عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-2010, 03:17 PM   رقم المشاركة : 1
Lightbulb جزاءالمنفقين وثواب العافين


 




جزاءالمنفقين وثواب العافين


يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين. والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون. أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين” (الآيات: 133 136).


بعد أن حذر الحق سبحانه وتعالى عباده المؤمنين في الآية السابقة على هذه الآيات من تعاطي الربا وأمرهم بتقوى الله وبطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، أمرهم هنا بالمسارعة إلى الأعمال الصالحة التي توصلهم إلى مغفرته ورضوانه.


وقوله “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم” من السرعة بمعنى المبادرة إلى الشيء من دون تأخير أو تردد، والكلام على حذف مضاف: أي سارعوا وبادروا إلى ما يوصلكم إلى ما به تظفرون بمغفرة ربكم ورحمته ورضوانه وجنته بأن تقوموا بأداء ما كلفكم به من واجبات وتنتهوا عما نهاكم عنه من محظورات.


ولقد عظم سبحانه بذلك من شأن هذه المغفرة التي ينبغي طلبها بإسراع ومبادرة بأن جاء بها منكرة، وبأن وصفها بأنها كائنة منه سبحانه هو الذي خلق الخلق بقدرته، ورباهم برعايته.

وخص سبحانه وتعالى عرض الجنة بالذكر، ليكون أبلغ في الدلالة على عظمها واتساع طولها، لأنه إذا كان عرضها كهذا، فلنا أن نتصور طولها، لأن العرض في العادة أقل من الطول.

فضل الإنفاق

وقوله تعالى: “أعدت للمتقين” أي هيئت للمتقين الذين صانوا أنفسهم عن محارم الله وجعلوا بينهم وبينها وقاية وساترا، وخافوا مقام ربهم ونهوا أنفسهم عن الهوى.

ثم بيّن سبحانه صفات المتقين الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون والذين أعد لهم سبحانه جنته فقال تعالى: “الذين ينفقون في السراء والضراء” أي الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله في جميع أحوالهم، فهم يبذلونها ابتغاء وجه ربهم في حال يسرهم وفي حال عسرهم، وفي حال سرورهم وفي حال حزنهم، وفي حال صحتهم وفي حال مرضهم، لا يصرفهم صارف عن إنفاق أموالهم في وجوه الخير ما داموا قادرين على ذلك.


وقدم الإنفاق على غيره من صفاتهم لأنه وصف ايجابي يدل على صفاء نفوسهم، وقوة إخلاصهم، فإن المال شقيق الروح، فإذا أنفقوه في حالتي السراء والضراء كان ذلك دليلا على التزامهم العميق بتعاليم دينهم وطاعة ربهم.



أما الصفتان الثانية والثالثة من صفات هؤلاء المتقين فهما قوله تعالى: “والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس”.
أي: سارعوا أيها المؤمنون إلى العمل الصالح الذي يوصلكم إلى جنة عظيمة أعدها الله تعالى لمن يبذلون أموالهم في السراء والضراء، ولمن يمسكون غيظهم ويمتنعون عن إمضائه مع القدرة عليه، ولمن يعفون عمن أساء إليهم، فالمراد بكظم الغيظ حبسه وإمساكه.

وقوله: “والله يحب المحسنين” أي يحب الله كل محسن في قوله وعمله خاصة هؤلاء الذين من صفاتهم أنهم ينفقون أموالهم في كل حال من أحوالهم، ويكظمون غيظهم ويعفون عمن ظلمهم.


الاستغفار والتوبة


أما الصفة الرابعة من صفات هؤلاء المتقين فقد ذكرها سبحانه في قوله: “والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم..”، أي أنهم إذا فعلوا فاحشة متناهية في القبح، أو ظلموا أنفسهم، بارتكاب أي نوع من أنواع الذنوب “ذكروا الله” أي تذكروا حقه العظيم، وعذابه الشديد، وحسابه العسير للظالمين يوم القيامة “فاستغفروا لذنوبهم” أي طلبوا منه سبحانه المغفرة لذنوبهم التي ارتكبوها، وتابوا إليه توبة صادقة نصوحا.


“ومن يغفر الذنوب إلا الله” أي: لا أحد يقبل توبة التائبين ويغفر ذنوب المذنبين ويمسح خطايا المخطئين إلا الله العلي الكبير “الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويتوب الله على من تاب” كما جاء في الحديث الشريف.

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس