عرض مشاركة واحدة
قديم 09-04-2008, 02:39 PM   رقم المشاركة : 5

 


( بإذن ربهم )

الباء هنا إما أن تكون سببية أي تتنزل الملائكة

بسبب إذن ربهم لهم ، فالإذن بمعنى المصدر ،

وإما أن تكون بمعنى المصاحبة ، أي مصاحبين لما أذن به ربهم ،

فالإذن بمعنى المأذون به من إطلاق المصدر على المفعول

نحو

هَذَا خَلْقُ اللَّه

( لقمان : 11 ) .


مِّن كُلِّ أَمْرٍ

( القدر : 4 )

" من " من هنا يجوز أن تكون بيانية تبين الإذن

من قوله " بإذن ربهم "

أي بإذن ربهم الذي هو في كل أمر .

ويجوز أن تكون بمعنى الباء ،

أي تتنزل بكل أمر مثل ما في قوله تعالى :

يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ

( الرعد : 11 )

أي بأمر الله . وهذا إذا جعلت باء " بإذن ربهم " سببية .

و " كل " هنا مستعملة في معنى الكثرة للأهمية أي :

في أمور كثيرة عظيمة ، كقوله تعالى :

وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ

( يونس : 97 )

وقوله :

يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ

( الحج : 27 ) .

وقوله :

وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ

(الأنفال : 12) .

و " الأمر " هنا يكون واحد الأمور

وواحد الأوامر ،

والذي يظهر أنه شامل لهما معا لأن الأمر من الأمور

لا يكون إلا بأمر من الأوامر :

إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ

( يس : 82 ) .

ويشهد له ما جاء في شأنها في سورة الدخان :

فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ

أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ


( الدخان : 4-5 ) .

سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ

( القدر : 5 ) .

الإخبار عن هذه الليلة بالسلام نفسه ،

والمجيء به مصدرا منكرا ،

كل هذا يدل على عظم هذه الليلة والمبالغة

في فضلها وسلامتها وأنها لم يشبها كدر .

وجملة " سلام هي حتى مطلع الفجر " بيان لمضمون

" من كل أمر " ،

وهو كالاحتراس ،

لأن تنزل الملائكة يكون للخير

ويكون للشر لعقاب مكذبي الرسل ،

قال تعالى :

مَا نُنَزِّلُ المَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذاً مُّنظَرِين

( الحجر : 8 )

وقال :

يَوْمَ يَرَوْنَ المَلائِكَةَ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ

( الفرقان : 22 )

وجمع بين إنزالهم للخير والشر في قوله :

إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا

سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ

فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ


( الأنفال : 12 ) .

( سلام هي ) قدم المسند هنا وهو

" سلام " على المسند إليه

وهو هي لإفادة الاختصاص ، أي ما هي إلا سلام ،

والقصر ادعائي لعدم الأعتداد بما يحصل فيها

لغير الصائمين القائمين .

والسلام والأمان في هذه الليلة المباركة

هو امتداد إلى السلام الأكبر يوم القيامة

لاَ يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلائِكَةُ

هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ


( الأنبياء : 103 )

فعلى قدر ما تتعرض وتنال من السلام في هذه الليلة

( بفعل الطاعات واجتناب المعاصي )

على قدر ما يحصل لك من السلام والأمان يوم القيامة

برحمة الله عز وجل الذي قال عن المؤمنين وهم في جنات النعيم

وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ

سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ


(الرعد : 23-24) .

 

 

   

رد مع اقتباس