الغنيمة السادسة
النجاة العظمى
عن أبي زهير عمارة بن رويبة – رضي الله عنه - قال :
سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول:
( لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها )
يعني الفجر والعصر
[ رواه مسلم ] .
حديث عظيم ، وبشارة كبرى ، إنها السلامة والأمان من عذاب النيران ،
إنه المطلب العظيم والسؤال الدائم لأهل الإيمان
{ الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار } ..
{ ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار } ..
{ والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما ، إنها ساءت مستقراً ومقاماً } ،
إن صلاة الفجر صمام آمان من النار ،
وسبب من أسباب النجاة من عذابها ، ومعنى الحديث :
" لن يلج النار من عاهد وحافظ على هاتين الصلاتين ببركة المداومة عليها "
[ المفهم 2/262 ] .
عذاب النار الذي تخلع منه قلوب المؤمنين ، وتشفق منه نفوسهم ،
وحق لهم ذلك فما أخبر الله به عنها فيه أعظم التهديد وأشد الوعيد
إنها النار { وقودها الناس والحجارة } ،
وظلها { لا ظليل ولا يغني من اللهب }
وطعامها
{ إن شجرة الزقوم طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم }
وهو أيضاً كما وصف الله - جلا وعلا –
{ إن لدينا أنكالاً وجحيماً * وطعاماً ذا غصة وعذاباً أليماً } ،
وأما الشراب فهو الحميم كما في القران الكريم :
{ فشاربون عليه من الحميم * فشاربون شرب الهيم }
وقال عنه :
{ وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا }
أنه الشراب الذي لا يطاق بل هو عين العذاب وصاحبه
{ يتجرعه ولا يكاد يسيغه }
عذاب النار الهائل الذي
{ يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه
وصاحبته وأخيه
وفصيلته التي تؤويه
ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه } ،
إنه لعذاب رهيب ،
الجلود تحترق وتنضج وتعود وتتجدد ثم تحرق
{ إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم
بدلناهم جلوداً غير جلودهم ليذوقوا العذاب }
والأمعاء تتقطع { وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم } ،
والوجوه تكب وتسحب
{ ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار } ..
{ يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر } .
وأسوأ من ذلك أنها تسود
{ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم
أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } ،
إنه العذاب في شتى الصور والألوان
{ والذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم
يصهر به ما في بطونهم والجلود
ولهم مقامع من حديد }
إنها النار من كل جانب
{ وإن جهنم لمحيطة بالكافرين }
كل هذا الهول العظيم والعذاب الأليم ألا تخشى منه ؟
ألا ينخلع قلبك خشية أن تستوجب شيئاً منه ؟
أليست إذن نعمة كبرى ،
ومنّة عظمى أن تسلم وتنجو منه ؟
إنه غنيمة لا يمكن أن تقدر بثمن فعليك بها ،
ولا تدعها تفلت .