أحدهما :
من كان مستورا لا يعرف بشيء من المعاصي ،
فإذا وقعت منه هفوة أو زلة ، فإنه لا يجوز هتكها ولا كشفها ولا التحدث بها ؛
لأن ذلك وهذا هو الذي وردت فيه النصوص وفي ذلك قال الله تعالى :
( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ) .
والمراد إشاعة الفاحشة على المؤمن فيما وقع منه ،
واتّهم به مما بريء منه كما في قضية الإفك .
قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف :
اجتهد أن تستر العصاة ، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام ،
وأولى الأمور ستر العيوب .
ومثل هذا لو جاء تائبا نادما وأقر بحده لم يفسره ولم يستفسر بل يؤمر بأن يرجع ويستر نفسه ،
كما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماعزا والغامدية ،
وكما لم يستفسر الذي قال : أصبت حدا فأقمه عليّ ،
ومثل هذا لو أخذ بجريمته ولم يبلغ الإمام ، فإنه يشفع له لا يبلغ الإمام ،
وفي مثله جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم .
خرجه أبو داود والنسائى من حديث عائشة .
والثاني :
من كان مشتهرا بالمعاصي معلنا بها ولا يبالي بما ارتكب منها ولا بما قيل لـه ؛
هذا هو الفاجر المعلن ، وليس لـه غيبة كما نصّ على ذلك الحسن البصري وغيره ،
ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره لتقام عليه الحدود ، وصرح بذلك بعض أصحابنا ،
واستدل بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
واغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها .
انتهى كلامه – رحمه الله – .
قال القرطبي في التفسير :
قال بكـر بن عبد الله المزني :
إذا أردت أن تنظـر العيوب جملة فتأمل عيّـاباً ،
فإنه إنما يعيب الناس بفضل ما فيه من العيب …
وقيل : من سعادة المرء أن يشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره …
لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا *** فيهتك الله سترا عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذُكـروا ***ولا تعـب أحـداً منهم بما فيكا
انتهى .
.