عرض مشاركة واحدة
قديم 07-24-2010, 10:38 AM   رقم المشاركة : 1
الطائف .. وأول سفر


 

..





جينا من الطايف والطايف رخـا

والساقية تسقي .. ياسمـا .. سمـا



رحم الله طلال ... وصوته الدافيء... ونطقه الساحر لحرف الراء .

تذكرت هذه الاغنية وتمنيت أسمعها

مساء السبت الماضي .. وأنا ادور بشوارع الطائف .. أبحث عن سكن ..

يقولون : المدن تشبه النساء

والطائف ذلك المساء فاتنة .. لاتعرف أين ينتهي شعرها الاسود .. وأين يبدأ الليل

استقبلتنا .. بالمطر ... ولاشي أجمل من ان تستقبلك هذه .. الطائف .. بالمطر

الارصفه أغتسلت

واضواء نيون المحلات التجاريه .. تتلون بصفاء .. وتضيف بهاءاً . للشوارع

واكشاك قهوه حديثه نبتت بكل الزوايا

وسياح كثير قادمين من مدن صحراويه وحاره ... ومكتضه بكل شي .. عدا المطر

ويشع من عيونهم الفرح وهم يجوبون الشوارع بعد منتصف الليل

ورغم أن مدن المملكه أصبحت تتشابه بزمننا هذا ...

مجمعات تجاريه أنيقه

وماركات عالميه من أصقاع الارض

ومطاعم أمريكية وصينية وغربية متراصة والناس يتزاحمون أمامها

ولكن الطائف تضيف للاشياء سحراً لايعرفه إلا من عاش بها



..

سنين طويلة وطويلة جداً .. مرت منذ رأيت الطائف .. لأول مره في ذلك الزمن المنسي

عندما كانت الطائف هي الحلم وهي الرخا ...

.. وهي أول الحضاره للقادم من الجنوب

وكان الناس حينها .. في قرى الجنوب يتوارثون الفقر ... والشعر ... وحكايا ابوزيد الهلالي ..

ولا أخبار إلا أخبار الحمى .. والحصبة .. والغياب

..

كنت أدرس بسنة سادسة وأحفظ كل قصائد دغسان

عندما سافرت للمره الاولى بحياتي مع الوالد ودغسان رحمهما الله ...للطائف ومن ثم للحج

وفرحت يومها .. بأني سـ أرى .. بيده والعرق ووادي نخال ... وتربه .. وشقصان ..

وأنا الذي كنت أحفظ أسماءها من أحاديث وقصص العائدين من السفر ..وعِلاّماتهم .. فقط

وكان موعدنا مع بن دغسان من العقشان جنب الريعه ... بعد الفجر ...

وانا أحمل .. خبزة ملفوفه ببقشه .. وأحمل غصه بحلقي .. عندما رأيت دموع الوالدة .. رحمها الله

ورحلنا ...

ولا غيرنا بالطريق ... وكل مانقترب من قريه أرى اناس يلوحون لنا .. بجانب الطرق .. ثم يعودون لمزارعهم .. وحياتهم

..

وفي ( وادي مبايع ) حيث قبر عمي سعد رحمه الله

سمعت من دغسان قصيدته الحزينه

اسالك بالله ياوادي مبايع ... وينه راعي الصنايع

ربه يكن عوّد يسالك عن ذلوله ... وعن أحبابه وعوله

وتحشرج صوته رحمه الله .. ولم يستطع أن يكملها

وتأثر الوالد كثيرا ..

ذلك اليوم رأيت أبي ودغسان رحمهم الله

بكل شموخهم وجديتهم وصلابتهم ... يحكون القصص ويضحكون .. ويسولفون .. ويتذكرون شبابهم ومن ثم تدمع عيونهم

يعاملونني كرجل كبير ... ويخبرونني عن أسماء الجبال والاودية والبدو الذين يسكنونها ..

ثم مايلبث دغسان رحمه الله بعد كل فتره .. أن يسألني سؤال في الفقه او القواعد ..

وأرى بعيون ابي الفرح .. حينما أجاوب

...

ومررنا بالجبوب التي أثارت قريحة دغسان .. بقصيدته المشهوره

ياليت لي بالجبوب اربع مئة لومه

وينهيها رحمه الله عندما قالها .. بقوله : والله ياابوسعد ماعاد أبغى ولاشي .. الا الستر

ولأول مره أرى الجبوب .. .. بهذا الاتساع والاستواء .. والحجم .. وأنا القادم من الجبال

وبسني وقتها .. لم أتمنها نخل وسواني وجواري .. وانما تخيلتها ملعب كوره ...

حيث كنا وقتها لانجد مكان مستوي نلعب به بالوادي .. الركايب محروثه والمساريب ضيقه ..

و المعرض ... لاطاحت الكوره من جهة الحله ماتوقف إلا عند بيت العجمه

..


.. وصلنا الطائف بعد العصر .. بعد ان تحركنا من الباحه بعد الفجر ..

وقبل ندخل الطائف وعندما أصبحنا نرى أنوارها ... وقفنا بمحطة ولبسنا ملابس نظيفه .. ..

.. وأناس كثير مثلنا يفعلون ..

لكأنما نلبس شيئاً يليق بالطائف والمدينه .. والرخا

..

..

سنين طويله ... مرت

منذ ذلك الزمن ...

فقدت فيها .. الكثير من الأحبة

هناك من رحل عن الحياة في الوقت الذي لم أكن أتخيل الدنيا بدونهم


مات أناس في قلبي .. ومتّ أنا أيضاً في قلوب كنت أسكنها

.. ولاتزال الطائف رخا .. وصوت طلال شجي .. ووادي مبايع والجبوب تثير الذكريات
.








..

 

 

   

رد مع اقتباس