عرض مشاركة واحدة
قديم 03-06-2008, 04:11 AM   رقم المشاركة : 1
استبدال كلمة (لكن)بـ (أيضاً)يضفي طابعا جديداً في لغة التخاطب


 


الخميس 28 صفر 1429هـ الموافق 6 مارس 2008م

استبدال كلمة "لكن" بـ "أيضا" يضفي طابعا جديدا في لغة التخاطب
نستخدم - نحن معشر البشر - كلمات كثيرة في حياتنا نرددها بين الوقت والآخر بل أصبح بعض منها أساسيا في أحاديثنا لا نستغني عنه مهما كان، ليس إصرارا وإنما تأتي معنا هكذا بشكل تلقائي.
من أكثر الكلمات شيوعا وتداولا كلمة (لكن)، و(لكن) كما تعرفون كلمة تعني البدء في إعطاء رأي عن قضية أو استكمال الحديث وتأتي في سياق جمل نصوغها عندما نتحدث عن أمر ما أو عندما نستثني شيئاً ما. إن استخدامنا لكلمة (لكن) في أحاديثنا ينسف ما قبل تلك الكلمة من جمل وعبارات وآراء حتى وإن لم نرغب في ذلك، وأورد هنا بعض الأمثلة. (وتأمل معي العبارات التالية):
"أنا أعتذر لك لما بدر مني من خطأ ولكن لم أتمالك نفسي".
"إن تعليمنا يسير بخطى ثابتة نحو التغيير والتطوير ولكن نحتاج إلى مزيد من العمل والتضحيات من أجل مستقبل مشرق للتعليم".
"أرغب القيام بالأعمال المنوطة بي لكن لدي أعمال شخصية أخرى أود القيام بها".
"أقبل دعوتك لي للعشاء ولكن لا أستطيع الحضور".
في العبارات السابقة أتت لكن لتمسح الصورة الأولى التي تخيلناها أو تلقيناها لتضع مكانها الصورة الأخرى التي تلت لكن وتؤكدها، وهنا يكون مكمن الخطر في عباراتنا ومدى فاعليتها وتأثيرها.
قال أحد الحكماء " إن كل ما يرد قبل كلمة (لكن) هو مجرد أكذوبة".
تقول ليليا كوني في كتابها نعم، ولكن... " لقد استقرت كلمة (لكن) في تفكيرنا وفي اعتقادنا المؤطر ثقافيا في مجمل تعبيرات حياتنا الفكرية والفنية وتطورت إلى (فيروس) لوعينا الذي يعتريه الشلل أو يصاب بالإقصاء حالما تنشط كلمة (لكن) في فكرنا ".
(نعم، ولكن).. (صحيح، ولكن...) عبارات أخرى نستخدمها في حواراتنا ونقاشاتنا مع الآخر ونحاول من خلالها إثبات رأي لنا أو الإسهام في فكرة ما، في الحقيقة " نحن " نصادر رأي الآخر ونثبت آراءنا وبمجرد أن نطلق (لكن) نحكم على رأي الآخر بالإعدام، قد لا أكون مبالغا إن قلت إننا نمارس (لكن) قبل أن نقولها فهي تنطلق منا رغبة في تعزيز مواقفنا وإثبات وجودنا...
إذن ما هو الحل وكيف نتغلب على (لكن)، يأتي الحل كما ذكرت ليليا كوني في كتابها الذي أشرت إليه سابقا في استبدال كلمة (لكن) في تخاطبنا اليومي بكلمة (أيضا)، هذه الكلمة تضفي طابعا جديدا في لغة التخاطب ؛ عندما نسمح للآخرين بحرية التعبير والحديث، ثم نطرح ما لدينا بأسلوب يجعل الحوار مفتوحا راقيا قابلا للاستمرار بتوافق وسلاسة دون توتر وإصرار على إثبات وجهات النظر دون الالتفات إلى صحة ما نقول، وآمل من الجميع أن يعيدوا صياغة العبارات السابقة وتستبدل كلمة (لكن) بكلمة (أيضا).
إن كل هذا يصب في زيادة ثقتنا بأنفسنا من خلال تحدثنا الواعي وانتقائنا لكلماتنا ومعانيها وصولا إلى لغة راقية في التخاطب اليومي والتواصل مع الآخرين وسيسهم ذلك كثيرا في إيصالنا لرسالتنا بشكل أكثر فاعلية.
أحمد خضران العُمري

 

 

   

رد مع اقتباس