عرض مشاركة واحدة
قديم 11-04-2009, 08:49 PM   رقم المشاركة : 8

 



المشهد الثالث

غلام



ذاك موعد على فراش الموت حيث المريض المُدَنَّف فتًى يهوديّ

في يفاعة سنّه كان يخدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

فيضع له وضوءه، ويناوله نعله، ويقضي حوائجه،

فإذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفتقده ثم يأتيه يزوره في مرضه،

فيدنو منه ويجلس عند رأسه، ويجلس أبو الغلام وِجاهه،

وإذا النبي الكريم ينظر نظرة المشفق الرحيم إلى فتى يافع،

يودع الدنيا ويستقبل الآخرة، فيهتف به إلى ما هو أحوج إليه في هذا اللحظة،

وهو الدين الذي يَلقى به ربه،

دعاه إلى الإسلام وقال له:

( أسلم، قل: أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله ) .

تلقّى الفتى هذا النداء فإذا هو من محمد صلى الله عليه وآله وسلم

الذي خدمه وخَبره وعرف حاله،

فعرف أن هذه حال الأنبياء، وليست حال الجبارين ولا المتقوّلين،

ولكنه لا يزال مأسورًا إلى سلطة الأبوة القريبة منه،

فجعل يقلّب طرفه، وينظر إلى أبيه. ينتظر أن يأذن له،

وإذا بالنبي يعيد عليه وكأنما يسابق لحظات الحياة القليلة،

فقال له أبوه: أطعْ أبا القاسم،

قل ما يقول لك محمد، وإذا كلمات الحق تذرفِ من شفتي الغلام المجهود:

أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.

أتى بالشهادة واستكملها،

ولكنه استكمل أيضًا البقية القليلة من حياته،

فلَفَظ آخر أنفاسه وتُوفي ساعته تلك.

وإذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخرج من عنده

مستبشرًا بهداية هذا الغلام وخاتمته الحسنة،

وهو يقول: ( الحمد لله الذي أنقذه بي من النار

ثم أقبل على أصحابه يأمرهم قائلاً ( صلّوا على أخيكم ) .

 

 

   

رد مع اقتباس