.
*****
قال ابن إسحاق : وكان حسان غائبا   فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
قال حسان جاءني رسوله فأخبرني أنه إنما دعاني لأجيب شاعر بني تميم 
فخرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول :
منعنا رسول الله إذ حل وسطنا = على أنف راض من معد وراغم 
منعناه لما حل بين بيوتنا = بأسيافنا من كل باغ وظالم 
ببيت حريد عزه وثراؤه = بجابية الجولان وسط الأعاجم 
هل المجد إلا السودد العود والندى = وجاه الملوك واحتمال العظائم 
 
قال فلما انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام شاعر القوم فقال ما قال عرضت في قوله وقلت على نحو ما قال . 
قال فلما فرغ الزبرقان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت ( قم يا حسان فأجب الرجل فيما قال ) . 
فقام حسان فقال :
إن الذوائب من فهر وإخوتهم = قد بينوا سنة للناس تتبع 
يرضى بهم كل من كانت سريرته = تقوى الإله وكل الخير يصطنع 
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم = أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا 
سجية تلك منهم غير محدثة = إن الخلائق فاعلم شرها البدع 
إن كان في الناس سباقون بعدهم = فكل سبق لأدنى سبقهم تبع 
لا يرفع الناس ما أوهت أكفهم = عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا 
إن سابقوا الناس يوما فاز سبقهم = أو وازنوا أهل مجد بالندى متعوا 
أعفة ذكرت في الوحي عفتهم = لا يطمعون ولا يرديهم طمع 
لا يبخلون على جار بفضلهم = ولا يمسهم من مطمع طبع 
إذا نصبنا لحي لم ندب لهم = كما يدب إلى الوحشية الذرع 
نسمو إذا الحرب نالتنا مخالبها = إذا الزعانف من أظفارها خشعوا 
لا يفخرون إذا نالوا عدوهم = وإن أصيبوا فلا خور ولا هلع 
كأنهم في الوغى والموت مكتنع = أسد بحلبة في أرساغها فدع 
خذ منهم ما أتى عفوا إذا غضبوا = ولا يكن همك الأمر الذي منعوا 
فإن في حربهم فاترك عداوتهم = شرا يخاض عليه السم والسلع 
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم = إذا تفاوتت الأهواء والشيع 
أهدى لهم مدحتي قلب يؤازره = فيما أحب لسان حائك صنع 
فإنهم أفضل الأحياء كلهم = إن جد بالناس جد القول أو شمعوا 
 
قال ابن هشام : أنشدني أبو زيد : 
يرضى بها كل من كانت سريرته = تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا 
 
*****