أن يسافر الأفراد للبحث عن العمل وطلب لقمة العيش أمر طبيعي ولكن غير الطبيعي في الايدولوجيا الاجتماعية القروية أن يهاجر الشخص بأسرته ، وينتقل للعيش في مدينة أخرى غير قريته.
وهذا التفكير كان سائدا وبقوة حتى حلت الطفرة الأولى. وخرصان في هذه القصيدة الرائعة وصل إلى علمه أن صديقا له يريد الانتقال والعيش في مدينة من مدن المنطقة الغربية بعد أن من الله عليه بعقار في تلك المدينة ، فعالج خرصان هذا الأمر بطريقته المبدعة والجميلة ، حيث لفت فيها نظر الصديق بأسلوب ساخر لذيذ كعادة خرصان .
وقد غلف القصيدة ومعانيها بشيء من الدعابة وزخرفها بهموم المزارع الذي ترك أهله العمل في البلاد بعد أن تطرق إلى فضل الدولة وإسهامها في خدمة المزارع والزراعة في فترة لم يكد يخلوا فيها بيت من آلة الحراثة الميكانيكية المصروفة من الدولة، إضافة إلى القروض والمساعدات الفنية واللوجستية .
ولكن المزارع في المقابل ركن إلى الكسل وأطاع الخاملين من أهله .
وقد لامس خرصان بهذه القصيدة أيضا قضية شائكة تتعلق بدور المرأة قديما في البيئة الاجتماعية القروية وما آلت إليه بعد ذلك.
والله لبطلنا من الشغل يا سيدنا
نبغي نريح سيداتي وسادتي
الحكومة نصرها الله ما قصرت بأعمالها
أرشدتنا وقالت كل زراع يبشر بالمعونة
يشتغل في البلاد ويستلم له فلوس وما عليه
غير راعي البلاد آبى من الشغل ويطالب حكومة
قال عندي يجي خمسة نصوب ما يجيله رابعة
وغدا يتورد له مصاريف من ذيك الدراهم
قال يا أهلي كلوا وتريحوا والبلاد اشلي بها
قالوا أهله لو إنا في المدن كان عشنا واسترحنا
وأنت سورك بسيارة ونقرب لصحية بلاش
قال يبغي لنا شقة ويبغي لنا عانه وزانه
قالوا المح لنا غرفة صغيرة ونكري بيتنا
كل غندور سافر والخطل في بيوت البق بقي
راحوا الناس للطايف ومكة وفي جده عوايل
كل شي عندهم وتريحوا وأنت عينك طايرة
ضيعتنا بلادك ما المعاشات وش يبقى لنا
والله لبطلنا من الشغل يا سيدنا
نبغي نريح سيداتي وسادتي
للإستماع للقصيدة