عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2009, 07:29 PM   رقم المشاركة : 43
إضافة رد


 

بسم الله الرحمن الرحيم


العم أحمد بن عبد الرحمن رحمه الله كان مثالا يحتذى به في الدين والدنيا – ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعت-
حريص على إقامة شعائر الله ، ولمثل هذا فليتسابق المتسابقون .
أما من حيث الدنيا فالله جل وعلا يقول : { ......... ولا تنس نصيبك من الدنيا}
وفي الحديث الشريف : { أعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً } اعرف أن مزارعه كانت من أفضل المزارع لأنه كان يخدمها وكانت تعطي أفضل الثمار وكنا نغبطه على ذلك.
كان يعمل في التجارة وعرف عنه الذكاء والفطنة .
حكى لنا عمي دغسان أبو عالي - يرحمه الله - قصتين تدلان على ذكائه .
فأولها يقول : أن المرحوم علي بن محمد والد التابعي رحمهم الله كان يعمل في مكة وقد أخرج لأهله (بقشة) فيها ملابس لأهله وغير ذلك وبعد مدة قصيرة سافر الديرة ولكن بيدين فارغتين فسألته أم أحمد : (وش بك ياعلي خرجت بإيد قدامك وإيد وراك ؟!! وين المقاضي؟!! أجابها مندهشاً ، المقاضي أخرجتها لكم مع ( السّمع من دار الأطاولة ) قالت : ماجانا شيء .
ذهب مسرعاً إلى العم أحمد بن عبدالرحمن رحمه الله فهو الركن الذي يلجؤون إليه لحل مشاكلهم بعد الله ، وأخبره بالأمر فرد عليه قائلاً : ( السّمع رجل ثقة وهو من أرحامنا ولو أعطيته البقشة لجاءنا بها لو كان على كسر الساق ولكن أنت واهم ولابد أنك أعطيتها شخصاً آخر ، هيا قم معي .
تمنطق الشيخ أحمد ببندقيته وجنبيته وأسرج حمارته .
مشيا حتى وصلا إلى الأطاولة ورحب بهم السّمع وأخبراه بالأمر وقال: ياعيباه ياعلي ؟؟ لو كان أعطتيتني وداعة لو ديتها إلى بيتكم ، ولكن المرحوم أحمد بن عبد الرحمن بفطنته قال : أعلم إنه ما أعطاكها وأنت ثقة وقد قلت له هذا الكلام ، لكن أعطاها واحداً يشبهك ، من هو ياترى هذا الشخص الذي هو شبيهك من زهران ؟ فكر طويلاً وقلّب في الذاكرة وقال: أعرف واحداً هو شبيهي من دار (مولغ) في زهران فإذا كان هو فترى
ماتخلص منه الدولة - قضام روس – ولكن الله يعينكم عليه رجع أحمد بن عبد الرحمن وعلي بن محمد إلى الظفير وأعلم الأمير بالقصة وهو تركي بن ماضي في ذلك الزمان وقد تزوج واحدة من المنطقة
إسمها (مهرة ) أو قد تكون صفة لها وفيه تقول الشاعرة :

تركي حكم من شامها لا يمنها *** وفاد مهرة ينكتب في قدمها

*وهذا كناية عن شدة بياضها وحسن جمالها .

طلب من ابن ماضي ورقة لإحضار ذلك الخصم في حال امتناعه عن إعطائهم ( البقشة ) ، وثق بن ماضي في كلامه واعطاه الورقة .

وصلا الى قرية مولغ قبيل أذان المغرب ، وسأل أبو سعد عن بيت ذلك الرجل حتى وصلا فلما رآهما عرفه المرحوم علي بن محمد اما هو فكأنه رأى الموت ، لم يرحب بهما كعادة العرب بل سأل مستنكراً عن مجيئهما في هذا الوقت ؟ أجابه الشيخ احمد إجابة مختصرة ليس فيها استجداء ولا منّة بل يغلفها التهديد والوعيد فقال:الرجل هذا أعطاك وداعه ولم تؤدها والآن هات الوداعة وإلا هذه ورقة من تركي بن ماضي يطلبك الحضور وعليك ان تمشي معنا في الحال، فكر في الأمرين ، وحسبك من أمرين أحلاهما مر ، لكنه اختار أيسرهما ، وعلى الفور جمع أبناءه وبناته وتلقّط الكـوافي والعمائم من فوق رؤوس أبنائه والشيال والمعاصب من فوق رؤوس بناته وزوجته أما الحنبص والحلاوة فقد أكلوها ، بعض الناس ما ينفع معه الا العين الحمراء كما قال الشاعر: ولا خير في حلم إذا لم تكن له *** بوادر تحمي صفوه أن يكدّر
او كما قال المتنبي: ووضع الندى في موضع السيف بالعلا *** مضر كوضع السيف في موضع الندى

فتش علي بن محمد البقشة ووجد أكثر مقاضيه ولكن الشيخ أحمد من طبعه عدم استيفاء حقه كله فقال لرفيقه:مشينا .

ومما يؤثر عنه رحمه الله قوله : لا تأخذ حقك كله واترك لخصمك شيئا يبرد غليله ، وإذا أتاك المقصود فلا ترده ، وإذا جاءك المصلح فألقه في منتصف الطريق.

توفي رحمه الله ولكن عمله من الدنيا لم ينقطع لأنه خلف كوكبة من الأبناء الصالحين يدعون ويتصدقون له وعلى رأسهم الشيخ سعد ذلك العصامي ، نحسبهم كذلك وهو أعلم بمن تزكى .
لازال في الجعبة قصة أخرى تدل على ذكائه وفطنته يرحمه الله وحتى لا أثقل عليكم نكتفي بهذا القدر من سيرة (أبو سعد ) وإلى لقاء آخر يتجدد معكم ومع الحرف إن شاء الله
.

 

 

   

رد مع اقتباس