عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2008, 09:02 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road


 



الرسالة الرابعة

الحج مرآة الأمة



من مزايا المرآة أنها تبرز صورة الأشياء ، بوضوح دون زيادة أو نقص،

وكل من يستخدمها يحرص على نظافتها حتى تكون صقيلة ناصعة،

ولا ذنب للمرآة إذا رأى الناظر فيها عيوبه من اتساخ الثياب

أو اختلال الهندام لأنها مجرد شاهد صادق ينطق بالواقع ،

وقد يغضب الناظر لما يرى من صور النقص لكنه لا يملك – إن كان عاقلاً –

إلا أن يصلح من الحقيقة لتصلح صورته ،

لكن بعض الحمقى قد يقذف بهذه المرآة ويهشمها بيده ثم يدوسها بقدمه ،

ونقول لهذا الأحمق لم تغير الحقيقة وفقدت- مع ذلك- الوسيلة التي تعرف بها الخلل والقصور.

والحج مرآة الأمة تبدو من خلاله صورتها بما فيها من حسن وجمال ،

أو قبح واختلال ، ذلك أن الحج هو مؤتمر الأمة الأكثر عدداً ،

والأعظم تنوعاً لوجود فئات من الأمراء والعلماء ، والمثقفين والأدباء ،

والوجهاء والدهماء والعامة والبسطاء ، والرجال والنساء ،

ولا شك أن مرآة الحج تبرز في إطار عام كثيراً من المحاسن من التعبد والمساواة والوحدة ،

ولكنها - لصدقها - تبرز أيضاً صوراً من الخلل ونماذج القصور

الذي لا يتفق مع تلك المحاسن بل ربما نجد ما يناقض تلك المحاسن ويضادها .

إن العين لا تخطئ رؤية كثير من السلبيات ،

فأنت ترى في صفوف الجموع الغفيرة صوراً من اختلال العقائد وشيوع الابتداع ،

كما تلحظ ذهولاً عن العبادة ، وبعداً عن الخشوع ،

ولا تخفى عليك نماذج الجهل بالدين والتخبط في المناسك ،

إضافة إلى صور التخلف الحضاري المتجسدة في إهمال النظافة وتجاهل أبسط مستلزماتها ،

والتجاوز للتعليمات الصحية وعدم مراعاتها ، والإخلال بالنظام مع الالتزام بالفوضى ،

هذا مع صور متفرقة من الحدة في التعامل ،

والشدة عند التزاحم والانفعال عند التجاوز ،

والتعصب لجنس أو بلد أو على الأقل عدم الارتياح والانفتاح على الآخرين .

كل ذلك لا يعني أن هناك إيجابيات كثيرة ،

ولكن في الوقت نفسه ينبغي أن لا نفعل هذه المظاهر

ويجب أن لا نكسر المرآة بل ينبغي أن نشكرها إذ وقفنا من خلالها على الداء وبقي الدواء .

وأختم هذه السطور أن ما ذكرته يبين حجم الجهود التي ينبغي أن تبذل لتحويل الأمة من الفرقة إلى الوحدة،

ومن الذلة إلى العزة ، ومن الضعف إلى القوة ،

ومن التخلف إلى التقدم، ولا شك أن الدور الأكبر في عنق الحكومات الإسلامية،

وأجهزتها الإعلامية، ومناهجها التعليمية ،

وهناك أيضاً العلماء وجهودهم في الدعوة ، والحفاظ على عقيدة الأمة ،

والصدع بالحق ، والصد عن المنكر ، والمحاربة للجهل، والمواجهة للغزو ،

وهناك جهود وواجبات منوطة بأرباب المال ومؤسسات الاقتصاد وأخرى بأرباب الفكر والأدب ،

وثالثة بخطباء المنابر وحملة الأقلام ،

ولا أظن مسلماً يخلو من المسؤولية تجاه أوضاع الأمة ،

فما أحرانا أن نوجه النداء لكل فرد في الأمة عموماً ولكل حاج خصوصاً

أن يتحملوا مسؤولياتهم وأن يغيروا مواقعهم وأن يقوموا بواجبهم

ليتحقق لهم وعد الله

{ إِنَّ اللَّه لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... }


والله المستعان .

د. علي بن عمر بادحدح


تحياتي
...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس