عرض مشاركة واحدة
قديم 05-27-2012, 01:39 PM   رقم المشاركة : 23

 

الغباء هو ما ذكرت أخي أحمد ولا شك أنه لا يعد ميزة أجارنا الله وإياكم منها، إلا أن التغابي ليس السذاجة كما ذكرت بل التغابي فعل مقصود بعينه وقد كانت العرب تعترف به

باعتباره فعلا محموداً فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو من هو في البلاغة والفصاحة نجده يأمر بالتغابي عندما عهد إلى مالك بن الحارث الأشتر حين ولاه مصر(فَاسْتُرِ اَلْعَوْرَةَ مَا اِسْتَطَعْتَ يَسْتُرِ ‏اَللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ أَطْلِقْ عَنِ اَلنَّاسِ عُقْدَةَ كُلِّ حِقْدٍ ‏وَ اِقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْرٍ وَ تَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لاَ يَصِحُّ لَكَ وَ لاَ تَعْجَلَنَّ ‏إِلَى تَصْدِيقِ سَاعٍ فَإِنَّ اَلسَّاعِيَ غَاشٌ وَ إِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ) وتغابَ عن كلِّ ما لا يَصِحُّ لك أَي تغافَلْ وتَبالَهْ كما ورد في لسان العرب كما أن البيت الذي صدر به المقال هو للشاعر الكبير

حبيب بن أوس بن الحارث الطائي المعروف باسم أَبو تَمّام وهو من شعراء العصر العباسي ويعدأشد التصاقا بالتراث من غيره , وهو أشدهم ميلا للمحافظة على التقاليد الموروثة ذلك

أن أبا تمام عربي النسب من طي يضاف إلى ذلك العصر الذي عاش فيه أبو تمام ومن تلك القصيدة الأبيات التالية

فأَتَوْا كَرِيمَ الخِيمِ مِثْلَكَ صَافِحاً = عَنْ ذِكْرِ أَحْقَادٍ مَضَتْ وضِبَابِ

لَيْسَ الغَبِيُّ بِسَيد في قَوْمِهِ = لكنَّ سيِّد قومهِ المُتغابي


قَدْ ذَلَّ شَيْطَانُ النفَاقِ وأَخْفَتَتْ = بيضُ السُّيوفِ زئيرَ أُسدِ الغابِ






ولكي يكتمل الرد رأيت أن أعرّج على موضوع الجهل ففي لسان العرب : الجَهْل: نقيض العِلْم،.

وتَجَاهل: أَظهر الجَهْل؛ عن سيبويه. وعن الجوهري: تَجَاهَل أَرَى من نفسه الجَهْل وليس به، ومنه البيت الذي ورد في قصيدة أبي العلاء المعري:

ألا فـي سـبيلِ المَجْدِ ما أنا فاعل* عَـفافٌ وإقْـدامٌ وحَـزْمٌ ونائِل

أعـندي وقـد مارسْتُ كلَّ خَفِيّةٍ *يُـصَدّقُ واشٍ أو يُـخَيّبُ سائِل

إذا هَـبّتِ الـنكْباءُ بيْني وبينَكُمْ *فـأهْوَنُ شـيْءٍ ما تَقولُ العَواذِل

تُـعَدّ ذُنـوبي عـندَ قَـوْمٍ كثيرَةً *ولا ذَنْـبَ لي إلاّ العُلى والفواضِل

كـأنّي إذا طُـلْتُ الزمانَ وأهْلَهُ *رَجَـعْتُ وعِـنْدي للأنامِ طَوائل

وقد سارَ ذكْري في البلادِ فمَن لهمْ *بـإِخفاءِ شـمسٍ ضَوْؤها مُتكامل

يُـهِمّ الـليالي بعضُ ما أنا مُضْمِرٌ *ويُـثْقِلُ رَضْوَى دونَ ما أنا حامِل

وإنـي وإن كـنتُ الأخيرَ زمانُهُ *لآتٍ بـما لـم تَـسْتَطِعْهُ الأوائل

وأغـدو ولو أنّ الصّباحَ صوارِمٌ *وأسْـرِي ولو أنّ الظّلامَ جَحافل

وإنـي جَـوادٌ لـم يُـحَلّ لِجامُهُ *ونِـضْوٌ يَـمانٍ أغْـفَلتْهُ الصّياقل

وإنْ كـان في لُبسِ الفتى شرَفٌ له *فـما السّيفُ إلاّ غِمْدُه والحمائل

ولـي مَنطقٌ لم يرْضَ لي كُنْهَ مَنزلي *عـلى أنّـني بين السّماكينِ نازِل

لَـدى مـوْطِنٍ يَشتاقُه كلُّ سيّدٍ *ويَـقْصُرُ عـن إدراكـه المُتناوِل

ولـما رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشياً *تـجاهلْتُ حـتى ظُـنَّ أنّيَ جاهل

فوا عَجَبا كم يدّعي الفضْل ناقصٌ *وواأسَفا كم يُظْهِرُ النّقصَ فاضل



إلى آخر هذه القصيدة الجميلة التي تستحق أنت تنشر في ساحة الأدب وقد اورد أخي أبو ناهل شيئا منها في مدونته ولعلي أفعل ذلك يوما


وللجميع تحياتي ومودتي

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس