مثقف في مطار عربي!
-لو سمحت ضع الصندوقَ على السّير .
هكذا حيّاه الرجل الذي يبدو عليه أثر الإعياء والتعب ، والذي قام بفتح الصندوق لمعرفة محتوياته . -ما هذه ؟ -كتب -أي كتب ؟ -هي أمامك تستطيع أن تقرأ عناوينها ، كتب علمية وشرعية وسياسية . -أرى معها مصحفاً ؟ -نعم وهل هو محظور ؟ -الأوامر مشددة بعدم إدخال طبعات أخرى للمصحف غير الطبعة المحلية ؛ لاحتمال أن يكون فيها تحريف ! -هذه نسخة واحدة شخصية وصلتني هدية ، وهي مدققة وموثقة ، وحتى لو كان معي نسخة من الإنجيل للاستخدام الشخصي في البحث أو النقد أو التحليل؛ لا أظن أن القوانين تمنع إدخاله ، وكل كتب العالم موجودة على عالم جديد يسميه الناس اليوم بـ " الإنترنت " وفيه كل الكتب والمجلات والوثائق والصوت والصورة ولا حسيب ولا رقيب ! ، وهو في كل غرفة ، وبالألوان إن شئت ! -طيب أنت ليش زعلان ، هذه مهمتنا ، نحن نقوم بواجبنا ! -صمت ! -أرى هاهنا دروعاً تذكارية ؟ -نعم ، وهل هي محرمة أيضاً ؟ -تعرف ممكن يكون فيها إطار ذهبي أو ما شابه ، فلابد من مرورها على الجمارك ! سنحيل الكتب إلى الإعلام ، والدروع إلى الجمرك ، ويمكنك الحصول على ورقة استلام . -متى تخلص ؟ -لا أدري ، العمل كثير ، والموظف مضغوط ، يمكن يراجعنا أحد بعد أسبوع أو شهر ، وإن شاء الله ما نتأخر ! -هل يشفع لهذه الكتب أنها مطبوعة هنا وفي البلد نفسه ؟ -عفواً ، تحتاج إلى تدقيق . كلمة من هنا ، وكلمة من هناك ، والحديث يجرّ بعضه بعضاً ، والأحداث ترتفع ، والنفوس تحتشد ، والموظف يقرر أن " يؤدب " المسافرين الذين يبدو منهم بعض التذمر أو الاعتراض بالإبطاء والمزيد من الاستفزاز ، والمزيد من الإجراءات ، وحيث لا نظام ، فالموظف هو الذي يضع النظام وهو الذي يفسّره ، وهو الذي يطبّقه . عليك ألا تقلق ، فهذا الذي تقرؤه ليس سوى " كابوس " وهمي لا يمتّ إلى الواقع بصلة ، ولم يحدث في مطار " ما " ، معركة لفظية في الذهن ، وأصوات تتعالى في الخيال يفيق منها صاحبنا على صوت الإمام وهو يلتفت إلى المصلين : " السلام عليكم ورحمة الله " . أما الكتب والدروع فستعود ، لكن يخلف الله عليك صلاتك التي ذهبت في سرحان ذهني متكرر؛ تشتد معه الأعصاب ، ويمعن المصلي في الاستغراق في جدل عميق عقيم مع أيٍّ كان .. مرّة مع شرطي المرور ، وأخرى مع موظف المطار ، وثالثة مع بائع التموينات ، ورابعة مع أحد أفراد الأسرة ! أفضل طريقة للتخلص من هذه " الكوابيس " الوهمية التي لا تمت إلى الواقع بصلة ، و.. ، و.. ، هو أن تتلافى حدوثها في ميدان الحياة العملية ، وأن تتكيّف مع الظروف المتفاوتة في المجتمعات التي كُتب لك أن تعايشها ، وتتعوّد فضيلة " الصبر " وضبط النفس ، وحفظ اللسان ، والتجاوز عن العثرة والزلة ، والترفّع عن المنازلة في شيء لا يستحق ، وبقدر احترامك لنفسك تقرر ألا تضعها في مواضع الحرج ، التي يراك الناس فيها ولا يدرون إن كنت مخطئاً أو مصيباً ، لكن يلحظون انفلات الأعصاب ، وزمجرة الغضب ، والترادّ والتلاسن اللفظي ، وربما احتشد أهل الفضول ورأوا وجهك الذي كساه الانفعال ، وأدركوا عدم قدرتك على التحكم في ذاتك ، وهيهات أن تحمي نفسك من الغلط في حق الآخرين , وقد ألجمك الغضب ، واستولى عليك الشر ، وفقدت الحلم ، ولم تعد تفكر في العواقب . أظن -والله أعلم- أن الكثير من الناس يحدث معهم موقف ما ولا ينتهي بانتهاء اللحظة ، بل يرسم لصاحبه مساراً يقضي فيه عمراً طويلاً ، أو عمره كله ، مستغرقاً في نتائج جلسة عاصفة ، أو موقف عابر ، بدأت بالانتصار للنفس ، وإثبات صوابيتها ، وتخطئة الآخرين ، وتحقيق مغالطاتهم وعجلتهم وطيشهم ، حسبما نعتقد .. ، ثم تحوّلت إلى مسار دائم ، بترك العمل في هذه المؤسسة ، أو الهجرة من البلد ، أو مقاطعة هذه المجموعة ، أو فسخ عقد الشراكة ، أو الطلاق ، أو الهجر الطويل .. ولك أن تتوقع تبعات شيء كهذا على النفس التي سيصاحبها الألم ، وحالات الحزن والكآبة والقلق ، ونوبات تأنيب الضمير المتكررة ، وفقدان بوصلة الترتيب للحياة . أو تتخيل أثر ذلك على الآخرين ، بالقطيعة ، أو الفجيعة ، أو الحرمان ، أو الصدمة ، أو تفريق الأحبة .. أو مدى الشرخ الذي يصنعه للمجتمع حين يتحول حراكه إلى معارك ومشاحنات ، وحروب طاحنة ، ومشادات كلامية ، ومخاصمات إعلامية لا تستثني شيئاً ، وتحشد حولها أعداداً جديدة من المتفرجين والبطالين والفارغين والمصفقين ، وتخرج إلى ميادين أدبية وثقافية وشرعية واستدلالات ، وقصتها بدأت من النفس ، فما أحكم ذلك الذي قال : كسب الأشخاص أهم من كسب المواقف . وما أعظم التوصية الربانية : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) أي: ادفع بحلمك جهل من جهل عليك، وبعفوك عمن أساء إليك، وبصبرك عليهم مكروه ما تجد منهم، ويلقاك من قِبلهم. قال الحسن : والله لا يصيبها صاحبها حتى يكظم غيظا، ويصفح عما يكره . اللهم اجعلنا علماء حلماء حكماء, واكفنا شر أنفسنا, وشر كل ذي شر, وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها, إن ربي على صراط مستقيم الكاتب: فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة |
اقتباس:
وشكر خاص لفضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة |
|
اقتباس:
اقتباس:
جزاكم الله خير الجزاء وبارك في اعمالنا واعمالكم |
المواقف كثيره 0 مره وانا عائد من بلد عربي وجدت فيه مصاحف ذات حجم كبير مقس 90 في 60 اشتريت منها مجموعه اردتها هدايا على امل اعمل لها صناديق واهديها لمن يستحقها 0 ووقعت في نفس الموقف 0 حيث الموظف تلككت وتحجج 0 واحترمت ظروفه مع انه كان بامكاني انهاء الموضوع بمكالمه 0 الا انني اردت النظر في العاقبه لاستفيد 0 قلت له انا بالطايف 0 هل ترسلونهاا للطايف قال المسؤل عن ارسالها الجهه التي سنرسلها لها قلت سجل وكالتي لشخص في جده يتم الاتصال عليه لاستلامها 0 ومكثت ما يقارب الشهر حتى وصلتني 0 بشكل سيئ 0 وطلبت مجموعه من المطبعه وحولت لهم المبلغ 0 وقاموا بارسالها على الطايف وهناك حولوها لمكتب الاعلام وانا معها واستلمتها في نفس اليوم 00 قدرات موضف التفتيش تسمح له 00 وهناك من يتجاوز في السماح بالمحذور 0 وهناك المعقد0 وعلينا ان نتلافى مثل ذلك امام ذوي الافق الضيق المحدود 0 0 تحدثتي عن واقع 00 وتشكرين عليه ومن اراد الاستفاده منه فالواقع كما شرحتي وشكرا لك 00 |
اقتباس:
....والدي الفاضل.... http://quran.maktoob.com/vb/up/15819817871672236045.gif |
الساعة الآن 12:43 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir