عرض مشاركة واحدة
قديم 01-22-2011, 07:56 PM   رقم المشاركة : 565
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد عجير is on a distinguished road


 

الحلقة الثالثة عشرة :


عدنا إلى الطائف ومنها ذهبت إلى الباحة لتوقيع الإستمارات من شيخ القبيلة بينما واصل الوالد سفره إلى مكة لأداء سنة العزاء ثم التقينا مرة أخرى في جدة ،


كان علي العودة للرياض بعد أسبوعين لتقديم الأوراق إلى الكلية وإجراء الكشف الطبي وإتمام بقية الطلبات وأثناء وجودنا في جدة إنتقل العم صالح بن جمعان العفاس رحمه الله إلى الرفيق الأعلى إثر حادث سير أليم وكان هو والعم محمد عيسى ممن يحبهم الناس كثيرا فكان موتهما صدمة عنيفة للجميع وللوالد على وجه الخصوص .


في عزاء العم صالح بن جمعان كنت من الشباب المكلفين بصب القهوة للمعزين ومع أن الأجواء كانت مفعمة بالأحزان فقد وقع لي حادثتان ظريفتان في أيام العزاء الثلاثة لم يمحهما الزمن من ذاكرتي :


الأولى :

جاء رجل لوحده لاأعرفه من قبل يؤدي سنة العزاء وبعد أن أخذ مكانه على الكراسي المعدة لجلوس المعزين دخلت

مسرعا إلى حيث تعد القهوة داخل البيت لأخذ مصفاة وفنجال لأباشر عليه كالعادة وكان الآخ المسؤول عن تجهيز

القهوة مشهورا بالدعابة وهو صاحب مقولة ( الهرجة ذيك مامنها شئ ) فلماعبأ المصفاه سألني قبل أن يسلمها إليّ

ـ كم فنجال تبغى ؟ قلت له واحد ! قال ليه كم رجال جاء ؟ قلت له واحد ! قال والله مايذوقها ، ماحد قلله يجي لحاله

وأمسك بالمصفاة ولم يعطني إياها !

ضحكت من كل قلبي حينها مع أن الوقت لم يكن ملائما للضحك وعدت أدراجي إلى خارج المنزل لكي أرى كيف

يتصرف الرجل ومن خلال تأملي لوجهه حفظت تقسيماته عن ظهر قلب وبعد خمس سنوات من ذلك التاريخ ذهبت

لأخطب زوجتي فتفاجأت بأن ذلك الرجل لم يكن سوى والدها وعرفت فيما بعد أنه الوحيد من عائلتها الذي كان على

علاقة حميمة بالمرحوم .



الثانية :

في اليوم الثالث من أيام العزاء تحدث شقيقي مع العم محمد بن قشاط عليه رحمة الله وكان يعمل في المطار وقال له

بأن أخي عنده موعد في الرياض فهل من الممكن أن نجد له مقعدا في طائرة السلاح ؟ لأن الوالد خايف عليه من

حوادث السيارات إذا ذهب بالبر ! فلم يتردد عليه رحمة الله ولم يتلكك وقال متى بيسافر ؟ قال بكرة ! قال خلّه يجيني

على المكتب في الصباح ! ذهبت إليه في مكتبه على الموعد فإذا به يسلمني بطاقة صعود الطائرة ( رحلة الخطوط

السعودية ) وكانت المرة الأولى التي استقل فيها الطائرة ولا أدري لعله تكفل بدفع قيمة التذكرة من جيبه الخاص

رحمه الله رحمة واسعة دعوة أدعو بها له في ظهر الغيب كلما ذكرته وكلما صعدت سلّم طائرة .



وصلت الرياض وكان عليّ أن أحصل على حفيظة نفوس قبل الذهاب إلى الكلية فما كان من العم محمد بن شويل إلا أن أخذني إلى المصور لعدم وجود صور شمسية معي فأعطاني عقاله أتصور به ( لم تكن موضة وجود عُقُلْ لدي الأستديو منتشرة ) فتصورت ثم اصطحبني إلى العم سعد قاز في أحوال الرياض وحصلت على الحفيظة في يومين على غير ماجرت به العادة .


سلمت أوراقي إلى الكلية وإجتزت الكشف الطبي وأكملت بقية الإجراءات وكان العم محمد بن شويل وراء كل مشوار احتاج إلي الذهاب إليه بنفسه وبسيارته ولم يدعني حتى التحقت بالكلية وانتظمت بها رضي الله عنه وأرضاه وأصلح له دينه ودنياه وأحسن الله لنا وله الخاتمة .


مرّ عليّ اسبوعان عصيبان قاسيان داخل الكلية شاهدت بعدها أحد زملائي في ثانوية السروات ممن تقدم إلى الكلية أيضا مرتديا ثوبه في الساحة ( كان الطلاب الأقدم منا بسنة أو سنتين في الكلية يطلقون على الثوب فستان نكاية في من يرتديه لأنهم لا يعتبرونه رجلا طالما لم يستطع تحمل قسوة الكلية وشراسة الحياة العسكرية ) مغادرا الكلية بعد أن تقدم باستقالته منها فتمنيت أني مكانه وأني لم أقبل بها من الأصل وراودتني نفسي تركها والإلتحاق بدورة عقدت لخريجي الثانوية العامة في نفس العام مدتها ستة أشهر لتأهيلهم ليكونوا مدرسين للمرحلة الإبتدائية نظرا لحاجة الوزارة في ذلك الوقت لمعلمين لتلك المرحلة لكن خوفي من شماتة الشامتين ومن ارتداء الفستان حالت دون ذلك وكل إنسان ميسر لما خلق له .

القاكم بخير .

 

 
























التوقيع