رابعا
النمل أمة تسبح فأين خير أمة من التسبيح ؟
قال الله تعالى :
{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ
إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا }
الإسراء : 44 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره
( تيسير الكريم الرحمن ) :
{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ }
من حيوان ناطق وغير ناطق ومن أشجار ونبات وجامد وحي وميت
{ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } بلسان الحال ولسان المقال.
{ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } أي:
تسبيح باقي المخلوقات التي على غير لغتكم بل يحيط بها علام الغيوب.
قال الله تعالى:
{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }
الجمعة { 1 }
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره ( تيسير الكريم الرحمن ) :
أي: يسبح لله، وينقاد لأمره، ويتألهه، ويعبده، جميع ما في السماوات والأرض،
لأنه الكامل الملك، الذي له ملك العالم العلوي والسفلي،
فالجميع مماليكه، وتحت تدبيره،
{ الْقُدُّوسُ } المعظم، المنزه عن كل آفة ونقص،
{ الْعَزِيزُ } القاهر للأشياء كلها،
{ الْحَكِيمُ } في خلقه وأمره.
فهذه الأوصاف العظيمة مما تدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
وممن يسبح الله تعالى أيضا : الملائكة :
قال الله تعالى على لسان الملائكة : { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ }
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره ( تيسير الكريم الرحمن ) :
أي: ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك .
والطعام يسبح الله تعالى :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا ،
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ
« اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ » .
فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ ،
ثُمَّ قَالَ « حَىَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ ، وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ »
فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ،
وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهْوَ يُؤْكَلُ .
البخاري كتاب المناقب