الموضوع: السلفية ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-06-2011, 07:10 AM   رقم المشاركة : 1
السلفية ...


 


عنوان الخطبة
منهج السلف الصالح
اسم الخطيب
صالح بن محمد آل طالب
رقم الخطيب
182
رقم الخطبة
6627
اسم المسجد
المسجد الحرام
تاريخ الخطبة
24/6/1432





ملخص الخطبة
1- السلف أهدى من الخلف. 2- انتشار الجهل والفساد بالبعد عن النبوة. 3- أهمية التمسك بما كان عليه السلف. 4- التباس الحق بالباطل في هذا الزمان. 5- التحذير من المنتسبين زورا للسلف الصالح. 6- حقيقة المنهج السلفي.

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهَدي هديُ محمّد ، وشرَّ الأمور مُحدثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
ألا وإنَّ خير الوصايا بعد المحامِد والتحايا الوصيةُ بتقوى الله العظيم، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران: 102]. من اتَّقى اللهَ كان معه، وأحبَّه وتولاَّه، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ[النحل: 128]، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ[التوبة: 4]، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ[التوبة: 4].
فإذا حظِيَ العبدُ بمعيَّة الله هانَت عليه المشاقُّ، وانقلَبَت المخاوفُ في حقِّه أمنًا، فبالله يهُون كلُّ صعبٍ، ويسهُلُ كل عسيرٍ، ويقرُب كلُّ بعيد، وبالله تزولُ الهموم والغموم، وتنزاحُ الأكدارُ والأحزان؛ فلا همَّ معَ الله، ولا غمَّ ولا حزن. وإذا كان الله معك فمَن تخاف؟! وإذا كان عليك فمن ترجو؟!
أيّها المسلمون، الحضارةُ الإنسانيّة بمُكتشفاتها ومُخترعاتها غالبًا ما يكون آخرُها خيرًا من أوَّلها، بخلاف أديان الناس ومُعتقداتهم؛ فإنَّ مُتديِّني كلِّ دينٍ صَحيحٍ يكون أوّلهم خيرًا من آخرهم، وسلَفُهم أهدَى من خلفهم، ذلك أن الحضارة بدأت تحبو، في حين أن الأديان وُلِدت واقفة، والحضارةُ تراكمٌ معرفيّ، أمّا الدين فهو وحيٌ مُنزَّل وهديٌ مُحكَم.
والفرقُ بين الأتباعِ الأوائل لكلّ دينٍ صحيح وبين مُتأخِّريهم كمثل الفَرق بين الماء عند منبعه والماء عند مصبِّه بعدما جرى وخالطَ ما خالطَ من الكدر والشوائب؛ لذا فإن خير يهود أنبياؤهم وأحبارُهم الأوّلون، وخيرَ النصارى عيسى ابنُ مريم وحواريُّوه، وخيرَ المسلمين محمد وصحابتُه المرضيُّون ثمّ الذين يلُونهم ثمّ الذين يلُونَهم.
وكلّما غبَرت أمّةٌ أو قرنٌ من الناس طُوِي معهم عِلمٌ ورُفِع معهم فَضل، مِصداقُ ذلك ما وَرد في وصيّة الرسول الكريمِ لأصحابِه قبل الرّحيل: ((إنّه من يعِش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسُنة الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي، تمسَّكوا بها، وعَضُّوا عَليها بالنواجِذ، وإيّاكم ومُحدثاتِ الأمور؛ فإنّ كلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة)).
وإذا شئتَ أن تعرفَ قُربَ أهلِ دينٍ من دينِهم فانظر إلى قُربهم مِن سلَفهم، فكلّما اقتربوا اهتدَوا، وكلّما جفَوا ضلُّوا، أمّا إن لعنَ خلفُ أمةٍ سلَفَهم فإنّه لا خيرَ فيهم؛ فهم دسيسةُ عدوٍّ وصنيعةُ كائد. قال الإمام أحمد رحمه الله: "إذا رأيتَ الرجلَ يذكر أحدًا من الصحابةِ بسوءٍ فاتَّهمه على الإسلام".
ولأجلِ هذا زخرَت مُصنَّفاتُ الأئمّة بالحثِّ على التمسُّك بحُجَزِ السلَف عند الاتباع وفهمِ نصوص الوحيَيْن؛ فهو أمَنةٌ من الانحراف وضمانةٌ من الضلال.
أيّها المسلمون، يتأكَّدُ الحديثُ عن المنهج الحقّ في وقتٍ تعدَّدت فيه المرجعيَّات، وتبايَن الاستمداد، وقلَّ العلماء، وندَر النّاصحون، حين تكثُر الشُّبَه، ويُلبَّسُ الحقُّ على أهله، ويحُولُ بينهم وبينَه دعاةُ الضّلالة وعِداةُ الهداية وأدعياءُ العلم، وهم أقربُ إلى الضّلال وإن تباكَوا على الإسلام ورسوله والآل.
وحين أدرك العدوُّ هذه الحقيقةَ سعى لفصلِ خَلَف هذه الأمة عن سلَفِها، وإيغار قلوب مُتأخِّريها على مُتقدِّميها، وتشويه سِيَرهم وتواريخهم.
عبادَ الله، ولأنَّ الأممَ تُؤتَى في الغالب من جهل أبنائها فقد أكمل بعضُ من نُحسِنُ بهم الظنَّ من جَهَلة الأمة مشروعَ عدوِّهم، فانتسَبوا للسلف وتسمَّوا باسمهم، وأنشؤوا جماعاتٍ ومُنظَّماتٍ اختَطفَت ذلك الاسمَ الشريف واستأثرَت به، ثمّ ارتكَبَت باسمه انحرافات وافتعَلَت خُصومات. ولم يُفوِّت عدوُّهم تلك الفرصةَ فدفَع بعملائه ليركَبوا معهم المَوجة ويُوسِّعوا الهُوَّة بالانتساب للسلف الصالحين، ونصَّبوا أنفسَهم مُمثِّلين للسّلفيّة، فحُمِل خطؤهم على صوابها، وغُلُوُّهم على وسَطيَّتها واعتدالها، حتى صارَ الإسلامُ يُعادَى باسمِ مُحاربة السلفيّة، وصار الإعلامُ يصِف المُتطرِّفين والإرهابيّين بأنهم سَلفيُّون، ووُصِفت عَودةُ الأمة لدينها الصحيح بالسلفية المُتطرِّفة تنفيرًا وتشويهًا للتديُّن، وأصبَحَت السلفيَّةُ سُبَّةً وجريمةً يُلاحَقُ أربابُها، ويَتبرَّأ منها أصحابُها الذين هم أصحابُها، وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا[الفتح: 26].

 

 
























التوقيع

،



..



   

رد مع اقتباس