عرض مشاركة واحدة
قديم 06-14-2010, 08:46 PM   رقم المشاركة : 218

 

( الحلقة الثّالثة مِن الذّكريات )
أيّهــا الأحباب ... لقد توقّفتُ عِند الخطّ والإملاء والخُطب الإرتجاليّة اللتي تُطلب مِنّا في المناسبات ! وهذا إعداد جيّد ومُبكّر لخطيب المستقبل ! ولزرع الثّقة والجُرأة في هذا الطّفل ليتعوّد مُنذ الصّغر ؛
وينشأ ناشئُ الفتيان مِنّا ..... على ما كان عوّدَه أبُوه
فيحرص الآباء على هذا الإعداد وكذلك المعلّمون ؛ فلا مجال للخجل أو التّخاذل ! وأعود بالذّاكرة لبدايات الدّراسة في بيت العجمة رحمه الله وأعتقد أنّنا مكثنا ببيت العجمة ثلاث سنوات ونصف ( وأرجو مِن أخي عبد الحميد صوهد يصحّح لي إن كُنتُ مخطئاً ) أي أنّنا درسنا الصّفّ الثّاني والثّالث والرّابع وربّما جُزءاً مِن دراستنا بالصّفّ الخامس ببيت العجمة ثُمّ إنتقلنا في بيت علي بن قسقس بالحِلّه ، وكان مدرّسي لمادة اللّغة العربيّة بالصّفّ الرّابع هو شيخنا وأستاذنا علي دغسان وكان له أسلوباً مُميّزاً في الشّرح وبصمة يُعرف بها ولو سألت أيّ زميل عن الحروف الناسخة والأفعال الناسخة والضمير المستتر لأعطاك الجواب فوراً ! وأذكر أنّ شيخنا كان يُجلسني في أوّل الصّف ويضع كُرسيّه أمامي ويا ويلي لو غلطت غلطة واحدة وكُنتُ أتحاشا ضربات الجُمْع في جبهتي هذا وهو الصّديق الصّادق لوالدي وبينهما مِن المحبّة والمودّة والإحترام وقضاء الحاجات ما الله به عليم مِن أجل هذا يحرص رحمه الله على أن أكون متميّزاً بين أقراني بحكم الصّداقة اللتي ذكرت وليس مِثل صداقات اليوم بالدَّف وتقديم خِدمة غير نظامية للأصدقاء مِن أناس باعوا ضمائرهم ! أعود لموضوعنا عَن الإنتقال لبيت علي بن قسقس فأذكر أن فصلنا كان ثاني فصل مِن الجهة الجنوبيّة الغربيّة مِن المبنى أمّا الفصل الأوّل فهو للصّفّ السّادس الّذي أصبح فيما بعد مكان المجلس الأمامي مِن جهة الشّرق والّذي درسنا فيه بالصّفّ السّادس أمّا الإدارة فكانت في المجلس الأمامي مِن جهة الغرب ؛ وكان إنتقالنا إلى بيت علي بن قسقس داعماً لزيادة الجرعات الرّياضيّة الصّباحيّة وأداء التّمارين الرِّياضيّة السّويديّة نظراً لأنّ المعرض جنبنا وأقيمت في جنباته المداريه والسّلالم الحديدية واستحدث ملعباً للطّائرة بجانب المقبرة أمّ المعرض فللتّمارين الصّباحيّة ولعب كرة القدم وإقامت الحفلات .
أذكر أنّنا تذوّقنا ولأوّل مرّة في حياتنا مُربّى التّفاح حيث صنع الأستاذ الأجنبي محمّد المصري وفي حصّة العلوم هذا المربى ونفّذناه كدرس عملي وقام بتذويق جميع الطّلاب على ما أعتقد يمرّ على كلّ طالب وبالملعقة يأخذ قليلاً ويدخله في فيه وهذه سابقة لم تحدث قبل هذه المرّة وأوّل درس عملي يُنفّذ ؛ وما ألذّه وما أطعمه ! وقبل أن أنسى كان المعلّمون في بيت العجمه يتناولون وجبة الغداء في الفسحة وهو عبارة عن أرزّ يعِدّه محمّد سعيد العبّاسي مستخدم المدرسة في بيت علي بن قسقس ــ السّافلة ــ وأذكر أنّ أستاذنا وشيخنا صالح الزّبير رحمه الله كان يخرج مِن الباب الشّرقي فيناديني عِند مشاهدتي في ربعة العجمه ويقول يا سعااااد ( قُل لمحمّد سعيد : الأستاذ صالح يقول هات علومك ) والشّفرة هذه تعني هات الغدا ! وكان التّلاميذ لا يبتعدون عن الباب ليلتهمون ما تبقّى مِن الرّزّ ! يحظى بذلك مَن يستدعونه لاحقاً !
إنتقلنا إلى الصّفّ السّادس وكان معلّمنا في اللّغة العربيّة الأستاذ سعيد بن مِزنه ــ هكذا ينادونه وهو مِن العبّاس وقد إستفدنا مِنه كثيراً وكان يستدعينا إلى بيته ويقوم بتدريسنا وتقويتنا وبدون مقابل وكان يقدّم لنا كفكيرة الشّاهي الكبيره ونحن لها متلهفين ومترقّبين رحمه الله .
وكان الأستاذ المدير حسين بن عبدان يدرّسنا القرآن الكريم ( كيف ). يأتي إلينا ويقول إقرأوا مِن هنا إلى هنا ، إحفظوا مِن هنا إلى هنا ويذهب إلى الإدارة ! وفي الغد يأتي ويطلب مِنّا التّسميع واحداً تلو الآخر وأيّ غلطة مِن أيّ طالب يقف للعقاب فيقف كلّ طلاّب الفصل بمافينا زميلنا صالح الدّبسي وهو أشطرنا ! فيأتي بالعصيّ مِن الأركوظ أو التّفّاح وينفّذ فينا العقاب الرّادع وهكذا على هذا المنوال فعندما يذهب إلى الإدارة لإحضار وسائل الرّدع وتنفيذ الحقّ الإداري ! يمرّ الأستاذ علي دغسان فنتوسّل إليه بأن يأتي وينقذنا مِن العقاب وكذلك يعطينا الدّرس بدلاً مِن المدير فيلبّي رغبتنا ويتشفّع لنا بالسّماح ! رحم الله الجميع .
كان الأستاذ محمّد العجمه عنده نشاط الإذاعه وكان يتّخذ فصلنا لممارسة النّشاط وقد كتب على جوانب الفصل مِن الأعلى هذه العبارة ( الإذاعة والصّحافة والنّشر ) بخطّ مكبّر بالبويات ذات اللّون الأزرق ! وكان هذا الأستاذ يحفّزنا على أن نكون يداً واحدة للوقوف في وجه المدير وإن استطعنا ضربه ! ولكن كما يقال ( حزّمني والاّ ما تحزّمني والله إنّي مفشّلك ) لأنّ الخوف قاطع قلوبنا !!!
وأكتفي أيّهــا الإخوة بهذا القدر وإلى حلقة جديدة مِن الذّكريات بمشيئة الله وتصبحون على خير .