عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-2012, 08:45 AM   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 11
نزهة المشتاق is on a distinguished road


 

الحلقة الحاديــــة عشرة (11)



بعد ان كبر فيصل أستوعب عقله معنى الموت .....وفكر في ماقيل له صغيرا ان امه ماتت ....يعني أنها لن تعود ابدا .
وهو الآن على وشك إنهاء المرحلة المتوسطة من دراسته ...ومحمد لم يعد ....ومحى من فكره كل تفكير يتعلق بزرعة ...ومحمد وحتى والده .
ركز كل إهتمامه على تعليمه وكان من نخبة المتفوقين ....وكان في قرارة نفسه ينوي أن يعوض كل ما كابده من فقد لوالدته وأهله ....بالنجاح فقط .
تزوجت ليلى ورحلت مع زوجها ...وزرعه بدأت تضيق ذرعا بالأب الملقى كالجثة الهامدة في المنزل...وكانت تتمنى لو يختطفه ملك الموت سريعا ..قبل ان تفعل هي .....بينما التحق ولدها خالد بالجندية ...وعلي ...بقي معها غير أنه كان غير ذي فائدة ...فلا هم له إلا التسكع في المقاهي والتجوال مع رفاقه من الشباب الذين تركوا تعليمهم قبل أن يصلوا للمرحلة الثانوية .
وحليمة ....بدأت تجارتها تزدهر بعد أن اصبح أغلب نساء ابها يعرفنها ..ويعرفن أمانتها وصدقها ....ولم يطل بها الأمر فأستاذنت أم عبدالله ...وأستأجرت بيتا صغيرا لها إلى جوار بيت أم عبدالله ...وبقيت علاقتهما كما هي .....ربما كبر عبدالله هو ماجعل أم عبدالله تسمح لها بالخروج لبيت مستقل ....رغم أن عبدالله كان يتعامل معها بإعتبارها امه الأخرى .
انهى فيصل دراسته المتوسطة بتفوق كما هو معتاد منه ....والتحق بالثانوية ...وكان من خيرة طلاب دار الأيتام بل وأستطاع بتفوقه وأديه ونشاطة أن ينال إعجاب موظفي الدار ومشرفيها .....وفي السنة الثالثة الثانوي ....وقبل منتصف العام بقليل ...فوجيء فيصل بإستدعاء من مدير المدرسة ...فتوجه إلى مكتبه ...وهويتساءل عن سبب هذه الدعوة الغربية ....ودخل لمكتب المدير ليجد أحد زملائه ...وثلاثة اشخاص لم يسبق له رؤيتهم قبل ذلك .....سلم وجلس منتظرا معرفة مايحدث .
عرفه احدهم بنفسه قائلا أنا المهندس عبدالعزيز من شركة ارامكوللنفط .....ونحن في كل عام نبحث عن المتوفقين أمثالكما لنعرض عليهم الإلتحاق بجامعة البترول والمعادن بعد إتمام المرحلة الثانوية ....ونضمن بعدها لكم الوظيفة الممتازة والسكن إضافة إلى مكافأة شهرية طوال مدة دراستكم ..وناولهما كتيب صغير يحمل معلومات عن الشركة وأنشطتها وماتمنح موظفيها من مميزات .
تصفح فيصل وزميله الكتيب ثم أكد موافقته على هذا العرض المغري ....غير ان رفيقه الآخر رفض العرض فهو لايريد الإبتعاد عن جدة ....بينما فيصل ينتظر على احر من الجمر مغادرة هذه الدار والحصول على حريته كرجل ...مستقل .
طلب منه مندوب أرامكو التوقيع على نموذج كان يحمله ثم طلب منه الحضور لمكتب أرامكو في جده بعد حصوله على شهادة الثانوية ....ومر بقية العام سريعا ....وما أن أستلم شهادته حتى توجه نحو مكتب أرامكو بعد ان قام بإخلاء طرفه من الدار وودع زملاءه وموظفي الدار التي حضنته طويلا .
في مكتب أرامكو تم إنجاز الإجراءات وطلبوا منه الحضور قبل بداية العام الدراسي باسبوع واحد ....وخرج من المكتب ....ولم بعرف أين يذهب فهو لايعرف أكثر من دار الأيتام ....ومدرسته وبضع أماكن كان يشاهدها على الطريق بين مدرسته والدار .
شعر فيصل انه تسرع بإخلاء طرفه وإنهاء علاقته بالدار وكاد ان يرجع ...ثم قرر أن يستخدم المبلغ البسيط الذي جمعه خلال بقائه في الدار من هنا وهناك .....ويبحث لنفسه عن مستقر مؤقت حتى يحين وقت الجامعة ....وحملته قدماه نحو أحد المقاهي .
يعرف فيصل هذا المقهى ...فهو المقهى الذي تركه فيه محمد قبل ستة اعوام او تزيد قليلا ....بحث في الوجوه ....لعله يعرف احدا من الذين إلتقاهم تلك المرة ....بحث عن اليمني صاحب المقهى ذو الصوت الجهوري المميز ....فلم يكن هناك .....وبحث عن الرجل العجوز الذي حمله إلى الشرطة ....فلم يكن هناك ايضا .
الإجازة تسير ببطء شديد .....وهو يشعر بالملل من البقاء جالسا في المقهى طول اليوم أو التسكع في شوارع جدة .
أثناء تجول فيصل في سوق جدة عرض عليه أحد التجار العمل في محله ....فقرر قبول هذا العرض ...ليحصل على بعض المال ...ويستفيد من وقته المهدور في ما لافائدة منه .
كان ينام في المقهى كعادة كثيرين من عابري السبيل ومرتادي الأسواق من أماكن بعيدة ...ثم ينهض صباحا فيتوجه إلى الفوال المجاور ....يتناول طعامه ....وكوبا من الشاي ....ثم يتوجه لمحل عمله .....حتى صلاة العشاء ....فيتناول لقيمات من الطعام في احد المطاعنم ...وينام ...
مرت فترة الإجازة سريعا ....وفي الموعد المحدد ...ودع صاحب المحل ..وتناول اجره ....وأنطلق نحو مكتب أرامكو ...وهناك قاموا بعمل الإجراءات المتبقية ....ثم أرسلوه مع عدد آخر من الطلاب الذين تم أختيارهم للمطار متوجهين إلى الظهران حيث مستقبلهم القادم .
صعد فيصل ورفاقه على متن الطائرة مصطحبا حقيبة صغيرة فيها ملابسه القليلة ....وأثبات هويته الجديد الذي منح له أثناء وجوده في الدار ...فيصل موسى محمد......مكان الميلاد أبها .
وعند وصولهم لمطار الظهران كان فريق من أرامكو في إنتظارهم ....فحملوهم في أوتوبيس ضخم ..... ولاحظ فيصل أن منطقة الظهران تختلف إختلافا كبيرا عن أبها وجدة ....فالمدينة صغيرة مقارنة بجدة .....ومنظمة تنظيما مختلفا ....وشاهد الكثير من الأجانب ذاهبون او قادمون من أطراف المدينة .....وفي رحلة الباص الى الجامعة شاهد عدد من معامل النفظ ...تعلو معضمها شعلة النار التي يتم بواسطتها التخلص من بعض الغازات أثناء عملية الفرز والتصفية ....واخيرا...شاهد جامعة البترول والمعادن ببرجها المميز لأول مرة في حياته .
من جهة أخرى حليمة كانت لاتنفك عن الحديث عن ابنها مع أم عبدالله كل يوم ....وهي موقنة تماما انه حي يرزق ...لكنها لاتعرف اين ......ولم تترك عادتها في المرور مرة كل شهر على بيت أبو محمد القديم .....فقد يكونوا عادوا لبيتهم .....وقد تعرف شيئا عن ابنها ....ولم يتغير شيء .....لازال الغموض يحيط بمكان تواجدهم ....ولم تسمع عنهم أي شيء ابدا .
تعبت حليمة من التجوال على البيوت ....فأستشارت أم عبدالله ....وقررت أن تجعل لها مكانا ثابتا تمارس فيه تجارتها ...فحصلت على موقع صغير في سوق الثلاثاء مع عدد آخر من النساء ....وكانت تتوجه إلى هناك يوميا ...ولاتعود إلا عند غروب الشمس ...وشعرت بالراحة قليلا ...فقد أهلكها التنقل يوميا بين حواري ابها المتباعدة ....على أن إستقرارها هذا سيحرمها من البحث الشهري حول بيت أبو محمد .
وزرعة ....أصبحت وحيدة تاما فقد توفي أبا محمد في فراشه ...واستعانت بالجيران ليستدعوا أي أحد من اقاربه ليقوموا بدفنه ...وابنها على واصل مسلسل ضياعه ....وصار نزيل السجن نتيجة قيامه مع بعض الفاسدين من أقرانه بسرقة عدد من المحلات التجارية ...رغم انه لم يكن مثلهم بحاجة غلى المال ...فوالدته تملك منه الكثير ...بل دفعه لذلك مجاراة أقرانه وإثبات أنه رجل يعتمد عليه حسب مفهومهم الفاسد .
الله يحبكـــــــــ(ن)ـــم



 

 

   

رد مع اقتباس