عرض مشاركة واحدة
قديم 10-26-2010, 01:28 AM   رقم المشاركة : 19

 

.

*****

قد نتفق على أن العولمة موجة ستجتاح العالم عاجلاً أو آجلا وأنها ليست شراً محضاً ولا خيراً محضاً وعلينا التخطيط السليم لاستقبالها في قالب يتفق مع ديننا وقيمانا وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا فهي سلاح ذو حدين

العولمة غربية المنشأ والطبيعة تهدف إلى تعميم الفكر والثقافة والمنتجات الغربية وخاصة الأمريكية على العالم فهي ليست نتيجة تفاعلات حضارات غربية وشرقية انصهرت في بوتقة واحدة بل هي سيطرة القطب الأقوى على العالم لينشر فكره وثقافته باستخدام القوة الرأسمالية لخدمة مصالحه

لا يقتصر أمر التباين في التعاطي مع العولمة على البلدان العربية والإسلامية والعولمة ليست موجهة للعالم العربي أو الإسلامي فقط بل هي موجهة لكل بلدان العالم

فهذه فرنسا نفسها ومنذ سنوات تجتهد وعلى أعلى المستويات الرسمية فيها لإيقاف زحف ما تسميه "الغزو الثقافي الأميركي" الذي يجتاح لغتها وشاشتها الصغيرة وأفلامها السينمائية

المشكلة تبقى أساسية على المستوى القيمي والأخلاقي للدول غير الغربية فقدرة التحكم الهائلة والسيطرة والإدارة في الاقتصاد والسياسة ووسائل الاتصال ومصادر المعرفة ومصادر الأخبار والمعلومات تجعل الغرب الأميركي/الأوروبي هو مصدر العولمة

ولذلك فإن العولمة تسير باتجاه "واحد شمال- جنوب" وليس باتجاه التفاعل بين شعوب العالم

وهنا اجدها فرصة للتنبيه أن هناك فرق كبير جداً بين العولمة والعالمية

وإن كانت كلمة العولمة مأخوذة أصلاً من العالم وبعض المفكرين يذهبون إلى أن العولمة والعالمية بمعنى واحدا وليس بينهما فرق

إلا أن بعض المفكرين يرون أنها مقابلة بين الشر والخير خاصة إذا علمنا وأقرينا أن العالمية هو انفتاح على العالم واحتكاك بالثقافات العالمية مع الاحتفاظ بخصوصية الأمة وفكرها وثقافتها وقيمها ومبادئها , والعالمية إثراء للفكر وتبادل للمعرفة مع الاعتراف المتبادل بالآخر دون فقدان الهوية الذاتية

نتفق جميعاً على أن العالمية هي من خصائص الدين الإسلامي فهو دين يخاطب جميع البشر ، دين عالمي يصلح في كل زمان ومكان ، فهو لا يعرف الإقليمية أو القومية أو الجنس جاء لجميع الفئات والطبقات ، فلا تحده الحدود

ولهذا تجد الخطاب القرآني موجه للناس جميعا وليس لفئة خاصة فكم آية في القرآن تقول " يا أيها الناس" فمن ذلك قوله تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" وقوله تعالى: "يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا" وقوله تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة" إلى غير ذلك من الآيات التي ورد فيها لفظة الناس وقد تجاوزت المأتيين آية

بل إن الأنبياء السابقين عليهم صلوات الله وسلامه تنسب أقومهم إليهم "قوم نوح" , "قوم صالح" وهكذا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لم يرد الخطاب القرآني بنسبة قومه إليه صلى الله عليه وسلم

وهذا يدل على عالمية وعولمة رسالته صلى الله عليه وسلم فهو عالمي بطبعه "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"

في اعتقادي أن تفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط النظام الاشتراكي والذي كان يتقاسم الهيمنة مع الولايات المتحدة وانتصار النظام الرأسمالي الليبرالي أسهم وبشكل كبير في ظهور ما يسمى بالنظام العالمي الجديد والهيمنة الأمريكية على العالم والترويج لفكرة أن كل ما يحدث في العالم بتخطيط وتحت نظر ومعرفة أمريكا

ختاماً يمكن أن يقال أن العولمة صياغة إيديولوجية للحضارة الغربية من فكر وثقافة واقتصاد وسياسة للسيطرة على العالم أجمع باستخدام الوسائل الإعلامية والشركات الرأسمالية الكبرى وتطبيقها وتعميمها على العالم

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس