عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-2008, 09:44 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road


 




مقدمة

فإن "القرآن في البيان والهداية كالروح في الجسد،

والأثير في المادة، والكهرباء في الكون،

تُعرف هذه الأشياء بمظاهرها وآثارها،

ويعجز العارفون عن بيان كنهها وحقيقتها"(1)،

فكذلك القرآن سر من الأسرار،

أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض،

وليس على العقول والأفئدة شيء ألذ من تكشف هذه الأسرار،

وإزاحة الأستار، وهي لا تظهر إلا بتدبر وتفكر، وتأمل ونظر.

قرآن مركب من

"ألفاظ؛ إذا اشتدت فأمواج البحار الزاخرة،

وإذا هي لانت فأنفاس الحياة الآخرة،

تذكُرُ الدنيا فمنها عمادها ونظامها،

وتصف الآخرة فمنها جنتها وناره(2)،

ومتى وعدت مِنْ كَرَمِ الله جعلتِ الثُّغورَ تضحكُ في وجوه الغيوب،

وإن أوعدت بعذاب الله

جعلت الألسنة ترعُدُ من حَمَى(3) القلوب" (4).

فيه معاني أعذب وأطيب من الماء البارد الحلو للعطشان،

وأرق من نسيم الجنان،

هي نور يضيء للمؤمنين طريق الحياة ليصلوا إلى بر الأمان،

أعظم من نور الشمس للأكوان.

ولقد صدق من قال:

وكتاب ربك إن في نفحاته *** مِنْ كُلِّ خيرٍ فوقَ ما يُتوقع

نورُ الوجودِ وأُنسُ كلِّ مُرَوَّعٍ *** بِكروبِه ضاق الفضاءُ الأوسع

والعاكفون عليه هم جلساء من *** لجلاله كُلُّ العوالم تخشع

فادْفِن همومك في ظِلال بيانه *** تَحْلُ الحياةُ وتطمئن الأضلع

فبكل حرف من عجائب وحيه *** نبأٌ يُبشِّر، أو نذيرٌ يقْرعُ

قال جرير بن عبد الله البجلي:

"أوصيكم بتقوى لله، وأوصيكم بالقرآن؛ فإنه نور بالليل المظلم،

وهدى بالنهار، فاعملوا به على ما كان من جهد وفاقة،

فإن عرض بلاء فقدِّمْ مالك دون دينك،

فإن تجاوز البلاء -أي زاد،

ولم يدفعه المال- فقدم مالك ونفسك دون دينك؛

فإن المخروب من خَرُب دينُه،

والمسلوب من سُلِب دينُه، واعلم أنه لا فاقة بعد الجنة،

ولا غنى بعد النار
" (5).

يرفع الله بهذا القرآن أقوامًا ويضع به آخرين؛

فعن نافع بن عبد الحارث أنه

استناب مولاه عبدَ الرحمن بنَ أبزى على مكة

لما خرج للقاء عمر في عُسفان،

فقال عمر لنافع: من استخلفت على أهل الوادي؟ -يعني مكة-،

قال: ابنَ أبزى، فقال عمر: ومن ابنُ أبزى؟!

فَقَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا,

فَقَالَ: اسْتَخْلَفْت عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟!

فقال: إنه عالم بالفرائض،

قارئ لكتاب الله؛

فقال عمر: إما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال:

((إن هذا القرآن يرفع الله به أقوامًا، ويضع به آخرين)) (6).

إن أجمل حديث وأشرفه،

وأحسن مجلس وأطيبه،

ما كان في القرآن الكريم،

كلام الله، وحديثنا اليوم عن تدبر القرآن،

وهو أعظم مقصود نزل لأجله القرآن،

قال تعالى:



[سورة ص ].


------------------

(1) مقدمة رشيد رضا لإعجاز القرآن لمصطفى صادق الرافعي (19).

(2) في الأصل صرامها.

(3) أي شدة الحرارة فيها.

(4) إعجاز القرآن للرافعي (30).

(5) انظر: سير أعلام النبلاء (3/174- 175 في ترجمته رضى الله عنه)

(6) روى القصة مسلم في صحيحه كتاب صلا المسافرين، باب فضل

من يقوم بالقرآن ويعلمه.


...........

 

 

   

رد مع اقتباس