عرض مشاركة واحدة
قديم 06-13-2009, 09:26 AM   رقم المشاركة : 1
"إلى جنة الخلد يا تابعي" بقلم د. سعيد ابو عالي


 

.

*****

السبت 20/06/1430هـ

إلى جنة الخلد يا تابعي
د. سعيد عطية أبو عالي - الباحة

الثامنة من صباح يوم الاثنين 8/6/1430هـ وصلتني رسالة هاتفية من منتدى ساحات وادي العلي تقول: توفي فجر هذا اليوم الدكتور أحمد بن علي التابعي في مسقط رأسه بوادي العلي في منطقة الباحة.

تملكتني فترة صمت تزيد على الدقيقة، تذكرته، بل تخيّلته أمامي من فترة صبانا وحتى لحظة وصول الرسالة.. أخرجتني منها دمعة حرّى سالت على وجنتي. (رحمك الله يا أبا صالح، وجعل الفردوس مثواك، إنه سميع مجيب).

التقينا ونحن في السنة الرابعة الابتدائية بمدرسة (عرا) بني ظبيان.. كان في طليعة الطلاب الكبار النشطين بالمدرسة. فقد كان مصارعًا بامتياز يطرح خصمه وهو يبتسم ولا يؤذيه.. كان أسمر بهيّ الطلعة، يتقدمنا في مسيرنا من البيت إلى المدرسة كل صباح، وكذلك كل مساء عند الإياب. متميّز يحب الزملاء والأقران يسارع عندما يدهمنا المطر في الطريق لمساعدة الطلاب الصغار.

كان كريمًا -رحمه الله- منذ صغره، ولا أنسى عندما كان يوزع التمر وخبز الحنطة على رفاقه إلى المدرسة. كنت أذهب إليه في بيته ونجتمع مع الكبار من أهل قريته، نقرأ لهم القرآن الكريم بصوت عالٍ، ونقرأ الحديث، وشيئًا من مقرر الفقه.. والمتعة عندما نقرأ لهم جانبًا من قصة (أبو زيد الهلالي، والزير سالم) كان -رحمه الله- بارًّا بوالديه، ومحبًّا لأهله جميعًا، ولكل زملائه وأصدقائه.. فكم سهرت عنده، وكم سافرنا إلى الطائف ومكة المكرمة وجدة سويًّا.

درس المرحلة المتوسطة، والمرحلة الثانوية وهو مدرس في مدرسة وادي العلي الابتدائية.. فهو عصامي، علّم نفسه، والتحق بكلية التربية في مكة المكرمة، ونال منها درجة البكالوريوس. وواصل دراساته العليا حتى حصل على درجة الدكتوراة.

تدرج في مناصب التعليم حتى أصبح أستاذًا مساعدًا بجامعة أم القرى.كان يواظب على الصلاة في أوقاتها في السفر والحضر، وفي الصحة والمرض.

كنا أحيانًا نجتمع في مكان بعيد عن المسجد، فإذا حل وقت الصلاة نادى فينا للمبادرة بأداء الصلاة في وقتها. أقام علاقات صداقة واحترام ومودة مع علماء كثيرين، ومع زملاء كثيرين. تميّز بالتواضع واحترام الغير.

كان جمّ الاحترام والتقدير لأساتذتنا ومشايخنا أمثال الشيخ الجليل سعد بن عبدالله المليص -أمد الله في عمره، ونفعنا بعلمه- والشيخ عطية بن محمد أبو رياح -رحمه الله-، والشيخ الوقور صقر بن سعيد بن صقر -أطال الله عمره-، والشيخ علي بن سعد أبو عالي (دغسان) -رحمه الله-، والشيخ أحمد بن عبدالرحمن -رحمه الله-.

لقد فقدت بموت التابعي زميلاً عزيزًا، وصديقًا وفيًّا. فقدت فيه السؤال عني وعن أحوالي، وعن أبنائي كلّما لقيته أو هاتفته.

رحمك الله يا تابعي.. وأصلح أولادك من بعد يدعون لك.

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس