لطائف لغوية :
أَنزَلْنَاهُ
( القدر : 1 )
جيء بضمير الغيبة هنا ، تعظيما لشأن القرآن وعلو قدره ،
وإيماء إلى أنه حاضر في أذهان المسلمين لشدة إقبالهم عليه ،
فكون الضمير دون سبق معاد ، إيماء إلى شهرته بينهم .
ويقول ابن عاشور رحمه الله تعالى في لفتة جميلة :
ومن تسديد ترتيب المصحف أن وضعت سورة القدر
عقب سورة العلق ،
مع أنها أقل عدد آيات من سورة البينة وسور بعدها ،
كأنه إيماء إلى أن الضمير في
أَنزَلْنَاهُ
( القدر : 1 )
يعود إلى القرآن الذي ابتدئ نزوله بسورة العلق .
أَنزَلْنَاهُ
( القدر : 1 )
لضمير المتصل في " إنا " وفي أنزلناه مستعمل للجمع
والتعظيم ومثلها " نحن " كما في قوله
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
( الحجر : 9 )
والمراد بهما هنا التعظيم قطعا لا ستحالة التعدد
أو إرادة معنى الجمع .
وقد صرح الله في موضع آخر باللفظ الصريح في قوله :
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ
( الزمر : 23 ) .
وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ
( القدر : 2 ) .
هذا أسلوب من أعظم وأجمل أساليب القرآن في تعظيم الأمر
وتفخيمه ، والتشويق إليه ، وهو هنا تنويه بطريق الإبهام ،
يراد به أن إدراك كنه هذه الليلة ليس بالسهل ،
لما ينطوي عليه من الفضائل الجمة .
ومثل هذا في إرادة تعظيم الأمر وتهويله قوله تعالى :
وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ
يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ
وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ
وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ
ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ
( الانفطار : 14-18 )
وقوله تعالى :
الْقَارِعَةُ
مَا القَارِعَةُ
وَمَا أَدْرَاكَ مَا القَارِعَةُ
( القارعة : 1-3 )
وغيرها في كثير من القرآن الكريم .