عرض مشاركة واحدة
قديم 12-28-2011, 07:21 AM   رقم المشاركة : 19

 

الحلقة التاسعـــــة (9)




تماسكت زرعه نفسها وهي تسأل من هو ابنك ؟؟ يبدو أنك مخطئة في المكان ......؟؟

فيصل ابني .....!!

وتماسكت زرعة ...ثم ردت بحدة .....وكيف جئت هنا ؟؟

قالت حليمة :

طفت كل أحياء أبها بحثاً عن بيتكم حتى وجدته أخيراً ....فأين ابني ؟؟

وبجفاء وقسوة كان الرد الصاعق على حليمة .....

ابنك مات!!!!

مات ...ماذا تقولين؟!

......وسقطت مغشيّاً عليها على عتبة الباب ..... وتركتها زرعة هناك ....وأغلقت الباب .

أفاقت حليمة المسكينة من غشيتها بعد قليل ...لتعاود طرق الباب بعنف ..

...فهي متأكدة بأنّ زرعة تكذب ..وعادت زرعة لفتح الباب، وهي تنهرها بصوت عال ...ماذا تريدين ؟!

...قلت لك ابنك مات ...مات .

وتمسّكت حليمة برجلي زرعة ...تتوسلها أن تخبرها بالحقيقة .......فقط .

وكررت زرعة نفس الإجابة ....،

.وانتزعت رجلها من بين يدي حليمة الجاثمة على مدخل البيت .....

وهي تقول اذهبي من هنا ...ولو رأيتك مرة أخرى فسأجعلك تندمين .

طيب ..طيب ...أين أبو محمد ؟؟

وماذا تريدين منه ؟

فقط أريد أن أتأكد مماقلته ......فقلبي يخبرني أنك كاذبة ملعونة ، وسأبقى هنا حتى يأتي ......

ضحكت زرعه بسخرية ...وقالت إنّه لن يأتي قبل شهرين أو ثلاثة ....فانتظري إذا شئت .

وأغلقت الباب ...وبقيت حليمة جالسة كالصنم على باب البيت ....تبكي ..وتدعو الله ألاّ يكون ذلك صحيحا .

وبعد ساعات .....جاء محمد ..وحليمة متكومة على نفسها داخل عباءتها على عتبة بيتهم .

..ولم تشعر بوجوده إلا حين سألها ماذا تفعلين هنا يا امرأة ؟؟

قالت ..هل أنت من أهل هذا البيت ...فأجاب بنعم ....أنا محمد ....

فنهضت وتمسكت بكتفيه مستعطفة أن يخبرها أين فيصل ....وفوجيء بالسؤال ..فقد كاد أن ينسى موضوع فيصل .......لكن من أنت ؟

أنا أمه ياولدي ......أين هو ؟؟

صدم قليلاً ... ثم أجابها بتلعثم واضح ....

فيصل مات !!.

وفتح الباب ...ودخل وتركها خارجاً ....

وعادت لجلستها الأولى .......هي متأكدة بأنه لم يمت ...قلبها يؤكد ذلك ...لكن أين هو ؟!

وقررت البقاء هناك ...فقد يأتي الآن من المدرسة .....لكنّه لم يأت ....بل الّلتي جاءت هي ليلى الصغيرة ...تجرجر حقيبة مدرستها ....وفرحت حليمة حين شاهدتها تتوجه نحوها مباشرة .....فوقفت واستقبلتها .....أنت ليلى ؟؟

ووقفت الفتاة الصغيرة متسائلة عن هذه الغريبة التي تعرفها بالإسم ....نعم أنا ليلى ...ومن أنت ؟

أنا أم فيصل ......وفتحت الفتاة عينيها على اتساعهما ....وحليمة تكرر السؤال ...وأجابت الصغيرة بتردد .....يقولون بأنه مات ...أمي وأخي محمد أخبرونا بذلك .

شعرت حليمة أنّ هناك شيئاً ....لاتعرفه ....وعادت للسؤال عن الأب ...فلديه الخبر الأكيد .....لكن البنت أخبرتها أنه في الحرب ...ولا تعلم متى سيعود .

سحبت حليمة قدميها بتثاقل .....عائدة إلى بيت صديقتها أم عبدالله .

دخلت حليمة بيت أم عبدالله ....التي لمحت بقايا الدموع في عينيها ...وألقت بنفسها عليها ...وهي تبكي وتخبرها بما سمعت عن فيصل ....فبكت معها ..وسمع عبدالله الخبر فشاركهما البكاء ....وحاولت أم عبدالله مواساتها ....وأنّ ذلك قضاء الله وقدره ...لكن حليمة صارحتها بشكوكها ....فقلبها غير مصدق بذلك ....وهي شبه واثقة من أن هناك شيئا غريباً .

ومن طرفها ....فاتحت زرعه ولدها اللعين بخوفها من القادم.....فوصول حليمة إلى بيتهم ربما ينذر بالخطر ...وقد تقوم حليمة بتقليب الأمور ...ومحاولة كشف الحقيقة ....خاصة وهي قد صارحتها بشكها فيماقالته عن موت ابنها ..

وماذا نفعل ؟؟ سألت محمد ..

وكان الجواب علينا أن ننتقل من هذا البيت ....والأفضل أيضا أن ننتقل من أبها نهائياً .....ولكن إلى أين ؟

واقترح محمد عليها الإنتقال إلى بيتهم الثاني في الخميس .....فالمدينة مزدحمة أكثر .....ومن الصعب أن تجدنا حليمة فيها .

وأرسل محمد برقية لوالده يخبرهم بانتقالهم إلى الخميس ...حيث سيكونوا أقرب لمكان عمله ....ثم أن محمد ينوي نقل تجارة والدته إلى الخميس ....باعتبارها سوقا أفضل خصوصاً بعد أن أُنشئت فيها مدينة عسكرية جديدة ...واكتضت بالسكان من أفراد الجيش .

وبالطبع ...البرقية ليست لطلب رأيه بل لإخباره فقط ...فرأيه لا قيمة له في ميزان زرعة وابنها .

وهناك في القرية ....بعد رحيل حليمة ....صدمت العمة بما حدث ....لكنها كتمت الأمر خوفاً من الفضيحة ....فلا تعلم بم سيفسر الناس هروبها .....وحين يسألها أحد ...تخبرهم أنها قد عادت لعصمة زوجها السابق .

وبعد شهر آخر .....قررت حليمة العودة لبيت أبي محمد فربما يكون قد عاد من الحرب ....لتعرف حقيقة ما سمعت ....وطرقت الباب لمرات عديدة ...ولا مجيب .....ورآها أحد الجيران حين قدومه من عمله فتوقف إلى جوارها ...وسألته عن موسى وأهله ....فأخبرها بأنهم انتقلوا من البيت ....إلى مكان آخر .....لايعرفه .

وصدمت حليمة ،

وحاولت الحصول على أي معلومة مفيدة عن مكانهم الجديد ....فأخبرها أنهم انتقلوا إلى مدينة أخرى ....لكنه لايعلم أين بالتحديد! .....فقد كتمت زرعة وابنها محمد الأمر عن الجميع ..وحتى عن ابنيها الآخرين ....وليلى ... إلى آخر لحظة .

وعادت حليمة تجرجر خيبة أملها ...وحزنها ..لبيت صديقتها الوحيدة .

وفيصل ...لم يأت لمركز الشرطة أي رد على بحثهم .....وبقي في دار الأيتام ....يردد سؤاله عن أمه ...وأخيه محمد ....ووالده أيضا ........ولم يجد جوابا .

أسماؤهم لم تبرح ذاكرته الصغيرة ...وفكر بالهرب ...لكن إلى أين ؟ وأين هو .....وماذا يفعل هنا ؟!!

.....وعرف من رفاقه في الدار أنهم جميعا هنا لأنّ لا أهل لهم .....!!

لكن أنا لي أهل ......فلماذا جئت معكم .....؟؟

ومرت الأيام ....وأُلحق فيصل بالمدرسة مع زملائه .....وكانوا يخرجون بالأوتوبيس الخاص بالدار ...وفيصل ملتصق بالنافذة ...يتفحص وجوه العابرين ....فربما يجد والده ....أو أخيه ....أو أي أحد ينقذه من هذا المكان الغريب .

بدأ حلم الإلتقاء بأمه ..وأبيه ...يتلاشى مع مرور الوقت ....وأنشغل بدراسته .....رغم أن هناك ذكريات راسخة في راسه الصغير ...تأبى أن تفارقه .

وانتهت الحرب ....بعد أشهر ...وعاد الأب إلى بيته .....ولم يخبره أحد بزيارة حليمة .....وبقي الأمر طي الكتمان ....لولا ليلى الصغيرة ....التي أفرحتها عودة والدها ...فأفرغت أمامه كل مافي جعبتها من أخبار ....عن المدرسة الجديدة ....والبيت الجديد .....ولم تنس أيضا إخباره بزيارة أم فيصل في بيتهم القديم ...!!

فانتفض أبو محمد حين سمع سيرة حليمة و فيصل .....فكيف وصلت حليمة إلى هناك ؟؟

ولم لم تخبره زرعة بذلك ....وعادت الشكوك لتنتابه من جديد حول ماجرى لفيصل ....وقد كاد أن يرغم نفسه على تناسي الأمر......فلا طاقة له بالنزاع مع زرعة ومحمد .....ولا يريد أن يفرط في الأرث الهائل الذي ينتظره .

واجه زرعه بما سمعه من ليلى ...فلم تكترث ...

وقالت له :

وماذا في ذلك ....سألتني عن ولدها ...فأخبرتها بما حدث له بالتفصيل .....وذهبت .

لاحول ولا قوة إلا بالله ......

ولأجل هذا قررت أنت وابنك الأنتقال إلى هنا ......حسبي الله ونعم الوكيل ...




الله يحبكـــــــ(ن)ــــم

يتبع

إن شاء الله

 

 

   

رد مع اقتباس