.
 
لا تأمل الخل المقيم الوفاء =فإنما أنت بدنيا الرياء 
تحمل الداء ولا تلتمس =له دواء وانفرد بالشقاء 
||=||
اليوم قد طاب زمان الشباب =وطابت النفس ولذ الشراب 
فلا تقل كأس الطلى مرة =فإنما فيها من العيش صاب 
||=||
وليس هذا العيش خلدا مقيم =فما اهتمامي محدث أم قديم 
سنترك الدنيا فما بالنا =نضيع منها لحظات النعيم 
||=|| 
حتام يغري النفس برق الرجاء =ويفزع الخاطر طيف الشقاء 
هات اسقنيها لست أدري إذا =صعدت أنفاسي ردت الهواء 
||=||
دنياك ساعات سراع الزوال =وإنما العقبى خلود المآل 
فهل تبيع الخلد يا غافلا =وتشتري دنيا المنى والضلال 
||=||
يامن نسيت النار يوم الحساب =وعفت أن تشرب ماء المتاب 
أخاف إن هبت رياح الردى =عليك أن يأنف منك التراب
||=||
يا قلب كم تشقى بهذا الوجود =وكل يوم لك همّ جديد 
وأنت يا روحي ماذا جنت =نفسي وأخراك رحيل بعيد
||=||
تناثرت أيام هذا العمر =تناثر الأوراق حول الشجر 
فانعم من الدنيا بلذاتها =من قبل أن تسقيك كف القدر
||=||
لا توحش النفس بخوف الظنون =وأغنم من الحاضر أمن اليقين 
فقد تساوى في الثرى راحل =غدا وماض من ألوف السنين
||=||
مررت بالخزاف في صحوة =يصوغ كوب الخمر من طينة 
أوسعها دعّا فقالت له : =هل أقفرت نفسك من رحمة
||=||
لو أنني خيرت أو كان لي =مفتاح باب القدر المقفل 
لاخترت عن دنيا الأسى أنني =لم أهبط الدنيا ولم أرحل 
||=||
هبطت هذا العيش في الآخرين =وعشت فيه عيشة الخاملين 
ولا يوافيني بما أبتغي =فأين مني عاصفات المنون 
||=||
حكمك يا أقدار عين الضلال =فأطلقيني آد نفسي العقال 
إن تقصري النعمى على جاهل =فلست من أهل الحجا والكمال 
||=||
إذا سقاك الدهر كأس العذاب =فلا تبن للناس وقع المصاب 
واشرب على الأوتار رنانة =من قبل أن تحطم كأس الشراب
||=||
لا بد للعاشق من نشوة =أو خفة في الطبع أو جنة 
والصحو باب الحزن فاشرب تكن =عن حالة الأيام في غفلة
||=||
أنا الذي عشت صريع العقار =في مجلس تحييه كأس تدار 
فعدِّ عن نصحي لقد أصبحت =هذي الطلى كل المنى والاختيار
||=||
أعلم من أمري الذي قد ظهر =وأستشف الباطن المستتر 
عدمت فهي أن تكن نشوتي =وراءها منزلة تنتظر
||=||
طارت بي الخمر إلى منزل =فوق السماك الشاهق الأعزل 
فأصبحت روحي في نجوة =من طين هذا الجسد الأرذل
||=||
سئمت يا ربي حياة الألم =وزاد همي الفقر لما ألمّ 
ربي انتشلني من وجودي فقد =جعلت في الدنيا وجودي عدم
||=||
لم يخل قلبي من دواعي الهموم =أو ترض نفسي عن وجودي الأليم 
وكم تأدبت بأحداثه =ولم أزل في ليل جهل بهيم
||=||
الله قد قدر رزق العباد =فلا تؤمل نيل كل المراد 
ولا تذق نفسك مرّ الأسى =فإنما أعمارنا للنفاد
||=||
إن الذي يعرف سر القضاء =يرى سواء سعده والشقاء 
العيش فان فلندع أمره =أكان داء مسنا أم دواء
.