الموضوع: سينية البحتري
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-05-2011, 07:52 PM   رقم المشاركة : 4

 




النفس الإنسانية هي واحدة لا تتغير على مر الدهور وكر العصور ، تأسى وتحزن ، تنتشي وتتألم .

تحوز ما تتشوف إليه فتسعد ، ويخطئها ذلك أحياناً فتشكو .

وترى الحكيم العاقل يكتسب العظات من هذا وذاك ،

فيرسلها حِكَماً تنقش على جدار الزمن ، فتتلقفها النفوس ، وتغتذي منها العقول .

هذا شاعرنا العظيم أبو الوليد البحتري يقف على إيوان كسرى ،

فيستلهم الحادثات كنوزاً من العبر ، ويستنبط من صروف الدهر العِظات والدروس ،

فيرسلها أبياتاً تزداد بريقاً وتوهجاً لآلئ بلاغة ، وضياء معرفة .

فهو يصون نفسه عما يشينها ، ويتماسك لتقلبات الدهر ،

فلا يتضعضع لجفاء الناس ، إنما يبتعد عمن يتناساه ، ويرحل عنه .

وتراه يسلي نفسه بعبر الماضين الذين كانوا ملء العين والبصر ،

فصاروا أثَراً بعد عين . .. هكذا الدنيا ، فما ينبغي لعاقل ان يركن إليها ...

كان إيوان كسرى مضرب المثل في الأنس والعمران ، تقصده الجموع ترتجي الحظوة عند صاحبه ،

وتخطب ودّه ، وتلتمس رضاه . فأمسى مضرب المثل في انقطاع السرور وذهاب السلطة ،

وتفاهة الحياة الدنيا ، والدمار والهلاك ..

وقل ما شئت من تعبيرات تدل على أن ما له بداية صائر -لا محالة - إلى نهاية ...

أولو الأبصار والعقول – وحدهم - يعلمون علم اليقين أنهم في دار اختبار ،

فهم يسابقون الزمن للفوز بدار البقاء ... ويا سعادتهم حين يصلون إليها غانمين ....




الدكتور عثمان قدري مكانسي



...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس