عرض مشاركة واحدة
قديم 11-15-2008, 06:53 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road


 



الجولة الأولى :

هذا صبيٌ يتورع

فنمضي في جولة مع الصبي الورع ،

إذ كان - رحمة الله عليه - صفحة بيضاء مشرقة

كتب الله له أن يكون على حظ وافر من النجابة والذكاء

ومن العلم والفطنة ومن الصفاء والطهارة منذ نعومة أظفاره،

فهذه الروايات في ترجمته تذكر أنه قد كان في الكتّاب كما يروي أبو عفيف أحد أقرانه

يقول : " كان معنا في الكتّاب وهو غليم نعرف ظله" .

وكانت الناس تأتيهم الكتابات والمراسلات وليسوا كلهم يعرفون الكتابة ،

فكانت النساء ربما أرسلوا الى المعلم يقولون له إبعث لنا أحمد بن حنبل حتى يكتب لنا ،

فكان يبعث لهم بأحمد بن حنبل ،

وكان يجيء اليهم مطأطىء الرأس - أي من حياءه وغض بصره مع كونه صبياً صغيراً -

فيكتب جواب كتبهم فربما أملوا عليه الشيء من المنكر فلا يكتبه لهم،

فهذا وهو صغير يأبى أن يكتب ما فيه منكر .

وكان إبراهيم بن شماس يقول :

" كنت أعرف أحمد بن حنبل وهو غلام صغير وهو يحي الليل منذ نعومة أظفاره" .


ومن القصص المؤثرة والدالة على حسن سمته ،

وعظيم رعاية الله له سبحانه وتعالى أنه كما قال داود البسطامي قال :

" أبطأت عليّ أخبار بغداد فوجهت إلى عم أبي عبد الله أحمد بن حنبل بعثت إليه فقلت :

لم تصل إلينا الأخبار اليوم ،

وكنت أريد أن أحررها وأوصلها الى الخليفة،

فقال لي : قد بعثت بها مع ابن أخي أحمد ثم بحث عن أحمد وجاء به،

وقال له : أليس قد بعثت معك الأخبار،

قال : نعم، قال : فلأي شيء لم توصلها ؟

قال : أنا كنت أرفع هذه الأخبار قد رميت بها في الماء ؛

لأنه أنكر ما فيها من الأخبار وإن فيها شيئاً من عدم الصدق أو الظلم،

فقال : هل أنا أسعى بمثل هذا المنكر وأرفع مثل تلك الأخبار ـ

ولم ينتظر مشاورة ولا مراجعة بل قذف بها في الماء ،

وهذا وهو في سن الصغر يتورع ـ

قال ابن بسطام :

" هذا غلام يتورع فكيف نحن؟ " .

فهذه تدلنا على عظيم أثر التربية في الصغر ،

مع أننا نعلم أن الإمام أحمد بن حنبل ولد في بغداد سنة 164 هـ،

ومات والده وهو صغير السن ابن ثلاث سنوات ،

لكنه تربى تربية إيمانية صبغه بهذا النهج القويم منذ صغره،

وكما ذكر أبو بكر بن الأثرم قال : أخبرني من كان يطلب الحديث مع أحمد بن حنبل قال :

ما زال أبو عبد الله بائناً من أصحابه منذ صغره وهو متميز .

وهذه الوقفة تدلنا على ما للتربية من الصغر من أثر ومن إستقرار ،

وإذا ربي الصغير على هذه المعاني الإيمانية ؛

فإنها تصبح ملكة ذاتية وطبيعية نفسية وسلوكاً دائماً لا يخشى عليه باذن الله أن يتغير لانه كما قيل :

" العلم في الصغر كالنقش على الحجر " ،

" ومن شبّ على شيء شاب عليه " .

فلذلك رضاع الصغير فيه بداية التربية لأن الإسلام جعل هذا الأمر له ومضات

حتى يبين أثر إستقرار الكلمات والأفعال والصور في ذهن الصغير وإن لم يكن عاقلاً مدركاً

فإن من السنة كما هو معلوم عندما يستهل الوليد صارخاً أن يؤذن في أذنه

وأن يقام في أذنه الأخرى حتى يكون أول ما يسمع من كلام هذه الدنيا شهادة التوحيد والدعوة للصلاة والفلاح ،

ثم يحنك ثم تكون هناك من الأمور والدلائل في التربية ما يدل على أثرها وإن لم يكن الصغير يعقل معناها،

كأن لا يكذب عليه ولو كذبة كما يقولون صغيرة أو بيضاء أو نحو ذلك .

 

 

   

رد مع اقتباس