عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-2011, 01:23 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 


أيها المسلمون:
من خصائص هذا الدين: أنه مجتمعٌ ربَّاني، فالإسلامُ يُنظِّمُ شؤونَه العامة، سِياسية واقتصادية؛ فحياةُ المجتمع مُرتبطةٌ بهذا الدين لا بأهواء الناس وآرائهم وما يهوَون وما يُحبُّون.
من خصائص هذا الدين: أن القِيَم والأخلاق المعنوية مُقدَّمةٌ على المصالح المادية، فالمصالحُ المادية مهما تنوَّعَت أجزاؤها لا بُدَّ لقبولها ألا تُخالِفَ قواعِدَ الشرع وقِيَمه وأخلاقَه.
من خصائص هذه الشريعة: أنه مُجتمعٌ دينيٌّ ومدنيٌّ في آنٍ واحد، فما في الإسلام تفريقٌ بين الجِنسَيْن، فالمؤمنُ يُصلِّي ويصوم ويُزكِّي ويحُجُّ ويذكُر الله، تراه في متجَره، تراه في مركزه البحثي اقتصاديًّا زراعيًّا طبيًّا صناعيًّا، تراه دائمًا في كل شؤون الحياة، فدينُه يدعو إلى ذلك أن يكون مؤمنًا صالحًا نافعًا لمُجتمعه، قائمًا بما طُلِب منه.
هكذا المسلم - أيها الإخوة -، فإنه مجتمعٌ مدنيٌّ ودينيٌّ في آنٍ واحد.
أيها المسلمون:
هذه الخصائص والمُميِّزات لهذا المجتمع إنما تُؤثِّر إذا كملت جميعًا بجميع أجزائها، وإنما تتَكامَل إذا أدَّى كلُّ فردٍ منا واجبَه الديني ومسؤوليته الاجتماعية وأمانته الوظيفية؛ فالأبُ يُؤدِّي واجبَه نحو أبنائه تربيةً وتوجيهًا.
والمُعلِّم يُعلِّمُ تلاميذَه، ويغرِسُ فيهم حبَّ الخير، ويُعاملهم معاملةً نافعةً والطريقة المُستقيمة.
المُفتون ودُعاة الخير يُفتون الناسَ في أمور دينهم، ويحُلُّون قضاياهم، ويُجيبون عن مشاكلهم ونوازلهم بما يُوافقُ الكتابَ والسنَّة وقواعدَ الشرع العامة.
الوُعَّاظُ والدعاةُ إلى الله يدعون إلى البرِّ والتقوى، ويُحذِّرون من السوء، ويربِطون الأمة بقيادتهم علماء وقادة.
الآمِرون بالمعروف والناهون عن المنكر ورجالُ الحِسبة يقومون بواجبِهم بتوجيه المجتمع، وإصلاح الأخطاء، والأخذ بيدِ المُخطِئ وتوجيهه بحكمةٍ وموعظةٍ حسنة وطريقةٍ سليمة إقناعًا له ليبتعِد عن الشر عن قناعةٍ وعلمٍ بأن هذا ضرُره وأذاه.
الإعلاميُّون يقومون بواجبِهم خدمةً لدينهم وقضايا أمتهم، وينشُرون ما فيه الخير للخلق في دينهم ودنياهم، مع الالتزام بالصدق والدقَّة في الأحداث والأخبار.
رجالُ الأموال يُنفِقون من أموالهم ما فيه صلاحُ الأمة، ويُوظِّفون أموالَهم بما يُسعِدُ الأمة في حاضرها ومُستقبلها.
رجالُ الاقتصاد مهمتهم النهوضُ بالأمة اقتصاديًّا وإبعادهم عن الربا، والنهوض بها علميًّا وصناعيًّا وزراعيًّا وطبِّيًّا.
رجالُ السياسة يقودون المجتمعَ المسلمَ ليكون أقرب إلى الصواب والحق، وبالعلاقة الخارجية يُقيمون علاقةً ودِّيَّة وتعاوُن فيما يُصلِح الأمة ويدفَعُ عنها الشر والبلاء.
رجالُ الأمن يقومون بواجبِهم بالوقوف لحفظ الأمن، والأخذ على يدِ المجرمين والمُفسدين والعبِثين بأمن الأمة وحماية الثُّغور.
رجالُ القضاء يُقيمون قواعد العدل والإنصاف في إيصال الحقوق إلى أهلها، المُنفِّذون لأمور الدولة ما يضعون من لوائح وقرارات تكون مناسبةً ُوافِقُ شرعَ الله، ولا تختلفُ مع شيءٍ من تعاليم الإسلام.
المُوظَّفون في الدوائر الحكومية يُؤدُّون واجبهم الوظيفي عن صدقٍ وأمانة مع البُعد عن المِنَّة والرِّشوة.
الرجل الدبلوماسي المسلم يقوم بتمثيلٍ حقيقيٍّ لبلاده، ويحمل رسالةً صادقةً عن أمته ودينه، ويتحلَّى بالأخلاق الفاضلة، ويُدافِعُ عن قضايا دينه.
أمة الإسلام:
يمرُّ العالمُ الإسلاميُّ اليوم بمراحل من أخطر ما يرى المؤمنُ في حياته، ويُواجِهُ ظروفًا وتحدِّياتٍ صعبة، ويُعاني من انقسام وتفكُّك بين أبنائه ونزاعٍ بينهم، وتدخُّلٍ سافرٍ في شؤونه، وهجومٍ شرسٍ من أعدائه، ويُحزِنُ المسلمَ ما يُشاهِدُه من هذه الفوضويات والبلاء التي أدَّت إلى انعِدام الأمن، واختلال النظام، وتعثُّر الحياة اليومية ومصالح الأمة، وما حصل من تبديد للأموال ونهبٍ للمُمتلكات وسفكٍ للدماء البريئة، حتى فارقَ بعضُ المسلمين ديارَهم فرارًا من تلك الفتن والمصائب.
إنما يقُضُّ مضاجع العبدِ المسلم الذي يحمِل غيرةً على عقيدته، وشفقةً على أمته، ورحمةً من هذه الدماء تُسفَك بغير حقٍّ.
ولنا في هذه الأحداث الأليمة المُحزِنة وقفاتٌ لنتوجَّه بها إلى المعالم للخروج من هذه الأزمات والتحدِّيات العظيمة:
فأولاً: لا يخفى على المسلم أن سرَّ قوة الأمة الإسلامية وصمام أمانها: تمسُّكها بكتاب ربها وسنة نبيها - صلى الله عليه وسلم -، فكلما تمسَّكت الأمة بدين ربِّها كانت قويةً عزيزةً ثابتةً مُجتمعة، تهابُها أعداؤها ويحسِبون لها حِسابَها، وكلما تخلَّت الأمة عن دينها وانغمسَت في الشهوات والأهواء كلما ضعُف شأنُها، وانقسمَ أبناؤها، وتكالبَ الأعداءُ عليها، وهانَت في عيون أعدائها.
الإسلامُ يرفُضُ التخريب والإرهاب والإخلال بالأمن، ويرفُضُ سفكَ الدماء ونهبَ الأموال وانتهاك الأعراض، الإسلام هو الحقُّ الحالي القادر على تلبية حاجات الأمة وتحقيق مطالب أبنائها بوجود مجتمعٍ تسُودُه العدالة، وتتكافؤُ فيه فرصُ الحياة الكريمة، وتحقيق الأمور العادلة وحفظ الحقوق، الإسلامُ هو الخيارُ وحده، فأيُّ شعارٍ جاهليٍّ أو دعوةٍ إلى غير الإسلام فدعوةٌ مردودةٌ.
على المسلمين جميعًا أن يتقوا الله في أنفسهم، ويسعَوا في حل مشاكلهم من غير تدخُّل من أعدائهم، والحذَر من الفتنة الطائفية أو النَّيل من الإسلامية.
على علماء الأمة أن يقوموا بواجبهم المأمول؛ من حرصٍ على حماية المجتمع المسلم، وتقديم القرآن وبرامج واقعية لحل مشاكل الأمة وتجنيبها الفتن والمصائب.
أيها المسلمون:
على قادة الشعوب الإسلامية إقامة العدل، ومحاربة الفساد، وجعل مصالح الشعوب في أولويات مهماتهم، وعلى الرعيَّة أن يلتفُّوا حول قادتهم، ويسعَوا في حل المشاكل بالطرق السِّلمية بعيدًا عن هذه الفوضى، وسفكِ الدماء وتدمير البلاد.
أيها المسلم:
إننا إذا تأمَّلنا واقعَ هذا البلد حينما نرى اهتمام قائم الشعب وإنفاق الغالي والنَّفيس في سبيل راحة الأمة وسلامتها وتجنيبها الفتن، ثم ما نُشاهِدُه أيضًا من التِحام الرعيَّة مع رعيَّتهم والعلاقة القوية بين الراعي والرعيَّة، وما أثر ذلك من أمنٍ واستقرارٍ وثبات؛ نعلمُ أن هذا أُنموذج حقٌّ يجبُ أن تقتدي به الدولُ التي تُعاني من هذه الظروف الحرِجة، لتعلَم أن الإسلامَ هو الذي يصلُحُ لحلِّ هذه المشاكل لما فيه من التوازُن بين الأفراد كلها.
أمة الإسلام:
إن مما يُسبِّبُ القلقَ الشديدَ هذا الغزوُ الإعلاميُّ الثقافيُّ المُنظَّم الذي يرمِي إلى إضعاف العقيدة والإيمان في قلوب الناشِئة، وتمييع أخلاقهم، وإضعاف شخصياتهم، لقد ترك هذا الغزو أثرَه السيء على الشباب والناشئة، فأصبحت الشخصية غيرُ إسلامية، مجال الاحترام والتقدير عند بعضهم قلَّ ليس في الظاهر فقط؛ ولكن في تميُّع السلوك، وتميُّع الأخلاق، ونبذ الحياء، ونشر الرذِيلة.
أيها المسلم:
إن هذا الغزو المُنظَّم يحتاجُ إلى أن يُقابَل بإعلامٍ جيِّد يُكافِئُ هذا الغزوَ المُنظَّم بقنواتٍ إسلامية يقومُ عليها طاقَمٌ إعلاميٌّ جمعَ بين الشرع وفقهِ الواقع والصناعة الإعلامية، لتُوصِل كلمة الحق إلى الجميع.
أيها المسلمون:
إننا في عهد العولَمة التي يفرِضُ القويُّ ثقافتَه على الضعيف ويسعى في طمسِ هويَّته، فالواجبُ على المسلمين المُحافظة على هويَّتهم المسلمة، والثبات على مبادئهم ومُسلَّماتهم عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا مما دلَّ الكتابُ والسنةُ عليه، سواء يتعلَّق بالعقيدة، أو بالعبادة، أو بتحكيم الشريعة، أو بالحلال والحرام، أو بنظام الأُسرة وشأن المرأة، أو بالأخلاق والقِيَم، يجبُ أن نُحافِظَ على هذه محافظةً عظيمة، وألا نتنازلُ عن شيءٍ منها تحت أي ظرفٍ من الظروف، وخيرُ مطلبٍ لهذا إيجاد نِطاقٍ بين أمة المسلمين يتفقون فيه على تلك المبادئ لتكون أرضيَّةً مناسبة للتعامُل مع الأُمم والمُنظَّمات والمواثيق الدولية، في التعاوُن على العمل المُشترك النافع مع التحفُّظ على ثوابت الإسلام وقِيَمه.
أيها المسلم:
إن الفهمَ الصحيحَ للإسلام في صورته الناصِّعة وشموليَّته هي السلفيَّة حقًّا التي كان عليها أصحابُ رسول الله والتابعون لهم بإحسانٍ، وسارَ عليها أتباعُهم من الأئمة الأربعة فمن بعدَهم، هذه السلفية لها في الإسلام معالم؛ فمن معالمها:
أنها المِثال القويم، والصراط المستقيم الذي أُمِرنا به: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ[الأنعام: 153].
ومن معالمها أيضًا: أن الكتاب والسنة مصدر التشريع والعلم والمعرفة، وأن السلفية لا إلزامية، ترفضُ النَّيلَ من قُدسيَّة الكتاب والسنة وتأويلهما وتحريفهما لأَن يوافقَ العقل البشري.
ومن معالم السلفية الصالحة: أنها لا ترى عصمةً لأحدٍ من البشر بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهما بلغَ من الزهد والتُّقَى والورع، فالعصمةُ لمحمد - صلى الله عليه وسلم -.
ومن معالم السلفية أيضًا: أنها ترى أن التوحيد هو أهم الأمور، فالبداءة به والدعوة إليه من أوجب الواجبات، لأجله خلقَ الله الخلقَ، ولأجله أنزل الكتب، ولأجله أرسل الرسل. فليس عند السلفية خُزعبلاتٌ وخرافاتٌ وتعلُّقٌ بالضرائح والشياطين والسحرة.
من معالم السلفية الصالحة: اعتمادُ فهم الصحابة للنصوص؛ لرسوخ علمهم وأخذهم ذلك من رسول الله، مع سلامة مُعتقَدهم واستقامة لُغتهم.
أيها المسلمون:
من معالم السلفية أيضًا: الفهمُ الشموليُّ للإسلام، وأنه منظومةٌ كاملة عقيدةً وعبادةً وتشريعًا وقِيَمًا وأخلاقًا سياسيَّةٍ واقتصاديَّةٍ وأخلاقيَّةٍ واجتماعيَّةٍ. فالسلفيَّةُ حركةٌ مُتجدِّدة تُواكِبُ العصر ومُستجدَّاته، فمن زعمَ أن السلفية جامدةٌ لا تملك رؤية الحياة ولا منهجًا لإصلاح المُجتمع ولا تملك برنامجًا لإصلاح الناس ولا منهجًا لإقامة سيادة المُجتمع؛ فقد أخطأ في هذا التصوُّر.
وخيرُ دليل على ذلك: الملكُ عبد العزيز - غفر الله له - لما أقام هذه الدولة الإسلامية الجديدة على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - امتدادًا للدعوة السلفية الصالحة التي قام بها الإمامان: محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود - رحمهما الله -، أقام هذه الدولة وأرسَى قواعِدَها على أصول الكتاب والسنة، وعلى مبادئ ناصِعة، وعلى منهجٍ سلفيٍّ صالح أثمرت الأمنَ والاستقرار والطمأنينة مع الأخذ بمُستجدَّات العصر وتطوُّراته في كل المجالات، حتى أضحَت الدولة دولةً يُشارُ لها بالبَنان، مع تقدُّمها وما حظِيَت بالرُّقِيِّ مع التحفُّظ والتمسُّك بهذه العقيدة السلفية الصحيحة.

يتبع

 

 

   

رد مع اقتباس