وأخيراً وصلت شماعة "العين والسحر" إلى المباني والمؤسسات والأندية، فبعد أن استمعت مساء البارحة إلى أحد المنتفعين من "البيزنس الرقوي"، وهو يؤكد احتمالية إصابة نادي النصر بالفيروس، آمنت أن الغد القريب سيحمل إلينا ذات التهمة إلى وزارات مسحورة. سيقولون إن وزارة الصحة مسحورة بدليل المشاريع الورقية التي عجزت أن ترى النور، وسيبررون انقطاع الكهرباء في ذروة الصيف (بعين) ضربت محطات التحويل في شارع (أنكاس) بالرياض. وفي الدخان الذي خبت ناره تحت الرماد في نادي النصر، أصبح الضعيف المسكين، معيض، حامل الكور في تدريبات الفريق، سبباً في الفشل الإداري الذريع وتقية لهزائم الفريق رغم الكولمبي الأسمر والبرازيلي الأشقر والآسيوي الأصفر. بقي من المؤكد أن من لم يؤمن بالعين والسحر فإن عليه أن يستبرئ لدينه، ولكن: كل ما يذكره الأثر أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حالة واحدة وحيدة من الرقية. لم يكن هذا الهوس الجمعي الذي نعيشه اليوم قصة في المدونات التي وردتنا من العظام من السلف الصالح. ومثلما قال لي أحد المشايخ الكبار، فإنك لن تجد إلا حالة واحدة من بين كل ألف يدعون الوقوع في براثن العين والسحر. كل هؤلاء يرمون بالفشل في قصص حياتهم على هذه الظاهرة. ومن الغد، سيكون لكل متقاعس في العمل العام (معيض) الخاص الذي سيتحمل الوزر أمام الجماهير والمواطنين. ستوزع فضائيات السحر ورقاة الانتفاع من وهم (العين) هذا (المعيض) على كل حالة وحارة ووزارة. سيكون (معيض) هو صباب القهوة لصاحب السعادة ، والسبب لأن القهوة الحبشية تحت الشك. سيكون (معيض) هو السائق القديم لصاحب المعالي، مثلما سيكون حارس بوابة الوزارة. سيكبر بنا هذا الهوس الجمعي وسيقترح علينا هؤلاء أن المدينة بأكملها مسحورة تحتاج إلى "رقاة البيزنس" فوق خزان التحلية. وسيقترح بعضهم لو قرأنا على "المحطة" كي نقطع السحر من المنبع. سيكبر بنا هذا الهوس الجمعي، وسيقترح علينا جامعو الملايين من "البيزنس" أن نفتح لهم جامعة متمكاملة بأقسام للعين والشبكية والماء والزيت، وبمعهد عال لتفسير الأحلام، طالما أن هذا التخصص بالتحديد تتبارى فيه اليوم تسع قنوات فضائية. ستكون هذه الجامعة أول جامعة فضائية يحاضر فيها المنتفعون عبر وسائل الإعلام مباشرة إلى القاعات، وسيكون (معيض) هو الشماعة والنجدة. سيكون المثال في قلب المشرحة. سيكون حارس الجامعة وقد يكون البروفيسور المقيم أو الزائر. سيرتقي في السلم حتى يسيطر بالسحر على قرارنا الجمعي: سيصبح "معيض" مديراً للجامعة.


الوطن