عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-2011, 01:24 AM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 


أيها المسلمون:
إن هناك دعواتٍ تجري في بعض الدول الإسلامية تُنادِي بالحرية، بالعدالة، بالمُساواة، تحت مُراد الديمقراطية. نقول لهؤلاء: إن الإسلام سبق تلك المبادئ كلها من أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمن، وطبَّقها في أرض الواقع في حياةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين، ولكن مفهومُها في الإسلام غيرُ مفهومها في النُّظُم البشرية:
فالحريةُ في الإسلام: تحريرُ العبد من عبادة البشر، ومن عبادة المشاهد والقبور، ومن أسرِ الهوى والشهوات إلى أن يكون عبدًا صالحًا، فالإسلامُ لا يُقِرُّ دينًا غير دين الإسلام، ولا أن يُسوَّى فيه بين الحق والباطل والصلاح والفساد والخير والشر، يُحرِّم السفور والتبرُّج والعُريَّ والإباحيَّة.
الإسلامُ يدعو للعدالة، والعدالة في الإسلام جاء بها القرآن: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ[النحل: 90]، والعدلُ في الإسلام واسعٌ، معاملةُ العبد مع ربِّه، وتعامُله مع نفسه، وتعامُله مع مجتمعه، والعدلُ في الإسلام لا يتحقَّقُ إلا بتطبيق شرع الله وتطبيق حُدوده في القليل والكثير.
أيها المسلمون:
لا بُدَّ للمسلم أن يتأمَّل حقيقةَ دينه وأن يعلَم أن هذا الدين دينٌ كاملٌ.
وكذلك المُساواة: ساوى الإسلامُ بين البشر كلهم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ..[الحجرات: 13] الآية، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الناسُ من آدم، وآدمُ من تُرابٍ».
ساوَى بين الذكر والأنثى في الكرامة الإنسانية، والحياة الكريمة، والتكاليف الشرعية، والعقوبات الأُخروية إلا أنه يرى لكلٍّ من الرجل والمرأة خُصوصية في بعض الأحكام، مع مُراعاة الضعف الخَلقيّ والاجتماعيّ والنفسيّ وأعطى المرأة حقَّها، وأنزلها مكانها اللائق بها، وحماها من ظلم الجاهلية.
هذا دينُكم، فاستعِزُّوا به، وثِقُوا به، وتمسَّكوا به، واعلَموا أنه جمعَ لكم خيرَي الدنيا والآخرة، وأنكم بِغِنًى به عما سواه من أنظمة البشر.
أيها المسلمون:
يا من جمعكم الله بأُخُوَّة الإسلام ورابِطة الإيمان! اتقوا الله في أنفسكم، واحذَروا مكائدَ أعدائكم المُندسِّين بينكم، الذين يُريدون فُرقتكم وإشعالَ فتيل العداوةِ بينكم وبين قادتكم.
فاتقوا الله في أنفسكم، واحترِموا الدماءَ والأموالَ والأعراضَ، اجعلوا مصالحَ الأمة فوق كل اعتبار، وتناسَوا لأجلها أيَّ خلافٍ فكريٍّ ورأيٍ لأَن يُعِزّ الإسلام، اسعَوا في حل مشاكلكم بالعقل والحكمة لا بسفك الدماء وتدمير المُمتلكات.
أيها القادة:
اتقوا الله في شُعوبكم، وعالِجوا قضاياهم الاجتماعية؛ من الفقر والجهل والبطالة والحِرمان، وإياكم وإرعابهم، إياكم أن تُرعِبوهم أو تُوجِّهوا الأسلِحةَ التي اتخذتُموها لعدوكم في وجوههم، إياكم أن تسلُكوا في وجوههم طريقَ التقتيل والحرمان والتجويع لأجل إسكات كلمتهم. فهذا أمرٌ باطلٌ لا يُقِرُّه مسلمٌ، أمرٌ باطلٌ لا يرضاه الله - جل وعلا -.
يا مُلاَّك القنوات الفضائية! اتقوا الله في أنفسكم، واعلموا أن مسؤوليتكم نحو دينكم ونحو مُجتمعكم مسؤوليةٌ جَسيمة، فاحرِصوا على أن تكون قنواتكم جامعةً لكلمة الأمة مُحذِّرةً لها من الوقوع في الاختلاف، احذَروا أن تُسخِّروها لتشتيت الأمة والدعوة إلى الفوضى وسفك الدماء وتدمير المُمتلكات.
يا صانِعي القرار في المجالس الدولية والمناصب الأُممية! لا يخفى عليكم أن من خواصّ المسلمين: تمسُّكهم بدينهم وثباتهم عليه واعتزازهم به، فكونوا على حذَر عند سنّ أي قانون يُخالِفُ شرعَ الله ألا يكون مزري للأمة، وألا يُمارَس عليها ضغوط لأجل قبول هذه الآراء التي تُخالِفُ دينَها وعقيدَتَها، ففي هذا أمور وفوائد:
أولاً: احترامُ إرادة الشعوب الإسلامية في الثبات على دينها؛ ليتحقَّقَ السِّلمُ والأمانُ العالمي.

ثانيًا: اكتسابُ هذه الدول ثقةَ المسلمين والنظر إليها إيجابيًّا، والتعامُل معها فيما يُصلِح الأمة، مع التحفُّظ على ما يُخالِفُ شرعَ الله.
حُجَّاج بيت الله الحرام:
اشكُروا الله على نعمته أن أوصلَكم إلى هذه البلاد المُقدَّسة، فأتيتموها ووجدتموها أمنًا وأمانًا، فاحمَدوا الله على هذه النعمة.
احرِصوا - بارك الله فيكم - على أن تُؤدُّوا هذه الشعيرة بصدقٍ وإخلاصٍ مُتَّبعين كتاب ربكم وهديَ نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم -.
انظروا بعين البصيرة ما وفَّق الله هذه البلاد من هذا الأمن وهذا الاستقرار والارتباطَ بين الراعي والرعيَّة، ثم انظروا ما قُدِّم للحُجَّاج من تسهيلات؛ من توسِعاتٍ في الحرمين والمشاعِر والخدمات المُتنوِّعة المُقدَّمة لهم، كل هذا بفضل الله، ثم باهتمام قادة هذا البلد - وفَّقهم الله لما يُحبُّه ويرضاه -.
إن هناك مُندسِّين في الأمة يُريدون إفسادَ الحج والشغب والبَذاء، فكونوا عينًا ساهِرة، ويدًا واحدة، وسدًّا منيعًا أمام المُفسِدين.

أيها المسلمون:
إن الحجَّ في الإسلام لم يأتِ للمُهاتَرات والمُساومات والشِّعارات الجاهلية والآراء الشخصية، ولا لأغراض سياسية ومبادئ بغيضة؛ إنما جاء لعبادة الله - جل وعلا - والتقرُّب إليه، وجمع الكلمة وتأليف الصف ووحدة الأمة المسلمة، فاحذَروا مكائد الأعداء.
لم يأتِ الحجُّ لأجل أن يكون منبرًا سياسيًّا ومنبرًا للمُهاترات، فكل هذا مما يأباه الإسلام، فاتقوا الله في أنفسكم.
عباد الله:
اشكُروا الله على هذه النعمة، وادعُوا لولاة هذا البلد بالتوفيق والسداد، كم بذلوا من إحسان وبذلوا من جهود، وأمَّموا السُّبُل، وبَذَلوا كلَّ الخدمات في سبيل راحة الحُجَّاج.
حُجَّاج بيت الله الحرام:
أنتم في يومٍ من أفضل الأيام، يوم عرفة ذلك اليوم العظيم الذي أكمل الله به الدين، وأتمَّ به النعمة، ورضِيَ الإسلام لنا دينًا، الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا[المائدة: 3].
هذا يوم عرفة، «خيرُ الدعاءِ دعاءُ عرفة، وخيرُ ما قالَه النبيُّون من قبلي يوم عرفة»، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّون يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير».
هذا يومٌ ما رُئِيَ الشيطانُ أحقَر ولا أصغر ولا أدحَر مما رُئِيَ فيه يوم عرفة، هذا يومٌ ينزِلُ الله فيه إلى سمائه الدنيا فيُباهِي في الأرض أهلَ السماء: «انظروا إلى عبادي، أتَوني شُعثًا غُبرًا ضاحِين، أُشهِدُكم أني قد غفرتُ لهم».
هذا يومٌ عظيمٌ، قِفوا به - بارك الله فيكم - إلى أن تغرُبَ الشمسُ، وكل عرفة موقفٌ، وتحرَّوا حدودَها وأعلامَها، وكونوا في هذا اليوم مُخلِصين لله، مُتضرِّعين بين يديه، راجِين من رحمته، خائفين من عقابه، تقرَّبوا إلى الله بذكره ودعائه والتضرُّع بين يديه؛ فإنه قريبٌ مُجيبٌ.

يتبع

 

 

   

رد مع اقتباس