عرض مشاركة واحدة
قديم 07-04-2008, 07:56 PM   رقم المشاركة : 2

 



قال ابن القيم :

فلو كانت النفس شَريفة كبيرة لم تَرْضَ بالدُّون ،

فأصْلُ الخير كلّه بتوفيق الله ومشيئته ، وشَرَف الـنَّفْس ونُبْلها وكبرها .

وأصْل الشّر خستها ودناءتها وصغرها .

قال تعالى :


أي : أفْلَح مَن كَبّرها وكَثّرها ونَمّاها بِطَاعَةِ الله ،

وخَابَ مَن صَغّرها وحَقّرها بِمَعَاصِي الله ،

فالـنُّفُوس الشريفة لا تَرْضَى من الأشياء إلا بأعلاها وأفضلها وأحْمَدها عاقبة ،

والـنُّفُوس الدنيئة تَحُوم حَول الدَّنَاءات وتَقَع عليها ، كما يَقَع الذُّبَاب على الأقْذَار ،

فالـنَّفْس الشَّرِيفة الْعَلِيّة لا تَرْضَى بالظُّلْم ولا بالفواحش ولا بالسرقة والخيانة ،

لأنها أكبر من ذلك وأجَلّ ، والنّفْس الْمَهِينة الْحَقِيرة والْخَسِيسة بالضِّدّ مِن ذلك ؛

فَكُلّ نَفْسٍ تَمِيل إلى ما يُناسبها ويُشاكلها . اهـ .

وقال في ذِكْر عقوبات الذّنُوب :

ومِن عُقُوبَاتها : أنها تُصَغّر الـنَّفْس وتَقْمَعَها وتُدَسّيها وتُحَقّرها حتى تصير أصْغَر كل شيء وأحْقَره ،

كما أن الطاعة تُنَمِّها وتُزَكّيها وتُكَبّرها .

قال تعالى :




والمعنى : قد أفْلَح مَن كَبّرها وأعلاها بِطاعة الله وأظْهَرها ،

وقَد خَسِرَ مَن أخْفَاها وحَقّرها وصَغّرَها بِمَعْصِية الله ...

فالطاعة والْبِرّ تُكَبّر الـنَّفْس وتُعِزّها وتُعْلِيها حتى تصير أشرف شيء وأكْبَره وأزْكَاه وأعْلاه ،

ومع ذلك فهي أذلّ شيء وأحْقَره وأصْغَره لله تعالى ،

وبِهَذا الذّل حَصَلَ لها هذا العِزّ والشَّرَف والـنّمُو ؛

فما صَغّر النفس مثل مَعْصِية الله ، ومَا كَبّرها وشَرّفها ورَفعها مثل طاعة الله . اهـ .

وإن مما تَهُون بِه الـنَّفْس أن يَعتَاد الإنسان خُلُقا مِن أخلاق المنافِقين ..

بل قد يَسْتَسِيغ ما غَصّ به عُـبّاد الأوثان !

أو يَسْتَحْسِن ما اسْتَقْبَحه أهل الجاهلية الأولى !

وكَفَى بِذَنْبٍ قُـبْحًا أن يَتَبرّأ مِنه أهل الجاهلية ! فيَخْشَى أحدهم أن يُعيَّرَ بِه !

وحَسْبُك مِن خُلُق رَذَالَة أن يَعِيبَـه من كان يَعبد الأصنام والأوثان !

ذلكم هو " الْكَذِب " الذي عُيِّر بِه " مُسَيلِمة " فاقْتَرَن اسمه بِوصْفِ الْكَذِب !

فلا يُذكَر إلا ويُعَرّف بـ " الكَذّاب " !

والكَذِب خُلُق من أخلاق المنافِقين ،

ففي خِصال الـنِّفاق : " إذا حَدّث كَذَب " كما في الصحيحين .

 

 

   

رد مع اقتباس