قال الله تعالى
لقمان
هذه موعظة بليغة ، وكلمات جامعة ،
وأسلوب بديع ذكره ربّنا – سبحانه – على لسان لقمان الحكيم وهو يُؤدّب ابنه ،
مبيناً له سَعة علم الله - عزّ وجَلّ - وإحاطته بجميع الأشياء صغيرها ،
وكبيرها ، ودقيقها ، وجليلها ،
وأن الله - تبارك اسمه ، وتعالى جَدّه - مُطّلعٌ على دقائق الأمور كلها لا تخفى عليه خافية ،
ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء .
فلو أنَّ الحسنات ، والسيئات كانت مثل حبة خردل متناهية في الصغر ،
وكانت في بطن صخرة صماء ، أو كانت في أرجاء السموات
أو في أطراف الأرض لعلم مكانها وأتى بها - سبحانه وتعالى -
فهو لَطِيف بِاسْتِخْرَاجِهَا خَبِير بِمُسْتَقَرّهَا ،
فلا إله إلا الله الذي أحاط علمه بكل شيء ،
يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء ،
ويرى مخ ساقها وجريان الدم في عروقها ؛ فأين يختبئ منه العاصي إذا أراد أن يعصيه ؟
والمسلم إذا تدبّر هذه الآية ،
واستشعر معانيها ؛ فإنّه يوقن أنّ الله يراه ويراقبه في كل حين ،
فتعظم المراقبة في نفسه ، ويجعل خشية الله في قلبه ،
فلا يجرؤ على عصيان مولاه الذي يراه ، ولسان حاله يقول :
إذا ما خلوت بريبة في ظلمة ...... والنفس داعية إلى العصيان
فاخشَ من نظر الإله وقل لها ...... إنّ الذي خلق الظلام يراني
اللهمّ ارزقنا خشيتك في السرّ والعلن ،
واسترنا ولا تفضحنا ، وعاملنا بما أنت أهله ؛
فأنتَ – سبحانك – أهل التقوى ، وأهل المغفرة .
تحياتي
...........