ليحصل على بعض المال ...ويستفيد من وقته المهدور في ما لافائدة منه .
كان ينام في المقهى كعادة كثيرين من عابري السبيل ومرتادي الأسواق من أماكن بعيدة ...ثم ينهض صباحا فيتوجه إلى الفوال المجاور ....يتناول طعامه ....وكوبا من الشاي ....ثم يتوجه لمحل عمله .....حتى صلاة العشاء ....فيتناول لقيمات من الطعام في احد المطاعنم ...وينام ...
مرت فترة الإجازة سريعا ....وفي الموعد المحدد ...ودع صاحب المحل ..وتناول اجره ....وأنطلق نحو مكتب أرامكو ...وهناك قاموا بعمل الإجراءات المتبقية ....ثم أرسلوه مع عدد آخر من الطلاب الذين تم أختيارهم للمطار متوجهين إلى الظهران حيث مستقبلهم القادم .
صعد فيصل ورفاقه على متن الطائرة مصطحبا حقيبة صغيرة فيها ملابسه القليلة ....وأثبات هويته الجديد الذي منح له أثناء وجوده في الدار ...فيصل موسى محمد......مكان الميلاد أبها .
وعند وصولهم لمطار الظهران كان فريق من أرامكو في إنتظارهم ....فحملوهم في أوتوبيس ضخم ..... ولاحظ فيصل أن منطقة الظهران تختلف إختلافا كبيرا عن أبها وجدة ....فالمدينة صغيرة مقارنة بجدة .....ومنظمة تنظيما مختلفا ....وشاهد الكثير من الأجانب ذاهبون او قادمون من أطراف المدينة .....وفي رحلة الباص الى الجامعة شاهد عدد من معامل النفظ ...تعلو معضمها شعلة النار التي يتم بواسطتها التخلص من بعض الغازات أثناء عملية الفرز والتصفية ....واخيرا...شاهد جامعة البترول والمعادن ببرجها المميز لأول مرة في حياته .
من جهة أخرى حليمة كانت لاتنفك عن الحديث عن ابنها مع أم عبدالله كل يوم ....وهي موقنة تماما انه حي يرزق ...لكنها لاتعرف اين ......ولم تترك عادتها في المرور مرة كل شهر على بيت أبو محمد القديم .....فقد يكونوا عادوا لبيتهم .....وقد تعرف شيئا عن ابنها ....ولم يتغير شيء .....لازال الغموض يحيط بمكان تواجدهم ....ولم تسمع عنهم أي شيء ابدا .
تعبت حليمة من التجوال على البيوت ....فأستشارت أم عبدالله ....وقررت أن تجعل لها مكانا ثابتا تمارس فيه تجارتها ...فحصلت على موقع صغير في سوق الثلاثاء مع عدد آخر من النساء ....وكانت تتوجه إلى هناك يوميا ...ولاتعود إلا عند غروب الشمس ...وشعرت بالراحة قليلا ...فقد أهلكها التنقل يوميا بين حواري ابها المتباعدة ....على أن إستقرارها هذا سيحرمها من البحث الشهري حول بيت أبو محمد .
وزرعة ....أصبحت وحيدة تاما فقد توفي أبا محمد في فراشه ...واستعانت بالجيران ليستدعوا أي أحد من اقاربه ليقوموا بدفنه ...وابنها على واصل مسلسل ضياعه ....وصار نزيل السجن نتيجة قيامه مع بعض الفاسدين من أقرانه بسرقة عدد من المحلات التجارية ...رغم انه لم يكن مثلهم بحاجة غلى المال ...فوالدته تملك منه الكثير ...بل دفعه لذلك مجاراة أقرانه وإثبات أنه رجل يعتمد عليه حسب مفهومهم الفاسد .
الله يحبكـــــــــ(ن)ـــم




نزهة المشتاق 01-23-2012 08:54 AM

الحلقة الثانيــــة عشرة (12)


بدأ فيصل عامه التحضيري بدراسة مكثفة لللغة الأنجليزية ....وبقي مستمرا في تفوقه كما سبق من سنوات تعليمة ....ونال إعجاب مدرسية ...ثم بدأ العام التالي وتخصص فيصل في الهندسة الصناعية ....وأجتاز أعوامه التالية بنجاح كبير ....وفي حفل التخرج كان فيصل يقف في مقدمة الصفوف بالعباءة الجامعية السوداء وهو يتناول شهادته من يد رئيس الجامعة كأفضل طالب في الجامعة من ناحية التفوق الدراسي في مجاله .
وما أن إنفض الحفل حتى كانت أرامكو تمد يدها لمنحه الوظيفة التي وعدته بها .....وحصل خلاف ذلك على سكن فاخر وسيارة لتنقلاته عوضا عن سيارته القديمة التي إشتراها بثمن بخس بعد سنته الأولى في الجامعة .
أستلم فيصل مسؤوليات وظيفته ....وبدا مزهوا بنفسه فخورا بما انجزه حتى الآن ....ورغم كل ذلك فقد مرت بفيصل لحظات يسترجع فيها سنته الدراسية الأولى في المحمدية ...وتلك الأم الحنون التي تستقبله عند عودته كل يوم من المدرسة.....كم تمنى وأنها معه الآن ليشعر بقيمة فرحه وتحقيق طموحه .....لكنه وحيد الآن ....وليس له من يفرح له ...أو يدعو له .
وبعد عام تقريبا منذ إلتحاقه بوظيفته أبلغ عن طريق إدارته أنه مرشح لبعثة دراسية في امريكا .....وفرح كثيرا ...فقد تمنى أن يشاهد أمريكا التي يأتي منها هؤلاء الخبراء الذين يحيطون به من كل جانب ....ولم تمض ايام حتى كان فيصل على متن الطائرة متوجها إلى جامعة هيوستون في تكساس لمواصلة دراسته العليا في الهندسة الصناعية .
كانت كل إجراءات إبتعاثة وسكنه وعلاجة وتنقلاته قد تم تنسيقها عن طريق ممثلية أرامكو في امريكا ....وأستقبل في المطار ثم إلى الجامعة حيث تم تعريفة بمتطلبات الدراسة ...ثم إلى سكنه ضمن الحرم الجامعي .....وتم تعريفه على الخدمات التي تقدم للطلاب وأمكنة المطاعم والعيادة الصحية ومناطق الترفيه والرياضة .
وبدا رحلته الدراسية مع مجموعة من الطلاب من دول مختلفة ....وكالمعتاد ركز فيصل كل جهده على دراستة ...رغم المغريات الكثيرة حوله إلا أنه لم يستسلم لها .....وكان قدوة لبقية الطلاب لمناقشاته واسئلته الكثيرة ....ومحاوراته مع مدرسية حتى خارج قاعات المحاضرات .
كان من ضمن مقررات دراسته زيارة بعض المصانع والمختبرات ....وكان فيصل يشعر بمتعة غريبة حين يستمع لشرح معلمية عن خطوات تصميم وصناعة جهاز ما .
حصل فيصل على الماجستير بعد عامين مع مرتبة الشرف ....وبدأ فورا الإعداد لبحوث الدكتوراه .....ومن ضمن متطلبات البحث القيام بممارسة عملية في بعض المصانع المتخصصة في إنتاج المضخات الضخمة التي تستخدم ارامكو الكثير منها في معاملها ....وحصل على موافقة للإلتحاق باحد مصانع ديترويت العملاقة .
مضت ثلاثة اشهر على إنضمامه إلى فريق العمل في المصنع ....وكان صاحب المصنع ضمن فريق العمل وهو مهندس أمريكي من اصل ألماني ....تعلم في أمريكا ثم حصل على جنسيتها وعمل في عدد من الشركات قبل أن يؤسس مصنعه الخاص ...ولم يكتف بإمتلاكه للمصنع بل بقي عضوا عاملا في مصنعه ...وقام بتكليف شخص آخر بتولي أعمال الإدارة .
لاحظ صاحب المصنع مدى براعة فيصل في عمله ودقة ملاحظاته التي حسنت كثيرا من مستوى افنتاج في المصنع , وفوجيء ذات صباح بفيصل يعرض عليه تصميما لمضخة جديدة ذات مميزات تختلف كثيرا عن المطروح في الأسواق ..وتدارس مهندسو المصنع هذا التصميم الجديد وعملت الإختبارات اللازمة فحقق تصميم فيصل نجاحا رائعا ...وما أن بدئ في عرض هذا المنتج في الأسواق حتى أصبح حديث اصحاب المعامل والمصانع ....وأحتفل الجميع بهذا النجاح الرائع ونال فيصل مكافأة قيمة من صاحب المصنع .
تلى ذلك دعوة خاصة من صاحب المصنع لفيصل لتناول عشاء منزلي خلال عطلة الأسبوع ...وكان ذلك العشاء نقطة تحول كبيرة في حياة فيصل ....فقد تعرف فيصل إلى كارولين أبنة صاحب المصنع والتي تعمل طبيبة اطفال ...وأعجبته كثيرا شخصيتها المرحة وجمالها الرائع ....وشعر فيصل بشعور غريب نحوها ...وهو الذي لم يسبق له ان مر بشعور مماثل رغم انه شاهد الكثيرمن الفتيات في الجامعة وفي المصنع وفي كل مكان لكن أيا منهن لم يكن لها ذلك التأثير الصاخب في حياته .
ثم كانت نقطة التحول الأخرى بأن عرض عليه صاحب المصنع أن يدخل شريكا معه في المصنع بنسبة ممتازة .....لكن عند هذا العرض طلب فيصل مهلة للتفكير .....فدخوله كشريك في هذا المصنع يعني انه سيضطر للبقاء في امريكا بعد الدكتوراه ....وهو ملتزم بعقد مع أرامكو للعودة للعمل أو دفع ماصرف عليه من مبالغ منذ إلتحاقه بجامعة البترول والمعادن ....وهو بلاشك مبلغ كبير .
ومنحه الرجل كل الوقت الذي يريده للتفكير ....وبدلا من أن يفكر في هذا العرض المغرى ..كان تفكيره يقوده نحو كارولين ....في كل مرة .
وبعد أسبوع او اكثر كان الرجل يسأله هل توصل إلى قرارمناسب حول عرضه ....وأجاب فيصل أن الموضوع بحاجة للتفكير أكثر فهناك إلتزام مالي قد لايتمكن من الوفاء به .
وعرض الرجل عليه أن يقوم بدفع أي إلتزامات مطلوبة على أن يتم استعادتها من أرباح فيصل عند دخوله شريكا ....وهو حل مناسب بالنسبة لفيصل .
وقلبه بدا يتعلق بكارولين الذي يبدو انها تبادله نفس المشاعر خاصة بعد أن فوجيء ذات صباح بحضورها إلى مكتبه حاملة معها عدد من قطع الدونات وكأسين من القهوة ...وهي تضحك وتقول قررت ان أتناول إفطاري معك اليوم ......ورحب بها فيصل ...ودعاها للجلوس وبقي يتأمل في عينيها الزرقاوين وشعرها الذهبي وهي تتناول قطعة من الدونات .....ولم يكف بصره عنها حتى سمعها تقول ....لم لاتتناول إفطارك فيصل .....فأنتبه سريعا .....وشعر انه كمن كان في حالة تخدير تام .
ولم يقطع حبل حديثهم وضخكهم سوى دخول والدها الذي اقسم ان هذه المرة الأولى منذ عامين التي تأتي فيه كارولين إلى المصنع ..وقال ضاحكا ....فيصل انت تحدث الكثير من التغيير في كل مكان تأتي إليه ...!!
وحدث الأب كارولين عن العرض الذي قدمه لفيصل ....فأيدت والدها ...وقالت بنبرة شعر فيها فيصل بنغمة خاصة ملؤها الرجاء ....أرجوك يافيصل فكر في هذا العرض ....فهو المستقبل الذي تحلم به ...وليس العودة للعمل موظفا .
ولم يدر فيصل هل يقبل بهذا العرض أم يعود لبلاده ....لكن ماذا يربطه ببلاده ؟؟ لاشيء ...!!
أم ميتة .....واب غير مبال ....وأخ قاس .....وعمة لعينة .....!!
فماذا سيكون قرار فيصل ......؟؟
الله يحبكــــــ(ن)ـــــــم

نايف بن عوضه 01-23-2012 09:18 AM

ان كانت من حبكتك 0 فانتي قاصه بدات بشائرها 0 ويفوح عطرها 0 وان كانت من نقلك فانتي تحسنين الاختيار لما هو واقع وما وقع لشبابنا المبتعثين ولدي من القصص الواقعيه المماثله لطلاب مبتعثين ووقعوا في ما وقع فيه بطل قصتك وابدعوا وكان لهم الاثر الائجابي على انفسهم ووطنهم 0ابنتي الغاليه اكملي سرد القصه باسلوبك المشوق واعذذريني ان تاخرت مداخلتي فسامر تحياتي 00

نزهة المشتاق 01-23-2012 09:40 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نايف بن عوضه (المشاركة 148344)
ان كانت من حبكتك 0 فانتي قاصه بدات بشائرها 0 ويفوح عطرها 0 وان كانت من نقلك فانتي تحسنين الاختيار لما هو واقع وما وقع لشبابنا المبتعثين ولدي من القصص الواقعيه المماثله لطلاب مبتعثين ووقعوا في ما وقع فيه بطل قصتك وابدعوا وكان لهم الاثر الائجابي على انفسهم ووطنهم 0ابنتي الغاليه اكملي سرد القصه باسلوبك المشوق واعذريني إن تأخرت مداخلتي فسأمر
تحياتي 00

صباحك الريحان يارائد الساحات
وهذه القصة أنقلها عن القاص عبدالوهاب الأحمري
فهو كاتب وحكواتي شعبي جميل بأحد منتديات عسير
وربما وقعت حقيقة وربما هي من نسج خيال القاص
ممتنة لسمو روحك هذا المرور الطيب
دمت بخير حفظك الله

نزهة المشتاق 02-06-2012 11:44 AM

الحلقة الثالثــــــة عشرة (13)


لم يستطع فيصل أن يتخذ قرارا حاسما حول مستقبله ....ثم عزم على تأجيل البحث في هذا القرار حتى ينتهي من رسالة الدكتوراه وعندها لكل حادث حديث , وايدته كارولين على ذلك رغم أنها مستمرة في حثه على البقاء والنجاح هناك .
وبقي اسبوعين قبل أن يغادر فيصل ديترويت عائدا إلى هيوستن لإستكمال بحثه الأكاديمي .
اقام والد كارولين حفل شواء كبير توديعا لفيصل على ضفاف بحيرة سانت كلير
في ديترويت وشارك جميع زملائه في المصنع وحضرت كارولين ايضا .
بعد العشاء امسكت كارولين بيد فيصل واخذته بعيدا ...كان يشعر أنها تريد أن تقول شيئا
لكنها مترددة ...وسألها هل تريدين أن تقولي شيئا كارولين ؟ تلعثمت قليلا وقالت ....
أعلم أن ماسأقوله قد يكون غريبا في مجتمعك ....لكن بما أنك هنا فلن أخجل من القول أنني قد أحببتك .....وأنني اتمنى قضاء بقية عمري معك .
تلعثم فيصل ولم يعرف ماذا يقول ....موقف لم يسبق له أن مر بمثله وجرأة غريبة من كارولين لم يتوقعها .
تماسك نفسه قليلا وتنفس الصعداء ...كان يتمنى أن يقول لها نفس الكلام لكنها سبقته .....ثم استجمع شجاعته وأخبرها أنه ايضا يبادلها نفس الشعور ...وأن خجله وبيئته التي اتى منها هي التي منعته من قول ذلك .
وعانقته كارولين بحب شديد ...وشعر فيصل بعد تلك اللحظات أن شيئا ما يتغير في عجلة حياته ....
وعادوا إلى حيث البقية لتنطلق كارولين إلى حيث يقف والدها وهي تقول أبي ....لدي إعلان ..!!
وصعدت على أحدى الكراسي الخشبية قائلة بأعلى صوتها
........اخبرت فيصل أنني أحبه ....وأخبرني أنه يحبني ....فلتهنئونا جميعا ...وعلت حمرة الخجل وجه فيصل الذي لم يتوقع موقفا كهذا ابدا .
وأبتسم الأب بسعادة شديدة .....وقبل ابنته ....وهو سعيد جدا بإختيارها ففيصل شاب يستحق الحب ....وله مستقبل رائع ...وإن كان والد كارولين يشعر بحيرة شديدة حول المستقبل .....فماذا سيحدث لو قرر فيصل العودة إلى بلاده ....وماذا عن كارولين ؟ هل ستذهب معه إلى تلك الأرض البعيدة ....أم سيتركها فيصل ويرحل وكأن شيئا لم يكن .
وماذا ايضا عن إختلاف الديانات ؟ هل سيتحول فيصل غلى المسيحية ؟ أم تتحول كارولين إلى الإسلام ؟ أم يبقى الأمر كما هو عليه خاصة بعد أن عرف من فيصل أنه يجوز للمسلم الزواج من مسيحية ؟
وقطعا لحيرته قرر الأب سؤال فيصل حول ماينوي فعله ....لكن فيصل أخبره أنه ترك التفكير في هذا الموضوع إلى مابعد الدكتوراه .
وبعد ايام عاد فيصل إلى هيوستن وبدأ في أجراءات رسالة الدكتوراه .....بينما يتلقى إتصالا هاتفيا كل يوم من كارولين تطمئن فيه على أخباره ووضع دراسته وبينما يحدثها في الهاتف كانت عيناه تتامل صورتها الجميلة التي وضعها في إطار صغير على مكتبه .
إستغرق فيصل ستة اشهر في إعداد بحثه ثم حلت عطلة عيد الميلاد .....ليتلقى إتصالا هاتفيا من كارولين تخبره أنها ووالديها سيصلان هيوستن مساء اليوم .....وكاد أن يطير فرحا فهو مشتاق كثيرا لرؤية كارولين .....وأستقبلهم في المطار وأصطحبهم إلى فندق جميل في المدينة ....كان سعيدا جدا بهذه الزيارة المفاجئة ....على أنه كان ينوي أن يفاجئهم بزيارتهم في ديترويت لكنهم سبقوه .
ضحك الأب وهو يقول .....هل تعلم يافيصل ......كارولين أرغمتنا على الحضور لرؤيتك ....رغم أننا نعلم أنك منشغل ببحثك ...ثم تطرقا للحديث عن بحثه القادم الذي ألقى عليه الأب نظرة سريعة وأبدى إعجابه بذلك ....وهو يقسم أن ينال فيصل الدكتوراه بتفوق ...فهذا البحث يعتبر جديدا من نوعه .
تحدث فيصل وكارولين كثيرا .....كثيرا ....وفيصل يشعر أنهما في كل لحظة يقتربان أكثر واكثر ..
بعد اسبوع غادر الجميع عائدين إلى ديترويت ......وشعر فيصل بإنقباض لبعض الوقت فسيفتقد حبيبته الشقراء ....لكن لامفر من عودتها فلديها عمل ولديه مهمة تحتاج للتركيز .
بعد شهرين تم تحديد موعد لمناقشة رسالة الدكتوراه التي تقدم بها فيصل وأجتمعت لجنة كبيرة من الأساتذة من نفس الجامعة مع آخرين من جامعات أخرى وبعد إنتهاء المناقشة تقرر منح فيصل درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى وتوصية بطباعة رسالته وإعتمادها ضمن مقررات الهندسة الصناعية في الجامعة .
تنفس فيصل الصعداء ....فقد أنجز مهمته بنجاح , وعاد إلى مكتبه ليلقي نظرة على صورة كارولين ورفع سماعة الهاتف ليتصل بكارولين مخبرا اياها بنتيجة بحثه .....وصرخت فرحا وهي تدعو أبيها وامها لتهنيئة فيصل .
وما أن وضع سماعة الهاتف منهيا مكالمته حتى جاءته مكالمة أخرى من عميد الجامعة طالبا حضوره في مكتبه ....قدم له العميد التهنئة ودعاه للجلوس ليقدم له عرضا بالبقاء في الجامعة عضوا في هيئة التدريس ...مع وعد بتوفير كل مايحتاجه من دعم مالي أو معنوي للإستمرار في بحوثه ضمن الجامعة .
شكره فيصل وهو يخبره بإرتباطه مع أرامكو .....وذكر له ايضا العرض الذي قدمه له والد كارولين للدخول شريكا في المصنع ....وترك له العميد وقتا للتفكير ...مذكرا إياه أن نظام الجامعة يسمح له بالدخول شريكا في عمل آخر بالإضافة إلى إستمراره كباحث لصالح الجامعة .
وعده فيصل بالتفكير في العرض ....وعاد ليتصل مرة اخرى بكارولين ليخبرها عن عرض الجامعة .
أم عبدالله ....جارة حليمة وصديقتها لزمن طويل ومن مدت لها يد العون كثيرا ....مرضت ثم توفيت فجأة .....فكان موتها مأساة كبيرة لحليمة التي كادت أن تلحق بها حزنا .....كانت لها نعم الأخت ....والصديقة الوفية .
وعبدالله ...صديق طفولة فيصل ....كان قدالتحق بالجندية لسنتين أو ثلاث ...ثم حين توفيت والدته ترك عمله ...وبدأ البحث عن وظيفة أخرى بعيدا عن ابها وذكرياتها المريرة ....لامزيد من الأحزان .
وقتها كان قد فتح في أبها مكتب لتوظيف السعوديين تابعا لأرامكو ...وبشهادته المتواضعة التي لاتتجاوز الكفاءة المتوسطة تم قبوله في ارامكو على أن يلحق بمركز التدريب قبل بدء عمله .
وتوجه عبدالله إلى الظهران ....ليسكن وحيدا في أحد البيوت الجاهزة في حي المنيرة بالظهران ...وهو احد المجمعات السكنية التي توفرها ارامكو للموظفين السعوديين .
والتحق عبدالله بمركز التدريب ....فكان يقضي صباحه حتى الثانية ظهرا في مركز التدريب ....ثم إلى المطعم لتناول وجبة طعامة ...ومنها إلى صالة السينما حيث يمكن مشاهدة الجديد من الأفلام السينمائية بريال واحد .....وهكذا مرت فترة التدريب في روتين ممل ...لستة اشهر توجت بتخرجه من المركز ...ثم تعيينة في حقل بقيق .
جاءت كارولين مرة اخرى ...لزيارة فيصل ....متشوقة أن تعرف قراره حول عرض والده ...وعرض الجامعة ....إتصلت به من فندقها ففوجئ ....وفرح ايضا بحضورها ....وفي بهو الفندق ...جلسا لتناول القهوة ....وسألته كارولين عن قراره ....فأكد لها انه في حيرة من أمره ....فهو يريد البقاء في أمريكا ....ويريد العودة لبلده ....وبالطبع كارولين كانت قد عرفت حكاية طفولته كاملة .....وهو يعلم أن لاشيء يربطه ببلده إلا عواطفه ومشاعرغامضة لايعرف كنهها ....ثم أنه لايعلم ماذا سيكون موقف أرامكو من بقائه ...وكم ستكون المبالغ التي سيطلبونه بها .
شجعته كارولين على الإستفسار من مكتب أرامكو ....على الأقل حتى يكون على بينة من الأمر قبل إتخاذ أي قرار ...حرر خطابا إلى مكتب أرامكو شارحا فيه الفرص المعروضة أمامه ...ومستفسرا عن كيفية التعامل مع وضعه .....وأرسل الخطاب للمكتب في واشنطن دي سي .....وبقي عليه إنتظار إجابتهم التي قد تستغرق بين خمسة إلى سبعة ايام .

الله يحبكـــــ(ن)ـــم


نزهة المشتاق 02-14-2012 08:37 AM

الحلقة الرابعة عشـــــرة (14 )


زرعة أصيبت بالمرض الخبيث ولم يبق لها سوى ولدها الجندي في الجيش وابنتها ليلى التي تقيم مع زوجها في منطقة بعيدة ...وإن كانت تعتادها في أوقات متباعدة .
حين شعرت بالموت يقترب منها رويداّ ...رويداّ ، عادت تفتح دفاتر أعمالها السوداء ولات حين مندم .....مافعلته في شبابها من خطايا ...مافعلت بزوجها ...ومافعلت بالطفل الصغير البريء وأمه المسكينة .....لكن هل من طريقة لإصلاح ما أفسدته ؟
وجاءت ليلى لزيارة أمها بعد أسابيع ..فهالها رؤية حالة الإنهيار التي أصبحت عليها .....ولم تتردد في الإفصاح عن كل شيء لابنتها التى فغرت فمها دهشة مماتسمعه ...!!
يعني أن محمد ليس أخاها بل هو ابن خطيئة .....وفيصل لم يمت ...بل أضيع عمداّ في جدة ....يا الله مغفرتك ....وكيف ستصلحين الأمور الآن بعد ربع قرن من الزمن ..؟؟
قالت زرعة ...سأبحث عن حليمة وأخبرها بالحقيقة ...وأرجو الله أن تسامحن على مافعلت بها وبولدها ....وسأدعو ربي أن يتقبل توبتي فيمافعلت من خطايا .
هزت ليلى رأسها بيأس وهي تقول ...وأين ستجدين حليمة ؟
هل تعرفين في أي أرض هي ؟ وهل تعرفين أين تقيم الآن ....قطعا لا ..فكيف ستبحثين ...؟؟
إبنها الآخر ....لازال نزيل السجن ...وبقي وقت طويل قبل خروجه .....ولو كان قريبا فربما ساعدها على البحث ....وخطرت ببال ليلى فكرة غريبة ...قالت تعرفين يا أمي أنّ أم فيصل تعرف بيتنا السابق في أبها ...فلم لاتعودين هناك ...فربما جاءت مرة اخرى ....من يدري ....هذا إن كانت على قيد الحياة ...وباقية في أبها .....ولا أرى حلا أفضل من ذلك ...وأعجبت زرعة فكرة ليلى ....فاتصلت بابنها في مقر عمله ..وطلبت منه الحضور في أقرب فرصة .
وبعد أيام وصل ابنها علي ....الذي كاد أن يغمى عليه حين سمع اعترافات أمه البشعة ....وطرحت عليه فكرة ليلى ...فكان جوابه ...ومالفائدة الآن ؟
هل ستقتلينها مرة أخرى .....فقد فعلت حين كذبت عليها وأخبرتيها بموت طفلها .....والآن ستخبرينها أنه لم يمت ...لكنه مفقود ولا أحد يعرف شيئا عنه .....ربما كان خبر موته أهون من معرفة أنه حي مفقود .....اتقي الله يا أمي .
فعارضته ...وقالت كل ما أريده السماح منها ....ولا شيء غير ذلك ....وبدأت في تجهيز نفسها للعودة غلى ابها ....فوافقها علي مرغما .
وعادت لبيتها ...القديم ....فجئن نسوة الحي لزيارتها والترحيب بعودتها وأخبرتهن بمرضها فدعين الله لها بالشفاء ....وبدأت تستدرجهن لتعرف منهن هل عادت تلك المرأة تسأل عنا ...وتقصد أم فيصل ...وهن لا يعرفن مغزى سؤالها ....فقالت إحداهن ..نعم لقد عادت بعدة انتقالكم لمرات عديدة ...ثم انقطعت فجأة ولم نعد نراها ....وهي كما نذكر كانت تبيع البخور والكحل وبعض العطور في البيوت ...ثم اختفت ولم يرها أحد بعدها .
وسألت زرعة نفسها ...ياترى هل ستعود حليمة للبحث عنا بعد هذا الوقت الطويل جدا ؟!!!.
حليمة بعد وفاة صديقتها .....خالط حياتها حزن شديد ....وشعرت بأنها أصبحت كورقة شجر تطوّح بها الرياح يمنة ويسرة ، ولا حيلة لها في الأمر ...
ولأنها مؤمنة بقضاء الله ....فقد رضيت بالأمر الواقع ...وعادت لحياتها الروتينية ....السوق ....والبيت ....وربما زيارة قصيرة لجارة من جاراتها
....تسلي نفسها بالحديث معهن ..قطعا للوقت وطرداّ للملل والحزن .
بالطبع حليمة منذ زمن بعيد قد يئست من عودة أصحاب البيت ...فلم يعد يخطر ببالها المرور حوله ..
.ثم أنها كبرت في السن وأوهنها مرض المفاصل ... وبالكاد تستطيع الذهاب والعودة إلى السوق ...والبلد أصبحت مزدحمة ولم تعد تلك المدينة الصغيرة البسيطة .
لكنها رغم كل ذلك ....ورغم كل اليأس الذي غشي قلبها وروحها ...لازالت متأكدة بأن ابنها لم يمت ....لكن اين هو ؟؟؟ العلم عند الله فقط .
وفيصل هناك في أمريكا ....صدق حكاية موت أمه منذ زمن بعيد .....بالرغم من أنه لايزال يتذكر كل تفاصيل الأيام القصيرة من عمره الذي قضاه بين أحضانها
....ولم يخطر بباله أن كل ماحدث ليس أكثر من تمثيلية سخيفة ...بطلاها الحقد ...والكراهية .
هاهو الآن في يقترب من عامه الثلاثين ...حقق كل طموحه العلمي ....وينتظر الآن وصول خطاب مكتب أرامكو الذي سيكون نقطة القرار الفاصل ...هل يبقى هناك ..أم يعود لعمله .
وبعد أيام وصل الخطاب المنتظر .....لكنه لم يحمل أي تفاصيل ...فقط عليك الحضور إلى مكتب أرامكو لمناقشة الأمر .....
وعرف فيصل أن الموضوع ليس بالبساطة التي كان يعتقدها ....لكنه رغم ذلك حجز على أقرب رحلة إلى واشنطون العاصمة ...وتوجه إلى مكتب أرامكو ...والتقى بالمسؤولين هناك ...الذين عاتبوه على هذا التفكير ...يافيصل ...أرامكو منحتك الرعاية منذ أن كنت نزيل دار الأيتام ...ثم دعمتك حتى حصلت على أعلى الشهادات ....والآن ترغب في البقاء هنا ؟
تردد فيصل قبل أن يشرح لهم أن هدفه من البقاء هو مواصلة أبحاثه ...وما أن ينتهي منها حتى يعود إلى أرامكو ....وأخبرهم بعرض مصنع ديترويت ...والعرض الذي قدمته الجامعة للبقاء فيها ....واستطاع فيصل إقناعهم بفكرته ....لكن ثمنها سيكون دفع كل المبالغ التي صرفتها أرامكو عليه منذ عامه الأول في جامعة البترول والمعادن .....وناولوه قائمة بالمبالغ التي تجاوزت مليون ونصف دولار أمريكي ..!!
صدم فيصل عند رؤية هذا المبلغ المهول ...ولم يتوقع أن يكون الثمن غاليا ...وودع الجميع ...مخبراّ إياهم أنه سيقوم بإعادة التفكير مرة اخرى .
عاد إلى هيوستون ...وكان أول مافعله هو الإتصال بكارولين ...وشرح لها الأمر ....وحجم المبلغ المطلوب ....
ثم اتصل أيضا بمدير الجامعة ...وأبلغه الخبر ....وعاد للتفكير مرة أخرى ....فالظاهر أن ليس هناك أفضل من العودة إلى بلده .....
على الأقل حتى ينهي فترة الخدمة المطلوبة مقابل مصاريف دراسته وهي تعادل عشر سنوات كاملة .
لكن هناك أمراً آخر .....كارولين ....فيصل يشعر أنه لن يستطيع الإبتعاد عنها ....فذاك فوق طاقته ....وهي الوحيدة في كل العالم
التي لايمضي يوما من حياته دون أن يسمع صوتها .....ويشنف أذنيه بضحكاتها الجميلة .
ولم يستغرق كثيرا في التفكير حتى رن الهاتف .....وكان والد كارولين ....مستفسراّ عماينوي فيصل فعله ....وضحك كثيراّ حين سمع من فيصل بضخامة المبلغ .....وقال له ....فيصل هذا مبلغ تافه .....وسيكون بمقدورك الإنتهاء منه خلال عام واحد إذا قبلت عرضي السابق ....وإذا أردت فسوف أحضر لمقابلتك هذا الأسبوع
ومعي محامي المصنع والعقود القانونية اللازمة .....وفكر فيصل قليلا ثم طلب مهلة للرد .
بعد تفكير عميق ....تخلله عدة اتصالات مشجعة من كارولين ....اتخذ فيصل قراراّ بالبقاء والدخول شريكا في المصنع ....
.ولم يتردد في قبول عرض الجامعة أيضا ....بعد أن أكدوا له قانونية دخوله شريكا في المصنع ...بالإضافة إلى عمله كباحث مستقل لدى مركز أبحاث الهندسة في الجامعة .
وخلال أسبوع واحد كان فيصل شريكا بنسبة ثلاثين في المائة في المصنع ....وباحثاّ غير متفرغ لدى الجامعة .....وكان أسبوع فرحة عارمة لكارولين ...أكثر من أي شخص آخر .
وتم دفع المبالغ المطلوبة إلى مكتب أرامكو والحصول على إخلاء طرف كامل من اي إلتزامات ماليه مع الشركة .
وحسب ظروف عمله فقد انتقل فيصل إلى ديترويت ...وباشر عمله في المصنع ....بكل همة ونشاط .....لكن هناك أمر آخر يريد فيصل أن يتخذ قرارا حاسما بشأنه ....كارولين .


الله يحبكــــ(ن)ـــم


الساعة الآن 01:24 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir