عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-2011, 08:41 PM   رقم المشاركة : 14

 

الحلقة الثامنـــــة (8)

وأخيراً وجد أبو محمد فرصة سانحة من عمله ليعُد إلى أبها ...وقد عاد ...وحين وصوله للمنزل

تظاهرت زرعة بالحزن وهي تخبره بما حدث لفيصل ...وطفرت من عين أبي محمد دمعة ...غير أنه لمح في عيني ابنته الصغيرة شيئاً آخر .
وأنفرد بها بعد قليل ليسألها عن فيصل ...فأخبرته أنه كان نائما في غرفتهما ...وحين استيقظت صباحا لم يكن هناك ...وأن أمها أخبرتها أنه ربما ذهب إلى المدرسة ...لكن حقيبته بقيت في الغرفة .
وواجه أبا محمد زرعه ....بما سمع ..فقالت نعم قلت لها ذلك فلا أريد إخافتها ....وماحدث أننا شعرنا ببكائه فدخلت عليه فوجدته قابضا على ذراعه ويبكي وقد تورمت يده ...فطلبت من محمد أخذه للمستشفى ..لكنه وصل متوفيا ....فذهب به إلى المقبرة ...مباشرة .
لم تهدأ شكوك أبي محمد ...فتحين فرصة أخرى ليسأل ليلى ....التي قالت ببراءة بأن محمد لم يرجع إلى البيت إلا بعد أكثر من يومين ....وعلم الرجل أن هناك شيئا قد حدث ...فقلبه يقول له أن فيصل لم يمت .
تظاهر بالشجاعة ...وصرخ بزرعة وابنها محاولا الحصول على إعتراف منهم ...

لكنه واجه نفس الإجابات المتطابقة ....وما أثار شكوكه أكثر أنه لم يتم إخبار الجيران ...ولم يكن هناك عزاء ...حتى أن بعض الجيران قالوا له في المسجد ...سمعنا هذا الخبر من نسائنا ...لكن محمد لم يكن موجودا حينها ...ولم يقم لأخيه عزاء ...فظننا الأمر مجرد خبر غير صحيح .
ولم يستطع الحصول على جواب لتساؤلاته قط ...ولم يزد على الحوقلة والتحسب عليهم ...وهما يتظاهران بالبراءة والحزن على الفقيد الصغير .
وحليمة ....لازالت تجد في البحث عن ابنها ....وقد أنجزت جزءً كبيراً من جولاتها على أحياء أبها القليلة .....ولم تعثر بعد على بيت أبي محمد ....لكن الأمل لازال يحدوها .
ومرت ثلاثة أيام وعاد أبا محمد لعمله مرغما ...فلم يستطع معرفة أي شيء يريح قلبه من الشكوك ...ولا يستطيع أن يقف بوجه زرعة وابنها اللعين محمد ....فصمت مكرها ....ورحل .
وذات يوم ماطر ....كانت حليمة تدخل حيها القديم الذي عرفته بمجرد تجاوز الشارع الصغير المؤدي لمدخل الحي ....فهناك المسجد الصغير الذي شاهدته مرات ...وكأنما أُزيح عن صدرها حمل ثقيل .....فستجد أم عبدالله صديقتها الحميمة قريبا ...وهي بلاشك لن تتوانى عن مساعدتها .....وسارعت الخطى نحو بيت أم عبدالله .
طرقت الباب ....وفتح عبدالله الباب ...ليصرخ بصوت عال مناديا على أمه .....أمي...أمي ....خالتي حليمة جاءت ....ومرت دقائق كانتا فيها تتعانقان وتبكيان ....وأخبرتها حليمة بقصتها وهي ترجو أن يساعدها أبا عبدالله في مهمتها .....وبان الحزن على وجه أم عبدالله وهي تخبرها بأن أبا عبدالله ..قد توفي قبل حوالي شهرين .
ياالله ....مالذي يحدث ....لم ينقطع كل خيط من أمل ألقاه .....ماذا فعلت ياربي ....لم أعيش في هذه العذابات المتتالية؟!

...فهدّأت أم عبدالله من روعها ...وأكدت لها على أن الأمل لازال موجوداً ...وأنها ستعثر على ابنها .....فالبلد صغيرة ....وستجد بيت أبي محمد عاجلاً أو آجلاً .
وحل المساء وهما تتحدثان ...فتناولتا طعاماً ...وألقت حليمة بجسدها الصغير المنهك على فراشها ونامت .
وهناك في جده ....استمع الرجل لحكاية فيصل فلم يستشف منها شيئا نافعا .....فكل ما يقوله مجرد أسماء غير كاملة ....واسم أبها ...وقرية من قرى الجنوب ....وزرعة ...ومحمد ....فقرر اصطحابه إلى منزله حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا .
قبض على يده الصغيرة ..وسار به نحو بيته القريب ...وفيصل يسأله هل ستذهب بي إلى بيت أمي؟!

.....فيهز الرجل راسه أسفا وحزنا ...وهو يقول ربما غداً سنذهب إليها ....لأن بيتها بعيد .
ودخل مع الطفل الصغير إلى منزله حيث استقبلته زوجته العجوز وهي تتعجب من هذا الضيف الصغير مع زوجها ....وتساءلت فأجابها الرجل بكل ماعرف من فيصل .....واقترح أن يبقوه عندهم ....حتى يجدا حلاً لهذا الموضوع ...لكن المرأة .....قالت :

هذه مشكلة ..فقد يتهمنا أحد بخطفه أو إخفاؤه ....وستكون مسؤولية كبيرة ...وعليك أن تأخذه إلى الشرطة ليقرروا ماذا يفعلون به ....وربما تركوه لنا ...وأعجب الزوج هذا الإقتراح رغم أنه تمنى أن يبقى هذا الصغير لديهم ....فقد كبر أولادهما ....وتفرقوا في أماكن مختلفة ...وبقي العجوزان يعانيان الملل والوحدة .
وضعت العجوز طعاماً أما م فيصل ....الجائع فانهمك يأكل ...وهما ينظران إليه بعطف وحنان ....حتى شبع ...وقام ليغسل يديه .
وعند الصباح اصطحبه العجوز ...نحو مركز الشرطة ....وفيصل يلقي نفس السؤال عن أمه .....ودخلا على الشخص المسؤول ..وشرح له القصة كما سمعها من فيصل .....وحاول الضابط الحصول على معلومات أخرى .....فاستدعى عامل المقهى ....الذي أخبره أن الطفل حضر مع شاب آخر ....وأنه تركه هناك واختفى ....وأنه لايعرف من ذاك الرجل .....إلا أن فيصل أخبره انه اخوه ...وأسمه محمد .
وهز الضابط رأسه أسفا ...وهو يقول ....سنرسل تعميما لجميع مراكز الشرطة .....فقد يكون هناك بلاغ عن شخص مفقود ....وذاك على الأقل ما نستطيع فعله .....وتساءل الرجل ...هل يمكنني إبقاؤه عندي ......لكن الضابط أجاب .....لا أعرف لكن يجب أن يوافق مدير الشرطة على ذلك .....ودخل ليسأله ...فرفض مدير الشرطة ....وعليه تحويله لدار الأيتام حتى يتم شيئا بشأنه ....وتوسل الرجل لكن مدير الشرطة رفض تجاوز مالديه من تعليمات ...رغم أنه يتمنى لو استطاع تركه معه ...لولا خوفه من العقوبة لو خالف النظام .
ونهض العجوز وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة ...ونهض فيصل معه ...لكن الضابط طلب من فيصل البقاء ...وودعه الرجل بحزن ....وفيصل يشيعه بنظراته حتى غاب عن ناظريه .
نهض الضابط ....فأستدعى أحد الجنود ....وناوله ورقة موجهة لدار الأيتام ...بإبقاء هذا الطفل لديكم حتى يصلكم طلب لإحضاره ...شارحا فيها وضعه بالكامل .
وأخذ الجندي بيد فيصل فحمله في السيارة ...وانطلق عبر شوارع جده ....وفيصل يسأله من جديد ...هل ستذهب بي إلى بيت أمي ؟؟
بعد لحظات ..كانت سيارة الشرطة تتوقف على مدخل دار الأيتام ....وأنزل فيصل منها ....وما أن ولج من باب السور حتى شاهد عدداً من الأطفال في مثل سنه وأكبر ...يلعبون الكرة ....وحين شاهدوه ...تركوا مايفعلون وتسابقوا لمعرفة هذا القادم الجديد .
كانت أسئلتهم لاتجد سوى تلك الإجابة المعروفة .....وجاء احد المختصين فأرشده إلى المكان الذي سينام فيه ....وسأل الرجل ...متى سأذهب لبيت أمّي .......فلم يجبه الرجل فأجهش فيصل بالبكاء ...فمادام سينام هنا ....فلن يذهب به أحد إلى بيت أمه .
وفي أبها ....انطلقت حليمة لتتم جولتها بحثا عن ابنها .....وذات ظهيرة ...شعرت حليمة بالأمل يشرق مرة اخرى ....فقد سألت رجلاً عند أحد الدكاكين الصغيرة إن كان يعرف بيت رجل يدعى موسى بن محمد .....فأخبرها أنّ ذلك البيت في آخر الممر لرجل يدعى موسى بن محمد ...فكادت أن تطير ....ميممة نحو البيت .
طرقت على الباب بلهفة .....وسمعت صوتاً من وراء الباب يسأل من الطارق وكانت ليلى الصغيرة ...فقالت:

هل هذا بيت موسى بن محمد ؟!

..قالت نعم ...وهل هو هنا ؟

فجاءتها الإجابة لا ليس هنا إنّه في شرورة .....وهل زرعة هنا ؟

وردت نعم إنها هنا ...وطلبت أن تتحدث إليها ...وذهبت البنت للنداء على أمها .
وفتحت الأم الباب لتفاجأ بشابة تقف أمام الباب ..خيراً إن شاء الله ؟؟
أين ولدي ؟؟؟؟؟
الله يحبكــــــــ(ن)ـــم

 

 

   

رد مع اقتباس