عرض مشاركة واحدة
قديم 07-05-2012, 09:07 PM   رقم المشاركة : 50

 

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله أبوعالي مشاهدة المشاركة
حين صدرت 'الأهرام' المصرية و'العرب' العراقية بمانشيت واحد!



كم يكون الامر جميلا حين يعي الجيل الحاضر أن الصحفي العراقي أدرك في وقت مبكر أن الصحافة ليست آلات طباعة او قصاصات ورق.






بقلم: زيد الحلي





صفحة مشرقة في تاريخ الصحافة العراقية






بين أعوام 1967 و2012 فترة زمنية طويلة، هي 45 سنة بالتمام والكمال، اي اربعة عقود ونصف، وطيلة تلك المدة ظل السؤال، وسيظل يتردد في داخلي: كيف لأثنين من الصحفيين العراقيين الشباب، يضعان عنوانا رئـيسا لصحيفة يومية عراقية (مانشيت) ثم يظهر، ان أعرق صحيفة عربية هي "الأهرام " تضع العنوان نفسه، لتصدرا في يوم واحد، بمانشيت واحد ..!

ومبعث الدهشة التي ترافقني الى الآن هو معرفتي بأن "الأهرام" أعتادت ان تختار عنوانا رئيساً لصفحتها الأولى، ضمن طقوس وضعها رئيس تحريرها آنذاك الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، تتمثل بعقد إجتماع لكادر تحريرها من الصف الاول، لدراسة الأخبار المهمة المرشحة للصفحة الاولى، ثم تتجمع عدة عناوين مقترحة لتوضع امام "هيكل" نفسه، ليختار الأحسن .. وهذا كان يحدث كل مساء. ولا أعرف ان استمر الحال ليومنا هذا، ام تغير حين ترك رئاسة التحرير محمد حسنين هيكل مهامه، برغبته ام برغبة مناوئيه. كانت (الأهرام) في وقته، تعني مصر برمتها، وليس غريباً ان تختار هيئة الامم المتحدة (أهرام هيكل) مصدرا اساسياً في ارشيفها الى جانب اربع صحف عالمية.

فهل هو توارد خواطر، ام حس صحفي فطري، تجعل الصحفي مظهر عارف مسؤول الصفحة الاولى بجريدة (العرب) العراقية والعبد لله، كاتب هذا الموضوع، زميله في الجريدة، يريان الأحداث برؤية سياسية، اعلامية تتطابق مع رؤية كادر "الأهرام" بأمكانياتها المعروفة؟

لا أمتلك جواباً، وأحيل تساؤلي الى سجل التاريخ الصحفي العراقي، وهو سجل مشرف ولا شك.

وأسرد الحكاية من بدايتها:

في مساء التاسع من يونيو/حزيران 1967 اي بعد نكسة حزيران، سيئة الذكر باربعة ايام، قطعت اذاعة "صوت العرب" المصرية برامجها، وفي تلك الظروف كانت هذه الاذاعة مصدر الأخبار الاولى للصحيفة التي نعمل فيها، والمعروفة بتوجهها القومي، كانت احداث الخامس من يونيو/حزيران وما ترتب عليها من انتكاسة كبيرة ، زلزالاً هز الوجدان العربي، وهي الشغل الشاغل للشارع العراقي والعربي. وظلت الإذاعة تعيد الأناشيد الوطنية، ولم يكن هناك فواصل بين الاناشيد، كما أعتدنا، بدت الإذاعة وكأنها بلا مذيعي ربط. سلسلة من الاناشيد الحماسية لا غير. وأينما أدرنا مؤشر الراديو للبحث عن سبب قطع الإذاعة المصرية الشهير لبرامجها، لم نجد سوى خبر، يتيم من اثير اذاعة (البي بي سي) يقول ان تلفزيون القاهرة والإذاعات المصرية كافة، توقفت عن بث برامجها السياسية وتعليقاتها، وأستعانت بالأناشيد الوطنية، وذهبت بنا الظنون الى جانب مشرق، وهو شعورنا بأن مصر ثأرت لهزيمة الخامس من يونيو/حزيران، فقامت بضربة عسكرية مفاجئة لإسرائيل. وبعد فترة طالت اكثر من ساعة، اقترح الزميل العزيز مظهر عارف على الراحلين رئيس التحرير الحاج نعمان العاني ومدير التحرير شاكر علي التكريتي، ان يتم الاتصال بالسفير المصري لعله يفيدهما بما يريح البال، وفعلا ذلك، غير ان السفير اكد عدم امتلاكه لأية معلومات!

• الرئيس .. تنحى!

وفي هذه الاجواء المتسمة بالضبابية، تم ربط تلفزيون القاهرة وكافة الاذاعات بموجة واحدة، ثم جاء صوت المذيع، متهدجا، لا يقوى على القراءة، ليعلن عن بيان مهم، نزل كالصاعقة على الشارع العربي والعالم، بل هي الصاعقة بعينها (الرئيس جمال عبد الناصر قرر التنحي عن الحكم).

اصيب جميع من كان في الجريدة بالذهول، وخيم الوجوم على الشارع العراقي، ولم يقوى تلفزيون بغداد، وهذا كان اسمه الرسمي، على بث خبر التنحي، إلاّ بعد اكثر من ساعة، خوفا من ردة فعل المواطنين الذين كانوا تحت وطأة هزيمة الخامس من يونيو/حزيران، وقد لمحت دمعة تنثال من عيني (ابو قابوس) الحاج نعمان العاني رئيس التحرير والشخصية القومية المعروفة.

وبدأت الأنباء تترى: مظاهرات عفوية تعم القاهرة ومحافظات مصر، تطالب عبدالناصر بالعدول عن قراره، ولأول مرة يشاهد المواطنون القمم الثقافية والفنية تسير في مقدمة المظاهرات، ام كلثوم، عبدالوهاب، عبدالحليم حافظ، نجيب محفوظ، توفيق الحكيم وغيرهم .. مظاهرات لم يشهد التاريخ العربي لها مثيلاً.في مثل هذه الأجواء، كان علينا تهيئة عدد الصحيفة لليوم التالي، العاشر من يونيو/حزيران. بدأ عمال مكائن التنضيد باستقبال الأخبار التي لا يجمعها جامع سوى انباء المظاهرات وبرقيات التأييد والاستنكار. وقد لفت نظري أن إذاعة اسرائيل لم تعر اهتماماً للضجة التي أحدثها قرار جمال عبدالناصر بالتنحي، ففضلت بث اغنية (انت عمري) لأم كلثوم التي اعادتها اكثر من مرة ليلة 9 ـــ 10 يونيو/حزيران.

وتكدست الاخبار المنضّدة، بطريقة لا يمكن التعامل معها صحفياً لكثرتها وعدم تنوعها سياسياً.. فكيف الحال؟

وهنا كانت الفكرة التي رفضها بشدة رئيس التحرير في البداية، وأقتنع بها مدير التحرير. ثم بعد لأي وافق عليها رئيس التحرير وكانت تتمثل باختيار صورة لجمال عبدالناصر يتم تكبيرها على حجم الجريدة وتكتب فوقها عبارة واحدة هي (نرفض) تعبيراً عن نهج الجريدة القومي ومواكبة لصيحات الرفض التي عمت الشارع العربي. وبدأنا البحث عن الصورة المطلوبة، وهاهي اصبحت بأيدينا!

وحدث طارئ، كاد ان يلغي الفكرة، حين أعتذر السيد (بابكين) صاحب معمل زنكراف بابل المتخصص بعمل كليشهات معظم الصحف العراقية، آنذاك لعدم استطاعة معمله تكبير صورة جمال عبدالناصر بالحجم الذي تريده الصحيفة في هذا الوقت القصير، لكن طريقة شاكر علي التكريتي في الاقناع تغلبت على اعتذار (بابكين) وفي تمام الخامسة زوالية فجراً، تسلمنا الكليشة وحملناها باعتناء الى ماكينة الطبع، لتظهر الصحيفة بعد حوالي الساعة وهي تحمل عنوانا، توأماً مع عنوان اشهر صحيفة عربية وهي (نرفض) لتتشكل بعد ذلك علامة مضيئة في تاريخ الصحافة العراقية، فليس سهلاً ان تتوافق صحيفة عراقية ذات الامكانات البسطة مع الصحيفة الاشهر عربيا، والتي تمتلك امكانيات صحفية مبهرة، وحمل المواطنون في تظاهراتهم التي ملأت شوارع العراق، الصفحة الأولى من صحيفة (العرب) بعد ان حولتها المطابع الاهلية الى ملصقات.

انه حدث مهم، غيبته السنين ولم يشر اليه احد حتى من قبل الذين حصلوا على شهادات الدكتوراه في تاريخ الصحافة العراقية ... مع الأسف!

وإنني حين أشير الى هذه الصفحة من سجل الصحافة العراقية، ونحن نحتفل بعيد تأسيسها، لا ابغي ابراز حالة شخصية رغم ان ذلك يشكل تاريخاً في مسيرتي المهنية، لكن الأمل يحدوني، بأن يتعرف الجيل الجديد من الإعلاميين الشباب على سلفهم من الصحفيين الذين تصدوا بمهنية عالية لأحداث جسيمة، وخرجوا بامتحان التحدي بزهو وألق، فالصحفيون الشباب، من الذين ألتقيهم لا يعرفون حالياً، إلاّ النزر اليسير من معاناة الرواد. فهل نبدأ بالخطوة الاولى في تصفح حي لكتاب الصحافة العراقية؟ آمل ذلك، خدمة لتاريخ مجيد قبل ان يمحيه الكسل وعدم المسؤولية!



مفالة جدا رلئعة خوي عبد الله وليس ذلك بغريب او بعيد علي امة واحدة جمعتها وحدة اللغة والتاريخ والاهم من ذلك وحدة الدين.

انها امة كالجسد الواحد اذا اشتكي منه عضو تداعت له سائر الاعضاء بالسهر والحمى.

وموضوعي ذلك لهو اكبر دليل علي ذلك وكل الاخوان يهتمون ويقرأون ويتابعون ويتداخلون ويختلفون ويعلمون من التفاصيل كما لو كانوا اهل هذه الاحداث.

واهتمامك خوي عبد الله ومتابعتك المتواصلة ومداخلتك العديدة وانت من الجيل الذي لم يعش هذه الاحداث برهان ايضا لذلك.


تحياتي وتقديري وشكري لك ولكل الاعضاء الاعزاء الذين تواصلوا معي في هذه المذكرات واعتذاري للتأخر في مواصلة الاجزاء لاسباب اجتماعية واليكم الجزء الثالث من الذاكرة ادعو الله ان تنول رضاكم

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس