الموضوع: العصا والحيه
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-07-2008, 04:27 PM   رقم المشاركة : 2

 

يتبع


3- في قصر فرعون :


مضى موسى عليه السلام الى مصر, ثم دخل على الطاغية فرعون, فحدّثه عن الله عز وجل وعن فضله ورحمته ورزقه, وحدّثه عن وجوب توحيده وعبادته, حاول أن يدعوه بطريق ليّنة, خاطب فيها وجدانه, ولكن فرعون تكبّر وتجبّر, وذكّر موسى بأن ربّاه وانتشله من النيل طفلا, وذكّره بمقتل القبطي, ثم سأله عن رب العالمين فقال: انه ربي وربك, وجادل فرعون جدالا كثيرا, والعصا في يد موسى عليه السلام, وبعد أن أنهى موسى كلامه والرد على فرعون, نظر اليه فرعون وقال في تهديد وعيد: { لئن اتخذت الها غيري لأجعلنّك من المسجونين} الشعراء 29.

عندئذ أدرك موسى أن الحجج لن تفلح والأمور العقلية لن تحرّك في هذا الفرعون المغرور المتكبّر ساكنا, فتحسس موسى عليه السلام العصا التي في يده, وأدرك أن وقت اظهار المعجزة قد جاء وآن أوانه فقال لفرعون:

{ أولو جئتك بشيء مبين} الشعراء 30.

وكان في نبرة موسى عليه السلام تحدّ لفرعون, فقبل فرعون التحدي على الفور وقال: { فأت به ان كنت من الصادقين} الشعراء 31.

عندئذ أمسك موسى بعصاه وألقاها في صالة القصر وسط ذهول فرعون والوزراء الجالسين حوله, الذين ظنوا أن العصا سقطت منه بسبب ارتباكه من طلب فرعون الدليل على صدقه. وفجأة تحوّلت العصا الى ثعبان مبين, ثعبان هائل يتحرّك بسرعة عظيمة, اتجه الثعبان على الفور الى فرعون, شحب وجه فرعون من الخوف وثبت مكانه في البداية, وخرج الناس مذعورين منفضين عن مجلسه, وذعر فرعون ثم وثب عن مكانه, وصاح مستنجدا بموسى عليه السلام.

وقف الجميع على جوانب بوابات القصر ينظرون بذعر ويشهدون ما يفعله موسى, فهز موسى يده الى الثعبان فعاد في يده عصا كما كان.

عاد موسى يكشف أمام الواقفين معجزته الثانية, أدخل يده في جيبه وأخرجها فاذا هي بيضاء كالقمر, فذهل الواقفون فرعون ووزراؤه.

وهكذا استمرّت العصا معجزة من معجزات موسى, ولها مشاهد كثيرة لم تنته بعد.



4- في يوم السحرة :


ظن فرعون بعد كل ما حدث معه وشهده بنفسه أن أمر موسى وهارون عليهما السلام ضرب من ضروب السحر, وقال لحاشيته: ان موسى ساحر يعرف علم السحر والسحرة, يريد أن يخرجكم به من أرضكم, فماذا تأمرون؟


وقال العلماء قول ابن عباس وأورده الثعلبي في العرائس:

قال فرعون أيضا لما رأى من سلطان الله تعالى في يد موسى وعصاه: انن أرى أننا لن نغلب موسى وننتصر عليه الا بمن هو مثله, فأخذنا غلمانا من بين اسرائيل يقال لهم "الغرقاء" يعلمونهم السحركما يعلمون الصغار في الكتّاب, فعلموهم سحرا كثيرا, ثم ان فرعون واعد موسى موعدا, وقال له: أنت ساحر يا موسى.. ولقد قررت أن أكشف أمرك أمام الناس جميعا, وبعد أيام قليلة يحضر السحرة.

فقال موسى عليه السلام: ومتى ألتقي بالسحرة؟

قال فرعون: موعدكم يوم الزينة, انه يوم من أيام الربيع يحتفل به الناس جميعا. وسوف يأتي الناس في ضحى هذا اليوم, هذا هو موعدك يا موسى.

فقال موسى عليه السلام: سأخرج مبكرا من بيتي في هذا اليوم.

وبعد هذا اللقاء خرج موسى عليه السلام من قصر فرعون, وركب عدد من الرجال مركباتهم وأسرعوا يتفرقون في مصر كلها: ان على جميع السحرة الماهرين التوجه الى قصر فرعون لأمر هام. واستدعى فرعون نبي الله موسى وحاول تهديده واخافته ولكن موسى ظل على حاله.

وجاء يوم الزينة, واجتمع السحرة الى فرعون فوعدهم بأجر كبير لو غلبوا موسى عليه السلام.

وخرج الناس جماعات جماعات, أطفالا ونسلاء, شبابا وشيوخا, جاؤوا ليشهدوا مباراة هي الأولى من نوعها: مباراة بين سحرة فكلهم يظنون أن موسى عليه السلام ساحرا!!

بدأ الناس بأخذ أماكنهم في الاحتفال منذ الصباح الباكر, ولم يكن أحد في مصر لم يعرف قصة التحدي واللقاء بين هؤلاء السحرة, ولم يكن أحد يعرف بمعجزة موسى التي ستخرس كل الألسنة, وستجعل من فرعون وسحرته مثالا للكذب والتجني.

كانت العصا في يد موسى عليه السلام, وتقدّم السحرة خمسة, عشرة, عشرون ساحرا, وموسى يقف وحيدا في ساحة المباراة أو قل ساحة الحرب والصراع بين الحق والباطل, بين الصدق والكذب, بين التواضع وبين الكبر والافتراء, انها معركة بين الكفر والايمان كفر فرعون وسحرته وايمان موسى عليه السلام ومعجزته.

جلس فرعون تحت مظلة واقية من الشمس, ومن حوله جنوده وحاشيته وقادته وهو يرتدي أفخم الثياب المرصّعة بالجواهر, أما موسى عليه السلام فوقف صامتا يذكر الله في نفسه ولا ينظر لشيء حوله.

وتقدّم السحرة الى موسى عليه السلام وسط الجمع الهائل الذين استجمعوا كل حواسهم لرؤية وسماع ما سيحدث.

قال السحرة لموسى: { امّا أن تلقي وامّا أن نكون أوّل من ألقى}

قال موسى عليه السلام: بل ألقوا.

فقال السحرة: نحن الغالبون بعزة فرعون.

فقال موسى: ويلكم, لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب أليم.

في هذه اللحظة, التفت موسى فاذا جبريل على يمينه يقول له: يا موسى ترفق بأولياء الله, قال موسى لنفسه: هؤلاء سحرة جاؤوا ينصرون دين فرعون, عاد جبريل يقول: ترفّق بأولياء الله, هم من الساعة الى صلاة العصر عندك.., وبعد صلاة العصر في الجنة.

وهؤلاء السحرة اختلف في عددهم فقال كعب: انهم كانوا اثني عشر ألفا. وقال عالم آخر: بضعة وثلاثين. وقال عكرمة: سبعين ألفا. وقد أجمعت الأقاويل على أن فرعون جمع السحرة وهم سبعون ألفا فاختار منهم سبعة آلاف ليس فيهم الا من هو ساحر ماهر, ثم اختار سبعمائة ثم اختار سبعين من كبارهم وعلمائهم, وكان رئيسهم يسمّى شمعون, وقيل يوحنّا وقيل ان أعلم السحرة كانا بأقصى الصعيد وكانا أخوين.

نعود الى ساحة المباراة: لما قال لهم موسى عليه السلام: { ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى} فتناجى السحرة فيما بينهم, فقال بعضهم لبعض: ما هذا بقول ساحر, فذلك قول الله تعالى: { فتنازعوا أمرهم بينهم وأسرّوا النّجوى} فقال السحرة: { فلنأتينّك بسحر مثله}

رمى السحرة بعصيّهم وحبالهم, فاذا المكان يمتلىء بالثعابين والحيّات التي تجري هنا وهناك فجأة لقد سحروا أعين الناس, واسترهبوهم وأخافوهم وجاؤوا بسحر عظيم, وهلّل المصريون مكان الاحتفال, وابتسم فرعون ابتسامة عريضة وظنّ أنه قضى على موسى عليه السلام.

نظر موسى الى حبالهم وعصيّهم فشعر بالخوف, وكذلك هارون الواقف الى جواره, ولكنه سرعان ما سمع صوتا يقول له: { لا تخف انك أنت الأعلى* وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا انما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى}

اطمأن نبي الله موسى حين سمع رب العالمين يطمئنه, ولم يعد يرتكب أو ترتعش يداه, ثم رفع عصاه وألقاها فجأة.

ولم تكد عصا موسى عليه السلام تلامس الأرض حتى وقعت المعجزة, فقد تحوّلت الى ثعبان جبار سريع الحركة, وتقدّم هذا الثعبان فجأة نحو حبال السحرة وعصيّهم التي كانت تتحرّك وبدأ بأكلها واحدا بعد آخر.

راحت عصا موسى عليه السلام تأكل حبال السحرة وعصيّهم بسرعة مخيفة.

وفي دقائق معدودات خلت ساحة المباراة تماما من كل حبال السحرة وعصيّهم, لقد اختفت في بطن عصا موسى, ومشى الثعبان الضخم في أدب نحو موسى, ومدّ موسى يده فتحوّل الثعبان الى عصا.

أدرك السحرة أن هذا ليس سحرا, لعلمهم بالسحر وعلومه.

وكانت المفاجأة الكبرى: لقد سجد السحرة جميعا على الأرض وقالوا: { آمنّا برب العالمين ربّ موسى وهارون}

انها المعجزة التي تولّد معها الايمان بالله عز وجل.. ولكن لم ينتهي دور العصا بعد.



5- عند البحر :

استمر الصراع بين الحق والباطل, وبين موسى عليه السلام وفرعون الكافر, وقرر فرعون ومن معه من الناس قتل موسى وأتباعه, وعلم موسى بذلك فصحب أتباعه ليلا وسار بهم نحو البحر قاصدا بلاد الشام, وعلم فرعون بذلك فحشد جيشا ضخما, وتحرّك جيش فرعون في أبّهته وعظمته وسلاحه وخرج وراء موسى.

ومضى الجيش مسرعا يثير غبارا شديدا وموسى ينظر خلفه فيرى غبار الجيش يطارده, فامتلأ قوم موسى رعبا, وكان الموقف حرجا وخطيرا, فالبحر أمامهم والعدو وراءهم ولا مكان للهرب, ولا توجد لديهم القدرة على القتال والحرب, وقالت النسوة وبعض الرجال: سيدركنا فرعون بجيشه.. سيهلكنا جميعا, ولكن موسى عليه السلام قال:كلا.. ان معي ربي سيهدين.

تحسّس موسى عصاه مطمئنا.. طوّحها في الهواء وضرب بها البحر فانفلق الى جزئين, كل منهما كالطود العظيم, وتقدّم موسى في الطريق الجديد وسط البحر وتبعه فرعون.

وانتهى موسى من عبور البحر, فنظر وراءه وأراد أن يضرب بعصاه ولكن الله أوحى اليه بأن يترك البحر على حاله وينتظر حتى يدخل كل جنود الكفر في الطريق وسط البحر: { واترك البحر رهوا, انهم جند مغرقون} الدخان 24.

ولما أذن الله تعالى, ضرب موسى عليه السلام البحر بعصاه ثانية, فعاد البحر كسالف عهده, وانهالت الأمواج على فرعون وجنوده, ولما أدرك الغرق فرعون قال: { آمنت أنه لا اله الا الذي آمنت به بنو اسرائيل وأنا من المسلمين} يونس 90.

ولكن الله لم يقبل توبته لأنها جاءت متأخرة, فقد عاث في الأرض فسادا وكبرا, فكان من المغرقين.




منقول

 

 
























التوقيع

::::::::::::::............:::::::::::::
افعل ما تشعر فى اعماق قلبك بانه صحيح
لانك لن تسلم من الانتقاد باى حال من الأحوال

   

رد مع اقتباس