الموضوع: إقرأ الرابط
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-2009, 03:24 PM   رقم المشاركة : 7

 

9- وقال الكاتب: (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له: إنها ماتت، قال: «فهلا آذنتموني»، فأتى قبرها، فصلى عليها.

قال: وفيه مشروعية عمل المرأة في المسجد ونحوه) .

قلت: اليوم أربع وعشرون ساعة، والصلوات الخمس لا تخلص بمجموعها إلى أربع ساعات متفرقات، ومحاولة إيراد عمل المرأة في المسجد وحشرها في الأربع ساعات، وترك العشرين ساعة لا يليق بحامل قلم، ثم هي لا تعمل كل يوم قطعاً فمساجدهم كانت تراباً لا فراشاً، ولا يظهر فيها ما دقَّ كمساجدنا، أما أنها تنظف والرجال يصلون والنساء خلفهم وهي منصرفه تترك الصلاة وحدها تكنس فهذا محال، وأما في حال خلو المسجد وهو أكثر الوقت فلا حرج ثَمّ، فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا أبواب تغلق فيه، كما ثبت عن ابن عمر في البخاري: قَال: كانت الكلاب تبول وتُقبل وتُدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا يرشون شيئاً.

10- وقال الكاتب: (عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي... ) .

قال معلقاً: (فيه جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة إذا كان زوجها معها).

قلت: وهذا من الجهل العريض والظن الفاحش، والهوى المُتبع، وعدم معرفة بحال الحُجرات النبوية، ولا بلسان العرب، فالحجرات غرف لها باحات صغيرة مكشوفة للضيفان والداخل إلى الباحة موصوف بالدخول، قال ابن حجر في الفتح: (9/286) في معنى الدخول: (لا يلزم من الدخول رفع الحجاب فقد يدخل من الباب وتخاطبه من وراء الحجاب) .

ومثل هذا احتجاجه بلفظ (الدخول) في الحديث: (أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق، وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك) هذا الاستدراك (وهي تحته يومئذ) يُشير إلى قدم الواقعة قريباً من زواجه بها وهذا قبل فرض الحجاب كانوا يدخلون على أسماء بنت عميس، فبعد الحجاب لم يكونوا يدخلون، قال الحافظ ابن حجر: (7/256) (وكان دخول البراء على أهل أبي بكر قبل أن ينزل الحجاب قطعاً) .

11- ثم أورد جملة من الأحاديث المتضمنة اختلاط النبي بالنساء، وفلي بعض النساء لرأسه، وإردافه لأسماء، وجهل أو تجاهل أن هذا من خصوصياته، فالرسول أبو المؤمنين، يزوج النساء بلا وليهم لو شاء، قال تعالى عن لوط وهو يعرض نساء قومه: (هؤلاء بَنَاتِى) أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد، قال: لم تكن بناته ولكن كنّ من أمته، وكل نبيّ أبو أمته.

وبنحوه قال سعيد بن جبير .

وقال عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: « وأزواجه أمهاتهم – قال أبي بن كعب: وهو أبوهم».

وبنحوه قال عكرمة مولى ابن عباس .

والاختلاط حُرم درءاً للمفسدة وهي منتفية منه صلى الله عليه وسلم.

ومن قال: (الأصل مشروعية التأسي بأفعاله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)) فليتأسّ بزواج النبي تسعاً، وينفي الخصوصية، فالآية أباحت الأربع ولم تمنع من الزيادة، وإن رجع إلى نصوص أخرى تمنع وتُبين فذاك واجب في الحالين، في مسألة الاختلاط: "إياكم والدخول على النساء" وفي مس المرأة ثبت عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العينان تزنيان، واللسان يزني، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، ويحقق ذلك الفرج أو يكذبه"

12- قال الكاتب: (وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء، فقال: (أحججت)؟ قلت: نعم، قال: (بما أهللت)؟ قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (أحسنت، انطلق، فطف بالبيت وبالصفا والمروة). ثم أتيت امرأة من نساء بني قيس، ففلت رأسي، ثم أهللت بالحج... الحديث» ) .

قلت: لا يمكن أن يكون ذلك إلا من محرم قال النووي في "المجموع" (8/199): (هذا محمول على أن هذه المرأة كانت محرما له) .

ولو ساغ أن أستدل بكل فعل مُجمل على ظاهره، دون الرجوع للمحكم، لأحللت الحرام القطعي بالظنون، ففي نصوص كثيرة يقال: (جاء فلان ومعه امرأة) وأستدل بذلك على جواز الخلوة واتخاذ الأخدان لأنه لم يرد في النص ذكر الرحم بينهما، والأصل في الشرع أن الرجل إذا وُجد مع امرأة تحمل على أنها من محارمه إلا لِظِنَّة وشُبهة، وهذا الأصل في المسلمين، وكيف بالصحابة الصالحين.

13- وأما احتجاجه بالطواف، وأن الرجال والنساء يطوفون جميعاً، فكلامه كلام من جهل الشرع والتاريخ، واتبع المتشابه، فأما جهله بالشرع، فذلك أن هذا من خصوصيات مكة بإجماع المُفسرين، قال تعالى: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة) .

فقد أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد قال: إنما سميت بكة لأن الناس يبك بعضهم بعضا فيها وأنه يحل فيها ما لا يحل في غيرها.

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عتبة بن قيس قال: إن مكة بكت بكاء الذكر فيها كالأنثى، قيل: عمن تروي هذا قال: عن ابن عمر.

وعند البيهقي عن قتادة قال : سميت بكة لأن الله بك بها الناس جميعا فيصلي النساء قدام الرجال ولا يصلح ذلك ببلد غيره.

وبنحوه قال سعيد بن جبير وغيره .

بل يُعفى عن السُّترة في مكة ولا يُعفى عن غيرها، فروى ابن جرير عن عطاء، عن أبي جعفر قال: مرت امرأة بين يدي رجل وهو يصلي وهي تطوف بالبيت، فدفعها. قال أبو جعفر: إنها بَكَّةٌ، يبكّ بعضُها بعضًا.

وأما جهله بالتاريخ: فإن النساء كن يطفن مجتمعات حجرة عن الرجال لا معهم، وهذا في زمن النبي وزمن عمر وكان عمر يضرب الرجل الذي يطوف وسط النساء كما رواه الفاكهي من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال:" نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء، قال: فرأى رجلا يطوف معهن فضربه بالدرة.

وبقي الأمر على هذا قروناً طويلة، قال ابن جبير في "رحلته" (63) عام 578هـ: (وموضع الطواف مفروش بحجارة مبسوطة كأنها الرخام حسناً، منها سود وسمر وبيض قد ألصق بعضها ببعض، واتسعت عن البيت بمقدار تِسْعِ خُطاً إلاّ في الجهة التي تقابل المقام، فإنها امتدت إليه حتى أحاطت به.

وسائر الحرم مع البلاطات كلها مفروش برمل أبيض، وطواف النساء في آخر الحجارة المفروشة) انتهى .

وأما قوله: (والحق أن مصطلح الاختلاط بهذا الاصطلاح المتأخر لم يعرف عند المتقدمين من أهل العلم .. لو بحثت عن مصطلح الاختلاط بهذا المعنى المستحدث لم تجده عندهم) فهو من الجهل البعيد، وقد بينت هذه الهفوة العصرية والشهوة الخفية، في "تعقيبي على الدكتور محمد العيسى" فلينظر .

هذا؛ ولولا أن بعض مَن نحبهم في الله طلبوا إلي الرد على الكاتب المذكور لما سطرت سوداء في بيضاء، لأن مقالته عند أهل العلم والمعرفة مبنية على علم قليل وفهم ناقص واتباع للمتشابه وترك للمحكم، وقد قال الأول: لهوى النفوس سريرة لا تُعلم.

رأى البرق شرقياً فحن إلى الشرق ** ولو لاح غربياً لحن إلى الغرب

والله المبتغى وهو المرتجى،،

دمتم بخير

 

 

   

رد مع اقتباس