عرض مشاركة واحدة
قديم 11-25-2008, 03:44 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو نشط
 
إحصائية العضو










ليالي الباحة غير متواجد حالياً

آخـر مواضيعي


التوقيت

إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ليالي الباحة is on a distinguished road

بنو إسرائيل في التيه


 

تذكّر بنو إسرائيل وهم في التّيه أتعابهم السابقة يوم كانوا في مصر تحت تعذيب فرعون، لأنّهم مؤمنون، وفرعون لا يرضى بالإيمان.
وتذكّروا انتـــظارهم لمقدم مـــوسى ـ حسب مـــا كانوا يحفظون من أخبار الأنبياء السابقين أنّ خلاصهم على يد نبيّ اسمه موسى ـ .
تذكّروا قصة السحرة بعد إيمانهم برب العالمين، رب موسى وهارون، حين قال لهم فرعون: (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل) فقالوا: لا ضير (إنا إلى ربنا منقلبون)..
وتذكّروا قصّة ماشطة آل فرعون وأولادها كيف عذبهم فرعون الطاغي، بما لا يدل إلا عــلى الحقد الأسود، والاستبداد الجارف.
فقد كانت في بيت فرعون امرأة صالحة، تمشّط زوجة فرعون وبناته وسائر نساء الوزراء والأقارب، وبعد ما علمت بقصة موسى آمنت خفيةً من فرعون وذويه إلى أن انفلت زمام الإخفاء من يدها ذات مرّة.
فقد كانت تمشّط بنت فرعون في يوم من الأيّام، إذ سقط المشط من يدها فقالت مبادرة: باسم الله. فالتفتت بنت فرعون إلى كلامها، فقالت: ومن تعنين بـ(الله)؟ أبي أو غيره؟ قالت الماشطة: بل ربي وربك ورب أبيك، فقالت البنت: لأخبرن بذلك أبي.. ثمّ ذهبت فأخبرت فرعون.
فدعا فرعون بالماشطة وبأولادها، فقال لها: من ربك؟ فقالت: إن ربي وربّك الله.
فأمر فرعون القاسي، بتنور من نحاس، فأحمي، فدعا بها وبأولادها، ثم طلب منها أن تتبرّأ من دينها! لكنّها أبت إلا الصّمود، وكلّما هدّدها أصرّت على قولها، وعند ذلك أمر فرعون بأن يلقى أولادها في التنّور واحداً واحداً، أمام عينها، فما كان من المرأة المؤمنة الصامدة إلا الصبر والتسليم، وتفويض أمرها إلى الله سبحانه.
وصلت النوبة إلى ولدها الصغير، وهو رضيع في حجرها، فجذبوه منها ليلقى في التنور المسجور، ومن الطبيعي أن تضطرب الأم أشد الاضطراب في مثل هذه الحالة، وأن تذرف الدموع الساخنة.. لكن رحمة الله كانت قريبة منها، فما كان من الرضيع إلا أن نطق ـ بأمر الله تعالى ـ مسلّيا أمّه قائلا: اصبري يا أمّاه إنك على الحق. فألهم هذا الكلام قلب الأم الحنون صبراً وصموداً أكثر، كما أحدث في فرعون وآله رجّة شديدةً، كيف يتكلّم الرضيع؟ أليس هذا دليلاً على صدق كلامها وصحّة إيمانها؟ لكنّ الطغاة اعتادوا أن لا يصيخوا للحق، ولو جاءتهم كل آية.
وما هي إلا دقائق، حتى احترق الرضيع، كأُخوته من ذي قبل! ثم ألحقت الأم بأولادها، فألقيت في التنور، فاحترقت.
وانقضى كل شيء.. فلم يكن للماشطة المؤمنة وأولادها الأطهار خبرٌ أو أثر، وبقي الطاغي يتعطش إلى الدماء أكثر فأكثر.
* * *

كما تذكّروا قصة المرأة الصالحة (آسية بنت مزاحم) زوجة فرعون، التي حفظت موسى يوم كان صغيراً، والتي آمنت به سرّاً يوم جاء موسى رسولاً من عند الله تعالى.
فقد كانت من بني إسرائيل، وكانت تعبد الله سرّاً، حتّى رأت ما صنع بالمرأة الصالحة وكشف الله عن بصرها، فإذا بها ترى روح المرأة يصعد بها الملائكة إلى السماء، فزادت إيماناً وإخلاصاً وتصديقاً.
وبينما هي في لوعة وأسى على المرأة الصالحة دخل عليها فرعون فأخذ يخبرها بما صنع بالمرأة، في نشوة النّصر والانتقام.
فلم يكن من (آسية) إلا أن ازوَرَّت عنه قائلةً: الويل لك يا فرعون! ما أجرأك على الله جلّ وعلا؟ فعرف فرعون إنّها هي الثانية أيضاً مؤمنة. فقال لها: لعلّ الجنون الذي اعترى صاحبتك قد اعتراك.
أجابت آسية: كلاّ، لكن آمنت بالله تعالى ربّي وربّك، وربّ العالمين.
غضب فرعون، وأقسم أن يجبرها على الكفر بموسى وإلهه، وإلا أذاقها النكال والعقاب.. لكن المرأة الصالحة تمسّكت بدينها، وأصرّت على عقيدتها.
فما كان من فرعون الأثيم، إلا أن نسي العلاقات الطيّبة بينه وبين المرأة الشريفة (آسية) ونسي خدماتها طيلة عمرها في دار فرعون.. فأمر أن تمدّد (آسية) في الشمس، وتدقّ على يديها ورجليها المسامير الحديديّة، ثم بعد كل ذلك يوضع على صدرها صخرةٌ عظيمةٌ إمعاناً في تعذيبها ونكايةً بها.
ومرّ موسى على مكان التعذيب، فآلمه ما رآه من عذابها، فدعا الله لها، فرفع الله عنها الألم ورأت مكانها في الجنة، فأخذت تضحك من السرور. ولمّا رأى فرعون ضحكها قال: لقد مسّها طائف من الجنون.. لكن الأمر كان بخلاف ذلك.

 

 

   

رد مع اقتباس