عرض مشاركة واحدة
قديم 05-08-2011, 12:59 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
رفيق الدرب is on a distinguished road

(سبها تاخذ رزءها )


 

(سبها تاخذ رزءها )

كتابتي هي لكم أيها الشباب والشابات يا من ولدتم في زمن النعمة ، الخير بين أيديكم ، وأنواع الطعام والشراب ، ترفلون في
الملابس أشكالا وألوانا ، زادكم الله من الخير ولكن أعلموا أن لكل شيء ثمنا .
في سابق الزمان كانت القرى خلية نحل ، عمل دؤوب من الفجر حتى المساء من أجل توفير لقمة العيش فقط ،
ثلاث وجبات فقيرة في عناصرها الغذائية .
النظافة معدومة لعدم وجود وسائلها ، لا يوجد منظفات ولا مبيدات حشرية والملابس يمضي عليها ربما أسابيع عفوا
الثوب حيث لا يوجد غيره حتى الملابس الداخلية لا توجد .
والثوب يغسل بماء حار ورماد أويغسل بعصير أقراص التين (البرشومي)
ثوب واحد في السنة مصنوع من المبرم ( الدوت ) ، وربما ثوبان في أحسن الأحوال ، القمل يسكن في ثناياه وبين أعطافه .
أذكر أن طفلا فقد أمه والطفل يصبح يتيما إذا فقد أمه سواء بالموت أو الطلاق أو المرض .
تصدقت عليه عجوز- يرحمها الله - فخلعت ثوبه لتنظيفه من القمل في ضحى يوم مشمس ومن كثرة القمل
أحضرت مكنسة ( هدبه ) وهي فرع أخضر من شجر العرعر وكنست به
القمل من ثوبه ، لا زال ذلك المنظر ماثلا أمام عيني الآن .
أما البراغيث ( القذان ) فمسكنها في التراب وفي صوف الأغنام وتأخذ نصيبها من دمائنا أيضا .
فإذا جن علينا الليل وآوينا إلى فراش فقير استلمتنا حشرات أخرى هي أشد فتكا إنه ( البق ) الذي يتخذ من كهوف الجدران
مسكنا له تلك الحشرة الكريهة الرائحة ( تسري للعشا مدة الرشا ) - كما يقولون - تهاجم النائمين وتنزل إليهم من
الجدران في سلاسل منتظمة .
الحشرات تنهشنا والفقر مدقع ، والكل يهرش ليل نهار سواء في البيت أو المدرسة أو الوادي ، وأتذكر أن أحد زملاء
الدراسة ونحن في معهد المعلمين كان دائما يحك جسمه من كثرة القمل فرآه المدرس مشغولا عن الانتباه إليه والمدرسون
في ذلك الزمان مصريون ، فناداه وقال يا فلان ( سبها تاخذ رزءها وانتبه للشرح ) .
هل ترون يا شباب أنني حكيت ما ليس يحكى ، حياتنا ليست وردية كما -قد تظنون - أنا كتبت لكم ما يخجل الآخرون من ذكره أو ربما لتعلموا شيئا يسيرا
عن ماضي آبائكم وأجدادكم ومعاناتهم وتقارنوه بحاضركم وبعد ذلك تحمدون الله وتؤدون حق النعمة التي ترفلون بين أحضانها ،
وإلى لقاء يتجدد معكم ومع الحرف إن شاء الله .

 

 

   

رد مع اقتباس