الموضوع: الرجل المجهول
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2010, 10:56 AM   رقم المشاركة : 5

 


ومع هذا كله فالرجل المجهول يتحرى الحكمة وتحقيق المصلحة

ودرء المفسدة ويتلمس حاجة الأمة

فمتى ما احتاج الأمر لتصدر الناس وخلا الميدان من كفء يقوم به

وليس ثمة إلا هو استعان بالله وخرج للناس وجاهر بعمله

وتحرى الإخلاص والصدق مع الله

كما فعل عمر ابن عبد العزيز حين أرغم على الخلافة

والإمام أحمد حين احتاج الناس لفقهه وحديثه وفتاواه ،

وهو مع هذا كله يراعي سلامة قلبه وصحة إخلاصه

فمتى ما خشي على نفسه الفتنة والشهرة ترك هذا العمل

لأن صلاح نفسه مقدم على صلاح غيره.

والمهم أن هذا من مسائل الإجتهاد يتحرى فيه المؤمن الأصلح لنفسه وأمته ويوازن بين ذلك ،

ولذلك اختلفت مواقف السلف وتباينت في إيثار الإختفاء عن الناس والبروز لهم.

فينبغي للمؤمن أن يكون فقيها في الأحوال وصيانة القلوب.

خرج ابن مسعود من منزله فتبعه جماعة فالتفت إليهم وقال‏:‏ علام تتبعونى‏؟‏

فوالله لو علمتم ما أغلق عليه بابي ما اتبعني منكم رجلان‏.


‏وفى لفظ قال‏:‏ ارجعوا، فإنه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع‏.‏

وكان أبو العالية رحمه الله إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام‏.‏

وكان خالد بن معدان رحمه الله إذا عظمت حلقته قام وانصرف كراهة الشهرة.

وخرج أحد أئمة الحديث إلى بلد فلما بلغه في الطريق اجتماع الناس له

وكثرة عددهم حول دابته إلى جهة أخرى ولم يذهب إليهم.

ولا شك أن الأمة بحاجة إلى من يبرز لها ويقوم بأعمالها من وعظ واحتساب وتعليم وغيره ،

فالأمة بحاجة إلى الرجل المجهول والرجل المشهور مع ندرة الأول وصعوبته

وكثرة الثاني وخطورته وفي كل خير.


فهنيئا لمن كان مجهولا عند الخلق معروفا عند الله ،

من لا يأبه به الناس ولا يقيمون له وزنا وقدره عظيم عند الله ،

من أوصد في وجهه أبواب الدنيا وأبواب الله مشرعة في وجهه ،

من كان متواضعا في الناس شريفا عند الله.




خالد بن سعود البليهد

عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة




تحياتي
...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس