الموضوع: تحية رمضانية
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-16-2009, 03:34 PM   رقم المشاركة : 1
تحية رمضانية


 



بسم الله الرحمن الرحيم

أبنائي وأخواني وأخواتي إدارة وأعضاء ومرتادي الساحات

ابعث إليكم من خلال الابن عبد الحميد بن حسن تحية رمضانية تتخللها وتعبقها تلاوة السور والآيات ، وترديد الدعوات ، وإخراج الزكوات فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أرجو الله سبحانه يجعلنا وإياكم من المقبولين وأن يتقبل دعواتنا ويشملنا بكرم استقباله وسعة رحمته إنه غفار الذنوب .

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن
فبمن يلوذ ويستجير المجرم ؟


لله أنت ( يا أبا نواس ) حسبتك ساخرا تحلل وتفلسف صروف الدهر ونتوءات الحياة فتزرع البسمة على شفاهنا في عتمة الكآبة والحزن .. فإذا أنت عالم ناسك يوجهنا إلى مخاطبة الله الذي قال : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) فاللهم اغفر لنا ولوالدينا وأصلح زوجاتنا وذرياتنا .. واعف عنا وعن من لهم حق علينا .. واجعلنا مع بطل الإسلام والمسلمين عبد الله بن رواحة رضي الله عنه
في جنة الفردوس ليس يخافون *****خروجا عنها ولا تحويلا ً
يا رب إنا ( جميعا ً ) بك وإليك ليس لنا سواك
سبحانك تباركت لا معط لشيء منعته ***** وليس لما أعطيت يا رب مانع .

أبنائي الأخوان والأخوات :

اعرف مشاغلكم في العشر الأواخر ، وفقنا الله وإياكم .. ولكن هكذا أنا ينطبق علي المثل :
( تمخض الجبل فولد ....)

هل تقبلون في رمضان شيئا من أوراقي ؟؟

شهر الكرم : قال عليه الصلاة والسلام فيما يرويه لنا أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جُبَّتان من حديد من ثُدَيِّهما إلى تراقيهما , فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت أو ـ وفرت ـ على جلده حتى تخفىَ بنانه وتعفوَ أثره , وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزِقت كل حلقة مكانها , فهو يوسِّعها ولا تتسع ) رواه البخاري .

ولعلي هنا أتجرأ فأدعو استأذنا عبد الرزاق بن صالح يعلق على هذا الحديث ويجلو لنا بعض الصور البلاغية فيه .

القرآن :

عندما كنت صغيرا كنا نستيقظ قبل شروق الشمس ... وكانوا ( أهلنا ) يشجعونا على الجلوس فوق الجون ( سطح البيت ) أو على الدرج أو في الساحة لترتوي أجسامنا من أشعة الشمس المشرقة .
وفي كل صباح كنا نسمع صوت القراء يتلون القرآن الكريم في نوافذ أو على أبواب منازلهم كنت اسمع من بعض بيوت قريتي ( العبالة ) ولكن أصوات آخرين شنفت أذني من المناشلة والحلة والباردة .

دخلت المدرسة في (عرا) والهدف كان قراءة القرآن .. والناس يسمون الطلاب القراية ( القراء ) نسبة إلى القرآن الكريم ونعمت التسمية ونعمت النسبة .

كثير من الأسر تقيم الحفلات لابنها عندما يختم تلاوة القرآن ويقدمون له الهدايا ومعها الدعوات . ما ختمت القرآن في مدرسة ( عرا ) لأني عندما وصلت إلى سورة القصص بادئا من ( قل أعوذ برب الناس ) شعرت أنني أستطيع التلاوة من البقرة وهي في نظري أصعب سورة لأنها أطول سورة ..
فاجأتني نفسي عندما بدأت أتلو الآيات من هذه السورة بكل يسر وسهولة .

قرأت آيات كثيرة من الختمة ( المصحف ) اخترتها عشوائيا من البقرة إلى نهاية سورة التوبة . ما ختمت القرآن في تلاوة منظمة ومتتالية تبدأ من الفاتحة وتنتهي بسورة الناس إلا عندما بدأت أصوم رمضان .

أحببت وما زلت وسأظل إن شاء الله أحب القرآن وتلاوته وتفسيره وتجويده .

جاء إلى قريتنا وعاظ ( هنود ) في عام 1374هـ وسمعني احدهم أتلو سورة فاطر قبل صلاة العصر فطلب مني بعد الصلاة أن اقرأ لهم ما تيسر من القرآن ففعلت .. ودعوا لي .

كنت أقرأ بين الجهر والمخافتة في رمضان بالمسجد الحرام عام 1389 هـ قبل صلاة جمعة وبجانبي شيخ عربي خلته نائما وإذا به يربت على فخذي ويطلب إليّ أن ارفع صوتي بالتلاوة . عرفت منه انه من نجد وانه قد جال في بقاع منطقة الباحة يوم كان ( مجاهدا ) في صفوف قوات الملك عبد العزيز ـ طيب الله ثراه ـ التي ضمت الباحة إلى كياننا العزيز الكبير ( المملكة العربية السعودية ) .

لي عادة عمرها أكثر من أربعين ( 40) سنة وهي أني اقرأ القرآن في رمضان في منزلي جهرا ليسمع من يسمع ... ومعها أنني بعد كل عصر رمضاني ادعوا ابنائي وبناتي يتحلقون حولي وكل منا يقرأ خمس آيات جهرا والباقون يتابعونه في تطبيق أحكام التجويد .. ونبدأ مع الأصغر أو الصغرى فنقرأ ما قد درسه أو درسته في المدرسة . وأبشركم أن هذه الطريقة أنتجت .

وعلى فكرة فإن أخاكم ابني محمدا تلقى دروسه بين أمريكا والمملكة ولما سافر إلى ديار العم سام انضم إلى زميل له طالب سوري يجيد القرآن فقرأ عليه هناك المصحف كاملا ... ( كل مكان في الدنيا هو مكان لطلب العلم ) فلا يفوتكم الأخذ بما قاله الأجداد والتفكير ( فضلا التفكير ) فيما قلته أنا حفيدهم ... واعذروني لو نصحت جهارا على عرصات الساحات .. وقد استأذن شاعري احمد شوقي رحمه الله حيث قال :

آفة النصح أن يكون جدالا
وأذى النصح أن يكون جهارا


ولعل شيخنا عبد العزيز بن شويل في ساحته الدينية يدبج لنا مقالا خاصا عن ( القرآن الكريم ) بما يراه ويفتح الله عليه .

رمضان في الشعر :

زميلي وصديقي الأستاذ المبدع محمد بن إبراهيم الملحم تدرج في وظائف التربية والتعليم واليوم هو ( مدير عام التربية والتعليم للبنات ) بالأحساء . دعوته إلى جلسة شعر عن رمضان في رمضان مساء يوم 4/9/1419هـ في النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية وساهم بقصيدة رائعة بعنوان ( صوت السنين ) واقتطفت منه الأبيات الآتية :

رمضان يا صوت السنين
عادت لدى لقياك دقات الأنين
عادت تذكّرنا الدقائق ..
والثواني والشهور .

..................

رمضان ! كيف أصوغ أبيات التحية
وجروح أقوامي طرية
تجتاح شعري ، تكسر الميزان
تخرج بين حروفه آها شجية
رمضان ! كيف أقول أهلا
والإباء كتب الوصية !!

..................

رمضان عذرا
فالقذائف نحونا
نحو المسن وألف طفل
والشوارع والبيوت
القذائف نحونا .. أضحت سخية

..................

رمضان يا صوت السنين
خذنا بعشرك عبر أغوار القرون
خذنا إلى القصواء والحجر الكريمة

..................

خذنا إلى بدر
...
واصعد بنا كي نشهد الفرسان بيضا
قد أتوها مُنزلين
سبحان من قطع البنان بسيفهم
ويقودهم ملك أمين

..................

رمضان يا صوت السنين
اعتق ( بنورك ) روح قومي
من صراعات الضجيج
من كوابيس السكون
اعتق بعتقك رأي قومي
من وعود لن تلين
والعفو يا رمضان .. قد يقضي الديون
في حق قوم غالهم صمت السنين .


ذكريات رمضان :

بدأت أصوم رمضان قبل أكثر من نصف قرن ( 50 سنة ) ..

أعطاني رمضان ( هوية الرجولة ) فلما صمت حُق لي أن أبدأ الذهاب لصلاة المغرب في مسجد العبالة وأحظى بحبات تمر ( كانت هي الفطور فقط ) مع الصائمين . بعد سنوات أعطاني عمي وشيخي الشيخ صالح بن محمد بن جميلة ( أبو عبد الرزاق واحمد ) بطاقة الدخول إلى المحراب واصلي بالجماعة صلاة التراويح ( خمس تسليمات وبعدها الوتر في النصف الأول من الشهر وعشر تسليمات يتلوها الوتر في النصف الثاني من الشهر ) واذكر أن هذا الشرف غمرني عام 1374هـ .

كنا نروح إلى بيوتنا بعد التراويح للقهوة ثم النوم . لكن عام 1378هـ شهد تطورا في قضاء ليالي رمضان . جاء إلى القرية ابنها البار ( علي بن احمد بن صروط ) للصوم مع والدته .. كان يدرس الطيران . تكسوه الوسامة والابتسامة والأدب الجم .. أحبه أهل الوادي ... كنت أتابع حديثه وتعليقاته ففي كل جلسة معه أتعلم منه ( جديدا ) عرض علينا أن نسهر ساعة ونصف فقط بعد التراويح ونظم سهرتنا بالمطارحات الشعرية ( مساجلات ) , ورواية المواقف الطريفة ..

وطلب إلينا أن نقوم في كل بيت بعمليات غسل أكواب ( فناجين ) القهوة والشاي وصناعة القهوة وتقديمها للضيوف عن طريق أوراق يكتب على كل ورقة وظيفة معينة وتوزع الأوراق عشوائيا .. ولا تخلو هذه الأوراق من ( أوامر ) طريفة مثل الوقوف للحراسة على باب المجلس أو الوقوف مدة زمنية محدودة على رجل واحدة .. أو الذهاب إلى دكان ( عمي) أبو ريشة لإحضار شيء معين فسهرت القرية الناعسة ونفضت عنها غبار الكرى .. وانضم إلينا بعض الكبار رحمهم الله اعجابا بالفتى علي ( أبو احمد ) وبالسهرات المنظمة .

رمضان عام 1384هـ هو أول رمضان أصومه خارج القرية حيث انتظمت للدراسة بكلية التربية في مكة المكرمة .. أنوار الحرم , أصوات ألائمة الأجلاء . الشوارع المضاءة والمكتظة بالملابس الجديدة للعيد وحلوى العيد وكنافة رمضان ( وأقول لكم المنفوش اللذيذ في ليالي رمضان ) .

رمضان عام 1390 هـ هو أول رمضان أصومه في أمريكا حيث انتظمت للدراسة بجامعة وسكونسون ... الطلاب العرب والمسلمون يصومون وهم عشرات ( إذا كثروا ) في بلاد لا تعرف الصيام ولا تؤمن به .

عمل ودراسة بالنهار وأحيانا كثيرة بالليل .. ولكن طلابا نعدهم من الأخيار ينظمون صلاة العشاء والتراويح خارج الجامعة وكل منا يحضر ما لا يتعارض وجدول دروسه ومواعيد اختباراته . النهار ليس اقل من ست عشرة ساعة . زوجاتنا كن الضمان والأمان لأداء جميع العبادات ( صلاة وصيام وزكاة ) .

رمضان عام 1403هـ سافرت في مهمة رسمية إلى لندن وصممت على الصيام يوم السفر من جدة وبلغت ساعات ذلك النهار ثمان عشرة . بعدها لم اقبل تكليفات في رمضان خارج البلاد .

وأخيرا

وداعا رمضان .. وكل عام وأهل الساحات بخير وعافية ...




 

 

   

رد مع اقتباس