عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-2011, 11:10 PM   رقم المشاركة : 12

 

الحلقة السادســـــة (6)


كان فيصل في منتصف عامه الدراسي الأول حين حدث الطلاق وبذلك فاته قطار الدراسة لذلك العام ....وكان ابا محمد يأتي مرة كل شهر او شهرين لتفقد ولده .

وحين بدأ العام الدراسي التالي توجه لتسجيله في المدرسة القريبة ....لكن أتضح انها بعيدة جدا على طفل في مثل سنه ....وبين قريته والقرية التي تقع فيها المدرسة جبال وأودية ....فكيف سيستطيع المسكين السفر هذه المسافة كل يوم .

تحدث مع حليمة ...واقترح عليها العودة إلى ابها ....فرفضت إقتراحه بشدة لولا أن تدخلت العمة بإقتراح آخر ....أن تعود حليمة إلى عصمته سرا .....وبذلك تضمن بقاءها على ذمة زوج ...وتعليم إبنها .

ورفضت حليمة الإقتراح ...أيضا ...بكل قوة .

وعاد ابا محمد خائبا من حيث أتى ....وتنفست حليمة الصعداء ....فليست في حاجة لنصف زوج .

أخبر ابا محمد زرعه بحرمان الطفل من الدراسة ....وعدم وجود مدرسة قريبة .....ففوجيء برد لم يتوقعه نهائيا ....من تلك المرأة .

طيب ....تعال به معنا هنا وقت الدراسة فقط .....وارجعه لها في الإجازات ...!!

وبهت ابو محمد .....فلم يخطر بباله ان تطرح مثل هذا الإقتراح ابدا ....وهو يعرف زوجته جيدا .....وتردد قليلا فهو واثق تمام الثقة أن موافقة زرعه على هذا الأمر بعد رفضها السابق ...وشروطها السابقة يخفي شيئا لايعلمه ....لكن مهما يكن فسيكون فيصل تحت نظره .

وعاد ابا محمد لقرية حليمة ...وأخبرها انه سياخذ فيصل ليعود للدراسة ....وسيحضره لها في العطلات ...وبكت حليمة فلم تكن تتخيل الحياة بدون وجود ولدها الوحيد ....ووعدها بالعناية به ورعايته كما يجب ......وبقوا في نقاش طويل تخللته دموع حليمة ...ووعود الزوج ..وتأييد العمة لقرار ابو محمد ....حرصا على مصلحة الطفل .

وحمل ولده وقفل عائدا إلى ابها .....والتقى فيصل باخوته ....وزوجة ابيه ....وسجله بمدرسة قريبة من منزله .

زرعه ..... لم تقبل بعودته إلا بعد أن عرفت بزيارات الأب المتكرره لقرية حليمة ...وتبرير ذلك بتفقد حال طفله .....فرضيت بعودته ...لتقطع دابر هذه الزيارات .

حين غادر فيصل مع والده ....شعرت حليمة بمدى الفراغ الرهيب في حياتها .....والملل المميت من أيامها الطويلة بلا معنى ...ولعل العمة العجوز شعرت بحالها ....فكانت تطرح عليها فكرة الزواج مرة اخرى ...لو تقدم لها رجل مناسب ...وحليمة ترفض نقاش هذا الأمر أبدا ....فيكفيها تجربة واحده .....ويكفيها فيصل .

في بيت زرعه ....التي تكن لفيصل حقدا عظيما .....كانت الأمور تسير بوجهين مختلفين ...فإذا كان ابو محمد موجودا ...فتعامل فيصل معاملة عادية ...لكنها لاتتورع عن ضربه وتعنيفه بشدة إذا كان ابوه غائبا .....وكان محمد ...أيضا يفعل ذلك بمناسبة او بدون مناسبة ....بل وتجرا على ضربه عدة مرات في حضور الأب الضعيف الشخصية .

ولم يكن يعطف على فيصل الصغير ....سوى أخته ليلى الصغيرة .....التي دافعت بجسدها الصغير عن فيصل عدة مرات ..وتلقت بعض الصفعات نيابة عنه .

والأب ....الخانع ...كان أحيانا يشاهد ما يحدث ...ولايفعل أكثر من الحوقلة والتحسب ....وبالطبع هو يعلم أن زرعه كاذبة في إتهاماتها لفيصل بالشقاوة ...لكنه لايستطيع ردعها .

وعاش فيصل عامه الأول بدون أن يمر أسبوع بدون ضرب مرة او مرتين ...وحليمة تنتظر عودته لها على أحر من الجمر ...وما أن حلت العطلة الصيفية ....حتى قرر ابو محمد الذهاب بولده لرؤية أمه ....الأمر الذي واجهته زرعه اللعينة بالرفض التام .....!!

وأستغرب الرجل من هذا التصرف ...لكنها أقنعته ببقاء الولد ....طالما أن امه مطلقة ....وبقاؤه هنا سيمنعه من التعلق بها ...وقبل الزوج بهذه الفكرة ....ليس عن إقتناع بل رغما عنه ...وللحق فقد حاول ثنيها عن رايها لكنها أصرت على ذلك ...بطريقة أستغربها أبو محمد .....وعاوده الشك مرة اخرى في ماتنوي زرعه ..مستقبلا .

وحليمة تنتظر عودة ابنها حسب وعد والده ....لكن لم ينفذ وعده ....ولم تفعل اكثر من البكاء المستمر ...ليلا ونهارا ...وانظارها معلقة على الطريق القادم للقرية ..طول يومها ....حتى تملكها اليأس تماما .

ومرت اسابيع عدة ....وطالت أيام الإنتظار ....بل أوشكت العطلة على الإنتهاء ...وحليمة تراودها الهواجس حول فيصل ....ماذا فعلوا به ؟....لم لم ينفذ والده وعده بان يقضي فيصل العطلة معها ؟.....هل هو بخير .....أم مريض ؟

وأستقرت حليمة على فعل شيء لم يخطر ببال احد ...فقد قررت الذهاب إلى ابها والبحث عن ولدها وفلذة كبدها ....وليكن مايكون .

ولم تفاتح العمة بهذه الفكرة ...فقطعا ستثنيها عن ذلك ....بشتى الأعذار .

وبدأت حليمة في تجهيز نفسها ..وأنطلقت قبل فجر اليوم الثاني ميممة وجهها صوب ابها ....ولإنها لاتعرف الطريق جيدا ..فقد سارت على غير هدى ...من قرية إلى قرية ....حتى وجدت رجلا معه سيارة ....فسالته أن ياخذها إلى أبها ...ووافق أخيرا بعد رجاء شديد .

ووصلت ابها في المساء ....ولم تعرف اين تذهب ....وضلت تهيم على وجهها في أزقة ابها ....تسال من تلقاه عن بيت موسى ...ولم تجد من يرشدها إليه .

ثم هدها التعب فأسندت ظهرها إلى جدار أحد البيوت ....ولم تشعر بنفسها إلا بصوت رجل عجوز يناديها ليوقظها ...ونهضت مفزوعة فدنا منها الرجل يسالها عن حالها .

وأخبرته بقصتها ....فهز رأسه في اسف ...ودعى الله لها بالعون .....ودعاها للذهاب معه لبيته لتأكل بعض الطعام وترتاح ....فليس معقولا أن تنام في الشارع .

وأخذها إلى بيته ....ودعى زوجته التي رحبت بها ....وأجلستها واحضرت لها طعاما ...تناولت منه لقيمات قليلة ....وشاركتها المرأة في البكاء حين عرفت حكايتها .

المشكلة ....أنها لاتعرف حتى أسم الحي الذي كانت تقيم فيه ....ولم تهتم بالسؤال في حينه ....ولو عرفت الحي ..ربما لجأت لصديقتها أم عبدالله وزوجها ...فقد يساعدوها في ذلك ....بما أن ابو عبدالله ...كان يعرف زوجها ...معرفة سطحية ....لكن على الأقل خيرا من لاشيء .

رغم أن ابها حينها ....كانت مجرد مدينة صغيرة ...تتوزع على أحياء متفرقة ...فقد عقدت العزم على البحث في كل الأحياء ..ولو كلفها ذلك وقتا وعناءا ...لكن لاحيلة لها غير ذلك .

وبعد أن نامت قليلا نهضت مع تباشير الفجر الأولى ....فشكرت أهل البيت على ضيافتهم ....وقررت بدء رحلة البحث ...واعتذر منها الرجل بخجل ...فهو لايملك وسيلة تنقل ....وهو على هذا رجل كبير ومريض ...وتمنى لو إستطاع مساعدتها في البحث ..فشكرته على ذلك ....واستحلفها بالله أن تعود إلي بيته في المساء ...فوعدته خيرا وأنصرفت .

وبدات رحلة البحث عن الأبن المفقود ......فهل ستعثر عليه ؟؟؟


الله يحبـــــكـــ(ن)ــم

 

 

   

رد مع اقتباس