استحكمت حلقاتها
أضجع أحد الجزارين كبشا ليذبحه بالقيروان،
فتخبط بين يديه وأفلت منه وذهب، فقام الجزار يطلبه وجعل يمشي إلى أن دخل إلى خربة،
فإذا فيها رجل مذبوح يتشحط في دمه ففزع وخرج هاربا.
وإذا صاحب الشرطة والرجالة عندهم خبر القتيل،
وجعلوا يطلبون خبر القاتل والمقتول،
فأصابوا الجزار وبيده السكين وهو ملوَّث بالدم والرجل مقتول في الخربة،
فقبضوه وحملوه إلى السلطان فقال له السلطان: أنت قتلت الرجل؟
قال: نعم!
فما زالوا يستنطقونه وهو يعترف اعترافا لا إشكال فيه،
فأمر به السلطان ليُقتل فأُخرج للقتل، واجتمعت الأمم ليبصروا قتله،
فلما هموا بقتله اندفع رجل من حلقة المجتمعين
وقال: يا قوم لا تقتلوه فأنا قاتل القتيل!
فقُبض وحُمل إلى السلطان فاعترف وقال: أنا قتلته!
فقال السلطان قد كنت معافى من هذا فما حملك على الاعتراف؟
فقال: رأيت هذا الرجل يُقتل ظلما فكرهت أن ألقى الله بدم رجلين،
فأمر به السلطان فقُتل ثم قال للرجل الأول: يا أيها الرجل ما دعاك إلى الاعتراف بالقتل وأنت بريء؟
فقال الرجل: فما حيلتي رجل مقتول في الخربة وأخذوني وأنا خارج من الخربة
وبيدي سكين ملطخة بالدم،
فإن أنكرت فمن يقبلني وإن اعتذرت فمن يعذرني؟
فخلَّى سبيله وانصرف مكرَّما.