عرض مشاركة واحدة
قديم 05-25-2011, 12:52 PM   رقم المشاركة : 1
مقال....وأرجو التعليق


 

كتب جهاد الخازن في جريدة الحياة يوم أمس المقال التالي أرجو التعليق عليه إن أمكن

(أيُّ خلافة هي التي يتحدثون عنها؟)
الإثنين, 23 مايو 2011


بعض الجماعات المتطرفة في البلدان العربية والخارج جعل إحياء الخلافة الإسلامية هدفه لو وصل الى الحكم يوماً.
أيُّ خلافة هي التي يتحدثون عنها؟ هل هناك تاريخ غير ما درسنا في المدارس والجامعات؟
نحن في السنة الهجرية 1432، وهذا تاريخ لا يضم سوى سنتين يستطيع المسلم أن يفاخر بهما هما خلافة أبي بكر الصديق، فهو أخضع الجزيرة العربية كلها للمسلمين، ومنها انطلق عصر الفتوحات الذي كان بين بدء خلافته سنة 632 ميلادية حتى فتح الأندلس سنة 711، أي 79 سنة فقط، ولا نزال حتى اليوم نخسر ونخسر، قد نفيق يوماً ولم يبقَ لنا شيء.
عمر بن الخطاب أراد أن يفاوض المرتدّين، وقال له أبو بكر: أجبّارٌ في الجاهلية خوّارٌ في الإسلام يا عمر... والله لو أنهم نازعوني عقالاً كانوا يؤدونه رسول الله لقاتلتهم عليه. والفاروق عمر كان عادلاً جداً، إلا أنه كان شديداً قسا على ابنه لسكره، وجَلَدَه وهو مريض فمات. وكان أول قرار له بعد خلافته أبي بكر عزْل خالد بن الوليد، أعظم قائد عسكري في تاريخ العالم كله، لخلاف بينهما وهما صغيران. أما عثمان بن عفان فقدم أقاربه، ويلخص سنوات حكمه قول الإمام علي: أثَر عثمان فأساء الأثَرَة وجزعتم فأسأتم الجزع (الجزع عدم الصبر وليس الخوف كما يفهمها العامة)، وكان علي بن أبي طالب عبقرياً في كل شيء سوى التعامل مع الناس ربما لصغر سنه.
ثلاثة خلفاء راشدين من أربعة مجموع حكمهم 29 سنة من أصل 1432 سنة هجرية، من قُتلوا غدراً، والأمويون الذين أسلم كبيرهم أبو سفيان عام الفتح خوْفَ السيف اغتصبوا الحكم، وكانوا ملوكاً لا خلفاء. يزيد بن معاوية قتل حفيد الرسول، ويزيد الثالث سُمِّي يزيد الناقص بعد ان خفض أعطيات الناس، وابنه الوليد رمى القرآن الكريم بسهم بعد أن فتحه ووجده يتوعد كل جبار عنيد. وله شعر عن الموضوع حفظته لنا كتب التراث لن أكرره هنا.
العباسيون حاربوا باسم آل البيت، وعندما حكموا تفردوا بالحكم، وهم بدأوا بالسفاح، وخلفه أبو جعفر المنصور فقتل قائد قواته أبا مسلم الخراساني وبسط فوق جثته سجادة أكل عليها مع رجاله. وبطش هارون الرشيد بالبرامكة، ضيقاً بحب الناس لهم، وربما لأنهم شيعة، وجعفر البرمكي قُطِّع ثلاث قطع عُلِّق كل منها على جذع، والأمين كان شاذاً، حتى ان نساء عصره لبسن ثياب الرجال، فكان اسمهن "الغلمانيات"، والمأمون قتل أخاه الأمين، وقتل أو عذب شيوخ عصره الذين خالفوا آراءه في الدين والفلسفة، وأصبح الشاعر يقول: ألم ترَ الخلافة كيف حالت/ حتى صارت لأبناء السراري.
ومن السفاح الى المتوكل أقل من مئة سنة هي كل حكم العباسيين الحقيقي، وبعد ذلك كان الخليفة اسماً والحكم للبويهيين أو السلاجقة، ولدويلات انتهت بهولاكو الذي دمر بغداد وقتل الخليفة المستعصم وأهل بيته والسكان وأحرق مدينتهم.
قبل أن أنسى، طارق بن زياد فتح الأندلس سنة 711 ميلادية وتبعه قائده موسى بن نصير فكافأه بعزله، وحمل موسى معه الى دمشق غنائم لم يرَ المسلمون مثلها، وعندما وصل الى طبرية طلب منه سليمان بن عبدالملك أن ينتظر حتى يموت أخوه الوليد، الخليفة المريض، فلم يفعل، وسلم الغنائم ومعها أمراء القوط الى الوليد، فخلفه سليمان وعاقب موسى بن نصير أشد عقاب فأوقفه في الشمس يوماً حتى غشي عليه، وقيل انه شوهد في آخر أيامه يستعطي على طريق المدينة أو في وادي القرى من أعمال الحجاز. هكذا كوفئ خالد وطارق وموسى وأبو مسلم.
التفاصيل أفظع ألف مرة من العناوين السابقة، إلا ان التاريخ السياسي للخلافة لا يلغي أن العرب بنوا نهضة فكرية وحضارة من أرقى مستوى عالمي، وكانوا الجسر الذي عبرت به أوروبا من عصور الظلام الى عصر النهضة، وأكتفي بالورق مثلاً، فقد وصل الى العرب من الصين سنة 751 ميلادية، وهم طوروا صناعته ونشروا استعماله، ومن دونه كان يستحيل أن تقوم أي نهضة.
في الجامعة درست العلوم السياسية، ثم الأدب العربي والدين الإسلامي، وعملت لدكتوراه لم أكملها في تاريخ الشرق الأوسط. وقد وجدت طالباً وكاتباً أن قراءتنا التاريخ انتقائية، فنحن نختار منه ما يناسبنا من إيجابيات، ونعمى عن الجرائم.
الخلافة الوحيدة التي أفاخر بها هي خلافة أبي بكر، ولا أريد أن أرى في أي بلد عربي دولة الخلافة، وإنما دولة مدنية تتسع لجميع المواطنين، تستهدي قوانينها من القرآن والسنّة، ولا تخالف الشريعة، دولة قانون عصرية، الحكم فيها للشعب لا لديكتاتور حتى لو كان متنوّراً.

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس