عرض مشاركة واحدة
قديم 06-12-2011, 07:34 PM   رقم المشاركة : 4

 



للوهلة الأولى وأنا أتابع أخبار "الثورة" في تونس ومن بعد ذلك مصر خطر ببالي هذا النص الذي كتبه الشاعر المصري عماد أبو صالح في عام 2007 تقريباً ، بعنوان (ثورة) ،
وكأنه كان الأصدق للتعبير عما بداخلي حيال ما حدث ويحدث ..
أترككم مع النص ، بعد الشكر للمتألق دومًا أبي فارس :
ثورة

يومًا
ثار الناس
على الملك
في مدينة قديمة.
كان ملكًا ظالمًا
"ديكتاتور"
كما نقول نحن
في لغتنا
في هذه الأيام.
هجمت جموع الشعب




في لحظة واحدة:
فلاحون بظهور محنية
(نفعت في حمل الأشخاص
الذين تسلقوا الأسوار)




وعمال مناجم
(كانوا الأقدر


على تحمل غبار الزحف)




ومتشردون
(حين قُتلوا لم يكن لهم أهل
يعكرون فرحة النصر
ببكائهم)




وعاطلون عن العمل
(كأنهم كانوا يدخرون قوّتهم
طول السنين الماضية)




اللصوص
ثاروا بشرف
رغم أن أيديهم
كان يمكن أن تمتد بسهولة
لجيوب الثوار
في الزحام.


والمجانين
كسروا أبواب البيمارستانات
وتعالت حناجرهم
بهتافات هيستيرية
إذ أصبح جنونهم
لأول مرة
محل احترام حقيقي.




فقط
مرضى الجذام
انتهزوا الفرصة
وقبّلوا الناس
بشفاه متآكلة
لكن
لا أحد دفعهم بعيدًا
ولا بصق قبلاتهم.




متسولة
برجل مقطوعة
مكومة جنب حائط
صرخت فيهم وهي تغالب الدموع:
"إيه يا أولادي!
ألست ابنة هذا البلد؟
تخافون أن أوسخكم؟".
فتسابق ثلاثة شبان
(أي روح)!
لحملها فوق الأكتاف.
ربطتْ خرقة
لئلا تكون عالة
في عكازها
شاء الله أن تكون الراية الوحيدة
التي فشل في إسقاطها
رماة السهام!




مرت الثورة على حديقة
فجرفت معها الأشجار.
غير أن الأشجار
و هي تسير معهم
كانت تغني
بعصافيرها
أغنيات لأجل الحرية.




كانت ثورة مثل وحش
عانى سنوات طويلة
من الجوع.
أكلت
في طريقها
كلابًا و قططًا.
أكلت أطفالاً -حاولوا تقليد آبائهم
بسيوف خشبية!-
أكلت ناسًا منها
حين اختل توازنهم
وسقطوا تحت الأقدام.




العجائز الطاعنون في السن
هم الذين امتنعوا عن المشاركة
في ذلك اليوم.
كانوا يبتسمون و يقولون:
"الملك!
نحن أيضًا كنا شنقناه
على شجرة ضخمة
في حديقة قصره".
كان المشهد هو نفسه.
كأن الزمن لم يمر.
حتى أن عجائز منهم
اختلط عليهم الأمر:
هل هم الذين يتفرجون في الشبابيك
بأيدٍ مرتعشة
أم الذين يصرعون الحراس
هناك
في مقدمة الصفوف؟!

 

 

   

رد مع اقتباس