عرض مشاركة واحدة
قديم 11-13-2012, 12:01 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
مشرف عام
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 20
مشرف عام3 is on a distinguished road


 


اطلق هذه الحسرة المؤلمة الشاعر العرجي وهو في السجن، وكان بينه وبين محمد بن هشام بن اسماعيل المخزومي عداوة، ومحمد هذا هو خال هشام بن عبدالملك، وكان والي مكة في ذلك الوقت، العداوة سببها ان الشاعر العرجي كان يشبب (أي يتغزل) بأم محمد بن هشام واسمها الجيداء، ولم يكن هذا التشبيب بسبب محبة أو نحو ذلك من علاقة، وانما كان الغرض منه هو فضيحة ابنها محمد بن هشام فأخذه وسجنه، وكل يوم يخرجه ويأمر بضربه بالسياط، وبقي في السجن تسع سنين وكان يأمر بتجويعه وضربه يوم الجمعة في المسجد امام الناس ولما زاد التعذيب به مات ولم يشفع له احد على الرغم من مكانته الرفيعة في النسب.. فهو عبدالله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قال وهو في السجن:
أضاعوني وأَيَّ فتًى أضاعوا
ليومِ كريهةٍ وسِدادِ ثَغْر
وخَلَّوْني ومُعْتَرَكَ المنايا
وقد شُرعِت أسِنّتُهم لنحري
كأني لم أكن فيهم وَسِيطاً
ولم تك نسبتي في آلِ عمرو
أجَرَّر في الجوامِعِ كلَّ يومٍ
ألاَ للهِ مَظْلِمتي وَهصري
عسى المَلِكُ المجيبُ لمن دعاه
سَيُنْجيني فيعلمَ كيف شُكري
فأجْزِي بالكرامةِ أهلَ ودِّي
وأَجْزي بالضَّغائِن أهلَ وَتري
وقوله:
كأني لم أكن فيهم وسيطاً
ولم تك نسبتي في آل عمرو
يشير الى عمرو في نسبه لأنه يعود الى جده عمرو بن عثمان بن عفان.. ولم يشفع له احد فمات بالسجن اثر التعذيب وسوء المعاملة أما تشبيبه وغزله بأم محمد بن هشام المخزومي جيداء فمن قوله:
أبصرتُ وجهاً لها في جِيده تَلَعُ
تحت العُقود وفي القرطين تشهير
وجهُ تحيَّر فيه الماءُ في بَشرٍ
صافٍ له حِين أبدته لنا نور
ومنه أيضاً قولهُ:
عوَجي علينا رَبَّةَ الهَودَجِ
إنك إن لا تَفْعلي تَحْرِجي
فالحجّ إن حَجَّت وماذا مِنى
وأهلُه إن هي لم تَحجج
فما استطاعت غيرَ أنْ أومأتْ
نَحْوِي بعيني شادنٍ أدعج
ولما افضت الخلافة الى الوليد بن يزيد بن عبدالملك قبض على محمد بن هشام واخيه ابراهيم ودعا لهما بالسياط فضربا ضربا مبرحا، واثقلا بالحديد ووجه بهما الى يوسف بن عمر وامره بتعذيبهما، فضربهما حتى ماتا، وكان ذلك انتقاما للعرجي، وكان ابن عم الوليد بن يزيد وحفيد الخليفة عثمان بن عفان.
وغنى اسحاق الموصلي الرشيد يقول العرجي: اضاعوني وأي فتى اضاعوا، فسأل الرشيد عن سبب هذا الشعر فأخبر بحكاية العرجي وما جرى له فاغتاظ الرشيد، ولكنه سكن غضبه لما علم ان الوليد فعل بابني هشام مثل ما فعل بالشاعر العرجي.
وهناك حكاية عن الامام أبي حنيفة ذكرها الاصمعي انه كان لأبي حنيفة النعمان جار بالكوفة كان يسكر في منزله في المساء بعد ان يغلق عليه الباب ويغني بمفرده ومما يردده كثيرا قول العرجي:
أضاعوني وأَيَّ فتىَّ اضاعوا
ليومِ كريهةٍ وسِدادِ ثَغْر
وكان يعجب أبو حنيفة بغنائه حتى افتقد صوته فسأل عنه فقالوا له ان الشرطة قبضوا عليه واخذوه الى الحبس.. فذهب أبو حنيفة الى عيسى بن موسى والي المدينة فقال له: ان لي جارا اخذه عسعسك البارحة فحبس وما علمت منه الا خيرا فقال عيسى سلموا لأبي حنيفة كل ما اخذه العسعس البارحة فأطلقوا جميع من في الحبس اكراما لأبي حنيفة، ولما شاهده قال له عد الى ما كنت تغنيه فإني معجب بغنائك.

مقال لـــ عبدالله خلف بتاريخ 7/7 /2011 والله اعلم

 

 

   

رد مع اقتباس